الاتحاد الأوروبي يوافق على إصلاح للقواعد المالية طال انتظاره

التعديلات في ميثاق الاستقرار والنمو ستفاقم الضغوط على الحكومات لإنفاق أقل

أسابيع من المساومات أفضت إلى الاتفاق على وضع أهداف سنوية لخفض الدين وحدود الإنفاق (موقع مجلس الاتحاد الأوروبي)
أسابيع من المساومات أفضت إلى الاتفاق على وضع أهداف سنوية لخفض الدين وحدود الإنفاق (موقع مجلس الاتحاد الأوروبي)
TT

الاتحاد الأوروبي يوافق على إصلاح للقواعد المالية طال انتظاره

أسابيع من المساومات أفضت إلى الاتفاق على وضع أهداف سنوية لخفض الدين وحدود الإنفاق (موقع مجلس الاتحاد الأوروبي)
أسابيع من المساومات أفضت إلى الاتفاق على وضع أهداف سنوية لخفض الدين وحدود الإنفاق (موقع مجلس الاتحاد الأوروبي)

وافق الاتحاد الأوروبي على إصلاح طال انتظاره لقواعده المالية، في خطوة يقول الاقتصاديون إنها ستؤدي إلى حقبة من الموازنات الأكثر صرامة، حتى في الوقت الذي تتجه فيه توقعات النمو الأوروبي إلى الضعف.

وبعد أسابيع من المساومات، وافق مفاوضو الاتحاد الأوروبي نيابة عن الحكومات والبرلمان الأوروبي يوم السبت على وضع أهداف سنوية لخفض الدين العام وحدود الإنفاق العام – وهو مطلب ألماني رئيسي.

وكان هناك خلاف عميق بين برلين وباريس حول الإصلاحات، إذ كانت الأولى تدفع من أجل ضمانات تلقائية لخفض مستويات الديون، فيما كانت الثانية تدعو إلى مزيد من المرونة لخلق مساحة كافية للإنفاق في القطاعات الاستراتيجية.

إلا أن التسوية الألمانية - الفرنسية التي تم التوصل إليها منذ نحو الشهر مهدت الطريق أمام الدول الأعضاء الـ27 لجعل الإصلاح يقترب إلى الإقرار.

يقول مجلس الاتحاد الأوروبي في بيان نشر على موقعه يوم السبت «إنه والبرلمان الأوروبي اتفقا على الحفاظ على الهدف العام للإصلاح المتمثل في خفض نسب الديون والعجز بطريقة تدريجية وواقعية ومستدامة وملائمة للنمو مع حماية الإصلاحات والاستثمار في مجالات استراتيجية مثل الرقمية أو الاستثمارات الخضراء أو الاجتماعية أو الدفاع. وفي الوقت نفسه، سيوفر الإطار الجديد مجالا ملائما للسياسات المضادة للتقلبات الدورية وسيعالج الاختلالات في الاقتصاد الكلي».

يضيف «إن الهدف الرئيسي من الإصلاح هو ضمان مالية عامة سليمة ومستدامة، مع تعزيز النمو المستدام والشامل في جميع الدول الأعضاء من خلال الإصلاحات والاستثمار».

ويمنح هذا الحل الوسط السماح للبلدان بخفض الديون الزائدة بوتيرة أبطأ على مدى أربع إلى سبع سنوات. وفي إشارة إلى فرنسا وإيطاليا أيضاً، يسمح عدد من الإعفاءات بتشديد تدريجي للخزانة العامة.

وتأتي الصفقة بعد تعليق ميثاق الاستقرار والنمو الذي يحدد العجز العام بـ3 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي والدين المحلي عند 60 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي على مدى السنوات الأربع الماضية للسماح للدول بالتعافي من الوباء وتخفيف آثار الحرب الروسية على أوكرانيا - مع تضخم الديون والعجز في جميع أنحاء الكتلة.

وبحسب بيان المجلس، يتضمن الاتفاق المؤقت ضمانتين، الأولى ضمان القدرة على تحمل الديون لضمان انخفاض مستويات الديون؛ وضمان مقاومة العجز لتوفير هامش أمان أقل من القيمة المرجعية للعجز المحدد بنسبة 3 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي من أجل خلق هوامش أمان مالية.

ويتفق الاقتصاديون على أن القواعد المالية التي تم إصلاحها ستقود الحكومات إلى كبح جماح الإنفاق تدريجيا، مما يؤثر على اقتصاد المنطقة المتعثر، وفق ما ذكرت صحيفة «فايننشال تايمز».

