«صندوق النقد» يرحب ببرنامج الطروحات المصرية ويدعو لسعر صرف مرن

القاهرة لتحسين وضعها الاقتصادي أولاً قبل استكمال برنامج «التسهيل الممدد»

شاب يمشي أمام صورة كبيرة الحجم للدولار في مكتب صرف عملات بالقاهرة (إ.ب.أ)
شاب يمشي أمام صورة كبيرة الحجم للدولار في مكتب صرف عملات بالقاهرة (إ.ب.أ)
TT

«صندوق النقد» يرحب ببرنامج الطروحات المصرية ويدعو لسعر صرف مرن

شاب يمشي أمام صورة كبيرة الحجم للدولار في مكتب صرف عملات بالقاهرة (إ.ب.أ)
شاب يمشي أمام صورة كبيرة الحجم للدولار في مكتب صرف عملات بالقاهرة (إ.ب.أ)

رحَّب «صندوق النقد الدولي» بإعلان الحكومة المصرية التخارج من أصول مملوكة للدولة بقيمة 1.9 مليار دولار، وقال إن من شأن هذه الخطوة تمهيد الطريق لاستكمال برنامج «التسهيل الممدد»، البالغ 3 مليارات دولار.

غير أنه أشار إلى أهمية التحرك بشكل مستدام نحو سعر صرف مرن؛ للتخفيف من نقص العملات الأجنبية.

وترحيب الصندوق يعني أن مصر لم تطلب إلغاء البرنامج مع الصندوق، لكن قد يجري تأجيله لحين تنفيذ بعض الخطوات والإجراءات الحكومية، التي قد تساعد في الحد من أزمة الدولار في البلاد.

يتداول الدولار عند مستوى 30.81 جنيه، في السوق الرسمية والبنوك، بينما يرتفع بنحو 20 في المائة تقريباً عن هذا السعر بالسوق السوداء.

وقالت المتحدثة باسم «صندوق النقد الدولي» جولي كوزاك، إن الإجراءات التي اتخذتها مصر لجمع حصيلة دولارية من خلال التخارج من بعض الأصول، «تمثل عنصراً حاسماً في برنامج الصندوق، وخطوة مهمة لدعم وتوفير الموارد للتمويل الخارجي، وخفض الديون».

كان رئيس الوزراء مصطفى مدبولي قد أعلن، الأربعاء الماضي، أن مصر حققت عقوداً لبيع حصص بالأصول المملوكة للدولة بقيمة 1.9 مليار دولار، في إطار برنامج لتعزيز مشاركة القطاع الخاص وجمع العملة الصعبة، وهو ما يقلّ قليلاً عن المستهدف البالغ ملياري دولار حتى 30 يونيو (حزيران) الماضي.

وأضافت كوزاك، في ردّها على سؤال عن نظرة الصندوق لبدء برنامج الطروحات الحكومية في مصر، خلال إفادة للصحافيين بمقر الصندوق في واشنطن: «يشكل الإعلان (عن برنامج الطروحات) تقدماً مهماً في تنفيذ عنصر أساسي من حزمة السياسات الشاملة التي تهدف إلى استعادة استقرار الاقتصاد الكلي»، مؤكدة أن «الصندوق يظل منخرطاً مع السلطات المصرية لتمهيد الطريق لاستكمال المراجعة الأولى».

وأشارت هنا إلى أهمية تنفيذ استراتيجية تخارج الدولة من حصصها في الكيانات المملوكة لها، وتبنِّي سياسات توفر المناخ التنافسي للقطاع الخاص، لتعزيز تكافؤ الفرص، والتحرك بشكل مستدام نحو سعر صرف مرن للتخفيف من نقص العملات الأجنبية.

وتعاني مصر شحاً في الدولار، وخفضاً متكرراً لقيمة العملة، منذ مارس (آذار) 2022، بفعل تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية، والتي سبقتها تداعيات جائحة «كورونا».

وكان «صندوق النقد الدولي» قد وافق، في ديسمبر (كانون الأول) 2022، على منح مصر قرضاً جديداً بقيمة 3 مليارات دولار.

وينصُّ الاتفاق على صرف دفعة فورية بقيمة 347 مليون دولار (جرى صرفها) في إطار «تسهيل الصندوق الممتد»، الذي تصل مدته إلى 46 شهراً، غير أن الصندوق توقَّف عن المراجعة الأولى، والتي كانت مقررة في مارس (آذار) الماضي، بعد تثبيت سعر الصرف من قِبل البنك المركزي المصري، وعدم تركه للعرض والطلب.

