الاستثمارات تهرب من السودان بسبب الحرب

مجموعة «حجَّار» تعلق أعمالها وتسرح موظفيها وتغادر البلاد

فرار المواطنين من الحرب في الخرطوم لا يزال مستمراَ (أ.ف.ب)
فرار المواطنين من الحرب في الخرطوم لا يزال مستمراَ (أ.ف.ب)
TT

الاستثمارات تهرب من السودان بسبب الحرب

فرار المواطنين من الحرب في الخرطوم لا يزال مستمراَ (أ.ف.ب)
فرار المواطنين من الحرب في الخرطوم لا يزال مستمراَ (أ.ف.ب)

أعلنت «مجموعة شركات «حجَّار» السودانية، أحد أكبر الاستثمارات في البلاد، تعليق أعمالها، وسرحت جميع العاملين فيها ابتداء من نهاية يونيو (حزيران) المقبل، وذلك نتيجة الحرب بين الجيش وقوات «الدعم السريع»، المستمرة منذ منتصف أبريل (نيسان) الماضي، بعد أن فُقد الأمان وصار من الصعب التكهن بمآلات الحرب.

وألحق القتال بين الجيش وقوات «الدعم السريع» شبه النظامية، أضراراً فادحة باقتصاد البلاد والاستثمارات، إذ تعرضت مئات الشركات والمؤسسات والمصانع للنهب والتخريب والإحراق، بسبب الأعمال القتالية والقصف الجوي والمدفعي، ومن بينها استثمارات كبيرة، مثل مجموعة «دال» المملوكة لرجل الأعمال الشهير أسامة داؤود، ومجموعة «سي. تي. سي» المملوكة لرجل الأعمال أمين عبد اللطيف.

وقال أنطوني أنيس حجَّار، المدير التنفيذي لمجموعة «حجار»، في نشرة بتوقيعه حصلت عليها «الشرق الأوسط»، إن مجلس الإدارة قرر، بعد درس جميع الخيارات، واستنادا إلى «استمرار حالة انعدام الأمان، أن يقوم بتعليق كل الأعمال والاستثمار في السودان».

وأعلن حجَّار إعفاء كل العاملين في مؤسسته من أي أعباء أو التزامات وظيفية بعد الثلاثين من يونيو 2023، وتعليق أعمال المجموعة ابتداء من مايو (أيار) الحالي. وأضاف أن هذا الإجراء «أُجبرنا عليه، وذلك ابتداء من الأول من مايو 2023، إلى حين تسمح الظروف بعودة الأمور، ومن ثم الأعمال، لوضعها الطبيعي، واضعين سلامة منسوبينا أولوية قصوى».

جانب من الدمار في جنوب الخرطوم بسبب الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع (أ.ف.ب)

طبيعة القوة القاهرة

وأكد حجَّار، أنه استناداً إلى ما سماه «طبيعة القوة القاهرة التي صاحبت الوضع الحالي، واستمرار عدم مقدرتنا على التكهن بالمستقبل، ووعينا بالالتزامات الملحة الملقاة على عاتق الجميع، وخصوصاً الأسر، أعفينا كل العاملين من أي أعباء أو التزامات وظيفية بعد الثلاثين من يونيو 2023».

ويشير توقف مجموعة حجَّار عن العمل إلى مدى تأثر الاقتصاد السوداني بحرب الجيش وقوات «الدعم السريع»، التي يتوقع على نطاق واسع أن تسبب خروج أعداد كبيرة من رجال الأعمال من العمليات الإنتاجية، والهرب باستثماراتهم خارج البلاد.

أُسست مجموعة «حجَّار» في السودان عام 1904. وهي مملوكة للسوداني «أنيس جورج حجَّار»، وتعمل في مجالات استثمارية متعددة، مثل الزراعة والطاقة وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات والهندسة، وتتبع لها عدة شركات منها: «جي إل بي إنفيست»، و«ديناميك الدولية لخدمات آبار النفط»، و«سوداسات»، و«بزيانوس للأغذية والمشروبات»، و«كولدير الهندسية»، و«جوبا للتأمين»، و«سدكو»، و«بنك آيفوري» و«شركة دولفين».

واشتهرت المجموعة بامتلاكها مصانع حجَّار للتبغ في السودان وجنوب السودان، قبل أن تتنازل عنها لشركة يابانية، بما في ذلك العلامة التجارية للسجائر السودانية «برنجي»، إلى جانب اشتهارها أيضا بامتلاك شركة «البيزيانوس للأغذية والمشروبات»، ومنتجها الشهير «مشروب بزيانوس». وهي تعمل في 6 دول أفريقية إلى جانب السودان، وتقدر أصولها بملايين الدولارات.


