هل تكتسح الصين أسواق السيارات في 2024؟

أزاحت اليابان عن العرش العالمي... والمركبات الكهربائية في بؤرة التركيز

أحد الشوارع وقت الذروة في وسط العاصمة الصينية بكين (رويترز)
أحد الشوارع وقت الذروة في وسط العاصمة الصينية بكين (رويترز)
TT

هل تكتسح الصين أسواق السيارات في 2024؟

أحد الشوارع وقت الذروة في وسط العاصمة الصينية بكين (رويترز)
أحد الشوارع وقت الذروة في وسط العاصمة الصينية بكين (رويترز)

أصبحت الصين -وهي أكبر سوق للسيارات في العالم- أكبر مصدِّر للسيارات لأول مرة في عام 2023؛ حيث أعلنت جمعية سيارات الركاب الصينية، في مؤتمر صحافي يوم الثلاثاء، أن صادرات السيارات قفزت بنسبة 62 في المائة، إلى مستوى قياسي بلغ 3.83 مليون سيارة، خلال أول 11 شهراً من 2023. وأظهرت بيانات الجمارك اليابانية أن صادرات سيارات الركاب بلغت 3.5 مليون سيارة خلال الأحد عشر شهراً الأولى من العام، باستثناء السيارات المستعملة.

ومن المتوقع أن يصل إجمالي صادرات الصين من السيارات إلى 5.26 مليون وحدة للعام الماضي كله، بقيمة نحو 102 مليار دولار، بينما من المتوقع أن تبلغ صادرات اليابان للعام كله نحو 4.3 مليون وحدة، وفقاً للجمعية.

وتقدم هذه الأرقام أحدث مؤشر على قوة صادرات السيارات العالمية التي أصبحت عليها الصين الآن، وتعتمد إلى حد بعيد على قوة شركات صناعة السيارات الكهربائية الذكية. وتفوقت شركة «بي واي دي» على شركة «تسلا» بوصفها أكبر بائعة للسيارات الكهربائية في العالم في الربع الرابع، على الرغم من أنها تعتمد في الغالب على المبيعات في الصين.

وقد تسبب النفوذ الصيني المتزايد في الخارج في إثارة الذعر لدى بعض الحكومات، التي تخشى من تداعيات هذا الاتجاه على شركات صناعة السيارات المحلية.

وفي سبتمبر (أيلول) الماضي، أطلقت المفوضية الأوروبية تحقيقاً في السيارات الكهربائية صينية الصنع بشأن الدعم الذي ربما تكون قد تلقته، وهو ما وصفته بكين بأنه إجراء «حمائي». وذكرت صحيفة «وول ستريت جورنال» الشهر الماضي، أن إدارة بايدن في الولايات المتحدة تناقش رفع الرسوم الجمركية على بعض السلع الصينية، بما في ذلك السيارات الكهربائية. ومن المقرر أن تنشر الجمارك الصينية أرقامها التجارية لشهر ديسمبر (كانون الأول) يوم الجمعة.

وشهدت سوق السيارات المحلية في الصين -وهي الأكبر في العالم- تقدماً كبيراً في عام 2023؛ حيث ارتفعت مبيعات السيارات بنسبة 5.3 في المائة إلى 21.93 مليون للعام الثالث على التوالي من النمو، وسط حرب أسعار مؤلمة؛ حيث سعت شركات صناعة السيارات إلى جذب المستهلكين الذين يشعرون بالقلق من التعافي الاقتصادي المتعثر.

وارتفعت مبيعات السيارات التي تعمل بالبطاريات النقية في الصين بنسبة 20.8 في المائة العام الماضي، بعد قفزة بنسبة 74.2 في المائة في عام 2022. ونمت مبيعات السيارات الهجينة -وهي بأسعار معقولة اقتصادياً أكثر من السيارات الكهربائية النقية- بنسبة 82.5 في المائة العام الماضي، بعد زيادة بنسبة 160.5 في المائة في العام السابق.

