السوق العقارية البريطانية «على حافة جرف»

مؤشر يظهر تعثر الاقتصاد وضغوط الأسعار لا تزال مرتفعة

أشخاص يسيرون في غرينتش بارك وفي الخلفية الحي المالي لمدينة لندن ببريطانيا (رويترز)
أشخاص يسيرون في غرينتش بارك وفي الخلفية الحي المالي لمدينة لندن ببريطانيا (رويترز)
TT

السوق العقارية البريطانية «على حافة جرف»

أشخاص يسيرون في غرينتش بارك وفي الخلفية الحي المالي لمدينة لندن ببريطانيا (رويترز)
أشخاص يسيرون في غرينتش بارك وفي الخلفية الحي المالي لمدينة لندن ببريطانيا (رويترز)

بينما كشف مسح أن علامات التباطؤ ظهرت على الاقتصاد البريطاني هذا الشهر، وأن ضغوط التضخم لا تزال مرتفعة، تراجعت أسعار أسهم شركات بناء المساكن البريطانية بشدة في بداية تعاملات يوم الجمعة، حيث انخفض سهم شركة بيركلي بنسبة 6.2 بالمائة، بعد أن خفض بنك «إتش إس بي سي» البريطاني تصنيفه لسهم الشركة بسبب توقعات تراجع الطلب على المساكن نتيجة الارتفاع المستمر لأسعار فائدة التمويل العقاري... كما خفض البنك تصنيفه لأسهم شركات التطوير العقاري الأخرى، من «يوصي بالشراء» إلى «يحتفظ به» فقط.

ونقلت «بلومبرغ» عن جون فريزر أندروز وبريغش سيا، المحللين في «إتش إس بي سي»، قولهما: «يلوح في الأفق تراجع مزدوج للطلب من خلال المزيد من التراجع في أسعار المساكن مع انكماش قوي في هامش أرباح التشغيل لشركات التطوير العقاري».

في الوقت نفسه، يتوقع المحللون استمرار ارتفاع أسعار مواد البناء، مع غياب المرونة في أسعار الأراضي، ما يخفض هوامش أرباح التشغيل في القطاع، ويقلص وتيرة التعافي في توقعاتهم حتى 2027.

ويتوقع المحللون تراجعا في معدلات إتمام مشروعات الإسكان -باستثناء شركة بيركلي- بنسبة 20 بالمائة خلال العامين المقبل، على خلفية تراجع معدلات حجز المساكن خلال الربع الأخير من العام الماضي واستمرار التراجع فيما بعد.

وتراجعت أسهم شركة بارات ديفلوبمنتس بنسبة 2 بالمائة، وبيلواي بنسبة 2 بالمائة، وكريست نيكلسون بنسبة 4 بالمائة، وبيرسمون بنسبة 2 بالمائة، وريدرو بنسبة 2.6 بالمائة، وتايلور ويمبي بنسبة 1.7 بالمائة في التعاملات الصباحية. ورغم إبقاء «إتش إس بي سي» على تصنيف سهم شركة فيستري غروب عند مستوى «يوصي بالشراء»، تراجع السهم بنسبة 2.8 بالمائة.

وعقد رؤساء البنوك البريطانية اجتماعا وصف بأنه «مثمر للغاية» مع وزير الخزانة جيريمي هانت، صباح الجمعة، بعدما أدت زيادة صادمة في أسعار الفائدة إلى تعميق أزمة الرهن العقاري، وهددت بمزيد من الألم للأسر التي تعيش ظروفا صعبة.

وقالت وكالة الأنباء البريطانية (بي إيه ميديا)، إن هانت التقى رؤساء البنوك الكبرى، وبينها «إتش إس بي سي» و«سانتاندر» و«باركليز»، ودعا المشاركون الحكومة إلى تخفيف الضغوط.

