صفقات السوق العقارية السعودية تؤكد صلابتها رغم العوامل المحيطة

سجلت أكثر من 214 مليار ريال خلال 9 أشهر

منظر جوي للعاصمة السعودية الرياض (رويترز)
منظر جوي للعاصمة السعودية الرياض (رويترز)
TT
20

صفقات السوق العقارية السعودية تؤكد صلابتها رغم العوامل المحيطة

منظر جوي للعاصمة السعودية الرياض (رويترز)
منظر جوي للعاصمة السعودية الرياض (رويترز)

سجلت السوق العقارية السعودية صفقات بأكثر من 214 مليار ريال (57 مليار دولار) خلال التسعة أشهر الأولى من العام الحالي، حسب بيانات البورصة العقارية؛ ما عدّه كثير من الخبراء العقاريين تأكيداً على قوة وصلابة وتماسك السوق العقارية السعودية، بالرغم من العوامل المحيطة بها، كالارتفاع المتواصل لأسعار الفائدة، وانخفاض التمويل الممنوح للأفراد. كما رأوا أن تسجيل السوق لصفقات عقارية بمساحات شاسعة حول أطراف المدن الكبرى، هو دليل آخر على أن السوق لا تزال واعدة بالمزيد من الفرص الاستثمارية العقارية في المستقبل القريب والبعيد، لما يصل إلى ما بين 10 و20 سنة مقبلة.

وقال الخبير والراصد العقاري، المهندس أحمد الفقيه، عضو هيئة المقيّمين السعوديين، خلال حديثه إلى «الشرق الأوسط»، إنه بمقارنة قيمة صفقات السوق العقارية بالفترة المماثلة من العام الماضي، يتضح أن قيمة الصفقات بالرغم من انخفاضها نسبياً من نحو 260 مليار ريال (69 مليار دولار) في 2022، أي بنسبة انخفاض 17 في المائة، فإنها دليل على التماسك الكبير في السوق العقارية، في ظل وجود عاملين مؤثرين على السوق وبشكل كبير، وهما: الارتفاع المتواصل لأسعار الفائدة، وانخفاض حجم التمويلات العقارية الممنوحة للأفراد من المصارف وشركات التمويل.

وحدد المهندس الفقيه ثلاثة عوامل يرى أنها ساهمت في تسجيل السوق العقارية لهذا الحجم في الصفقات، وهي: شحّ المعروض في السوق من المنتجات السكنية، سواء الأراضي أو الشقق أو الفلل؛ ما أدى إلى ارتفاع أسعارها، وذلك حسبما ورد في التقارير الدورية للهيئة العامة للإحصاء. والعامل الثاني هو الطلب الكبير القائم والكامن على العقارات؛ ما أعطى إشارات إيجابية لملّاك العقارات في السوق، ودعم التمسّك بالأسعار المعروضة. بينما كان العامل الثالث يتمحور في الشهية المفتوحة لكبار رجال الأعمال والكيانات العقارية، في الاستحواذ على الكثير من صفقات الأراضي الخام وبأسعار مليارية، وهو ما يدلل - وبوضوح - على أننا أمام سوق واعدة جداً بالمستقبل القريب، في ظل دعم غير مسبوق من الحكومة لهذه السوق، من خلال المشاريع العقارية الضخمة، وكذلك التنظيمات، والحرص على استدامة السوق العقارية، التي تضخّ في مفاصل الاقتصاد الوطني أكثر من 12 في المائة من الدخل غير النفطي.

وأشار المهندس الفقيه إلى أنه من خلال رصده لصفقات وتعاملات السوق العقارية، لاحظ دخول رؤوس أموال كبيرة لرجال أعمال وكيانات عقارية للاستثمار في السوق. كما شهدت السوق صفقات مليارية في كلّ من الرياض والشرقية وجدة؛ ما يعكس الثقة بالسوق العقارية، متوقعاً أن تواصل السوق زخمها في صفقات الأراضي الخام، والتطوير العقاري، وزيادة دخول كيانات عقارية جديدة للسوق العقارية، بعد أن أثبتت صلابتها تجاه العوامل الكثيرة المحيطة بها.

ويتوقع الفقيه أن يشهد العام المقبل زخماً أكبر للسوق العقارية السعودية، بعد دخول قانون تملك واستثمار غير السعوديين حيز التنفيذ، لافتاً إلى أنه سيشهد موجة صاعدة مدفوعة بأموال كبيرة سيتم ضخّها من خارج السعودية، في سوق تعد حالياً هي أفضل أسواق الشرق الأوسط من حيث توفر الفرص المربحة بها، وكذلك الاستدامة والاستقرار.