وقال بول غونغ، محلل السيارات في «يو بي إس»، في اجتماع مائدة مستديرة يوم الثلاثاء، إنه من المتوقع أن ترتفع العلامات التجارية المحلية في إجمالي مبيعات الصين إلى 63 في المائة في عام 2024، من 56 في المائة في العام الماضي، مدعومة بتعزيز الاعتراف بالعلامة التجارية في قطاع السيارات الكهربائية، والكهربة السريعة للصناعة.

وقد توسعت شركة «بي واي دي»، المملوكة بنسبة 7.98 في المائة لشركة «بيركشاير هاثاواي» التابعة لـ«وارن بافيت»، بقوة في جنوب شرقي آسيا وأوروبا، على الرغم من أن معظم عمليات تسليمها تتم في الصين؛ حيث حفزت المبيعات من خلال حوافز ضخمة للتجار. ومع ذلك، تعمل شركة «تيسلا» بكفاءة أكبر في الصين؛ حيث تبيع عدداً أكبر بكثير من السيارات لكل متجر، مقارنة بشركة «بي واي دي».

وخسرت ماركات السيارات الفرنسية أكبر قدر من الحصص هذا العام في الصين، مع انخفاض المبيعات بنسبة 41 في المائة، وفقاً لبيانات الأشهر الـ11 الأولى من العام. وانخفضت مبيعات السيارات اليابانية بنسبة 10.7 في المائة، بينما شهدت مبيعات العلامات التجارية الأميركية انخفاضاً بنسبة 1.4 في المائة. وفي المقابل، ارتفعت مبيعات السيارات الألمانية بنسبة 2.5 في المائة، بينما قفزت مبيعات السيارات الصينية بنسبة 15.7 في المائة.

ومن المتوقع أن تشتد المنافسة أكثر، وأيضاً من لاعبين جدد من خارج الحلبة. فقد كشفت شركة الهواتف الذكية الصينية الشهيرة «شاومي» عن أول سيارة كهربائية لها الشهر الماضي، وأعلنت على الفور أنها تهدف إلى أن تصبح واحدة من أكبر 5 شركات لصناعة السيارات في العالم.

وقال بول غونغ: «فشلت العلامات التجارية الأجنبية في جلب سيارات كهربائية جيدة بما فيه الكفاية إلى السوق الصينية، في السنوات الأخيرة، ما أجبر المستهلكين الصينيين للسيارات الفاخرة على اختيار سيارات البنزين من العلامات التجارية الألمانية، أو السيارات الكهربائية ذات العلامات التجارية الصينية».

ويسلط هذا الاتجاه الضوء على الجهود التي تبذلها شركات صناعة السيارات الصينية مثل «بي واي دي» و«جيلي» و«غريت وول موتور» للارتقاء بالسوق، وبيع سياراتها في قطاع أكثر ربحية، والحصول على حصة سوقية من العلامات التجارية الأجنبية التي كان يفضلها المستهلكون الصينيون في السابق.

وكانت شركات صناعة السيارات الصينية، على الرغم من النمو السريع في حجم المبيعات وحصتها في السوق، تكافح من أجل بيع سياراتها بنطاق سعري أعلى من 100 ألف يوان قبل 5 سنوات.

ولكن في عام 2023، حقق كثير من الطرازات ذات العلامات التجارية الصينية التي يزيد سعرها على 150 ألف يوان، مبيعات شهرية تزيد على 10 آلاف وحدة. وستكون العلامات التجارية اليابانية من بين أكبر الخاسرين في الصين؛ حيث ستخسر ما يقرب من نصف حصصها في الإيرادات والأرباح، بدءاً من عام 2022، إلى 19.9 في المائة في عام 2024، على التوالي، وفقاً لتوقعات «يو بي إس».

وفي غضون ذلك، أصدرت وزارة الصناعة وتكنولوجيا المعلومات الصينية في الآونة الأخيرة توجيهاً لصياغة معايير وطنية موحدة لتصنيع الرقائق الإلكترونية المستخدمة في صناعة السيارات.

وذكرت الوزارة في بيان، إن التوجيهات تستهدف تشجيع تطوير وتطبيق معايير رقائق السيارات، وتسهيل أعمال البحث والتطوير وتطبيق النتائج في هذا القطاع.

