المصريون «يتحوطون» بالذهب والدولار والعقار

بالتزامن مع اجتماع «المركزي» وتراجع قيمة الجنيه الرسمية

شراء الذهب أحد الحلول التي يلجأ إليها المصريين في ظل الظروف الاقتصادية الحالية (شعبة الذهب والمجوهرات)
شراء الذهب أحد الحلول التي يلجأ إليها المصريين في ظل الظروف الاقتصادية الحالية (شعبة الذهب والمجوهرات)
TT

المصريون «يتحوطون» بالذهب والدولار والعقار

شراء الذهب أحد الحلول التي يلجأ إليها المصريين في ظل الظروف الاقتصادية الحالية (شعبة الذهب والمجوهرات)
شراء الذهب أحد الحلول التي يلجأ إليها المصريين في ظل الظروف الاقتصادية الحالية (شعبة الذهب والمجوهرات)

«الواحد مستني قرار البنك المركزي ولا كأنه نتيجة الثانوية العامة»... «تغريدة» كتبها المصري أحمد شاكر، عبر حسابه على منصة «إكس» (تويتر سابقاً)، ملخصاً حال فئات عديدة من المصريين، قبل ساعات من اجتماع البنك المركزي الأول في عام 2024 حول معدلات الفائدة.

وتتعلق الأنظار بـ«المركزي»، الذي يعقد اجتماعه مساء اليوم الخميس، وسط توقعات متباينة بشأن مصير أسعار الفائدة خلال الفترة المقبلة، وتأثيرها على أسعار السلع والمنتجات؛ ووسط توقعات أخرى بتحرير سعر صرف العملة (التعويم) المنتظَر حدوثه قريباً، بحسب العديد من الخبراء.

بالتزامن؛ توجه المصريون خلال الأسابيع الأخيرة إلى «التحوط» بالذهب والدولار والعقار، في ظل انخفاض قيمة الجنيه أمام الدولار، الذي أصبح له سعران في البلاد؛ أحدهما رسمي ويقدر بـ30.9 جنيه، وآخر في السوق الموازية «السوداء» تخطى خلال الأيام الماضية حاجز الـ 70 جنيهاً، حسب وسائل إعلام محلية.

وتبعاً لذلك؛ تفاعل رواد مواقع التواصل الاجتماعي مع التوقعات الاقتصادية، وتحولت «هاشتاغات» على غرار «#البنك_المركزي»، و«#الدولار»، «#الجنيه_المصري»، و«#السوق_السوداء»، ضمن الأعلى تداولاً في مصر خلال الساعات الماضية.

أحد التعليقات المتفاعلة مع هذه الـ«هاشتاغات» عدّت «العقار» هو الطريق المختصر للثراء.

بينما عدّ حساب «عمر فهمي»، أنه رغم وجود أزمة اقتصادية في البلاد، فإن هجوم المصريين على شراء العقارات والذهب والسيارات جعل «الأسعار في السماء».

وهو الرأي الذي تفاعل معه حساب باسم «أحمد عرفان»، راوياً واقعة حدثت لأحد تجار الذهب الذي جاءه أحد المواطنين بحقيبة مملوءة بالأموال لكي يشتري ذهباً، رغم ارتفاع أسعاره.

وبحسب أمير رزق، عضو شعبة الذهب بالاتحاد العام للغرف التجارية، وخبير المشغولات الذهبية، خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط»، فإن السبب الأكثر تأثيراً على ارتفاع سعر الذهب في مصر خلال الأسابيع الماضية هو إقبال المستهلكين على شراء الذهب للتحوط به في ظل الظروف الاقتصادية الحالية، بعدّه الأسلوب الأفضل والملاذ الآمن لدى قطاعات كبيرة من المصريين.

بينما قال إيهاب واصف، رئيس شعبة الذهب باتحاد الصناعات، في تصريحات تلفزيونية، إن هناك تدافعاً من المواطنين على الشراء نتيجة بعض الإشاعات المتواصلة بشكل دائم عن الوضع الاقتصادي المستقبلي ومعدلات التضخم.

ووصل معدل التضخم السنوي إلى 33.7 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، وفقاً لبيانات رسمية. الخبير الاقتصادي، مصباح قطب، أوضح لـ«الشرق الأوسط»، أن السوق المصرية منذ عام ونصف تشهد حالة من توجه المستهلكين إلى الاستثمار في أصول محددة، يظل أبرزها الذهب والدولار والعقار، التي زادت خلال الأسابيع الأخيرة، لكونها تحقق عوائد أكبر بكثير من أي عوائد ادخارية أخرى، إلى جانب إصابة المستهلك بالارتباك، الذي يعززه أسباب داخلية، تتمثل في تراجع القوة الشرائية للعملة المحلية، وحجم السيولة بالسوق نتيجة التضخم، وعوامل خارجية مثل الحرب على غزة وتداعيتها.