ولم تحصل مصر على الـ14 مليار دولار، التي توقَّع الصندوق وقتها أن تحصل عليها القاهرة من «شركاء دوليين وإقليميين»؛ وذلك بسبب خلاف المشترين على قيمة العملة في الصفقات، وهو ما خفّض وتيرة بيع الأصول التي بلغت في بعض الصفقات أرقاماً زهيدة.

وبالنظر إلى تمسك الحكومة المصرية بسعر غير مرن للجنيه أمام الدولار، مع بدء برنامج الطروحات الحكومية، لبيع أصول الدولة، وترك مساحة أكبر للقطاع الخاص، الذي يحقق انكماشاً للشهر الـ31 على التوالي، يظهر جلياً أن مصر تعمل على تحسين وضعها الاقتصادي أولاً، ومن ثم استكمال البرنامج مع «صندوق النقد»؛ وذلك لتقليل وطأة تخفيض العملة، المتوقع بنهاية العام الحالي، أو بعد الانتخابات الرئاسية.

إلى ذلك، انخفضت تكلفة التأمين على الديون السيادية لمصر، منذ بدء برنامج الطروحات الحكومية، لتسجل العقود أجل 5 سنوات نحو 12.9 في المائة، مقابل 14.8 في المائة. وكانت التكلفة قد بلغت ذروتها، منتصف مايو (أيار) الماضي، عندما بلغت 19.45 في المائة.

كما تراجعت العوائد على سندات مصر الدولية المقوَّمة بالدولار، في الأسواق الثانوية لأجل 2025، والمطروحة بفائدة 5.875 في المائة، في تداولات بورصة لوكسمبورغ، إلى 14.3 في المائة، مقابل 18.47 في المائة خلال تداولات 10 يوليو (تموز)، في حين تراجعت فائدة السندات لأجل 2047 المقوَّمة بالدولار إلى 14.6 في المائة، مقابل 16.651 في المائة.


مقالات ذات صلة

مصر تتطلع إلى موافقة صندوق النقد على صرف شريحة جديدة من القرض

الاقتصاد وزير المالية المصري أحمد كجوك خلال لقائه كريستالينا غورغييفا المدير العام لصندوق النقد الدولي (الشرق الأوسط)

مصر تتطلع إلى موافقة صندوق النقد على صرف شريحة جديدة من القرض

قال وزير المالية المصري إن بلاده تتطلع إلى موافقة مجلس إدارة صندوق النقد الدولي على المراجعة الثالثة لبرنامج الإصلاح الاقتصادي المصري يوم 29 يوليو الحالي.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد رجل يقف بينما تستخدم شرطة مكافحة الشغب الغاز المسيل للدموع لتفريق المتظاهرين خلال مظاهرة مناهضة للحكومة بسبب الضرائب (رويترز)

كينيا تتوقع مراجعة صندوق النقد الدولي لخطتها الاقتصادية نهاية أغسطس

تتوقّع كينيا أن يراجع صندوق النقد الدولي خطتها المعدّلة للإصلاح المالي في نهاية أغسطس (آب)، بحسب ما كشف رئيس وزرائها.

«الشرق الأوسط» (نيروبي)
الاقتصاد مقر صندوق النقد الدولي في واشنطن (رويترز)

مصدر: لا صحة لاستبعاد مصر من اجتماع صندوق النقد الدولي المقبل

قال مصدر مطلع من وزارة المالية المصرية، إنه لم يتم تغيير في موعد إدراج مصر على جدول اجتماعات مجلس إدارة صندوق النقد الدولي المقبل.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد مبنى البرلمان في إسلام آباد (رويترز)

باكستان تسعى للاستثمارات الأجنبية... وتجديد القروض لتمويل احتياجاتها الخارجية

قال وزير المالية الباكستاني، إن بلاده ستركز على تلبية احتياجاتها من التمويل الخارجي من خلال التحدث مع الحكومات الأجنبية والمقرضين؛ لجذب الاستثمار الأجنبي.

