المتاعب التنظيمية تواصل مطاردة المصارف عالمياً

شكوى أوروبية ضد ضريبة الأرباح... وبريطانيا تهدد... و«النازية» تؤرق «كريدي سويس»

مقر لبنك كريدي سويس في نيويورك.. حيث يواجه المصرف اتهاما بعدم التدقيق فيما يخص «الحسابات النازية» عقب الحرب العالمية الثانية (أ.ف.ب)
مقر لبنك كريدي سويس في نيويورك.. حيث يواجه المصرف اتهاما بعدم التدقيق فيما يخص «الحسابات النازية» عقب الحرب العالمية الثانية (أ.ف.ب)
TT

المتاعب التنظيمية تواصل مطاردة المصارف عالمياً

مقر لبنك كريدي سويس في نيويورك.. حيث يواجه المصرف اتهاما بعدم التدقيق فيما يخص «الحسابات النازية» عقب الحرب العالمية الثانية (أ.ف.ب)
مقر لبنك كريدي سويس في نيويورك.. حيث يواجه المصرف اتهاما بعدم التدقيق فيما يخص «الحسابات النازية» عقب الحرب العالمية الثانية (أ.ف.ب)

لا تزال المتاعب تطارد قطاع المصارف على مستوى العالم، وخلال الساعات الأخيرة للأسبوع، تصاعدت الأحداث المتعلقة بالقطاع من شكوى أوروبية مزمعة ضد الحكومة الإيطالية بشأن ضريبة مفاجئة على الأرباح، إلى تهديد بريطاني بفرض غرامات على البنوك من أجل تسهيل سحب الأموال للمواطنين، وصولاً إلى تحقيق حول دور بنك سويسري في حماية حسابات النازيين إبان الحرب العالمية الثانية.

ويستعد البنك المركزي الأوروبي لإرسال خطاب يتضمن شكوى للحكومة الإيطالية بشأن فرض ضريبة بنسبة 40 في المائة على الأرباح الإضافية للبنوك، في خطوة قد تؤدي إلى تصعيد المواجهة بين روما والبنك.

وذكرت صحيفة «كوريرا ديلا سيرا» الإيطالية أن البنك، الذي لم يتم إخطاره مسبقاً بقرار الحكومة الإيطالية، سوف يبعث بخطاب إلى حكومة رئيسة الوزراء جورجيا ميلوني للإعراب عن شكوكه في هذا القرار. وأضافت الصحيفة أن شكوى البنك المركزي الأوروبي سوف تتشابه مع شكاوى مماثلة سبق أن بعث بها لحكومات أوروبية أخرى فرضت ضرائب على الأرباح.

وذكرت وكالة «بلومبرغ» للأنباء أنه رغم أن البنك المركزي الأوروبي ليست له سلطة التدخل في الشؤون المالية الداخلية للدول، فإن مثل هذا الخطاب على الأرجح سوف يقابل باعتراض من حكومة روما، التي انتقدت مراراً سياسة البنك بشأن رفع أسعار الفائدة.

وفي وقت سابق هذا الأسبوع، أعلنت رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني مسؤوليتها السياسية عن قرار فرض ضريبة بنسبة 40 في المائة على الأرباح الإضافية للبنوك، وهي الخطوة التي أثارت قلق المستثمرين وأدت لانخفاض القيمة السوقية بواقع 10 مليارات دولار.

وقالت ميلوني، في حوار مع الصحف الإيطالية من مقر عطلتها في منطقة بوليا، إنها هي صاحبة مبادرة الضريبة المثيرة للجدل، مع مجموعة من الإجراءات تم إقرارها في آخر اجتماع لمجلس الوزراء قبل العطلة.

وقالت ميلوني لصحف كوريير ديلا سيرا ولا ريبوبليكا ولا ستامبا، في حوار نُشر الاثنين الماضي، أن «النظام المصرفي سارع في رفع معدل الفائدة على الرهن العقاري، ولكن لم يغير المعدل بالنسبة للمدخرين، وبذلك حدث تحريف (لمفهوم القرار)». وأضافت: «بالطبع كنت سأفعل ذلك مرة أخرى»، موضحة أنها «مبادرة أردتها لأنني أعتقد أنه يجب أن أبعث برسالة بشأن فكرة الدولة العادلة».