الحي المالي لمدينة لندن... وعقد رؤساء البنوك البريطانية اجتماعا وصف بأنه «مثمر للغاية» مع وزير الخزانة جيريمي هانت صباح الجمعة (رويترز)

وقالت أليسون روز، رئيسة مصرف ناتويست، أثناء مغادرتها الاجتماع: «عقدنا اجتماعا مثمرا للغاية. نبذل ما بوسعنا لمساعدة العملاء، وللتغلب على مصادر القلق».

واستبعد رئيس الوزراء ريشي سوناك وهانت تدخلا ماليا من الحكومة، فيما ارتفعت معدلات الفائدة، حيث يحاول البنك المركزي البريطاني خفض التضخم الذي يرتفع بشكل عنيد... ودعا حزب العمال المعارض إلى إجبار البنوك على مساعدة عملاء الرهن العقاري المتعثرين، بينما طالب بعض أعضاء الحزب المحافظ بدعم للمقترضين الذين يتعرضون لضغوط.

ويأتي الاجتماع بعد يوم من إصدار البنك المركزي البريطاني الزيادة الـ13 لمعدل الفائدة على التوالي، بواقع نصف نقطة مئوية هذه المرة، من 4.5 إلى 5 بالمائة، في أشد زيادة منذ فبراير (شباط). وتسببت الخطوة في ارتفاع المعدلات لأعلى مستوى خلال 15 عاما تقريبا. وجاء التحرك في محاولة لخفض التضخم، الذي يقيس معدل زيادة الأسعار، الذي ظل عند نسبة 8.7 بالمائة في مايو (أيار) رغم الجهود لخفضه.

وتأتي التطورات السلبية في قطاع العقارات وسط أوضاع عامة تكشف أن علامات التباطؤ ظهرت على الاقتصاد البريطاني هذا الشهر، وأن ضغوط التضخم لا تزال مرتفعة. وأظهرت قراءة أولية يوم الجمعة أن مؤشر مديري المشتريات المركب لـ«ستاندرد آند بورز غلوبال»، الذي يغطي الأعمال في قطاعي الخدمات والصناعات التحويلية، هبط إلى أدنى مستوى في ثلاثة أشهر عند 52.8 نقطة في يونيو (حزيران)، انخفاضا من 54 نقطة في مايو (أيار)، متأثرا بتحقيق الطلبيات الجديدة أضعف نمو منذ يناير (كانون الثاني) في ظل صعوبات تواجه المصانع.

وقال كريس وليامسون، كبير الخبراء في اقتصاديات الأعمال في «ستاندرد آند بورز إنتليجينس»، إن الاستطلاع يشير إلى أن الاقتصاد قد فقد الزخم بعد طفرة نمو قصيرة في الربيع، ويبدو أنه يتجه لمزيد من الضعف في الأشهر المقبلة. وأضاف: «من الملاحظ أن إنفاق المستهلكين على الخدمات، والذي كان المحرك الأساسي للنمو في الربيع، تظهر عليه الآن علامات تعثر»، وأرجع السبب في ذلك إلى ارتفاع أسعار الفائدة والتضخم والمخاوف التي تكتنف التوقعات الاقتصادية. وأظهرت القراءة الأولية للمسح أن قطاع الخدمات البريطاني نما بأبطأ وتيرة في ثلاثة أشهر، كما انكمش قطاع الصناعات التحويلية بأكبر وتيرة في ستة أشهر.


مقالات ذات صلة

وفاة 13 على الأقل جراء انهيار مبنى في تنزانيا

أفريقيا فرق الإغاثة تعمل على إنقاذ الضحايا أسفل عقار انهار في دار السلام بتنزانيا (أ.ف.ب)

وفاة 13 على الأقل جراء انهيار مبنى في تنزانيا

قالت رئيسة تنزانيا سامية صولوحو حسن، الأحد، إن 13 شخصاً على الأقل لقوا حتفهم عندما انهار مبنى في العاصمة التجارية دار السلام.