«الشرق الأوسط» (إسلام آباد)
الاقتصاد طريق الملك فهد في العاصمة السعودية الرياض (الشرق الأوسط)

«النقد الدولي» يرفع توقعاته للاقتصاد السعودي إلى 4.7 %

رفع صندوق النقد الدولي توقعاته للاقتصاد السعودي خلال العام المقبل 0.2 في المائة لتبلغ 4.7 في المائة؛ وذلك وفق تقرير مستجدات آفاق الاقتصاد العالمي.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

هل تنجح خطة ترمب لخفض قيمة الدولار؟

ترمب يُلوِّح بيده بعد أن تحدث خلال تجمع انتخابي في مركز «هيرب بروكس» الوطني للهوكي في سانت كلاود بولاية مينيسوتا (أ.ف.ب)
ترمب يُلوِّح بيده بعد أن تحدث خلال تجمع انتخابي في مركز «هيرب بروكس» الوطني للهوكي في سانت كلاود بولاية مينيسوتا (أ.ف.ب)
TT

هل تنجح خطة ترمب لخفض قيمة الدولار؟

ترمب يُلوِّح بيده بعد أن تحدث خلال تجمع انتخابي في مركز «هيرب بروكس» الوطني للهوكي في سانت كلاود بولاية مينيسوتا (أ.ف.ب)
ترمب يُلوِّح بيده بعد أن تحدث خلال تجمع انتخابي في مركز «هيرب بروكس» الوطني للهوكي في سانت كلاود بولاية مينيسوتا (أ.ف.ب)

يرى المستثمرون أن خطة دونالد ترمب لخفض قيمة الدولار إذا فاز في الانتخابات الأميركية «من غير المرجح للغاية» أن تنجح حيث سيجري تقويضها من خلال سياسات مثل التعريفات الجمركية وتخفيضات الضرائب.

في الأسابيع الأخيرة، تحدث الرئيس السابق وزميله في الترشح، جيه دي فانس، عن فوائد إضعاف العملة لتعزيز التصنيع في البلاد وخفض العجز التجاري.

لكنَّ الاستراتيجيين يُحذرون من أن خطط خفض قيمة الدولار ستكون مكلِّفة وقصيرة الأجل، في حين أن السياسات الشعبوية مثل الرسوم الجمركية على السلع الخارجية من شأنها أن تعاكس تأثيرها، وفق صحيفة «فاينانشيال تايمز».

أوراق نقدية بالدولار الأميركي (د.ب.أ)

وقال مدير صندوق في «إدموند دي روتشيلد» مايكل نيزارد: «هناك تناقض كبير في السوق اليوم - كان ترمب صريحاً بشأن خفض قيمة الدولار ولكن سياساته يجب أن تدعم العملة، على الأقل في الأمد القريب».

كان ترمب قد قال في مقابلة مع «بلومبرغ» الأسبوع الماضي، إن الولايات المتحدة لديها «مشكلة عملة كبيرة» فرضت «عبئاً هائلاً» على الشركات المصنعة التي تبيع السلع في الخارج.

وتتركز رؤية فانس لأميركا، التي وضعها في خطابه في المؤتمر الوطني الجمهوري الأسبوع الماضي، أيضاً على ضعف الدولار -إعادة بناء التصنيع الأميركي على البر والتراجع عن بعض العولمة في العقود الماضية.

وتأتي دعوات ترمب لإضعاف العملة في الوقت الذي ارتفع فيه الدولار، على الرغم من الانخفاض الأخير، بنسبة 15 في المائة مقابل سلة من العملات منذ تولى الرئيس جو بايدن، منصبه في يناير (كانون الثاني) 2021، والعجز التجاري الأميركي أكبر بمقدار الثلث مقارنةً بعام 2019 وبلغ 773 مليار دولار العام الماضي. ويرجع ذلك أيضاً إلى قوة الاقتصاد الأميركي ووصول أسعار الفائدة إلى أعلى مستوياتها في 23 عاماً.

وقال رئيس استراتيجية العملات الأجنبية لمجموعة العشرة في «يو بي إس» شهاب غالينوس، إنه لا توجد طريق واضحة للرئيس لاتخاذها لخفض قيمة العملة. وقال: «المشكلة الأساسية هي أنه لا يوجد شعور بأن الدولار الأميركي مُبالَغ في قيمته».

إن العقبة الكبيرة التي يواجهها ترمب وفانس في محاولتهما لإضعاف العملة هي أن سياساتهما الأخرى قد تدعم الدولار، وفق «فاينانشيال تايمز». وقال ترمب إنه يريد فرض تعريفة جمركية بنسبة 60 في المائة على الواردات الصينية ورسوم بنسبة 10 في المائة على الواردات من بقية العالم إذا عاد إلى البيت الأبيض.