ونقلت وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا) عن هذا التوجيه القول إن الأولوية ستكون لتطوير المعايير المطلوبة بشدة، والتي تعد أساسية ومشتركة ومرتبطة بالمنتجات الأساسية.

وبحلول 2025 ستكون الصين قد وضعت أكثر من 30 معياراً أساسياً لصناعة رقائق السيارات، توضح الاشتراطات الأساسية المرتبطة بالجودة والأبعاد البيئية وعوامل السلامة وتأمين المعلومات. وبحلول 2030 سيكون هناك أكثر من 70 معياراً لدعم الأبحاث والتطوير وتكنولوجيا الرقائق المدمجة للسيارات والإنتاج.


مقالات ذات صلة

جهود سعودية للنهوض بالصناعات الدوائية وتحقيق الاكتفاء الذاتي

الاقتصاد مصنع بمدينة الدمام ينتج المستلزمات الطبية المختلفة ومنها الكمامات (واس)

جهود سعودية للنهوض بالصناعات الدوائية وتحقيق الاكتفاء الذاتي

تقوم السعودية بجهود للنهوض بالصناعات الدوائية والمعدات الطبية، من خلال توطينها، ورفع نسبة مساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي.

آيات نور (الرياض)
الاقتصاد من جولة وزير الصناعة بشركات التعدين الكبرى في تشيلي (واس)

السعودية تبحث مع الصين وسنغافورة توطين صناعة السيارات وتقنياتها المتقدمة

بدأ وزير الصناعة والثروة المعدنية السعودي، بندر الخريف، الذي يترأس وفد منظومة الصناعة والتعدين، جولة اقتصادية بشرق آسيا؛ تشمل الصين وسنغافورة.

«الشرق الأوسط» (بكين)
المشرق العربي صورة نشرتها «الخطوط الجوية السورية» في «فيسبوك» لمسافرين بمطار دمشق

انتقادات لاذعة في دمشق لقرار «شيكات» المائة دولار

أثار قرار الحكومة السورية بأن يحصل المواطن العائد عبر مطار دمشق الدولي على «شيك» ورقي بقيمة 100 دولار ملزم بتصريفها قبل دخوله إلى البلاد بانتقادات عارمة.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
الاقتصاد عاملة في أحد خطوط إنتاج الكابلات الكهربائية للسيارات بشرق الصين (أ.ف.ب)

نشاط التصنيع بالصين في أدنى مستوياته منذ 6 أشهر

هبط نشاط التصنيع في الصين إلى أدنى مستوى في ستة أشهر في أغسطس مع تراجع أسعار المصانع وصعوبة حصول أصحاب المصانع على الطلبات.

«الشرق الأوسط» (بكين)
الاقتصاد مخازن وأنابيب نفطية ضمن خط دروجبا في دولة التشيك (رويترز)

أوكرانيا تهدد بوقف مرور صادرات الطاقة الروسية إلى أوروبا

قال مسؤول أوكراني إن بلاده ستوقف شحن النفط والغاز الروسيين من خلال خطوط أنابيبها إلى الاتحاد الأوروبي في نهاية هذا العام.

«الشرق الأوسط» (كييف)

«إتش سي» تتوقع أن يثبت «المركزي» المصري الفائدة في اجتماع الخميس

مقر البنك المركزي المصري في العاصمة الإدارية الجديدة (رويترز)
مقر البنك المركزي المصري في العاصمة الإدارية الجديدة (رويترز)
TT

«إتش سي» تتوقع أن يثبت «المركزي» المصري الفائدة في اجتماع الخميس

مقر البنك المركزي المصري في العاصمة الإدارية الجديدة (رويترز)
مقر البنك المركزي المصري في العاصمة الإدارية الجديدة (رويترز)

توقعت إدارة البحوث المالية بشركة «إتش سي» للأوراق المالية والاستثمار، أن تُبقي لجنة السياسات النقدية بالبنك المركزي المصري، على أسعار الفائدة دون تغيير في اجتماع الخميس المقبل، 5 سبتمبر (أيلول)، وذلك «انتظاراً لمزيد من التراجع في معدل التضخم، خصوصاً مع الزيادات الأخيرة في فواتير الكهرباء المقرر تنفيذها مع بداية سبتمبر».

