انكماش الاقتصاد البريطاني في أكتوبر يعزز توقعات خفض أسعار الفائدة

وزير المالية: الركود محتمَل والتخفيضات الضريبية ستساعد على الانتعاش

أظهرت بيانات مكتب الإحصاءات الوطني البريطاني أن الناتج المحلي الإجمالي انخفض بنسبة 0.3 % في أكتوبر وهو ما يمثل أول انكماش شهري منذ يوليو (رويترز)
أظهرت بيانات مكتب الإحصاءات الوطني البريطاني أن الناتج المحلي الإجمالي انخفض بنسبة 0.3 % في أكتوبر وهو ما يمثل أول انكماش شهري منذ يوليو (رويترز)
TT

انكماش الاقتصاد البريطاني في أكتوبر يعزز توقعات خفض أسعار الفائدة

أظهرت بيانات مكتب الإحصاءات الوطني البريطاني أن الناتج المحلي الإجمالي انخفض بنسبة 0.3 % في أكتوبر وهو ما يمثل أول انكماش شهري منذ يوليو (رويترز)
أظهرت بيانات مكتب الإحصاءات الوطني البريطاني أن الناتج المحلي الإجمالي انخفض بنسبة 0.3 % في أكتوبر وهو ما يمثل أول انكماش شهري منذ يوليو (رويترز)

انكمش الاقتصاد البريطاني في أكتوبر (تشرين الأول)، في اختبار لمدى عزم بنك إنجلترا على التمسك بخطته المتشددة في مواجهة اقتراحات خفض أسعار الفائدة من أعلى مستوياتها في 15 عاماً.

وأظهرت بيانات من مكتب الإحصاءات الوطني، الأربعاء، تراجع انكماش الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 0.3 في المائة مقارنةً مع سبتمبر (أيلول) الماضي. وهذه هي المرة الأولى منذ يوليو (تموز) التي ينكمش فيها الناتج المحلي الإجمالي على أساس شهري.

وقال المكتب إنه في الأشهر الثلاثة حتى أكتوبر (تشرين الأول)، ظل الناتج المحلي الإجمالي مستقراً، وهو أضعف من توقعات استطلاع «رويترز» بزيادة قدرها 0.1 في المائة.

ووفقاً للبيانات الرسمية، انكمش قطاع الخدمات المهيمن في بريطانيا بنسبة 0.2 في المائة في أكتوبر (تشرين الأول)، بينما انكمش التصنيع والبناء بنسبة 1.1 و0.5 في المائة على التوالي.

واستجاب المستثمرون لعلامات التباطؤ الأخرى في الاقتصاد البريطاني من خلال وضع رهاناتهم على الموعد المحتمل لخفض بنك إنجلترا لأسعار الفائدة للمرة الأولى. ومع ذلك، من المتوقع على نطاق واسع أن يُبقي البنك المركزي سعر الفائدة عند 5.25 في المائة، يوم الخميس، ويشير مرة أخرى إلى أنه ليس قريباً من خفضها.

وقال كبير الاقتصاديين البريطانيين في «كابيتال إيكونوميكس»، بول ديلز، إن قراءة الناتج المحلي الإجمالي لشهر أكتوبر (تشرين الأول) تشير إلى أن بريطانيا ربما تكون في حالة ركود. وأضاف: «قد يدفع هذا بنك إنجلترا إلى الاقتراب قليلاً من خفض أسعار الفائدة، على الرغم من أنه عندما يترك أسعار الفائدة عند 5.25 في المائة، فمن المرجح أن يعارض البنك فكرة تخفيض أسعار الفائدة على المدى القريب».

فيما خفض «غولدمان ساكس» توقعات معدل النمو الاقتصادي البريطاني لعام 2023 إلى 0.5 في المائة، من توقعاتها السابقة البالغة 0.6 في المائة بعد البيانات الرسمية. وبالنسبة إلى عام 2024 خفض توقعاته لنمو الناتج المحلي الإجمالي للبلاد إلى 0.6 في المائة، مقابل 0.7 في المائة المتوقعة سابقاً.

هذا وتجنب الاقتصاد البريطاني الانكماش في الفترة من يوليو (تموز) إلى سبتمبر (أيلول) -عندما لم يكن هناك تغيير أيضاً- لكنّ بعض المحللين يعتقدون أنه لا يزال معرَّضاً لخطر الركود الضحل في أواخر عام 2023 وأوائل عام 2024 بعد قيام بنك إنجلترا بزيادة أسعار الفائدة.