وأثار إعلان نائب رئيسة الوزراء ماتيو سالفيني المفاجئ لفرض ضريبة البنوك غضب السوق، كما دفع البعض لتوجيه اتهامات للائتلاف الحاكم بأنه يقوم بالإساءة لمصداقية إيطاليا بين المستثمرين.

غرامة بريطانية

وفي بريطانيا، أعلنت الحكومة أنه من الممكن فرض غرامات على البنوك في حالة عدم توفير خدمة سحب أموال سهلة ومن دون رسوم لعملائها، في خطوة تهدف إلى مساعدة كبار السن والمعوقين وسكان المناطق الريفية.

وذكرت وزارة الخزانة البريطانية، في بيان نقلته وكالة «بلومبرغ» للأنباء، أن سلطة السلوك المالي في البلاد حصلت على تفويض جديد لضمان أن توفّر البنوك خدمة السحب من دون رسوم. وأضافت أن «الغالبية العظمى» من السكان والأعمال لا بد أن يكونوا على مسافة لا تتجاوز 3 أميال (4.8 كيلومتر) من أقرب خدمة لسحب الأموال.

ونقلت «بلومبرغ» عن وزير الخدمات المالية البريطاني أندرو غريفيث، قوله: «لا يجب أن يسير الناس ساعات عدة من أجل سحب مبلغ من المال لوضعه داخل بطاقة تهنئة بعيد الميلاد، ولا يجب على الشركات أن تقطع مسافات طويلة من إيداع مكاسبها النقدية».

وذكرت الحكومة البريطانية أن هذه الخطوة تستهدف ضمان أن توفر البنوك خدمة بديلة إذا كانت تريد إلغاء خدمة السحب في مكان معين، وأضافت أن سلطة السلوك المالي سوف يكون من حقها فرض غرامات على البنوك التي لا تلتزم بهذه القواعد.

حسابات النازيين

وفي الولايات المتحدة، كشف تقرير رقابي عن أن التحقيقات الداخلية التي أجراها البنك السويسري «كريدي سويس» بشأن المزاعم التي تتعلق بإخفاء بعض الحسابات المصرفية للنازيين في أعقاب الحرب العالمية الثانية، لم تكشف عن جميع السجلات المتاحة، بما في ذلك بعض السجلات التي قد تظهر وجود المزيد من هذه الأرصدة.

وأوردت وكالة «بلومبرغ» مقتطفات منقحة من التقرير الرقابي المستقل حول التحقيقات التي أجراها «كريدي كويس»، جاء فيها أن البنك السويسري لم يسجل بعض الحسابات الخاصة بعدد من العملاء التي يعود تاريخها إلى ما قبل عام 1950 أو أنه كان بحاجة إلى موارد كبيرة للعثور على هذه السجلات، ما يثير احتمال العثور على مزيد من الحسابات التي ترتبط بالنازيين.

ونقلت «بلومبرغ» عن متحدث باسم «كريدي سويس» قوله إن التحقيق الذي قام به البنك «لم يكن شاملاً فحسب، بل كان دقيقاً وقوياً أيضاً».

وصدر هذا التقرير في أعقاب قيام لجنة من الحزبين الديمقراطي والجمهوري في مجلس الشيوخ الأميركي بتحقيق في وقت سابق هذا العام بعد مزاعم أن «كريدي سويس» يعرقل التحقيقات بشأن المساعدات التي كان يقدمها للنازيين.

ونقلت «بلومبرغ» عن تشاك غراسلي، عضو مجلس الشيوخ الأميركي وعضو لجنة الميزانية في المجلس، قوله إن «التقرير الرقابي يكشف الستار عن عقود من عدم العمل وسوء التصرف من جانب كريدي سويس، ويثير المخاوف بشأن سلامة إجراءات البنك بخصوص التحقيق الداخلي».

وأضاف غراسلي، في بيان: «سوف نستمر في الضغط من أجل إجراء تحقيق كامل في كريدي سويس حتى يتم الرد على جميع الأسئلة التي تتعلق بتلك الحسابات الخاصة بالنازيين».


