«المركزي الأوروبي» يبقي الفائدة دون تغيير «تحسباً لتقلبات التضخم»

توقعات بأن تكون بداية خفضها العام المقبل

مقر البنك المركزي الأوروبي في مدينة فرنكفورت الألمانية (د.ب.أ)
مقر البنك المركزي الأوروبي في مدينة فرنكفورت الألمانية (د.ب.أ)
TT

«المركزي الأوروبي» يبقي الفائدة دون تغيير «تحسباً لتقلبات التضخم»

مقر البنك المركزي الأوروبي في مدينة فرنكفورت الألمانية (د.ب.أ)
مقر البنك المركزي الأوروبي في مدينة فرنكفورت الألمانية (د.ب.أ)

كما كان متوقعاً، قرر البنك المركزي الأوروبي الخميس الإبقاء على معدل الفائدة دون تغيير في منطقة اليورو عند مستواها القياسي البالغ 4 في المائة، فيما يواجه الآن توقعات بأنه سيبدأ في خفض تكاليف الاقتراض العام المقبل لدعم الاقتصاد المنكمش.

ويأتي ذلك بعد قرارات مماثلة هذا الأسبوع من قبل بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي وبنك إنجلترا والبنك الوطني السويسري بترك أسعار الفائدة دون تغيير. وأشار بنك الاحتياطي الفيدرالي أيضاً إلى أنه قد يقوم بإجراء ثلاثة تخفيضات في أسعار الفائدة العام المقبل.

وقال البنك المركزي الأوروبي إنه سيبقي سعر الفائدة القياسي لأن التضخم «من المرجح أن يرتفع مجدداً مؤقتاً على المدى القريب».

وقامت البنوك المركزية في جميع أنحاء العالم برفع أسعار الفائدة بشكل كبير لاحتواء التضخم الذي اندلع في أعقاب جائحة «كوفيد - 19» والغزو الروسي لأوكرانيا، ويحاول صناع السياسات الآن تحقيق التوازن بين إبقاء أسعار الفائدة مرتفعة بما يكفي لفترة كافية للتأكد من احتواء التضخم، مقابل خطر أن يؤدي ارتفاع تكاليف الاقتراض إلى دفع اقتصاداتهم إلى الركود.

وانخفض التضخم أكثر من المتوقع في دول الاتحاد الأوروبي العشرين التي تستخدم عملة اليورو، إلى 2.4 في المائة في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، من ذروة بلغت 10.6 في المائة في أكتوبر (تشرين الأول) 2022. وهذا ليس بعيداً جداً عن هدف البنك المركزي الأوروبي المتمثل في 2 في المائة الذي يعد الأفضل للاقتصاد.

وقد دفع ذلك المحللين إلى التنبؤ بأن البنك المركزي الأوروبي سيخفض أسعار الفائدة العام المقبل، على الرغم من أن التوقيت غير مؤكد. وتتراوح التوقعات من مارس (آذار) إلى سبتمبر (أيلول) لهذه الخطوة.

وقالت رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاغارد إن البنك سيتخذ قراراته بناءً على أحدث المعلومات حول أداء الاقتصاد.

وبينما انخفض التضخم بعد وتيرة قياسية من رفع أسعار الفائدة، فقد تأخر النمو الاقتصادي بسبب ارتفاع تكلفة الاقتراض لأشياء مثل شراء المنازل والاستثمار التجاري في المكاتب الجديدة ومعدات المصانع. وشهدت منطقة اليورو انكماش الناتج الاقتصادي بنسبة 0.1 في المائة في الربع الممتد من يوليو (تموز) إلى سبتمبر الماضيين.

وفي الوقت نفسه، لا تزال الأجور تلحق بالأسعار المرتفعة في المتاجر، مما يترك المستهلكين الأوروبيين «أقل ابتهاجا»، حتى في الوقت الذي تزين فيه مراكز المدن الأوروبية نفسها بأضواء عيد الميلاد.