وظل الاقتصاد مستقراً خلال معظم عام 2023، مع عودة مستوى الناتج الاقتصادي الآن إلى مستواه في يناير (كانون الثاني). وكان الاقتصاد أكبر بنسبة 2 في المائة مما كان عليه قبل أن تضرب جائحة كوفيد - 19 بريطانيا في أوائل عام 2020، وهو أداء أقوى مما كان يُعتقد قبل المراجعات الأخيرة لبيانات مكتب الإحصاءات الوطنية، ولكن مع ذلك كانت فترة أخرى من الضعف في مستويات المعيشة.

وقد وعد رئيس الوزراء ريشي سوناك، ووزير المالية جيريمي هانت، بتسريع النمو الاقتصادي، ولكن من غير المتوقع حدوث انتعاش كبير قبل الانتخابات الوطنية التي يجب على سوناك الدعوة إليها قبل يناير (كانون الثاني) 2025.

وقال مدير الاقتصاد في «إي سي إيه إي دبليو»، وهي هيئة محاسبية، سورين ثيرو: «النتيجة السلبية لشهر أكتوبر (تشرين الأول) تضع هدف رئيس الوزراء المتمثل في تعريض نمو الاقتصاد للخطر، مع احتمال أن يؤدي ارتفاع التضخم وتكاليف الاقتراض إلى كبح النشاط الاقتصادي في نوفمبر (تشرين الثاني) وديسمبر (كانون الأول)».

الركود الاقتصادي محتمل

من جهته، أعلن وزير المالية البريطاني جيريمي هانت، أنه من المحتم أن ينخفض الناتج المحلي الإجمالي بينما تقوم أسعار الفائدة بعملها لخفض التضخم. لكنّ التخفيضات الكبيرة في الضرائب التجارية التي أُعلن عنها في بيان الخريف تعني أن الاقتصاد الآن في وضع جيد لبدء النمو مرة أخرى.

وفي وقت سابق من الشهر الماضي، أعلن هانت عن تخفيض أكبر من المتوقع في مساهمات الضمان الاجتماعي، وزيادة حوافز الاستثمار، في محاولة لتسريع اقتصاد البلاد المتباطئ، متوقعاً أن ينمو الاقتصاد البريطاني بنسبة 0.7 في المائة في عام 2024.

الانكماش يدفع الإسترليني إلى التراجع

تراجع الجنيه الإسترليني بعد أن أظهرت البيانات انكماش الاقتصاد وبنسبة 0.2 في المائة إلى 1.2531 دولار، بعد تداوله حول 1.2549 دولار مباشرةً قبل صدور بيانات الناتج المحلي الإجمالي.

وحتى الآن هذا العام، ارتفع الجنيه الإسترليني بنحو 3.8 في المائة مقابل الدولار، مسجلاً أفضل أداء سنوي له منذ عام 2019، مدفوعاً إلى حد كبير بتوقعات بأن بنك إنجلترا قد يكون أبطأ بكثير في خفض أسعار الفائدة من نظرائه من البنوك المركزية الأخرى.

«فوتسي 100» يرتفع مع تراجع الإسترليني

في المقابل، ارتفع مؤشر «فوتسي 100» ذو الثقل التصديري بشكل طفيف في التعاملات المبكرة. وبحلول الساعة 08:07 (بتوقيت غرينتش)، ارتفع مؤشر «فوتسي 100» للأسهم القيادية بنسبة 0.1 في المائة، في حين أضاف مؤشر «فوتسي 205» للأسهم المتوسطة الأكثر تركيزاً محلياً بنسبة 0.3 في المائة.

وحدّت أسهم شركات الطاقة ذات الثقل من المكاسب، وانخفضت بنسبة 0.7 في المائة وسط انخفاض أسعار النفط الخام، في حين قفزت أسهم شركة المراهنة والألعاب بنسبة 6 في المائة.


مقالات ذات صلة

استقرار طفيف في الصناعة الأوروبية وسط الانكماش

الاقتصاد عامل بمصنع «كوزموس» للألمنيوم في لاريزا باليونان (رويترز)

استقرار طفيف في الصناعة الأوروبية وسط الانكماش

أظهر قطاع التصنيع بمنطقة اليورو بعض علامات الاستقرار في أكتوبر حيث استمر الانكماش بالنشاط للشهر الثامن والعشرين على التوالي

«الشرق الأوسط» (عواصم )
الاقتصاد يقوم العمال بإزالة قطع من السلك من إطار داخل مصنع كوربيتيز للزنك في تيلفورد (رويترز)