وحول أولويات التحوط بين الذهب والدولار والعقار، وترتيبها بالنسبة للمصريين؛ يشير قطب إلى أن ذلك يحكمه نوع من الطبقية الاستثمارية، حيث تختلف الأولويات بين المدن والقرى، والطبقة المتوسطة والفقيرة، فالقرى وأطراف المدن يكون هناك إقبال بشكل أكبر على الرهان على الدولار، الذي يعتمد على تحويلات الأقارب في الخارج، وفي المقابل تقل أمامهم مساحة الادخار أو الاستثمار في العقار، أو الذهب الذي يحتاج إلى خبرات أكثر تعقيداً مقارنة بالدولار، أما الشرائح الأغنى في المدن فهي تلجأ إلى الدولار والذهب، أكثر من العقار، الذي يعد بدوره الأقرب إلى الطبقات المتوسطة، لافتاً إلى تراجع الإقبال على العقار مقارنة بالعملة الخضراء والمعدن النفيس خلال الثلاثة أشهر الماضية.


مقالات ذات صلة

تصريحات ترمب… أداة فورية وحيوية في تحريك الأسواق المالية العالمية

الاقتصاد ترمب يتحدث خلال تجمع انتخابي في صالة فان أندل في غراند رابيدز - ميشيغان 5 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)

تصريحات ترمب… أداة فورية وحيوية في تحريك الأسواق المالية العالمية

تلعب التصريحات في عالم الاقتصاد دوراً بالغ الأهمية في تحريك الأسواق وتوجيه اتجاهاتها؛ نظراً لتأثيرها العميق والمباشر وغير المباشر على المستثمرين والمتداولين.

هدى علاء الدين (بيروت)
الاقتصاد أوراق الدولار الأميركي (رويترز)

الدولار يحافظ على مكاسبه مع تقليص رهانات خفض الفائدة الأميركية

استقر الدولار قرب أعلى مستوى في أكثر من عامين يوم الثلاثاء، مع تقليص المتعاملين رهاناتهم على خفض أسعار الفائدة الأميركية في 2025 بعد بيانات اقتصادية قوية.

«الشرق الأوسط» (سنغافورة )
الاقتصاد متداولون يعملون في قاعة بورصة نيويورك (أ.ب)

الأسواق العالمية تتأرجح بانتظار بيانات التضخم الأميركية

أشارت العقود الآجلة للأسهم الأوروبية والأميركية إلى انتعاش متواضع يوم الثلاثاء، رغم أن ارتفاع عوائد السندات والدولار القوي جعلا المستثمرين يتوخون الحذر.

«الشرق الأوسط» (سنغافورة )
الاقتصاد أحد فروع «مصرف الراجحي» في السعودية (موقع المصرف الإلكتروني)

«الراجحي» يعتزم إصدار صكوك رأسمال إضافي مقيّمة بالدولار

يعتزم «مصرف الراجحي» إصدار صكوك رأسمال إضافي من الشريحة الأولى مستدامة مقيّمة بالدولار الأميركي.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد أوراق نقدية من الدولار الأميركي واليوان الصيني (رويترز)

الصين تضخ دولارات في هونغ كونغ لدعم اليوان

أعلنت الصين تدابير إضافية لدعم عملتها الضعيفة، حيث كشفت عن خطط لإيداع مزيد من الدولارات في هونغ كونغ؛ لتعزيز استقرار اليوان وتحسين تدفقات رأس المال.

«الشرق الأوسط» (شنغهاي-هونغ كونغ)

انخفاض عائدات سندات الخزانة الأميركية بعد بيانات ضعيفة لأسعار المنتجين

متداول في قاعة بورصة نيويورك (أ.ب)
متداول في قاعة بورصة نيويورك (أ.ب)
TT

انخفاض عائدات سندات الخزانة الأميركية بعد بيانات ضعيفة لأسعار المنتجين

متداول في قاعة بورصة نيويورك (أ.ب)
متداول في قاعة بورصة نيويورك (أ.ب)

انخفضت عائدات سندات الخزانة الأميركية يوم الثلاثاء، بعد أن أظهرت البيانات ارتفاعاً معتدلاً في أسعار المنتجين لشهر ديسمبر (كانون الأول)، وهو ما جاء دون التوقعات، مع استفادة المستثمرين أيضاً من انخفاض الأسعار الذي أدى إلى ارتفاع العائدات لتغطية المراكز القصيرة.