قال فريدريك دوكروزيت، رئيس أبحاث الاقتصاد الكلي في «بيكتيت لإدارة الثروات»، إن انخفاض التضخم والركود الاقتصادي في أوروبا يعني أن البنك المركزي الأوروبي قد يكون أول بنك مركزي رئيسي يركز على تخفيضات أسعار الفائدة، متوقعا أن يحدث ذلك في شهر مارس المقبل. فيما توقع «دويتشه بنك» أن يكون شهر يونيو (حزيران) هو الأرجح لهذا التخفيض، بينما يتخوف هولغر شميدينغ، كبير الاقتصاديين في بنك بيرينبيرغ، من أن التضخم قد يرتفع مرة أخرى قبل أن ينخفض أكثر، ولا يرى خفضاً لسعر الفائدة قبل سبتمبر.

وتعمل أسعار الفائدة المرتفعة على مكافحة التضخم عن طريق زيادة تكلفة الاقتراض في جميع أنحاء الاقتصاد، من القروض المصرفية وخطوط الائتمان للشركات إلى الرهون العقارية وبطاقات الائتمان. وهذا يجعل الاقتراض لشراء الأشياء أو الاستثمار أكثر تكلفة، مما يقلل الطلب على السلع ويخفف الأسعار.

وفي مواجهة أزمة الطاقة التي غذت التضخم القياسي، رفع البنك المركزي الأوروبي سعر الفائدة القياسي من أقل من الصفر إلى أعلى مستوى على الإطلاق بين يوليو 2022 ويوليو 2023.

لكن ارتفاع أسعار الفائدة أدى أيضا إلى إعاقة النمو الاقتصادي. على سبيل المثال، تم إلغاء مشاريع بناء الشقق في جميع أنحاء ألمانيا، صاحبة أكبر اقتصاد أوروبي، لأنها لم تعد منطقية من الناحية التجارية وسط ارتفاع تكاليف الفائدة.


مقالات ذات صلة

«سرك» التابعة لـ«السيادي» السعودي تستحوذ على 35 % من أسهم «ورق»

الاقتصاد مبنى «الشركة السعودية الاستثمارية لإعادة التدوير - سِرْك»... (الشرق الأوسط)

«سرك» التابعة لـ«السيادي» السعودي تستحوذ على 35 % من أسهم «ورق»

أعلنت «الشركة السعودية الاستثمارية لإعادة التدوير (سِرْك)»، المملوكة لـ«صندوق الاستثمارات العامة»، الاثنين، عن استحواذها على 35 في المائة من أسهم شركة «ورق».

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد أوراق نقدية من اليورو (رويترز)

تراجع توقعات خفض الفائدة يدفع عائدات سندات اليورو للارتفاع

سجَّلت عائدات سندات منطقة اليورو ارتفاعاً إلى أعلى مستوياتها في نحو شهر يوم الاثنين، مع استمرار المستثمرين في محاولة تقييم آفاق خفض أسعار الفائدة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد كريستين لاغارد تتحدث للصحافيين بعد اجتماع البنك المركزي الأوروبي في فرانكفورت 25 يناير 2024 (رويترز)

لاغارد: منطقة اليورو تقترب من تحقيق هدف التضخم

قالت رئيسة البنك المركزي الأوروبي، كريستين لاغارد، إن منطقة اليورو أصبحت «قريبة جداً» من تحقيق هدف التضخم على المدى المتوسط الذي حدده البنك المركزي.

«الشرق الأوسط» (فرانكفورت)
الاقتصاد الأعلام البريطانية ترفرف فوق جسر وستمنستر في لندن (رويترز)

النمو الصفري للاقتصاد البريطاني يقوّض تعهدات ستارمر بالانتعاش

سجل الاقتصاد البريطاني نمواً صفرياً بين يوليو (تموز) وسبتمبر (أيلول) الماضيين، ومن المتوقع أن يظل راكداً خلال النصف الثاني من عام 2024.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد مقر البنك المركزي التركي (رويترز)

«مورغان ستانلي»: «المركزي التركي» قد يخفض الفائدة إلى 48 %

يسود ترقب واسع لقرار البنك المركزي التركي بشأن سعر الفائدة الذي من المقرر أن يعلنه عقب اجتماع لجنته للسياسة النقدية الأخير للعام الحالي يوم الخميس المقبل.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