انكماش طفيف في نشاط المصانع البريطانية خلال أكتوبر

انكمش نشاط المصانع البريطانية بشكل طفيف الشهر الماضي لأول مرة منذ أبريل، مدفوعاً بانخفاض الطلبات الجديدة وانخفاض التفاؤل في الفترة التي سبقت الموازنة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد أشخاص يسيرون على طول شارع نيو بوند في لندن (رويترز)

أبطأ نمو للشركات البريطانية في 11 شهراً... وتقلص ملحوظ في التوظيف

أفادت الشركات البريطانية بأنها شهدت أبطأ نمو لها في 11 شهراً خلال أكتوبر (تشرين الأول)، مع تقلص التوظيف لأول مرة هذا العام.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد فلسطينيون يتسوّقون في سوق مؤقتة أُقيمت بجوار المباني المدمّرة بغارة جوية إسرائيلية في خان يونس (رويترز)

منظمة العمل الدولية: البطالة في غزة تقفز إلى 80 % مع انهيار الاقتصاد

أفادت منظمة العمل الدولية التابعة للأمم المتحدة، اليوم (الخميس)، بأن البطالة في قطاع غزة قفزت إلى ما يقرب من 80 في المائة منذ اندلاع الحرب بين إسرائيل و«حماس».

«الشرق الأوسط» (زيوريخ)
الاقتصاد بنايات على نيل القاهرة (الشرق الأوسط)

نشاط القطاع الخاص غير النفطي في مصر ينكمش مجدداً في سبتمبر

انكمشت أنشطة الأعمال غير النفطية في مصر مجدداً، في سبتمبر (أيلول) الماضي، بعد نمو في أغسطس (آب) المنصرم للمرة الأولى في نحو 4 سنوات.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

«فاو»: نطمح إلى مخرجات مهمة من «كوب 16» بالسعودية

جانب من الاستعدادات في العاصمة السعودية قبل استقبال مؤتمر «كوب 16» لمواجهة التصحر (صفحة «كوب 16» على منصة «إكس»)
جانب من الاستعدادات في العاصمة السعودية قبل استقبال مؤتمر «كوب 16» لمواجهة التصحر (صفحة «كوب 16» على منصة «إكس»)
TT

«فاو»: نطمح إلى مخرجات مهمة من «كوب 16» بالسعودية

جانب من الاستعدادات في العاصمة السعودية قبل استقبال مؤتمر «كوب 16» لمواجهة التصحر (صفحة «كوب 16» على منصة «إكس»)
جانب من الاستعدادات في العاصمة السعودية قبل استقبال مؤتمر «كوب 16» لمواجهة التصحر (صفحة «كوب 16» على منصة «إكس»)

قال الدكتور عبد الحكيم الواعر، المدير العام المساعد لمنظمة الأغذية والزراعة (فاو)، إن المنظمة ستُشارك بقوة خلال فعاليات مؤتمر الأطراف «كوب 16» لمواجهة التصحر، الذي ينعقد في السعودية مطلع شهر ديسمبر (كانون الأول) المقبل، مؤكداً لـ«الشرق الأوسط» أنه يتوقع خروج المؤتمر -وهو الأول من نوعه الذي يعقد في منطقة الشرق الأوسط- بمخرجات مهمة.

تعليقات الواعر جاءت على هامش لقاء «مائدة مستديرة»، أعده المكتب الإقليمي لـ«فاو» في مقره بالعاصمة المصرية، القاهرة، بحضور ممثلين محدودين لوسائل إعلام مختارة، وذلك لشرح شكل مشاركة المنظمة في المؤتمر المقبل، وتأكيد أهمية ما يُعرف باسم «ثالوث ريو» (Rio trio)، وهي الاتفاقية التي تربط مؤتمرات الأطراف الثلاثة لحماية الأرض التابعة للأمم المتحدة في مجالات تغيُّر المناخ، وحماية التنوع البيئي، ومكافحة التصحر.

وقالت فداء حداد، مسؤول برامج إعادة تأهيل الأراضي والتغيُّر المناخي في منظمة الفاو، إن اتفاقيات الأطراف الثلاثة غاية في الأهمية والتكامل، وإن المؤتمر المقبل في السعودية سيركز على الأراضي والمياه، وإعادة تأهيلهما والإدارة المستدامة لهما.

الدكتور عبد الحكيم الواعر المدير العام المساعد لمنظمة فاو يتوسط لقاء «مائدة مستديرة» مع خبراء وصحافيين في مقر المنظمة بالقاهرة (الشرق الأوسط)

وأشارت فداء حداد إلى أن نحو 90 بالمائة من منطقة الشرق الأوسط تعاني الجفاف، إلا أنه على الرغم من ذلك، تمكَّنت المجتمعات المحلية والحكومات العربية في كثير منها في اتخاذ إجراءات لمواجهة الجفاف والتصحر.