وقالت هبة منير، محلل الاقتصاد الكلي بشركة «إتش سي»: «نتوقع أن يتباطأ معدل تضخم الحضر إلى 24.9 في المائة على أساس سنوي لشهر أغسطس (آب)، بفضل تأثير سنة الأساس، ومع ذلك فإننا نتوقع أن يرتفع التضخم بنسبة 1.0 في المائة على أساس شهري، بسبب ارتفاع تكاليف الطاقة ووسائل النقل التي حدثت في بداية أغسطس».

إلى ذلك ذكرت هبة منير، عوامل عدة تمهد الطريق لخفض أسعار الفائدة في مصر، تمثل أبرزها في: تجاوز مؤشر «مديري المشتريات» في مصر مستوى 49.0 في آخر 3 قراءات متتالية، بالتزامن مع تباطؤ التضخم. وهو ما أشارت إليه هبة منير، بالتزامن مع تطورات الموقف المالي الخارجي لمصر، الذي أظهر استقراراً.

وتلقت مصر 820 مليون دولار من صندوق النقد الدولي، وهو ما يُمثل الشريحة الثالثة من برنامج تسهيل الصندوق الممتد البالغ 8 مليارات دولار؛ كما تحوّل صافي خصوم القطاع المصرفي بالعملة الأجنبية البالغة 27.0 مليار دولار العام الماضي إلى صافي أصول أجنبية؛ إذ بلغت 13.0 مليار دولار في يونيو (حزيران)، أقل من مستواها عند 14.3 مليار دولار في مايو (أيار)، وذلك بسبب عودة تدفقات النقد الأجنبي لمستوياتها العادية؛ إضافة إلى ارتفاع صافي الاحتياطات الأجنبية لمصر بنسبة 33 في المائة على أساس سنوي، وبنسبة 0.2 في المائة على أساس شهري، لتصل إلى 46.5 مليار دولار في شهر يوليو (تموز). كما ارتفعت الودائع غير المدرجة ضمن الاحتياطات الرسمية بـ2.11 مرة على أساس سنوي، وبنسبة 3.0 في المائة على أساس شهري، لتصل إلى 9.86 مليار دولار في الشهر نفسه.

وانخفض مؤشر سعر الصرف الفعلي الحقيقي لمصر إلى 91.9 في يوليو من 126 في يناير (كانون الثاني)، كما تراجع مؤشر سعر الصرف الفعلي بالقيمة الاسمية إلى 16.6 من 25.5 في يناير، وفق بيانات «بروغل».

وتحسن مبادلة مخاطر الائتمان لمصر لمدة عام، مسجلاً 403 نقاط أساس حالياً، مقابل 857 نقطة في الأول من يناير.

وعلى الصعيد العالمي، تراجعت أسعار السندات الحكومية الأميركية لأجل 12 شهراً إلى 4.40 في المائة، من أعلى مستوى لها عند 5.23 في المائة في 30 أبريل (نيسان).

وطبقاً لنموذج توقع معدل الفائدة التي تتبعه «إتش سي»، فإنها تقدر «نسبة الفائدة المطلوبة من قِبَل المستثمرين لأذون الخزانة لأجل 12 شهراً عند 33.1 في المائة، ما يعكس سعر فائدة حقيقياً إيجابياً بنسبة 7.1 في المائة (بعد خصم معدل ضريبة بنسبة 15 في المائة للمستثمرين الأوروبيين والأميركيين، واستناداً إلى توقعاتنا لمتوسط معدل التضخم لمدة 12 شهراً عند 21.1 في المائة)، وهو أعلى من معدل الفائدة الحقيقي الإيجابي المقدر بنسبة 1.2 في المائة لآخر إصدار لأذون الخزانة المصرية لأجل 12 شهراً، والبالغة 26.2 في المائة».