النمو الصفري للاقتصاد البريطاني يقوّض تعهدات ستارمر بالانتعاش

الأعلام البريطانية ترفرف فوق جسر وستمنستر في لندن (رويترز)
الأعلام البريطانية ترفرف فوق جسر وستمنستر في لندن (رويترز)
TT

النمو الصفري للاقتصاد البريطاني يقوّض تعهدات ستارمر بالانتعاش

الأعلام البريطانية ترفرف فوق جسر وستمنستر في لندن (رويترز)
الأعلام البريطانية ترفرف فوق جسر وستمنستر في لندن (رويترز)

سجل الاقتصاد البريطاني نمواً صفرياً بين يوليو (تموز)، وسبتمبر (أيلول) الماضيين، ومن المتوقع أن يظل راكداً، خلال النصف الثاني من عام 2024، مما يقوِّض بشكل كبير وعد رئيس الوزراء كير ستارمر بإعادة تشغيل النمو الاقتصادي في البلاد.

وفي تعديل غير متوقَّع، ومع تصاعد الضغوط على حزب العمال بشأن أدائه الاقتصادي منذ تولّيه السلطة في يوليو، أظهرت الأرقام الصادرة عن مكتب الإحصاء الوطني أن النمو في الربع الثالث جرى تعديله إلى صفر في المائة، وهو أقل من التقدير الأوليّ الذي كان يبلغ 0.1 في المائة، والذي جرى إجراؤه الشهر الماضي. كما جرى تعديل النمو، خلال الربع الثاني، من 0.5 في المائة إلى 0.4 في المائة، وفق صحيفة «الغارديان».

وأوضحت ليز ماكوين، مديرة الإحصاءات الاقتصادية في مكتب الإحصاء الوطني، أن «الاقتصاد كان أضعف، في الربعين الثاني والثالث من هذا العام، مما اقترحت تقديراتنا الأولية، حيث شهدت القطاعات مثل المطاعم والشركات القانونية والإعلان أداءً أقل جودة بشكل خاص». وأضافت أن نسبة الادخار الأُسري انخفضت قليلاً في الفترة الأخيرة، رغم أنها لا تزال مرتفعة نسبياً، مقارنة بالمعايير التاريخية، في حين لم يُظهر الدخل المتاح الحقيقي للأسرة أي نمو يُذكر.

وتُظهر الصورة الاقتصادية الأخيرة أن المملكة المتحدة في طريقها لتسجيل ربعين متتاليين من النشاط الاقتصادي الثابت، وهو ما يشير إلى ركود محتمل. يأتي هذا التراجع في أعقاب تدهور ثقة الشركات والمستهلكين، وسط تصريحات قاتمة من الحكومة الجديدة، بالإضافة إلى التحذيرات من زيادات ضريبية متوقعة في موازنة الخريف.

وحذّر بنك إنجلترا، الأسبوع الماضي، من أن النمو في المملكة المتحدة سيظل راكداً، في الأشهر الثلاثة الأخيرة من العام. ورغم أن هذا لا يُعد ركوداً بالمعنى الفني - حيث يُعرف الركود بربعين من النمو السلبي - فإن هذه الصورة الاقتصادية تمثل ضربة إضافية للحكومة التي جعلت إحياء النمو الاقتصادي على رأس أولوياتها.

من جهتها، قالت وزيرة الخزانة راشيل ريفز: «إن التحدي الذي نواجهه في إصلاح اقتصادنا وتمويل ماليتنا العامة بشكل صحيح بعد 15 عاماً من الإهمال هو تحدٍّ هائل. لكن ذلك لا يفعل سوى تعزيز عزيمتنا لتقديم خدماتنا للعمال. وسوف تسهم الموازنة وخطتنا للتغيير في تحقيق نمو مستدام وطويل الأجل، وضخ مزيد من المال في جيوب الناس، من خلال زيادة الاستثمار والإصلاح المستمر».