مقالات ذات صلة

شمال افريقيا زعيم «الدعم السريع» محمد حمدان دقلو «حميدتي» (أرشيفية - الشرق الأوسط)

السودان: «سلطة موازية» في مناطق «الدعم السريع» خلال أيام

أطلقت المجموعات التي أعلنت مشاركتها في الحكومة الجديدة على نفسها مسمى «تحالف السودان التأسيسي»، لتكوين «حكومة السلام والوحدة».

محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا عبد الفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة الانتقالي في السودان وعبد الله حمدوك خلال زيارة لولاية القضارف يوم 16 أغسطس 2021 (مجلس السيادة الانتقالي) play-circle

البرهان: لن تُفرض أي حكومة على الشعب السوداني

خاطب عبد الفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة الانتقالي في السودان، الاثنين، الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي، قائلاً إن الشعب السوداني «لن تُفرض عليه أي حكومة».

«الشرق الأوسط» (بورتسودان)
شمال افريقيا لاجئون سودانيون في قرية جيربانا في جنوب السودان والتي تبعد 22 كيلومتراً عن الحدود السودانية (د.ب.أ)

غوتيريش: السودان يتمزق أمام أعيننا

قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش اليوم (الأحد) إنه يجب على المجتمع الدولي أن يتحد لوقف تدفق الأسلحة وتمويل إراقة الدماء في السودان.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
خاص هل يسمح ترمب بقاعدة روسية في السودان؟

خاص هل يسمح ترمب بقاعدة روسية في السودان؟

قال الدبلوماسي الأميركي كاميرون هدسون، إن إدارة الرئيس ترمب، ستهتم بمسألة الحرب في السودان، لأنها لا تريد أن يكون ملجأ للإرهاب، أوتشظيه مثل الصومال وليبيا.

محمد أمين ياسين (نيروبي)

بنوك الاستثمار العالمية تحسّن نظرتها لأسواق الصين

جانب من الضاحية المالية في جزيرة هونغ كونغ الصينية (أ.ف.ب)
جانب من الضاحية المالية في جزيرة هونغ كونغ الصينية (أ.ف.ب)
TT

بنوك الاستثمار العالمية تحسّن نظرتها لأسواق الصين

جانب من الضاحية المالية في جزيرة هونغ كونغ الصينية (أ.ف.ب)
جانب من الضاحية المالية في جزيرة هونغ كونغ الصينية (أ.ف.ب)

حسَّنت بنوك استثمار عالمية نظرتها وتوصياتها تجاه الاستثمار في الأسواق الصينية، وذلك وسط موجة صعود دعمها لقاء الرئيس الصيني شي جينبينغ الأخير مع قادة الأعمال، وطفرة الذكاء الاصطناعي، والبداية الأكثر بطئاً من المتوقع سابقاً للرسوم الجمركية الأميركية، وفقاً لمحللي الأسهم في الكثير من البنوك الاستثمارية.

وقال «بنك أوف أميركا» للأوراق المالية إن تحول النظرة تجاه الأسواق الصينية من «قابلة للتداول» إلى «قابلة للاستثمار» ربما يكون جارياً، حيث قد تدعم الرياح المواتية الأطول أجلاً ارتفاع أرباح الأسهم وتدفقات الاستثمار من شركات التأمين خلف المكاسب الحادة الأخيرة، وتدفع إلى ارتفاع دائم.

وكان مؤشر هانغ سنغ على بعد خطوة واحدة من أعلى مستوياته في ثلاث سنوات، الثلاثاء، حيث رحَّب المستثمرون باجتماع شي مع قادة التكنولوجيا بصفته علامةً على انفراج الأوضاع بين الشركات الخاصة والدولة، وعدَّها المراقبون بمثابة مؤشر قوي على أن الحملة على عمالقة التكنولوجيا قد انتهت.

ومع ارتفاع كاسح بنسبة 13.8 في المائة، أصبح مؤشر هونغ كونغ القياسي ثاني أفضل سوق رئيسية أداءً هذا العام، بعد مؤشر داكس الألماني الصاعد. ومع ذلك، ظل المستثمرون الأجانب الكبار على الهامش؛ لذا سيكون من المهم أن يتحولوا مشترين كما بدأت بعض البنوك الاستثمارية تشير.

وقال محللو الأسهم الصينية في «بنك أوف أميركا» في مذكرة مؤرخة بتاريخ 17 فبراير (شباط): «في العام الماضي، كان الكثير من المستثمرين الذين تحدثنا إليهم يعدُّون الصين (سوقاً للتداول)؛ حيث تأتي الأموال السريعة وتذهب للعب على ارتدادات التداول، في حين يظل رأس المال العالمي الطويل الأجل غير مقتنع وقليل المشاركة... لكن من المشجع حالياً أننا نعتقد أن أطروحة الاستثمار الأساسية للصين قد تحسنت».