ونوّه الفقيه إلى أهمية الاستمرار في تطوير بيانات السوق العقارية، مشيراً إلى أن جودة البيانات في السوق لا تزال متأخرة، ولا تواكب الطفرة الكبيرة في السوق العقارية، أو التحول الذي تشهده السوق في التنظيمات التشريعية الجديدة، ولافتاً إلى أن البيانات الصادرة من وزارة العدل غير واضحة، ويشوبها الكثير من الأخطاء، وهو ما سيؤثر على مخرجات السوق.

من جانبه، يرى الكاتب العقاري سامي عبد العزيز، أن تجاوز حجم الصفقات العقارية لحاجز الـ200 مليار ريال، خلال 9 أشهر، يدل على الحجم الكبير الذي تمثله السوق العقارية في الاقتصاد السعودي، كما يطمئن المتعاملين في السوق بأنها لا تزال سوقاً واعدة وأكثر ثباتاً، وبأنها بعيدة جداً عن حدوث أي انهيار أو فقاعة عقارية، لعدم وجود أي إشارات أو مخاطر عقارية في السوق، بالإضافة إلى دلالة هذه الأرقام على ثقة المتعاملين بالسوق وبالإجراءات الحكومية التنظيمية التي شهدناها مؤخراً، ومن بينها نظام الوساطة العقارية، والبورصة، والمؤشرات العقارية.

ويرى الكاتب العقاري أن حجم الصفقات العقارية يشير إلى توفر السيولة والملاءة المالية لدى المستهلك السعودي، ومحافظة القطاع العقاري على حجم كبير من هذه السيولة، وكذلك مناسبة أسعار العقارات للسيولة المتوفرة لدى المواطن السعودي. مضيفاً أنه بالنظر إلى مساحات غالبية العقارية السكنية المسجلة ضمن هذه الصفقات، فإنها تشير إلى تغير مزاج المستهلك من حرصه على المساحات الكبيرة فيما مضى، التي تتراوح بين 500 و700 متر مربع، إلى قبوله لمساحات أقل تتراوح بين 150 و300 متر مربع.


مقالات ذات صلة

أسعار المساكن في بريطانيا تشهد أسرع زيادة منذ عامين

الاقتصاد منازل سكنية في حي ستوكبريدج في أدنبره باسكوتلندا (رويترز)

أسعار المساكن في بريطانيا تشهد أسرع زيادة منذ عامين

شهدت أسعار المساكن في المملكة المتحدة أسرع زيادة لها في نحو عامين خلال الاثني عشر شهراً حتى ديسمبر 2024.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد جانب من توقيع الاتفاقية بين صندوق الاستثمارات العامة والشركة الوطنية للإسكان (واس)

مذكرة تفاهم بين «السيادي» و«إن إتش سي» لتأمين سلاسل الإمداد العقاري بالسعودية

وقَّعت الشركة الوطنية للإسكان السعودية (إن إتش سي)، مذكرة تفاهم مع «صندوق الاستثمارات العامة»، لتأمين سلاسل الإمداد، وتنمية وتطوير القطاع العقاري.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
أوروبا مشهد من سيدني (مواقع التواصل)

أستراليا تفرض حظراً لمدة عامين على شراء الأجانب للعقارات

أعلنت الحكومة الأسترالية عن فرض حظر لمدة عامين على شراء الكيانات الأجنبية للعقارات السكنية القائمة في البلاد.

«الشرق الأوسط» (سيدني)
عالم الاعمال «التعاونية» للتأمين ومنصة «عقار» توقعان شراكة استراتيجية لتعزيز الرقمنة

«التعاونية» للتأمين ومنصة «عقار» توقعان شراكة استراتيجية لتعزيز الرقمنة

أعلنت شركة «التعاونية» للتأمين عن توقيع اتفاقية شراكة مع «عقار»؛ المنصة الرقمية المختصة في مجال العقارات بالسعودية.

الاقتصاد وزير البلديات والإسكان السعودي ماجد الحقيل (الشرق الأوسط)

الحقيل: 53 مليار دولار استثمارات الإسكان في السعودية بالشراكة مع القطاع الخاص

قال وزير البلديات والإسكان السعودي، ماجد الحقيل، إن الاستثمارات في قطاع الإسكان بالمملكة، بالتعاون مع القطاع الخاص، تجاوزت 200 مليار ريال (53.3 مليار دولار).

