أفريقيا تنظر للنمو الأخضر باعتباره «ضرورة مناخية»

مع حرمان 500 مليون شخص من الكهرباء

الرئيس الكيني ويليام روتو خلال الافتتاح الرسمي لقمة المناخ الأفريقية في نيروبي - الاثنين 4 سبتمبر 2023. (أ.ب)
الرئيس الكيني ويليام روتو خلال الافتتاح الرسمي لقمة المناخ الأفريقية في نيروبي - الاثنين 4 سبتمبر 2023. (أ.ب)
TT

أفريقيا تنظر للنمو الأخضر باعتباره «ضرورة مناخية»

الرئيس الكيني ويليام روتو خلال الافتتاح الرسمي لقمة المناخ الأفريقية في نيروبي - الاثنين 4 سبتمبر 2023. (أ.ب)
الرئيس الكيني ويليام روتو خلال الافتتاح الرسمي لقمة المناخ الأفريقية في نيروبي - الاثنين 4 سبتمبر 2023. (أ.ب)

في حين يعاني نحو 500 مليون نسمة من عدم الحصول على الكهرباء في أفريقيا، تنظر القارة السمراء إلى النمو الأخضر باعتباره «ضرورة مناخية» قد تحد من معاناة شعوبها وتوفر فرص عمل في قطاع جديد يستحوذ على اهتمام العالم.

ورغم أن أفريقيا التي تمتلك 60 في المائة من إمكانات الطاقة الشمسية في العالم، لا تزيد قدراتها في المجال عما هو متوافر في بلجيكا، كما أكد مؤخراً الرئيس الكيني ورئيس وكالة الطاقة الدولية.

وافتتح الرئيس الكيني ويليام روتو، الاثنين، في نيروبي أعمال قمة المناخ الأفريقية التي تهدف إلى جعل القارة قوة ناشئة في مجال الطاقة المتجددة والدعوة إلى تخصيص مساعدات مالية دولية لها للاستفادة من الموارد والمهارات المتاحة لديها.

تُعقد قمة المناخ الأفريقية الأولى خلال فترة تتكثف فيها المفاوضات الدولية حول المناخ التي ستتوج بمعركة حول الحد من الاعتماد على الوقود الأحفوري في مؤتمر الأطراف الثامن والعشرين في دبي من أواخر نوفمبر (تشرين الثاني) إلى أوائل ديسمبر (كانون الأول).

على مدى ثلاثة أيام، سيشارك قادة ومسؤولون من أفريقيا ومناطق أخرى، بمن فيهم الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في القمة التي يؤمل أن تسمح للقارة بإيجاد لغة مشتركة بشأن التنمية والمناخ من أجل «اقتراح حلول أفريقية» خلال مؤتمر الأطراف الثامن والعشرين.

وقال روتو في كلمته الافتتاحية إن «توفير الرخاء والرفاهية للأعداد المتزايدة من سكان أفريقيا من دون دفع العالم نحو كارثة مناخية أعمق ليس اقتراحاً مجرداً أو أمنية صادقة، بل هو إمكانية حقيقية، أثبتها العلم».

وأضاف: «الموضوع الرئيسي... هو فرصة لا تضاهى يمكن أن تحصل عليها أفريقيا من خلال العمل من أجل المناخ... لقد أطلنا التفكير في هذه المسألة، حان الوقت لننطلق».

وقال: «علينا أن ننظر إلى النمو الأخضر ليس فقط باعتباره ضرورة مناخية فحسب، بل أيضاً باعتباره يوفر فرصاً اقتصادية تصل قيمتها إلى مليارات الدولارات. أفريقيا والعالم على استعداد للاستفادة منها».

قبل افتتاح القمة، دعا روتو عبر منصة «إكس» (تويتر سابقاً) المجتمع الدولي إلى تخصيص أموال للقارة وتخفيف عبء الديون الذي يثقل كاهل البلدان الأفريقية.

وقال روتو إن أفريقيا لديها القدرة على تحقيق الاكتفاء الذاتي الكامل في مجال الطاقة بفضل الموارد المتجددة. ومثالاً على ذلك، قال إن كينيا تهدف إلى الحصول على طاقة متجددة بنسبة 100 في المائة بحلول عام 2030.

تضم أفريقيا التي يبلغ عدد سكانها 1.2 مليار نسمة 54 دولة تتسم بالتنوع السياسي والاقتصادي، كما أنها موطن لبعض السكان الأكثر تأثراً بتبعات التغير المناخ.