النمو المتوقع

وبعد التوسع بمعدل فاتر قدره 0.5 في المائة في عام 2023، من المقرر أن تنمو منطقة اليورو بنسبة 0.8 في المائة هذا العام، وفقا للمصرف المركزي الأوروبي. ومن المرجح أن تقوم المفوضية الأوروبية بمراجعة تقديراتها للنمو لعام 2024 نزولاً الأسبوع المقبل.

وقدرت الخبيرة الاقتصادية في المصرف الفرنسي «بي إن بي باريبا» داني ستويلوفا، أن المتطلبات المالية الجديدة ستخفض نحو 0.1 إلى 0.2 نقطة مئوية من الناتج المحلي الإجمالي على مدى العامين المقبلين.

وسيتعين على إسبانيا، رابع أكبر اقتصاد في منطقة اليورو، أن تقوم بأكبر قدر من التشديد المالي الإضافي بين أكبر أعضاء الكتلة بموجب القواعد الجديدة، مما يقلل العجز الأساسي الهيكلي بنسبة نقطة مئوية واحدة إضافية من الناتج المحلي الإجمالي أكثر مما كان مخططا له في عام 2025.

ولن يكون لهذه القواعد تأثير يذكر على ألمانيا، أكبر اقتصاد في أوروبا، حيث أجبر حكم المحكمة الدستورية الأخير بشأن قواعد الموازنة الوطنية الحكومة على خفض إنفاقها المخطط بشكل أكبر.

ولم تتمكن فرنسا من تحقيق فائض في موازنتها الأولية التي تستثني تكاليف الفائدة منذ عام 2008، وتوقعت وكالة التصنيف «ستاندرد آند بورز غلوبال» هذا الأسبوع أنه وفقاً لهذا المقياس، سيظل عجزها واحداً من أكبر العجز في منطقة اليورو على مدى السنوات الثلاث المقبلة. وقدّر بنك «مورغان ستانلي» مؤخرا أن فرنسا كانت الأقل احتمالا من بين أكبر أربعة اقتصادات في منطقة اليورو لتحقيق الأهداف المحددة بموجب القواعد الجديدة.

وإيطاليا، التي تتحمل أعلى عبء ديون بين الاقتصادات الكبرى في منطقة اليورو، سوف تكافح أيضاً من أجل خفضه، وفقاً للخبراء الاقتصاديين في «مورغان ستانلي». وكتبوا مؤخراً في مذكرة إلى العملاء: «لقد سجلت إيطاليا تاريخياً فوائض أولية، لكن قدرتها على تحقيق التعديل المطلوب ليست أمراً مسلماً به، في سياق يتعين عليها فيه دفع نفقات فائدة مرتفعة».

ويخضع الاتفاق المؤقت لموافقة المجلس في لجنة الممثلين الدائمين ولجنة الشؤون الاقتصادية بالبرلمان قبل إجراء تصويت رسمي في كل من المجلس والبرلمان. وبمجرد اعتماده، سيتم نشر النص في الجريدة الرسمية للاتحاد الأوروبي ويدخل حيز التنفيذ في اليوم التالي.

وقال المفوض الاقتصادي للاتحاد الأوروبي باولو جنتيلوني، الذي كان اقتراحه الأصلي هو الأساس للإطار النهائي: «هذا الاتفاق النهائي ليس اتفاق أحلامي، فهو يختلف عن مقترحات المفوضية، خاصة أنه أكثر تعقيدا بكثير. لكن عندما نتخذ هذا القرار، يجب أن نكون جادين للغاية بشأن حقيقة أنه يتعين علينا تنفيذه وتنفيذه».


مقالات ذات صلة

للمرة الأولى... اتحاد الغرف السعودية يشكّل لجنة للطاقة والبتروكيماويات

الاقتصاد مبنى اتحاد الغرف السعودية في الرياض (الموقع الإلكتروني لاتحاد الغرف السعودية)

للمرة الأولى... اتحاد الغرف السعودية يشكّل لجنة للطاقة والبتروكيماويات

أعلن اتحاد الغرف السعودية تشكيل أول لجنة وطنية من نوعها للطاقة والبتروكيماويات تحت مظلة القطاع الخاص، لتعزيز مشاركته في صناعة سياسات هذا القطاع الحيوي.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد مسؤولون بوزارة الطاقة السعودية بعد الإعلان عن الانضمام لمبادرة الشراكة الدولية لتعزيز اقتصاد الهيدروجين (وزارة الطاقة السعودية)

السعودية تنضم لمبادرة الشراكة الدولية لتعزيز اقتصاد الهيدروجين وخلايا الوقود

أعلنت وزارة الطاقة السعودية انضمام المملكة إلى مبادرة الشراكة الدولية لتعزيز اقتصاد الهيدروجين وخلايا الوقود، وذلك ضمن مساعي البلاد لدعم الجهود الدولية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد مشهد من العاصمة السعودية وتظهر فيه ناطحات السحاب في مركز الملك عبد الله المالي (كافد) (رويترز)

 «موديز» ترفع التصنيف الائتماني للسعودية بفضل جهود تنويع الاقتصاد

رفعت وكالة «موديز» للتصنيف الائتماني تصنيف السعودية إلى «إيه إيه 3» (Aa3) من «إيه 1»، مشيرة إلى جهودها لتنويع اقتصادها بعيداً عن النفط.