«الشرق الأوسط» (الرياض)

سعياً لحماية الاقتصاد... كوريا الجنوبية تضغط لانتزاع إعفاءات تجارية من واشنطن

سفينة حاويات من محطة ميناء «بوسان الجديد» في كوريا الجنوبية (رويترز)
سفينة حاويات من محطة ميناء «بوسان الجديد» في كوريا الجنوبية (رويترز)
TT
20

سعياً لحماية الاقتصاد... كوريا الجنوبية تضغط لانتزاع إعفاءات تجارية من واشنطن

سفينة حاويات من محطة ميناء «بوسان الجديد» في كوريا الجنوبية (رويترز)
سفينة حاويات من محطة ميناء «بوسان الجديد» في كوريا الجنوبية (رويترز)

يتخذ قادة الأعمال في كوريا الجنوبية إجراءات حثيثة للتخفيف من التهديد الذي تفرضه السياسات التجارية العدوانية التي يعتمدها الرئيس الأميركي دونالد ترمب، حيث يعملون على تعيين مساعديه السابقين، ويضغطون على الولايات الجمهورية بسبب الإحباط الناتج عن التأخيرات التي تسببها حكومتهم، التي تعاني من أزمة سياسية عميقة. وقد أثارت التدابير التجارية الواسعة والعشوائية التي يفرضها ترمب نقاشاً وجودياً في كثير من العواصم الدولية حول مدى الاعتماد على الولايات المتحدة، سواء في التجارة أو في السياسة.

وعلى الرغم من أن تأثير هذه الاضطرابات على التحالف طويل الأمد والعلاقة الاقتصادية الوثيقة بين واشنطن وسيول لا يزال غير واضح، فإن المخاطر تبدو أكبر لكوريا الجنوبية مقارنةً بالدول الأخرى، كونها تكافح أسوأ أزمة سياسية منذ عقود، بعد إعلان الرئيس المعزول يون سوك يول، الأحكام العرفية لفترة وجيزة في 3 ديسمبر (كانون الأول)، وفق «رويترز».

إضافة إلى ذلك، فإن سياسة يون التي ركزت على تعزيز العلاقات مع واشنطن في ظل التوترات التجارية بين الصين والولايات المتحدة قد أدت إلى زيادة اعتماد كوريا الجنوبية على السوق الأميركية، التي شكَّلت نحو 20 في المائة من إجمالي صادراتها في العام الماضي، مما جعل اقتصادها أكثر عُرضة لتقلبات التعريفات الجمركية المحتملة.

وقال مسؤول تنفيذي في مجموعة أعمال كبيرة، طالباً عدم الكشف عن هويته بسبب حساسية الموضوع: «نحن نشعر بالإحباط». وأوضح المسؤول التنفيذي أن الحكومة لم تناقش أي خطط ملموسة لجلب ترمب إلى طاولة المفاوضات خلال الاجتماعات التي عقدتها مع ممثلي الشركات.

الشركات الكورية الجنوبية تشعر بالإحباط

من جهتها، أكدت الشركات الكورية الجنوبية أنها تشعر بالقلق أيضاً، إذ لا تحظى بدعم كافٍ من الحكومة. ففي الوقت الذي التقى فيه قادة دول أخرى مثل اليابان والهند مع ترمب بالفعل سعياً لتجنب التعريفات الجمركية الضارة، لم يتحدث الرئيس الكوري الجنوبي بالوكالة، تشوي سانغ موك، مباشرةً مع ترمب، لكنه أبلغ المشرعين في وقت سابق من هذا الشهر بوجود قيود على كيفية استجابة القيادة بالوكالة لتغييرات نظام التعريفات الجمركية الأميركية. وأضاف أنه من الممكن أن تستفيد كوريا من استثماراتها الأميركية ووارداتها من الطاقة في المفاوضات المحتملة.

وفي ظل حالة عدم اليقين بشأن مدى سرعة انتهاء الأزمة السياسية الداخلية، أرسلت جمعية الأعمال في البلاد وفداً من المسؤولين التنفيذيين من شركات كبرى مثل «سامسونغ»، و«إل جي»، و«إس كيه»، و«هيونداي موتور» إلى واشنطن الأسبوع الماضي، إذ التقوا وزير التجارة الأميركي هوارد لوتنيك، حسبما ذكره شخصان مطلعان على الأمر. وقد شجع لوتنيك في الاجتماع على الاستثمار في الولايات المتحدة، وفقاً لأحد المصادر. ولم يتضح على الفور ما الذي طلبه الوفد الكوري. كما قامت الشركات بترتيب اجتماعات منفصلة للتواصل مع مسؤولي الحكومة الأميركية.

وقال خوسيه مونوز، الرئيس السابق لشركة «هيونداي موتور» في الولايات المتحدة، الذي رُقِّي كأول رئيس تنفيذي أجنبي للشركة الكورية الجنوبية في نوفمبر (تشرين الثاني)، في رسالة إلى المساهمين: «نُجري حواراً مع الإدارة الأميركية الجديدة لتعزيز استثماراتنا الكبيرة وخلق فرص العمل والتأثير الاقتصادي».