مقالات ذات صلة

دخل الاستثمارات والعمليات يدفع البنوك السعودية لتحقيق أعلى أرباح ربعية في تاريخها

الاقتصاد العاصمة السعودية الرياض توجد بها مقار رئيسية لأكبر البنوك (رويترز)

دخل الاستثمارات والعمليات يدفع البنوك السعودية لتحقيق أعلى أرباح ربعية في تاريخها

واصلت البنوك السعودية تسجيل مستويات قياسية جديدة خلال الربع الثالث من 2024 بعد أن نما صافي أرباحها بنسبة 13.49 في المائة عن الربع المماثل.

محمد المطيري (الرياض)
الاقتصاد أحد فروع "مصرف الراجحي" (الموقع الإلكتروني للمصرف)

«الراجحي» السعودي يسجل أعلى أرباح فصلية على الإطلاق

قفزت أرباح «مصرف الراجحي» السعودي خلال الربع الثالث من العام بنسبة 22.8 % على أساس سنوي، لتبلغ 5.1 مليار ريال، مسجّلة أعلى أرباح فصلية على الإطلاق.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد مبنى «بنك الرياض» بالمركز المالي في العاصمة السعودية (الشرق الأوسط)

أرباح «بنك الرياض» ترتفع 27 % إلى 705 ملايين دولار في الربع الثالث

ارتفع صافي أرباح «بنك الرياض» بنسبة 27 في المائة خلال الربع الثالث من 2024 بسبب زيادة الدخل وانخفاض المصاريف.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد متداول في قاعة التداول ببورصة نيويورك (رويترز)

تراجع الأسهم الأميركية مع نتائج إيجابية للمصارف وهبوط أسعار النفط

هبطت الأسهم الأميركية قرب مستوياتها القياسية بعد أن حققت عدة مصارف كبرى أرباحاً أقوى في الصيف مما توقعه المحللون بينما تراجع سعر النفط الخام مرة أخرى.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الاقتصاد أوراق نقدية من اليوان والروبل وسط أعلام الصين وروسيا (رويترز)

التجارة باليوان مستمرة بموسكو رغم انتهاء صلاحية الترخيص الأميركي

استمرت تجارة اليوان الصيني في بورصة موسكو للأوراق المالية الاثنين رغم انتهاء ترخيص مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة الأميركية

«الشرق الأوسط» (موسكو)

«كوب 29»: مضاعفة التمويل المناخي إلى 300 مليار دولار

الأمانة العامة لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ تصفق بحرارة في الجلسة الختامية لمؤتمر «كوب 29» (د.ب.أ)
الأمانة العامة لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ تصفق بحرارة في الجلسة الختامية لمؤتمر «كوب 29» (د.ب.أ)
TT

«كوب 29»: مضاعفة التمويل المناخي إلى 300 مليار دولار

الأمانة العامة لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ تصفق بحرارة في الجلسة الختامية لمؤتمر «كوب 29» (د.ب.أ)
الأمانة العامة لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ تصفق بحرارة في الجلسة الختامية لمؤتمر «كوب 29» (د.ب.أ)

بعد أسبوعين من النقاشات الحامية، انتهى مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية (كوب 29)، باتفاق على مضاعفة التمويل المتاح لمساعدة الاقتصادات النامية على مواجهة آثار تغيّر المناخ، إلى 300 مليار دولار سنوياً بحلول عام 2035.

وعلا التصفيق في قاعة الجلسة العامة في باكو، عندما قرعت مطرقة رئيس «كوب 29»، مختار باباييف، للاتفاق الجديد الذي وصفه الرئيس الأميركي جو بايدن بأنه «تاريخي»، وأنه يُعدّ «هدفاً طموحاً» في مجال تمويل المناخ. بدوره، عدّ الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، الاتفاق «أساساً» يمكن البناء عليه.

في المقابل، أثار الاتفاق حالة من الإحباط لدى الدول النامية التي وصفته بأنه غير كافٍ.

ولم يكن التمويل القضية الوحيدة على الطاولة؛ إذ تم التوصل أيضاً إلى اتفاقيات لبدء تداول أرصدة الكربون العالمية، وذلك بعد نحو عقد من الزمن على اقتراحها.