«الشرق الأوسط» (نيويورك) «الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد سيارات تُحضر بعض الوفود إلى مقر انعقاد مؤتمر «كوب 29» في العاصمة الأذرية باكو (رويترز)

«كوب 29» يشتعل في اللحظات الحاسمة مع اعتراضات من كل الأطراف

سيطر الخلاف على اليوم الختامي لـ«كوب 29» حيث عبرت جميع الأطراف عن اعتراضها على «الحل الوسطي» الوارد في «مسودة اتفاق التمويل».

«الشرق الأوسط» (باكو)
الاقتصاد أبراج إدارية وخدمية في الضاحية المالية بالعاصمة الصينية بكين (أ.ف.ب)

حاكم تكساس يأمر الوكالات المحلية ببيع أصولها في الصين

أمر حاكم ولاية تكساس الأميركية وكالات الولاية بالتوقف عن الاستثمار في الصين، وبيع أصول هناك في أقرب وقت ممكن.

«الشرق الأوسط» (واشنطن - بكين)

إيلون ماسك أكثر ثراءً من أي وقت مضى... كم تبلغ ثروته؟

الملياردير إيلون ماسك يظهر أمام الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (رويترز)
الملياردير إيلون ماسك يظهر أمام الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (رويترز)
TT

إيلون ماسك أكثر ثراءً من أي وقت مضى... كم تبلغ ثروته؟

الملياردير إيلون ماسك يظهر أمام الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (رويترز)
الملياردير إيلون ماسك يظهر أمام الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (رويترز)

أتت نتائج الانتخابات الرئاسية الأميركية لعام 2024 بفوائد ضخمة على الملياردير إيلون ماسك، بحسب تقرير لشبكة «سي إن إن».

وأصبح أغنى شخص في العالم أكثر ثراءً يوم الجمعة؛ إذ بلغ صافي ثروة ماسك رقماً قياسياً وصل إلى 347.8 مليار دولار. وهذا يتفوق على رقمه القياسي السابق الذي سجله في نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2021، عندما تجاوز صافي ثروة مؤسس شركة «تسلا» 340 مليار دولار، وفقاً لمؤشر «بلومبرغ» للمليارديرات.

وانتعشت أسهم «تسلا» منذ انتخابات 5 نوفمبر، وارتفعت بنسبة 3.8 في المائة يوم الجمعة. ومنذ الانتخابات، ارتفع السهم بنحو 40 في المائة على اعتقاد المستثمرين أن نفوذ ماسك في إدارة دونالد ترمب سيبشر بعصر من إلغاء القيود التنظيمية الذي سيفيد الشركة.

وماسك، أكبر مساهم فردي في «تسلا»، أصبح أغنى بنحو 83 مليار دولار منذ يوم الانتخابات، بحسب «بلومبرغ».

وقد دفع التحالف مع الرئيس المنتخب دونالد ترمب ماسك ومشاريعه إلى الصدارة. والملياردير الأميركي هو الرئيس التنفيذي لشركتَي «تسلا» و«سبيس إكس»، بالإضافة إلى كونه مالك منصة «إكس» والرئيس التنفيذي لمشاريع أخرى، بما في ذلك «نيورالينك». الآن، جنباً إلى جنب مع فيفيك راماسوامي، سيشرف على وزارة كفاءة الحكومة (DOGE) الجديدة.

كما تضاعفت قيمة شركة ماسك الناشئة للذكاء الاصطناعي «إكس إيه آي»، هذا الأسبوع في جولة تمويل جديدة، وفقاً لصحيفة «وول ستريت جورنال».

وازدادت ثروة ماسك بشكل كبير؛ مما دفعه إلى تجاوز أقرانه في تصنيفات المليارديرات، والتي غالباً ما تشهد تبادل المتنافسين الأوائل للأماكن. واعتباراً من يوم الثلاثاء، كان ماسك أغنى بمقدار 100 مليار دولار من ثاني أغنى شخص بالعالم؛ مؤسس «أمازون» جيف بيزوس.