لبنان: الحكومة تتجنّب الغوص بقانون الانتخابات تفادياً لانقسامها

عون حذّر من التمديد للبرلمان وذكّر بأن «الشعب مصدر السلطات»

لبنان: الحكومة تتجنّب الغوص بقانون الانتخابات تفادياً لانقسامها
TT

لبنان: الحكومة تتجنّب الغوص بقانون الانتخابات تفادياً لانقسامها

لبنان: الحكومة تتجنّب الغوص بقانون الانتخابات تفادياً لانقسامها

كلّما اقترب موعد الجلسة التشريعية المقرّرة في 15 مايو (أيار) المقبل، المخصصة للتمديد للبرلمان اللبناني، ابتعدت فرص التفاهم على قانون جديد للانتخابات. وفي ظلّ مشاريع القوانين المتضاربة، واختلاف الحلفاء قبل الخصوم على نظرتهم للقانون العتيد، برز التحذير الذي أطلقه رئيس الجمهورية ميشال عون، من الذهاب مرّة جديدة إلى التمديد، والتلويح بخيار «الاحتكام إلى الشعب كونه مصدر السلطات».
امتناع الحكومة عن عقد جلساتها الدورية، ومناقشة قانون الانتخاب، يحمل تفسيرات مختلفة، لكن المعلومات تتقاطع عند أهمية إبعاد أزمة القانون الانتخابي عن طاولة مجلس الوزراء، تجنباً لشرخ حكومي. لكن المأزق الحقيقي عبّر عنه عون أمس، عندما حذّر الجميع، «شعبا ومسؤولين من الذهاب إلى التمديد للبرلمان». إذ قال: «لا يهدّدنا أحد به، لأنّ فيه خراباً للبنان»، متابعاً أنه «حتى مهلة 20 يونيو (حزيران) المقبل يمكن وضع قانون جديد للانتخابات، «وحتى لو وصلنا إلى 20 يونيو، فإنه لا فراغ سيحصل في المؤسسات، هذا المجلس لن يمدد لنفسه ومن غير المقبول أن يمدد لنفسه دقيقة واحدة».
وتابع عون: «إذا تخلى اللبنانيون عن حقهم بانتخاب ممثليهم في البرلمان، يتغّير نظام الحكم ونصبح في نظام ديكتاتوري»، معتبراً أن «التمديد المتمادي هو انقلابات متمادية على الشعب من مجموعة تحكم لبنان، حيث لا يبقى من رابط بين مصدر السلطة من جهة والسلطة التي تُمارَس من جهة أخرى». وسأل: «من يجزم أننا إذا مددّنا للمجلس لمرة ثالثة، لن يقوم هذا الأخير بالتمديد لنفسه مرّة رابعة؟». ثم أضاف: «الدستور ينصّ في مقدمته على أنّ الشعب هو مصدر السلطات، وهو يوليها وكالة»، سائلا: «أين هذه الوكالة ولمن تُعطى؟».
من جهة ثانية، اعتبر وزير الاقتصاد والتجارة رائد خوري، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «الأسبوعين المقبلين، سيحددان مسار الأمور». ورأى خوري أن «الوضع لا يحتمل أن يمدد مجلس النواب لنفسه مرة جديدة، إذ لا يقبل أي لبناني بتمديد لا مبرر له»، متوقعاً «الاتفاق على قانون انتخابي جديد في وقت قريب». وأردف خوري - المقرب من عون - «لا أحد يستطيع أن يفصّل قانوناً على قياسه، وعلى كل طرف أن يتحمّل مسؤوليته في هذا الجانب»، مذكراً بأن «النظام اللبناني هو نظام طائفي، وبالتالي يجب الاتفاق على قانون يعكس إرادة الشعب اللبناني بكل مكوناته، بدل أن نستمرّ بالنهج الذي يمثّل انقلاباً على إرادة الناس».
أما وزير الدولة لشؤون المرأة جان أوغاسبيان، فأعلن أن «اللقاءات مستمرّة، وهناك مباحثات جدية، والأمل كبير بالوصول إلى تفاهم على قانون الانتخاب». ورأى في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «الحكومة لا يمكنها أن تجتمع من دون أن تناقش قانون الانتخاب، في وقت يجب أخذ هذا الملف إلى مزيد من التفاهمات». ودعا أوغاسبيان إلى «معالجة الأمور بروية وعقلانية، والأخذ بالاعتبار حماية الاستقرار والمناخات الإيجابية، لأن المزايدات والتجييش الطائفي والمذهبي، يحمّلان البلد أثماناً باهظة».
إلى ذلك، أبدى وزير الدولة لشؤون حقوق الإنسان أيمن شقير أسفه لـ«تعليق جلسات مجلس الوزراء، وعدم الوصول حتى الآن لقانون للانتخابات». وجدد هجومه على مشروع القانون الذي قدّمه وزير الخارجية جبران باسيل، الذي يقوم على أساس التأهيل الطائفي، وقال شقير: «أبلغنا رئيس الحكومة سعد الحريري، رفض الحزب التقدمي الاشتراكي للقانون التأهيلي على أساس طائفي، لأن هذا القانون يشكل ضربة للوحدة الوطنية والشراكة»، آملا «التوافق على قانون يعزز الانفتاح والتنوع والتعددية والعيش الواحد المشترك بين جميع اللبنانيين».
جدير بالذكر، أن البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي كان قد أمل أن «يتمكن مجلس النواب من إقرار قانون جديد للانتخابات». وقال: «أصلي على نية النواب كي يتطلعوا إلى مصلحة المواطن اللبناني وإلى خير الوطن، فيقروا في المهلة المتبقية أي قبل الخامس عشر من مايو المقبل قانونا جديدا على قياس الوطن لا على قياس الأشخاص». وأسف الراعي لقول البعض إنه يريد قانون الستين. وقال: «منذ سنوات أناشد الجميع بضرورة وأهمية إقرار قانون جديد للانتخابات، يمنح صوت المواطن قيمة وتمثيلا صحيحا لكل مكونات المجتمع اللبناني». وأكد أنه «ضد الفراغ وضد التمديد لمجرد التمديد، لأنه يصبح اغتصاباً للسلطة».



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.