«الشرق الأوسط» (دار السلام)
الاقتصاد جناح "بلت الصناعية" في أحد المعارض بالسعودية (موقع الشركة الإكتروني)

شركة تابعة لـ«لدن للاستثمار» السعودية توقع عقداً بـ171 مليون دولار لتنفيذ مشروع «ذا بوينت»

وقعت شركة «بلت الصناعية»، التابعة لـ«لدن للاستثمار» السعودية، عقداً بقيمة 645.66 مليون ريال (171.8 مليون دولار)، لتنفيذ أعمال مشروع «ذا بوينت» بمدينة أبها.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
عالم الاعمال 230 مليار ريال قيمة التعاملات العقارية في ختام معرض «سيتي سكيب» العالمي 2024

230 مليار ريال قيمة التعاملات العقارية في ختام معرض «سيتي سكيب» العالمي 2024

اختتم معرض «سيتي سكيب» العالمي 2024 أعمال النسخة الثانية من المعرض العقاري الأكبر في العالم.

الاقتصاد مواطن سعودي يشتري الخضراوات من أحد المتاجر في المملكة (رويترز)

الإيجارات السكنية تدفع التضخم السنوي بالسعودية إلى 1.9% في أكتوبر

ارتفع معدل التضخم في السعودية إلى 1.9 في المائة خلال شهر أكتوبر (تشرين الأول) 2024 على أساس سنوي، ليسجل أعلى وتيرة منذ 14 شهراً.

آيات نور (الرياض)
الاقتصاد زوار يطلعون على أحد مشاريع الشركة الوطنية للإسكان في معرض «سيتي سكيب العالمي» (الشرق الأوسط)

«سيتي سكيب»... تحالفات محلية ودولية لرفع كفاءة العقار بالسعودية

شهد معرض «سيتي سكيب العالمي»، المقام حالياً في الرياض، عدداً من التحالفات المحلية والدولية ضمن الشركات المجتازة لبرنامج «الدعم والتمكين للتطوير العقاري».

بندر مسلم (الرياض)

نيجيريا تلجأ إلى الغاز الطبيعي مع ارتفاع أسعار النقل بعد رفع دعم البنزين

مركبة قديمة تنقل الناس في مدينة إبادان بجنوب غربي نيجيريا (أ.ف.ب)
مركبة قديمة تنقل الناس في مدينة إبادان بجنوب غربي نيجيريا (أ.ف.ب)
TT

نيجيريا تلجأ إلى الغاز الطبيعي مع ارتفاع أسعار النقل بعد رفع دعم البنزين

مركبة قديمة تنقل الناس في مدينة إبادان بجنوب غربي نيجيريا (أ.ف.ب)
مركبة قديمة تنقل الناس في مدينة إبادان بجنوب غربي نيجيريا (أ.ف.ب)

ارتفعت تكاليف النقل في نيجيريا بشكل كبير مع ارتفاع سعر البنزين بأكثر من 3 أمثاله، بعدما أنهى الرئيس النيجيري بولا تينوبو، الدعم المالي للوقود في أكثر دول أفريقيا اكتظاظاً بالسكان.

ومنذ تخلت نيجيريا عن دعم الوقود في العام الماضي، أدى ذلك إلى أسوأ أزمة في تكلفة المعيشة في البلاد منذ نحو جيل كامل. وهذا يعني انخفاضاً هائلاً في عدد الركاب، وتأثر العاملون في مجال استدعاء سيارات الأجرة في العاصمة أبوجا.

وكانت الحكومة تزعم أن التخلي عن دعم الوقود سيخفض تكاليف النقل في النهاية بنحو 50 في المائة.

وقدمت السلطات النيجيرية في أغسطس (آب) مبادرة الغاز الطبيعي المضغوط (CNG) للاستفادة من احتياطاتها الضخمة من الغاز - الأكبر في أفريقيا - وإطلاق حافلات تعمل بالغاز الطبيعي المضغوط مع تحويل المركبات التي تعمل بالبنزين أيضاً.

