لبنان يترقب تصنيفه الإقليمي على لوائح مكافحة تبييض الأموال 

جهود تسابق هواجس «المنطقة الرمادية» 

لبناني يجمع الفئات الورقية القديمة من الليرة في محله التجاري (رويترز)
لبناني يجمع الفئات الورقية القديمة من الليرة في محله التجاري (رويترز)
TT

لبنان يترقب تصنيفه الإقليمي على لوائح مكافحة تبييض الأموال 

لبناني يجمع الفئات الورقية القديمة من الليرة في محله التجاري (رويترز)
لبناني يجمع الفئات الورقية القديمة من الليرة في محله التجاري (رويترز)

يترقب لبنان التصنيف الذي سيحوذه على لوائح كفاءة الإجراءات القانونية والتنفيذية التي يتبعها في مجال مكافحة غسل (تبييض) الأموال وتمويل الإرهاب، وذلك في الاجتماع العام نصف السنوي لمجموعة العمل المالية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، المقرر انعقاده خلال النصف الثاني من مايو (أيار).

ووُضع الملف اللبناني على جدول الأعمال ضمن لائحة تقارير «التقييم المتبادل»، في ضوء حصيلة لقاءات ومشاورات أجرتها بعثة خبراء من المجموعة قبل أسابيع في بيروت، وهو ما يقع ضمن المهام الأساسية للمجموعة، الهادفة إلى تحديث المعلومات والمعطيات الآلية وإلى تحليل فاعلية مدى تحقيق الدولة العضو لمجموعة محددة من النتائج الفورية التي تعدّ أساسية لأداء سليم ونظام فعال لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب مع النتائج المتوقع أخذها بعين الاعتبار في ملف مخاطر غسل الأموال وتمويل الإرهاب في تلك الدولة.

جنود يحرسون مقر مصرف لبنان المركزي في مارس الماضي (أ.ف.ب)

لبنان من مؤسسي المجموعة

ويعدّ لبنان من مؤسسي المجموعة الإقليمية وأول رئيس دوري لها، وهي ذات طبيعة طوعية وتعاونية مستقلة، يجري تمويلها من مساهمات الدول الأعضاء، وتتخذ من المنامة في البحرين مقراً لها. وتعمل على غرار مجموعة العمل المالي الدولية (FATF)، ولا سيما التزام التوصيات الأربعين في نطاق مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب وانتشار التسلح ومعاهدات الأمم المتحدة وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، بوصفها معايير دولية مقبولة في هذا الشأن، وكذلك أي معايير أخرى تتبناها الدول العربية لتعزيز مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب وانتشار التسلح في المنطقة.

وتبدو الترقّبات «مقبولة» نسبياً لدى المرجعيات المحلية المعنية، بشأن حصيلة التقييم الأولي الخاص الذي سيتم عرضه على الاجتماع العام، بحيث يؤمل أن تفضي التوصيات إلى تصنيف لبنان تحت المتابعة مع تحديد المتطلبات القانونية والإجرائية التي يتوجب التزامها توخياً لعدم إدراجه لاحقاً ضمن القائمة «الرمادية» التي تثبت وجود أوجه قصور في كفاءة مكافحة تبييض الأموال، في حين يواصل فريق العمل المعني بالملف مهمته خلال الفترة الفاصلة عن الاجتماع السنوي الثاني للمجموعة، الذي ينعقد خلال الخريف المقبل.

«11 نتيجة فورية»

ويستخدم خبراء المجموعة الذين يشكلون فريق التقييم «11 نتيجة فورية»، بما في ذلك القضايا الأساسية لكل نتيجة، المدرجة جميعها في منهجية التقييم، لكن تحليل الفعالية لا يعتمد على المعلومات المتبادلة مع فريق التقييم فقط، إذ يزور فريق التقييم المتبادل الدولة العضو محل عملية التقييم، عقب تبادل المعلومات، بحيث يتم مقابلة المسؤولين الحكوميين والقطاع الخاص لاكتساب فهم شامل لطريقة عمل نظام مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.