في سياق مُواز، تتوقع الشركات البريطانية انخفاضاً حاداً في نشاط الأعمال، خلال العام المقبل، مما يعكس صورة اقتصادية أكثر تشاؤماً للمملكة المتحدة في عام 2025. وأشار مسح مؤشر النمو من اتحاد الصناعة البريطانية إلى أن الشركات تستعد لتقليص التوظيف والإنتاج، في الأشهر الثلاثة المقبلة، وفق صحيفة «الغارديان».

وتحاول الشركات التخفيف من أثر قرار راشيل ريفز، في موازنتها التي أُعلنت في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، والتي تقضي بجمع 25 مليار جنيه إسترليني (31.41 مليار دولار)، من خلال زيادة مساهمات التأمين الوطني لأصحاب العمل. ورغم تأكيد المستشارة ضرورة هذه الأموال لسد «الثقب الأسود» في المالية العامة الذي خلفه أسلافها، فقد اعترفت بأنها قد تؤدي إلى زيادات أقل في الأجور، بينما عَدَّ آخرون أنها قد تضر الوظائف. وأوضح اتحاد الصناعة البريطانية أن زيادة مساهمات التأمين الوطني قد أسهمت في تفاقم «بيئة الطلب الضعيف» بالفعل.

وأظهر استطلاعٌ للرأي شمل 899 شركة، بين 25 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، و12 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، أن توقعات النمو كانت في أضعف مستوياتها منذ نوفمبر 2022، في أعقاب الفوضى التي تَلَت فترة ولاية ليز تروس القصيرة رئيسة للوزراء. وقد ساد التشاؤم في معظم القطاعات، حيث توقَّع قطاع الخدمات انخفاض النشاط، بينما توقَّع المصنّعون تراجعاً حاداً في الناتج، خلال الأشهر الثلاثة حتى مارس (آذار) 2025.

في سياق متصل، أظهرت بياناتٌ، نشرها اتحاد التجزئة البريطاني، أن تجار التجزئة يواجهون ضربة إضافية في العام الجديد، حيث انخفضت توقعات الإنفاق الاستهلاكي بمقدار ست نقاط، مما أثّر على جميع فئات التجزئة تقريباً. وقالت الرئيسة التنفيذية لاتحاد التجزئة، هيلين ديكينسون، إنه إذا تحققت هذه التوقعات، فقد يواجه تجار التجزئة ضغطاً إضافياً على الإنفاق في العام الجديد، وذلك بالتزامن مع كشفهم عن مبيعاتهم في يناير (كانون الثاني).

وتوّجت هذه التقارير سبعة أيام من البيانات الاقتصادية الصعبة للحكومة، في وقتٍ تحاول فيه تعزيز النمو الاقتصادي. وأشار مسحٌ آخر، نشره اتحاد الصناعة البريطانية، إلى أن إجمالي الطلبات في المصانع انهار في ديسمبر إلى أدنى مستوى منذ ذروة جائحة «كوفيد» في عام 2020.

وحذَّر المحللون من أن التباطؤ الاقتصادي، جنباً إلى جنب مع ارتفاع تكاليف الاقتراض، قد يُعرقل المالية العامة للحكومة، ويُجبر ريفز، في النهاية، على زيادة الضرائب. وفي الوقت نفسه، فإن احتمال اندلاع حرب تجارية مع الولايات المتحدة بعد تنصيب دونالد ترمب في يناير قد يؤثر أيضاً على خطط النمو الحكومية. في هذا السياق، هدد الرئيس المنتخب بفرض تعريفات جمركية على الصادرات إلى الولايات المتحدة، وهو ما قد يمتد إلى المملكة المتحدة.

من جهة أخرى، قال اتحاد الصناعة البريطانية إن الشركات تتطلع إلى الحكومة لتعزيز الثقة وتقديم حوافز للاستثمار، سواء من خلال إصلاح ضريبة التدريب المهني، أم دعم صحة القوى العاملة عبر زيادة الحوافز الصحية المهنية، أم إصلاح معدلات الأعمال.