كما قامت «هيونداي» بترقية سونغ كيم، الدبلوماسي الأميركي السابق خلال فترة ولاية ترمب الأولى، إلى رئيس مسؤول عن شؤون الحكومة العالمية في نوفمبر.

وذكر ثلاثة أشخاص مطلعين على الأمر لـ«رويترز» أن الشركة تتطلع إلى عقد حفل افتتاح مصنع سيارات في جورجيا، وقال اثنان منهم إن الشركة تسعى لدعوة ترمب لحضور الحدث.

وتعد الصناعات الكبرى في كوريا الجنوبية مثل السيارات وأشباه الموصلات والصلب، التي تراجعها إدارة ترمب لفرض رسوم على الواردات، من بين الأكثر تأثراً. وقالت شركة «هيونداي» إنه لم يتم اتخاذ أي قرار بعد بشأن الحفل.

وقال المسؤول التنفيذي في تكتل تجاري كبير إن الشركات التابعة له تفكر أيضاً في تنظيم حدث تواصل في تينيسي، للترويج لاستثماراتها المشتركة في الولاية الجمهورية، كجزء من جهودها لكسب النفوذ السياسي على المستوى الفيدرالي.

ويتوقع المحللون اتخاذ قرار من المحكمة في مارس (آذار) بشأن إقالة يون أو استعادة سلطاته الرئاسية. وإذا تمت إقالته من منصبه، يجب إجراء انتخابات لاختيار رئيس جديد في غضون 60 يوماً.

يذكر أنه في عام 2017، عندما بدأ ترمب ولايته الأولى، كانت الرئيسة بارك كون هيه، آنذاك، تمر بمحاكمة عزل. لكن إدارة ترمب تحركت بشكل أكثر تدريجياً مع سياسات التعريفات الجمركية، مما أعطى كوريا الجنوبية بعض الوقت للمناورة، كما قال وزير التجارة السابق يو هان كو، مما ساعدها على الفوز بإعفاء من تعريفات الصلب مقابل حصة تحدّ من حجم الصادرات إلى الولايات المتحدة. وأضاف: «الآن يتحركون بسرعة البرق».

وقال مسؤول حكومي في سيول إن الحكومة «تواجه كثيراً من الصعوبات»، وهناك مخاوف من أن الرئيس القادم قد لا يفي بالالتزامات التي ستتعهد بها الحكومة المؤقتة الحالية للولايات المتحدة.

وقال سكوت أ. سنايدر، رئيس المعهد الاقتصادي الكوري الأميركي وهو مركز أبحاث مقره واشنطن، إن العائق الرئيسي يكمن في غياب الاتصال بين الزعيمين في البلدين. وأضاف: «هذا أمر يتطلب الانتظار»، مشيراً إلى أنه سيكون من الأفضل لكوريا «أن تحافظ على مستوى منخفض من الاهتمام وتجنب الظهور بشكل بارز في كثير من هذه القطاعات».

وزير الصناعة الكوري الجنوبي يتوجه إلى واشنطن

في سياق متصل، قالت وزارة الصناعة الكورية الجنوبية إن وزير الصناعة آن دوك-جيون سيتوجه إلى واشنطن العاصمة، من الأربعاء حتى الجمعة، للضغط مجدداً من أجل الحصول على إعفاء من رسوم الصلب الأميركية، ومناقشة سبل تعزيز التعاون في مجالي الطاقة وبناء السفن.

تأتي هذه الزيارة بعد أقل من أسبوع على قيام نائب وزير التجارة بارك جونغ وون، بقيادة أول وفد حكومي كوري جنوبي إلى واشنطن منذ عودة ترمب إلى السلطة، حيث دعا الإدارة الأميركية إلى إعفاء سيول من رسوم الصلب والألمنيوم.

وذكرت الوزارة في بيان أن آن سيلتقي مسؤولين من وزارة التجارة الأميركية، كما سيناقش سبل تعزيز التعاون في مجال بناء السفن والطاقة. كما سيجتمع مع «شخصيات رئيسية» في الكونغرس الأميركي، دون الخوض في مزيد من التفاصيل.

وتشير هذه التحركات إلى المخاطر المتزايدة الناجمة عن الحرب التجارية العالمية، التي أصبحت تهدد بشكل كبير اقتصاد كوريا الجنوبية المعتمد على التجارة. ففي يناير (كانون الثاني)، انخفضت صادرات كوريا الجنوبية لأول مرة بعد سلسلة من النمو المتواصل استمرت 16 شهراً، متأثرةً بالتقلبات الناتجة عن عدم اليقين بشأن التعريفات الجمركية الأميركية وآثارها السلبية.