والنجاح في نيروبي في وضع رؤية مشتركة بشأن التنمية الخضراء في أفريقيا من شأنه أن يعطي زخماً للعديد من الاجتماعات الدولية المهمة قبل مؤتمر الأطراف الثامن والعشرين، بدءاً من قمة مجموعة العشرين في الهند والجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر (أيلول)، ثم في أكتوبر (تشرين الأول) الاجتماع السنوي للبنك الدولي وصندوق النقد الدولي في مراكش.

من أجل الحد من ارتفاع الحرارة بما لا يزيد على 1.5 درجة مئوية مقارنة بعصر ما قبل الصناعة، بما يتماشى مع اتفاق باريس، يجب أن يصل الاستثمار في هذه البلدان في غضون عقد من الزمن إلى 2000 مليار دولار سنوياً، وفق صندوق النقد الدولي.

وتسلط مسودة «إعلان نيروبي» التي ما زالت قيد التفاوض الضوء على «قدرة أفريقيا الفريدة لتكون جزءاً أساسياً من الحل». وتشير إلى إمكانات الطاقة المتجددة الهائلة في المنطقة، وقوتها العاملة الشابة وثرواتها الطبيعية، بما في ذلك 40 في المائة من احتياطيات العالم من الكوبالت والمنغنيز والبلاتين، وكلها ضرورية للبطاريات والهيدروجين.

لكن التحديات هائلة بالنسبة للقارة، حيث ما زال نحو 500 مليون شخص محرومين من الكهرباء فيما لا يكف الزعماء الأفارقة عن التركيز على العقبات المالية الكبيرة.

ومع ذلك، فإن أفريقيا التي تمتلك 60 في المائة من إمكانات الطاقة الشمسية في العالم، لا تزيد قدراتها في المجال عما هو متوفر في بلجيكا، كما أكد مؤخراً الرئيس الكيني ورئيس وكالة الطاقة الدولية.

ويعزى ذلك خصوصاً إلى أن 3 في المائة فقط من الاستثمارات العالمية في تحول الطاقة تصل إلى أفريقيا.

وقالت شارا تيسفاي تيرفاسا من مركز الأبحاث E3G إن على القمة أن توازن بين التفاؤل والتقييم الدقيق للتحديات من أجل «رسم مسار جديد بحيث تصبح أفريقيا جزءاً رئيسياً من المحادثة العالمية وتستفيد من فرص التحول».

تم تشديد الإجراءات الأمنية في نيروبي وأغلقت الطرق المحيطة بمكان انعقاد القمة التي يشارك فيها وفق الحكومة 30 ألف شخص.

ويُتوقع أن تتظاهر جمعيات المجتمع المدني بالقرب من الموقع الاثنين للتنديد بأجندة القمة التي تعتبر أنها تركز على مصالح الدول الغنية.


مقالات ذات صلة

علماء: عام 2024 سيكون الأكثر حرارة على الإطلاق

بيئة متوسط درجات الحرارة كان مرتفعاً للغاية منذ يناير حتى أكتوبر (أ.ب)

علماء: عام 2024 سيكون الأكثر حرارة على الإطلاق

كشفت خدمة «كوبرنيكوس» لتغير المناخ التابعة للاتحاد الأوروبي اليوم (الخميس) عن أن عام 2024 سيتخطى 2023 ليصبح العام الأعلى حرارة منذ بدء التسجيلات.

«الشرق الأوسط» (باريس)
العالم الدكتور زهير الحارثي خلال القمة العالمية لقادة ورموز الأديان في باكو (كايسيد)

«كايسيد» يؤكد أهمية الحوار البنّاء في دفع التقدم العالمي

أكد الدكتور زهير الحارثي، أمين عام مركز «كايسيد» للحوار، على أهمية الحوار البنّاء في دفع عجلة التقدم العالمي، ودور المجتمعات الدينية للتصدي لتحديات تغير المناخ.

«الشرق الأوسط» (باكو)
يوميات الشرق الزائر الأبيض... وإن تأخَّر (أ.ب)

الثلوج تزور جبل فوجي بعد أطول تأخُّر منذ 130 عاماً

غطَّت الثلوج قمة جبل فوجي الياباني بعد أكثر من شهر على الموعد المعتاد، وتسجيل رقم قياسي لأطول فترة تأخُّر لهذا التساقُط منذ 130 عاماً.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
الاقتصاد صورة جماعية في الاجتماع الدوري الـ35 لمجلس الوزراء العرب المسؤولين عن شؤون البيئة بجدة (الشرق الأوسط)

مسؤول عراقي لـ«الشرق الأوسط»: مشروعات مشتركة جديدة مع السعودية لتحقيق الاستدامة البيئية

يعيش العراق حالة انتعاش في المسارات كافة؛ منها قطاع البيئة الذي يعيش طفرة نوعية في المشروعات، وتحسين البنية التحتية، وفقاً لما أورده الدكتور جاسم الفلاح.