وبحسب معلومات مستقاة من مسؤولين في البنك المركزي، ولا سيما هيئة التحقيق الخاصة التي تمثل لبنان في المجموعة، فإن التقييم الميداني الذي أجرته البعثة في بيروت أظهر كفاءة عالية في التزام 3 معايير أساسية وجيدة في 4 من البنود الـ11 الواردة، بينما فرضت الأزمة النقدية والمالية المستمرة منذ خريف عام 2019 تراجعات في التزامات ثانوية، ما يمكن أن يشكل لاحقاً ثغرات غير مرغوبة لمرور عمليات مالية مشبوهة وفق محددات تبييض الأموال.

محتجون أمام بنك لبنان والمهجر للمطالبة بحقوق المودعين 9 مايو (رويترز)

المنطقة الرمادية

ويدرك الجانب اللبناني، بحسب المصادر، أن الوقوع في محظور المنطقة الرمادية التي تولّد صعوبات إضافية في مرور التحويلات عبر الحدود، وتزيد كلفتها وتعقيداتها مع البنوك المراسلة، قد يكون مسألة وقت فقط، مع ترجيح صدور القرار خلال الأشهر المقبلة في حال التراخي أو عدم القدرة على إعادة هيكلة منظومة الرقابة ومعالجة نقاط الضعف في تتبع الأموال المشبوهة ومكافحتها.

وبمعزل عن تأثير الاتهامات القضائية المتلاحقة لحاكم مصرف لبنان، رياض سلامة، ومجموعة من البنوك تحت شبهات تبييض الأموال، لاحظ مسؤول معني أن جزءاً وازناً من المخاطر يرتبط بالتنامي الاستثنائي للأنشطة النقدية بالليرة وبالدولار خارج منظومات التقصي والمراقبة التي تلتزمها الوحدات المصرفية وشركات الأموال المرخصة، والقائمة خصوصاً على قاعدة «اعرف عميلك» التي تتيح قانونياً وعملياً معرفة مصادر السيولة النقدية ومقاصدها وكمياتها، بينما تتكدس النقود في المنازل والشركات.

ويساهم التعميم الأحدث الصادر عن البنك المركزي تحت الرقم 165 في الحد من تأثير النمو غير المسبوق لعمليات النقد الورقي، ولا سيما وضع أنظمة جديدة للمقاصة، تخص الأموال الجديدة بالدولار الأميركي والليرة اللبنانية، وذلك عبر فتح حسابات جديدة لدى مصرف لبنان، مخصصة حصراً لإجراء كل العمليات المتعلقة بمقاصة الشيكات والتحويلات الإلكترونية الخاصة بالأموال النقدية.

مراعاة الأزمة

وبرغم ما تبديه مجموعة العمل الإقليمية من مراعاة لخصوصيات الأزمات القائمة وما أنتجته من أضرار جسيمة أصابت القطاع المالي بهيكليته وأنشطته، يرتقب أن تتضمن التوصيات بالحد الأدنى حزمة مشددة من التدابير التنفيذية والإجرائية الضامنة لإعادة تصويب الانحرافات التي سجلها لبنان في مجالات نقدية ومالية محددة، ولا سيما ما يتعلق بأولويات الإدارة الفعالة للنمو الاستثنائي خارج القنوات المصرفية والأدوات الإلكترونية، للسيولة النقدية والمبادلات الورقية (الكاش) بالليرة وبالدولار. كذلك ما يتعلق بمسارات مكافحة الأموال الناتجة عن شبهات الفساد واختلاسات الأموال العامة وتهريب المخدرات وسواها.


مقالات ذات صلة

الاقتصاد اللبناني «المنهك» ينزلق إلى هاوية الركود الشامل

المشرق العربي معبر جوسيه بين لبنان وسوريا إثر استهدافه بقصف إسرائيلي في 25 أكتوبر الماضي (أ.ف.ب)

الاقتصاد اللبناني «المنهك» ينزلق إلى هاوية الركود الشامل

يعكس التباين في تقديرات الخسائر الاقتصادية للحرب حقيقة عمق حال «عدم اليقين» وصعوبات التحقّق من مستويات التدهور اللاحقة بالمؤشرات الأساسية والمرافق الإنتاجية.