مبنى بورصة نيويورك (أ.ب)

ويقول الاستراتيجيون إن هذا يفرض عبئاً أكبر على العملات خارج الولايات المتحدة، حيث التجارة عبر الحدود أكبر نسبياً لحجم الاقتصاد.

وهذا يشير إلى أن التعريفات الجمركية المرتفعة من شأنها أن تُلحق مزيداً من الضرر بالاقتصادات غير الأميركية، وتحدّ من نموها وتُضعف عملاتها. في الأسبوع الماضي، أوضحت رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاغارد، أن التعريفات الجمركية من المرجح أن تدفع البنك المركزي الأوروبي نحو خفض أسعار الفائدة وإضعاف اليورو.

وقد تؤدي التعريفات الجمركية أيضاً إلى زيادة التكاليف المحلية، مما يدفع التضخم إلى الارتفاع ويُبقي أسعار الفائدة مرتفعة. وفي حين يصعب التنبؤ بالتأثير، قدّر رئيس أبحاث العملات الأجنبية لمجموعة العشرة في «ستاندرد تشارترد» ستيف إنغلاندر، أن اقتراح ترمب للتعريفات الجمركية قد يرفع الأسعار بنسبة 1.8 في المائة على مدى عامين، في غياب تأثيرات الجولة الثانية.

وقال رئيس النقد الأجنبي العالمي في «مورغان ستانلي» جيمس لورد: «ستؤدي التعريفات الجمركية، إذا كان كل شيء آخر متساوياً، إلى زيادة قوة الدولار، خصوصاً إذا أدى الانتقام من الشركاء التجاريين في شكل تعريفات جمركية إلى زيادة مخاطر النمو الإضافية للاقتصاد العالمي».

كما قال ترمب إنه سيمدد التخفيضات الضريبية التي من المقرر أن تنتهي العام المقبل، ولمّح إلى مزيد من التخفيضات الضريبية التي قد تضيف ضغوطاً إلى العجز المالي الهائل في الولايات المتحدة وتبطئ وتيرة دورة خفض أسعار الفائدة في بنك الاحتياطي الفيدرالي.

لكنَّ الاستراتيجيين يُحذّرون أيضاً من أن خيارات ترمب الأخرى لخفض قيمة الدولار محدودة بسبب الاضطرابات التي قد تشعر بها الأسواق العالمية.

لم تتم محاولة خفض قيمة الدولار منذ اتفاق بلازا في عام 1985، الذي حقق بعض النجاح ولكنه كان مدعوماً بانخفاض أسعار الفائدة الأميركية.

يمكن لترمب أن يضغط على بنك الاحتياطي الفيدرالي لخفض أسعار الفائدة، حتى لو لم يكن تآكل استقلال بنك الاحتياطي الفيدرالي سياسةً رسميةً لحملته... ومع ذلك، من المرجح أن يثير هذا قلق الأسواق.

وحسب رئيس أبحاث النقد الأجنبي في «دويتشه بنك» جورج سارافيلوس، فإن الدولار يجب أن ينخفض ​​بنسبة تصل إلى 40 في المائة لإغلاق العجز التجاري الأميركي.

وقال استراتيجي أسعار الفائدة العالمية في «كولومبيا ثريدنيدل» إدوارد الحسيني: «إن تكلفة الاضطراب هائلة للغاية... السوق هنا ستكون قوة موازنة قوية»، مضيفاً أن أي تدخل لإضعاف الدولار «غير مرجح للغاية».

كان أحد المقترحات لإضعاف العملة هو أن تستخدم الولايات المتحدة صندوق تثبيت سعر الصرف التابع لوزارة الخزانة. ومع ذلك، فإن الصندوق لديه نحو 200 مليار دولار من الأصول لشراء العملات الأجنبية، التي يخشى المحللون أن تنفد قريباً.

وقد يواجه ترمب وفانس مشكلات مع ناخبيهما. وقال غالينوس: «الطريقة الأكثر وضوحاً لحدوث هذا التخفيض في القيمة هي أن تفقد الولايات المتحدة استثنائيتها الاقتصادية. لكنَّ الدولار يظل عملة الاحتياطي العالمي وملاذاً في أوقات الاضطرابات الاقتصادية. ومن بين تعهدات الحزب الجمهوري لعام 2024 الحفاظ على الدولار الأميركي عملةً احتياطية عالمية».