وجرى تعديل أكثر من 100 ألف مركبة للعمل بالغاز الطبيعي المضغوط أو بالموتور الهجين من الغاز الطبيعي والبنزين، واستثمرت الحكومة ما لا يقل عن 200 مليون دولار في إطار هذه المبادرة، وفقاً لمدير المبادرة مايكل أولوواغبيمي.

وتهدف الحكومة إلى تحويل مليون مركبة من أكثر من 11 مليون مركبة في نيجيريا في السنوات الثلاث المقبلة، لكن المحللين يقولون إن العملية تسير بشكل بطيء، مشيرين إلى ضعف التنفيذ والبنية الأساسية المحدودة.

وعلى الرغم من أن نيجيريا واحدة من أكبر منتجي النفط في أفريقيا، فإنها تعتمد على المنتجات البترولية المكررة المستوردة؛ لأن مصافيها تكافح مع انخفاض الإنتاج إلى أدنى مستوياته منذ عقود بسبب عمليات سرقة النفط الضخمة.

إلى جانب الإصلاحات الأخرى التي قدمها تينوبو بعد توليه السلطة في مايو (أيار) من العام الماضي، كان من المفترض أن يؤدي إلغاء الدعم إلى توفير أموال الحكومة ودعم الاستثمارات الأجنبية المتضائلة. ومع ذلك، فقد أثر ذلك في سعر كل شيء تقريباً، وأجبرت تكاليف النقل المرتفعة الناس على التخلي عن مركباتهم، والسير إلى العمل.

التحول إلى الغاز صعب

وبالإضافة إلى الافتقار إلى شبكة كافية من محطات تحويل الغاز الطبيعي المضغوط وتعبئته، المتاحة في 13 ولاية فقط من ولايات نيجيريا الـ 36، كان نجاح مبادرة الحكومة محدوداً أيضاً بسبب انخفاض الوعي العام بين جموع الشعب، وقد ترك هذا مجالاً للتضليل من جهة والتردد بين السائقين للتحول للغاز من جهة أخرى.

وقد أعرب بعض السائقين عن مخاوفهم من أن تنفجر سياراتهم مع تحويلها إلى الغاز الطبيعي المضغوط - وهي ادعاءات قالت الهيئات التنظيمية إنها غير صحيحة ما لم يتم تركيب المعدات بشكل غير مناسب.

وفي ولاية إيدو الجنوبية، وجدت السلطات أن السيارة التي تعمل بالغاز الطبيعي المضغوط والتي انفجرت تم تصنيعها من قبل بائع غير معتمد.

حتى في أبوجا العاصمة والمركز الاقتصادي في لاغوس، محطات الوقود نادرة وورش التحويل القليلة المتاحة غالباً ما تكون مصطفة بمركبات تجارية تنتظر أياماً للتحول إلى الغاز الطبيعي المضغوط بأسعار مدعومة. وفي الوقت نفسه، تبلغ تكلفة المركبات الخاصة للتحول 20 ضعف الحد الأدنى للأجور الشهرية في نيجيريا البالغ 42 دولاراً.

وهناك تحدٍّ آخر، وهو أن التحدي الذي يواجه مبادرة الغاز الطبيعي المضغوط هو محدودية خط أنابيب الغاز في نيجيريا.

وتدرك الحكومة أنه لا يزال هناك «كثير من عدم اليقين» حول مبادرة الغاز الطبيعي المضغوط، وتعمل على تصحيح المفاهيم الخاطئة، وتوفير البنية الأساسية اللازمة، كما قال توسين كوكر، رئيس الشؤون التجارية في المبادرة، وفق وكالة «أسوشييتد برس» الأميركية.

وقال كوكر: «الغاز الطبيعي المضغوط هو وقود أنظف، وهو وقود أرخص وأكثر أماناً مقارنةً بالبنزين الذي اعتدناه؛ لذا سيكون لديك مزيد من المال في جيبك وهو أنظف للبيئة».