سعيد الأبيض (جدة)
أوروبا الملك فيليب السادس يتحدث مع الجمهور الغاضب خلال زيارته جنوب شرقي إسبانيا المتضرر من الفيضانات (أ.ب)

217 قتيلاً حصيلة فيضانات إسبانيا والملك يقطع زيارة إثر احتجاجات

قطع الملك فيليب السادس والملكة ليتيسيا، الأحد، زيارتهما إلى جنوب شرقي إسبانيا المتضرر من الفيضانات بعدما اعترضتهما حشود ساخطة.

«الشرق الأوسط» (فالنسيا)

معرض البناء السعودي يشدد على تبني تقنيات الطاقة الخضراء

إحدى جلسات معرض البناء السعودي في الرياض (الشرق الأوسط)
إحدى جلسات معرض البناء السعودي في الرياض (الشرق الأوسط)
TT

معرض البناء السعودي يشدد على تبني تقنيات الطاقة الخضراء

إحدى جلسات معرض البناء السعودي في الرياض (الشرق الأوسط)
إحدى جلسات معرض البناء السعودي في الرياض (الشرق الأوسط)

ناقش المتحدثون على هامش ختام معرض البناء السعودي 2024، ملف الإسكان الذكي وفرص الأعمال في هذا المجال، إلى جانب العلاقة الوثيقة بين المنازل الذكية والطاقة النظيفة، مشددين في الوقت ذاته على الحاجة إلى تبني تقنيات الطاقة الخضراء.

ونجح المعرض في استقطاب أكثر من 30000 زائر، مسجلاً إقبالاً غير مسبوق، يعزز مكانته كحدث رائد في قطاع البناء والتشييد. واستضاف المعرض، الذي أقيم برعاية وزارة البلديات والإسكان من 4 إلى 7 نوفمبر (تشرين الثاني) في مركز الرياض الدولي للمؤتمرات والمعارض، نحو 600 شركة من 31 دولة، ما يعكس أهمية الحدث بصفته وجهة رئيسية للمستثمرين والخبراء في مجالات التشييد والبنية التحتية المستدامة.

وشهد المعرض توقيع العديد من الاتفاقيات الاستراتيجية شملت قطاعات متنوعة؛ بهدف تعزيز التعاون وتبادل الخبرات، وتسريع التحول الرقمي ودعم الابتكار، إضافة إلى تطوير حلول مبتكرة في مجال البناء المستدام والبنية التحتية الذكية.

واختتم المعرض، اليوم الخميس، بجلسات نقاشية تناولت الاتجاهات الحديثة في الإضاءة المستدامة والإسكان الذكي، حيث استعرضت الجلسة الأولى حلول الإضاءة المتطورة، مع التركيز على قضايا مثل تلوث الضوء وأثره على رؤية السماء الليلية، ومبادئ تصميم الإضاءة التي تأخذ بعين الاعتبار التكيف البشري وإدراك الألوان والتسلسل البصري.

وسلط المتحدثون الضوء على أهمية التحكم في السطوع والتباين لتسليط الضوء على النقاط المهمة في المساحات العامة. وفي الجلسة الثانية، تناولت التحديات التي تواجه المستثمرين في هذا القطاع، والحاجة إلى الابتكار وربط الأبحاث بحلول قابلة للتسويق.

واستعرضت الجلسة أيضاً التوجه نحو المدن الذكية وممارسات البناء الأخضر، حيث شدد المتحدثون على أن قانون البناء السعودي يضع معايير صارمة للاستدامة، فيما تهدف وزارة الطاقة إلى تحقيق نسبة 50 في المائة من الطاقة المتجددة بحلول عام 2030.

كما تم استعراض نماذج ناجحة لهذا التحول، من ضمنها استبدال مصابيح الشوارع التقليدية بمصابيح LED في العديد من المدن.

يذكر أن معرض البناء السعودي في نسخته الحالية حقق نمواً ملحوظاً ورقماً قياسياً جديداً في عدد الزوار والمشاركين بنسبة 30 في المائة، مقارنة بالعام الماضي، ما يعزز دوره بوصفه محركاً أساسياً للتطوير في قطاع البناء ووجهة أساسية للمهتمين بتطورات القطاع على المستويين المحلي والإقليمي.