علي زين الدين (بيروت)
المشرق العربي «مصرف لبنان المركزي»... (أرشيفية - رويترز)

لبنان يواجه حزمة استحقاقات مالية «داهمة»

يشهد لبنان زحمة استحقاقات مالية مهمة ومتزامنة خلال الشهر الحالي؛ تبدأ بشروع الحكومة في مناقشة مشروع قانون الموازنة للعام المقبل.

علي زين الدين
المشرق العربي حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة (رويترز)

رياض سلامة... من جوائز التكريم إلى أروقة المحاكم

يشكّل سلامة منذ ثلاثة أعوام محور تحقيقات محلية وأوروبية تشتبه في أنه راكم أصولاً عقارية ومصرفية بشكل غير قانوني، وأساء استخدام أموال عامة على نطاق واسع.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي الحاكم السابق للمصرف المركزي في لبنان رياض سلامة (رويترز)

توقيف حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة بعد استجوابه

أوقف القضاء اللبناني، اليوم (الثلاثاء)، الحاكم السابق للمصرف المركزي رياض سلامة، بعد استجوابه بشأن قضية اختلاس أموال.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي صورة عامة لمعمل الجية الحراري المتوقف عن العمل (إ.ب.أ)

​مخرج سياسي لبناني لاستئناف إنتاج الكهرباء بالحد الأدنى

أثمرت الاتصالات بين المؤسسات العامة في لبنان مخرجاً لإعادة التغذية الكهربائية بالحد الأدنى لتشغيل المرافق الحيوية بعد يومين من العتمة الشاملة

«الشرق الأوسط» (بيروت)

النفط يسجل أول مكاسب أسبوعية منذ نهاية نوفمبر

منشأة لويندل باسل لتكرير النفط في هيوستن بولاية تكساس الأميركية (رويترز)
منشأة لويندل باسل لتكرير النفط في هيوستن بولاية تكساس الأميركية (رويترز)
TT

النفط يسجل أول مكاسب أسبوعية منذ نهاية نوفمبر

منشأة لويندل باسل لتكرير النفط في هيوستن بولاية تكساس الأميركية (رويترز)
منشأة لويندل باسل لتكرير النفط في هيوستن بولاية تكساس الأميركية (رويترز)

ارتفعت أسعار النفط قليلاً يوم الجمعة متجهة صوب تسجيل أول مكاسب أسبوعية منذ نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، مع تفاقم المخاوف بشأن الإمدادات بسبب عقوبات إضافية على إيران وروسيا في حين أثرت توقعات الفائض على الأسواق.

وزادت العقود الآجلة لخام برنت 28 سنتاً أو 0.38 في المائة إلى 73.69 دولار للبرميل بحلول الساعة 14.08 بتوقيت غرينتش، وارتفعت عقود خام غرب تكساس الوسيط الأميركي 30 سنتاً أو 0.43 بالمائة إلى 70.32 دولار للبرميل.

واتجه الخامان صوب تسجيل مكاسب أسبوعية بأكثر من ثلاثة في المائة بفعل مخاوف من اضطراب الإمدادات بعد فرض عقوبات أشد على روسيا وإيران، وكذلك آمال بأن تعزز إجراءات التحفيز الصينية الطلب في ثاني أكبر مستهلك للنفط في العالم.

ومن المتوقع أن تظل واردات الخام للصين، وهي أكبر مستورد في العالم، مرتفعة حتى أوائل عام 2025، إذ تميل المصافي لزيادة الإمدادات من السعودية، أكبر مُصدر في العالم، بسبب انخفاض الأسعار بينما تسارع المصافي المستقلة إلى استغلال حصصها.

ورفعت وكالة الطاقة الدولية في تقريرها الشهري عن سوق النفط توقعاتها لنمو الطلب إلى 1.1 مليون برميل يومياً، من 990 ألف برميل يومياً في الشهر الماضي. وقالت إن نمو الطلب «سيكون إلى حد كبير في الدول الآسيوية بسبب تأثير إجراءات التحفيز الأحدث في الصين».