ويوم الاثنين، رفع بنك الاستثمار «غولدمان ساكس» أهدافه بشأن مؤشرات الأسهم الصينية، حيث قدَّر أن تبني الذكاء الاصطناعي قد يعزز نمو الأرباح ويجلب تدفقات محتملة بقيمة 200 مليار دولار. كما قال محللون في «سيتي بنك» إن اجتماع شي مع جاك ما وقادة التكنولوجيا الآخرين «أكد موقفاً داعماً»؛ حتى لو لم تكن هناك إجراءات سياسية واضحة. في حين قالت مؤسسة «ماكواري» للاستثمار إنه تحول مؤيد للأعمال يهدف إلى تعزيز الثقة.

وقال الخبيران الاقتصاديان في «ماكواري»، لاري هو ويوشياو تشانغ، في مذكرة: «ظهور جاك ما يُعدّ مؤشراً مؤثراً للغاية، حيث تحملت شركته وطأة الحملة التنظيمية السابقة»؛ ما يشير إلى تغير كبير في بوصلة بكين تجاه المستثمرين.

وبموازاة النظرة الدولية، فإن بكين تبدو في سعي حثيث لتأكيد التوجه الجديد. وقالت مسؤولة صينية بارزة لقناة «سي سي تي في» الحكومية، الثلاثاء، إن البيئة السياسية والاقتصادية والاجتماعية في الصين «مواتية للغاية» لتنمية الاقتصاد الخاص، وسيتم تنفيذ سياسات للمساعدة في تخفيف الصعوبات التي تواجهها الشركات الخاصة.

وأوضحت تشنغ باي، نائبة رئيس اللجنة الوطنية للتنمية والإصلاح، أن الصين ستواصل كسر حواجز الاستثمار، ومراجعة قائمتها السلبية للوصول إلى السوق التي تقيد الاستثمار في قطاعات معينة، في أقرب وقت ممكن. وأضافت أنه سيتم اتخاذ تدابير لتعزيز الوصول الأكثر انفتاحاً وعدالة إلى البنية التحتية في القطاعات التنافسية والبنية التحتية الرئيسية للبحث العلمي الوطني للمؤسسات الخاصة. وفي الوقت نفسه، ستعمل اللجنة الوطنية للتنمية والإصلاح والسلطات ذات الصلة على تخفيف بعض التحديات العاجلة، مثل الوصول إلى التمويل بأسعار معقولة.

وقال محللون إن اجتماع، يوم الاثنين، بين شي وقادة الشركات يعكس مخاوف صناع السياسات بشأن تباطؤ النمو والجهود التي تبذلها الولايات المتحدة للحد من التطور التكنولوجي للصين.

وتهدد التعريفات الجمركية الأميركية بمزيد من الضغوط على ثاني أكبر اقتصاد في العالم، الذي يعاني ضعف الاستهلاك المحلي وأزمة الديون المزعزعة للاستقرار في قطاع العقارات.

وفي تصريحات تهدف إلى تعزيز معنويات القطاع الخاص، قال شي إن هناك «آفاقاً واسعة ووعداً كبيراً» في الاقتصاد الخاص في الصين لخلق الثروة والفرص، وإن حوكمة الصين وحجم سوقها يمنحانها ميزة متأصلة في تطوير صناعات جديدة.

وكتب روبن شينغ، كبير خبراء الاقتصاد الصيني في «مورغان ستانلي»، في مذكرة بحثية: «تعيد بكين تموضع القطاع الخاص ركيزةً للقدرة التنافسية الوطنية وسط الرياح المعاكسة الاقتصادية والجيوسياسية... لكن الصين لا تزال في حاجة إلى المزيد من الإصلاحات والحوافز الموجهة نحو الاستهلاك لدعم عودة ثقة الشركات».

ويتنافس القطاع الخاص في الصين مع الشركات المملوكة للدولة ويساهم بأكثر من نصف عائدات الضرائب، وأكثر من 60 في المائة من الناتج الاقتصادي و70 في المائة من الابتكار التكنولوجي، وفقاً للتقديرات الرسمية.

وقال مؤسس شركة «نيو هوب غروب» الزراعية العملاقة، ليو يونغهاو، إنه «متحمس للغاية» لحضور اجتماع يوم الاثنين مع شي. مشيراً إلى أن الكثير من الشركات الخاصة في الصناعات التقليدية لديها أيضاً مسارات جديدة للتنمية، لكنه حذَّر من أن التحديات لا تزال قائمة في ظل الظروف الداخلية والخارجية المعقدة، وفقاً لوكالة الأنباء المملوكة للدولة ييكاي.

ونُقل عن ليو قوله: «يجب أن نعتز بالسياسات المواتية لأمتنا، ولا نتجنب الصعوبات ولا نستسلم للتقاعس وسط المواقف المعقدة من أجل السعي بجد ودفع المؤسسة نحو التحول والتنمية الأفضل».