وتراجع العائد القياسي لمدة 10 سنوات بمقدار 1.5 نقطة أساس ليصل إلى 4.788 في المائة، بعد أن بلغ 4.805 في المائة بين عشية وضحاها، وهو أعلى مستوى منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2023. وفي الطرف الأقصر من منحنى العائد، انخفض العائد لمدة عامين بمقدار 2.5 نقطة أساس، ليصل إلى 4.377 في المائة، بعد أن بلغ 4.426 في المائة يوم الاثنين، وهو أقوى مستوى منذ يوليو (تموز)، وفق «رويترز».

وأظهرت البيانات أن أسعار المنتجين في الولايات المتحدة ارتفعت بشكل معتدل في الشهر الماضي؛ حيث سجل مؤشر الطلب النهائي زيادة بنسبة 0.2 في المائة في ديسمبر، بعد زيادة غير معدلة بنسبة 0.4 في المائة في نوفمبر. وكان خبراء الاقتصاد الذين استطلعت «رويترز» آراءهم قد توقعوا ارتفاعاً بنسبة 0.3 في المائة في المؤشر.

وكتب إيان لينجين، رئيس استراتيجية أسعار المستهلك في «بي إم أو كابيتال ماركتس» في نيويورك، في تعليق له عقب إصدار البيانات: «بشكل عام، كانت هذه البيانات حول أسعار المنتجين أقل حدة مما كان متوقعاً، على الرغم من أنه تجب الإشارة إلى أن بيانات مؤشر أسعار المستهلك الأساسية التي ستصدر غداً سيكون لها تأثير أكبر على تحركات السوق».

ويترقب خبراء الاقتصاد في «وول ستريت» ارتفاعاً بنسبة 0.3 في المائة في مؤشر أسعار المستهلك الأميركي في ديسمبر، ليبقى دون تغيير عن الشهر السابق، مع توقع زيادة سنوية في الرقم إلى 2.9 في المائة مقارنة بـ2.7 في المائة في نوفمبر، وفقاً لاستطلاع أجرته «رويترز».

ومن المتوقع أن يرتفع مؤشر أسعار المستهلك الأساسي بنسبة 0.2 في المائة في ديسمبر، بانخفاض عن 0.3 في المائة في الشهر السابق.

وأضاف لينجين: «نتوقع في هذه المرحلة أن يكون الموضوع السائد في سوق الخزانة هو توحيد العوائد، مع الحذر من ارتفاع طفيف في العائدات، في غياب أحداث أخرى قابلة للتداول، بينما نترقب مزيداً من التفاصيل حول خطط التعريفات الجمركية التي ستطرحها الإدارة المقبلة».

في وقت سابق، ذكرت «بلومبرغ نيوز» أن مستشاري الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب في المراحل الأولى من التخطيط لتطبيق تدريجي ومرن للتعريفات الجمركية. وبموجب الخطة المقترحة، ستزداد التعريفات الجمركية على الواردات الأميركية تدريجياً بزيادات تتراوح بين 2 و5 في المائة شهرياً، وذلك حسب تقديرات الرئيس، بهدف تجنب تفاقم التضخم.

في الوقت نفسه، انحدر منحنى العائد الأميركي يوم الثلاثاء؛ حيث تراجع الفارق بين العوائد لمدة عامين والعوائد لمدة 10 أعوام إلى 41.5 نقطة أساس. وكان الفارق قد بلغ 47.7 نقطة أساس يوم الاثنين، ما يمثل أوسع فجوة منذ مايو (أيار) 2022. وعادة ما يشير انحدار منحنى العائد إلى دورة تخفيف؛ حيث يتم تقييد الارتفاع في العوائد على الأجل القصير، مما يعكس التوقعات بتخفيض أسعار الفائدة.

وفي سوق العقود الآجلة لأسعار الفائدة، قام المتداولون يوم الثلاثاء بتسعير توقف كامل لتخفيض أسعار الفائدة، في اجتماع السياسة النقدية لبنك الاحتياطي الفيدرالي المقرر في وقت لاحق من هذا الشهر.

وأظهرت بيانات بورصة لندن للأوراق المالية أن تسعير العقود الآجلة يشير أيضاً إلى تخفيض أسعار الفائدة بمقدار 29 نقطة أساس فقط في عام 2025، أي خفض واحد بمقدار 25 نقطة أساس، وذلك وفقاً للعقود الآجلة في يناير (كانون الثاني) 2026 لصناديق «الاحتياطي الفيدرالي».

ومن المتوقع أن يبدأ هذا الخفض في وقت لاحق من هذا العام، إما في اجتماع يوليو وإما في سبتمبر (أيلول). وقبل أسبوعين، كانت أسواق أسعار الفائدة قد توقعت تخفيضات بمقدار 49 نقطة أساس، أو خفضين لأسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس لكل منهما.