وكشفت فداء حداد أن «فاو» نجحت للمرة الأولى في وضع موضوع النظم الغذائية على أجندة اجتماعات مؤتمر الأطراف لمواجهة التصحر، الذي يعقد في السعودية، لتتم مناقشة أهمية إعادة تأهيل الأراضي في تحسين السلاسل الغذائية وأنظمتها.

من جانبه، أوضح الواعر أن «فاو» لديها دور كبير في تحقيق الهدف الثاني الأممي من أهداف التنمية المستدامة، وهو القضاء على الجوع، ومن ثم فهي تشارك بقوة وفاعلية في مؤتمرات الأطراف لمواجهة تغيُّر المناخ والتصحر وحماية التنوع، التي تخدم ذات الهدف.

وأكد الواعر أن المنظمة تحاول إبراز دور الغذاء والزراعة وتحول النظم، بحيث تكون أكثر شمولاً وكفاءة واستدامة، من أجل تحقيق إنتاج وتغذية أفضل لحياة أفضل، مشيراً إلى نجاح المنظمة في إدخال هذه الرؤية إلى أجندة الاتفاقيات الثلاث التي تهدف لحماية الأرض، والإسهام مع عدد من الدول المستضيفة في بعض المبادرات.

جانب من الاستعدادات في العاصمة السعودية قبل استقبال مؤتمر «كوب 16» لمواجهة التصحر (صفحة «كوب 16» على منصة «إكس»)

وأضاف المسؤول الأممي أن هناك تواصلاً كبيراً مع السعودية لدعم بعض المبادرات خلال استضافتها «كوب 16»، خصوصاً أن هذه الاستضافة تعد مهمة جدّاً من أجل دول المنطقة، كونها الأكثر معاناة فيما يتعلق بندرة المياه والجفاف والتصحر، إلى جانب مشكلات الغذاء والزراعة وغيرهما... ولذا فإن أمام هذه الدول فرصة لعرض الأزمة وأبعادها والبحث عن حلول لها، وإدراجها على لوائح المناقشات، ليس في الدورة الحالية فقط؛ ولكن بشكل دائم في مؤتمرات «كوب» التالية.

وأكد المدير العام المساعد لمنظمة الفاو، أن العالم حالياً أكثر انتباهاً واهتماماً بمشكلة التصحر، لكونها بدأت في غزو مناطق لم يسبق لها أن شهدتها في تاريخها أو تصورت أن تشهدها، على غرار جنوب أوروبا أو مناطق في أميركا اللاتينية مثلاً، وهذه الدول والمناطق بدأت تلاحظ زحف التصحر وانحسار الأراضي الزراعية أو الغابات بشكل مقلق، ومن ثم بدأت النظر إلى المنطقة العربية تحديداً لتعلُّم الدروس في كيفية النجاة من هذه الأزمة عبر قرون طويلة.

وأفاد الواعر بأن «فاو» ستشارك في «كوب 16» بجناحين، أحدهما في المنطقة الزرقاء والآخر في المنطقة الخضراء، وذلك حتى يتسنى للمنظمة التواصل مع الحكومات، وكذلك الأفراد من المجتمع المدني ورواد المؤتمر.

كما أوضح أن «فاو»، بالاتفاق مع السعودية والأمم المتحدة، ستقوم بقيادة التنسيق في يومي «الغذاء» و«الحوكمة» يومي 5 و6 ديسمبر، إضافة إلى مشاركتها القوية في كل الأيام المتخصصة الباقية خلال فعاليات «كوب 16» لمكافحة التصحر.

الدكتور عبد الحكيم الواعر المدير العام المساعد لمنظمة فاو يتوسط لقاء «مائدة مستديرة» مع خبراء وصحافيين في مقر المنظمة بالقاهرة (الشرق الأوسط)

وحول أبرز الموضوعات والمحاور التي جرى إدراجها للنقاش في أروقة «كوب 16» بالرياض، أوضح الواعر أن من بينها «الاستصلاح والإدارة المستدامة للأراضي» في منطقة الشرق الأدنى وشمال أفريقيا، والتي تعد مسألة مهمة وأساسية في محاولة استرجاع وإعادة تأهيل الأراضي المضارة نتيجة التصحر، خصوصاً من خلال المبادرات المتعلقة بزيادة رقعة الغابات والمناطق الشجرية، على غرار المبادرات السعودية الخضراء التي تشمل خطة طموحاً لمحاولة زراعة 50 مليار شجرة بالمنطقة العربية.