ومع ذلك، توقعت الوكالة فائضاً في العام المقبل، عندما كان من المتوقع أن تزيد الدول غير الأعضاء في تحالف أوبك بلس الإمدادات بنحو 1.5 مليون برميل يومياً، بقيادة الأرجنتين والبرازيل وكندا وجيانا والولايات المتحدة. ويراهن المستثمرون على خفض مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) تكاليف الاقتراض الأسبوع المقبل على أن يُتبع ذلك بتخفيضات أخرى العام القادم بعد أن أظهرت بيانات اقتصادية ارتفاعاً غير متوقع في طلبات إعانة البطالة الأسبوعية.

وبالتزامن، ذكرت «بلومبرغ نيوز»، يوم الجمعة، أن الإمارات تعتزم خفض شحنات النفط في أوائل العام المقبل وسط مساعي مجموعة أوبك بلس لانضباط أقوى في تلبية أهداف الإنتاج.

وذكر التقرير أن شركة بترول أبوظبي الوطنية (أدنوك) خفضت شحنات النفط الخام المخصصة لبعض العملاء في آسيا، مما قلص الأحجام بنحو 230 ألف برميل يومياً عبر درجات الخام المختلفة، وذلك نقلاً عن شركات لديها عقود لتلقي الشحنات.

من جهة أخرى، قال متعاملون ومحللون إن سعر النفط الخام الإيراني للصين ارتفع إلى أعلى مستوى منذ سنوات بسبب عقوبات أميركية إضافية أثرت على قدرات الشحن ورفعت تكاليف الخدمات اللوجيستية.

ويؤدي ارتفاع أسعار النفط الإيراني والروسي إلى زيادة التكاليف على المصافي الصينية المستقلة التي تمثل نحو خمس الطلب في أكبر سوق مستوردة للخام في العالم، مما يسلط الضوء على تحديات محتملة في ظل توقعات بأن تزيد إدارة الرئيس المنتخب دونالد ترمب الضغوط على طهران عندما تتولى السلطة.

وأوضح متعاملون أن بعض المصافي تتحول إلى إمدادات غير خاضعة لقيود العقوبات، بما في ذلك من الشرق الأوسط وغرب أفريقيا، لتلبية الطلب الموسمي في الشتاء وقبل رأس السنة القمرية الجديدة.

وانخفضت الخصومات على الخام الإيراني الخفيف لنحو 2.50 دولار للبرميل مقابل خام برنت في بورصة إنتركونتيننتال على أساس تسليم ظهر السفينة في ميناء الوصول للصين، وذلك مقارنة بخصومات أقل من أربعة دولارات في أوائل نوفمبر. وقال متعاملون إن الخصومات على الخام الإيراني الثقيل تقلصت أيضاً إلى نحو أربعة إلى خمسة دولارات للبرميل من نحو سبعة دولارات في أوائل نوفمبر.

وترتفع أسعار الخام الإيراني منذ أكتوبر (تشرين الأول) عندما انخفضت صادرات الدولة العضو في «أوبك» في أعقاب مخاوف من هجوم إسرائيلي على منشآت نفط إيرانية.

وأفادت المصادر وبيانات الشحن من مجموعة بورصات لندن بأن تشديد إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن للعقوبات على طهران الأسبوع الماضي أدى إلى توقف بعض السفن التي تنقل الخام الإيراني عبر ناقلات أخرى إلى الصين قبالة سواحل سنغافورة وماليزيا.

وأظهرت بيانات كبلر لتتبع السفن أن واردات الصين من النفط الخام والمكثفات الإيرانية انخفضت في نوفمبر بنحو 524 ألف برميل يومياً إلى أدنى مستوى في أربعة أشهر عند 1.31 مليون برميل يومياً مقارنة بالشهر السابق.

وأظهرت بيانات الشحن من مجموعة بورصات لندن أن عدداً من ناقلات النفط الخام العملاقة الخاضعة للعقوبات تبحر قبالة سواحل ماليزيا. وأوضحت البيانات أن ناقلة نفط خاضعة للعقوبات أبحرت من الصين يوم الجمعة. وقالت مصادر تجارية إن الناقلة أفرغت حمولتها في ميناء ريتشاو بمقاطعة شاندونغ.

وقال محللون إن أسعار النفط الإيراني تلقت دعما جزئياً من تعافي الطلب في الصين مع شراء المصافي المستقلة المزيد من الخام بعد الحصول على حصص استيراد إضافية من الحكومة وزيادة إنتاجها من الوقود قليلاً.