المسيرات المساندة لإضراب الأسرى تنتقل من مدن فلسطين إلى عواصم أوروبا

نتنياهو يشترط وقف دفع رواتب الأسرى لتحقيق السلام... والمنظمة ترفض

فلسطينيون مهاجرون في اليونان يشاركون في مظاهرة أمام البرلمان اليوناني في أثينا تضامناً مع إضراب الأسرى الفلسطينيين (أ.ف.ب)
فلسطينيون مهاجرون في اليونان يشاركون في مظاهرة أمام البرلمان اليوناني في أثينا تضامناً مع إضراب الأسرى الفلسطينيين (أ.ف.ب)
TT

المسيرات المساندة لإضراب الأسرى تنتقل من مدن فلسطين إلى عواصم أوروبا

فلسطينيون مهاجرون في اليونان يشاركون في مظاهرة أمام البرلمان اليوناني في أثينا تضامناً مع إضراب الأسرى الفلسطينيين (أ.ف.ب)
فلسطينيون مهاجرون في اليونان يشاركون في مظاهرة أمام البرلمان اليوناني في أثينا تضامناً مع إضراب الأسرى الفلسطينيين (أ.ف.ب)

رفضت منظمة التحرير الفلسطينية طلب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالتوقف عن دفع مخصصات الأسرى الفلسطينيين كأحد شروط استكمال عملية السلام، وقالت: إن الدعم المالي يجب أن يتوقف عن إرهاب الاحتلال، وليس المعتقلين لديه، وذلك في حين واصل نحو 1500 أسير فلسطيني إضرابا مفتوحا عن الطعام منذ أسبوع للمطالبة بتحسين ظروف اعتقالهم.
وقال أحمد مجدلاني، عضو اللجنة التنفيذية للمنظمة: إن تصريحات نتنياهو حول وقف مخصصات الأسرى هي «تحريض على السلطة الفلسطينية واستكمال للمسلسل الداعي إلى اعتبار الصندوق القومي الفلسطيني (منظمة إرهابية)»، مضيفا أن هذه اللغة التحريضية «تأتي في ظل الإضراب البطولي الذي يخوضه أسرى الحرية في معركتهم النضالية، ويجب على العالم أجمع أن يوقف الدعم المالي ويرفع الغطاء السياسي عن حكومة الإرهاب والاستيطان، التي تمارس بشكل يومي جرائم وإرهاب دولة منظمة».
وتابع مجدلاني موضحا، أن «محاولات الاحتلال بالتأثير على معنويات الأسرى عبر التصريحات المتتالية، وتحديدا قبل لقاء الرئيس (عباس) مع الرئيس الأميركي، هي مسرحية هزلية لن تمر».
وكان مجدلاني يعقّب في اجتماع فصائلي على تصريح لنتنياهو قال فيه إنه يجب وقف دفع الأموال «للمخربين». وأضاف نتنياهو لشبكة «فوكس نيوز» الأميركية «إن أول اختبار للفلسطينيين إذا ما كانوا يريدون فعلا صنع السلام هو توقفهم عن دفع الأموال للمخربين... إنهم لا يدفعون لهم وفقا لمقياس الحياة، بل وفقا لـ كم يقتلون. فكلما قتلت أكثر حصلت على أموال أكثر».
وهذه ليست أول مرة يهاجم فيها مسؤولون إسرائيليون تحويل المنظمة والسلطة لرواتب «للشهداء» الفلسطينيين و«الأسرى»، لكنها المرة الأولى التي يجعلها مسؤول إسرائيلي شرطا لكشف نوايا الفلسطينيين بشأن السلام.
الشهر الماضي، قرر وزير الجيش الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان اعتبار الصندوق القومي الفلسطيني، التابع لمنظمة التحرير الفلسطينية، مؤسسة إرهابية، متهما إياه بدفع عشرات الملايين من الشواقل (العملة الإسرائيلية) بشكل شهري لمعتقلين فلسطينيين في السجون الإسرائيلية.
وتجدر الإشارة إلى أن الصندوق القومي تابع لمنظمة التحرير الفلسطينية، وهو الذي يمول جميع فصائل المنظمة، وكان يعد وزارة مالية الفلسطينيين قبل تأسيس السلطة الفلسطينية.
ويخصص الصندوق الذي يحيط برصيده أو مصادر تمويله الكثير من السرية، أمواله لفصائل المنظمة ومعتقلين في السجون الإسرائيلية وعائلات «شهداء»، وأي احتياجات للاجئين الفلسطينيين في الشتات أو مؤسسات تابعة للمنظمة. ولم يكن الصندوق يدفع سابقا للأسرى، وكانت مخصصاتهم تدفع من خلال وزارة شؤون الأسرى التي اضطرت السلطة إلى إلغائها بسبب انتقادات دولية حول دفع الأموال الممنوحة لمعتقلين، وحولتها (الوزارة) إلى هيئة تابعة للأسرى، وأصبح الصندوق القومي هو الذي يتولى مهمة دفع هذه المخصصات.
وقال وزير العدل الفلسطيني علي أبو دياك، أمس إنه «لا يمكن القبول بقلب المفاهيم النضالية وانهيار منظومة القيم الإنسانية، وتشويه مضامين القوانين والمواثيق الدولية، والسماح بإسقاط جريمة الإرهاب عن الاحتلال والاستيطان والعدوان الإسرائيلي، ووصم نضال شعبنا الفلسطيني، الذي يدافع عن نفسه وأرضه ومقدساته وحريته وحقوقه العادلة بالإرهاب»، وأضاف أبو دياك ردا على تصريحات رئيس الحكومة الإسرائيلية بشأن طلب وقف المخصصات المالية التي تدفع للأسرى وذوي الشهداء «إن الشهداء والأسرى الفلسطينيين هم رموز نضالنا الوطني المشروع، وضمير شعبنا الفلسطيني، وهم ضحايا الإرهاب المنظم وإرهاب الدولة، الذي يمارسه الاحتلال الإسرائيلي تجاه شعبنا الفلسطيني... وحل القضية الفلسطينية لا يكون بالاستسلام للفكر الصهيوني المتطرف، وإنما بتحقيق السلام العادل المشرف، والسلام لا يتحقق برفع الشرعية عن النضال الفلسطيني في مواجهة الاحتلال وإنما بإنهاء الاحتلال والاستيطان الإسرائيلي، الذي ينتهك كافة حقوق شعبنا، ويتحدى القانون الدولي والشرعية الدولية».
كما رفضت حركة حماس شرط نتنياهو ودعت للتصدي له؛ إذ قال الناطق باسم الحركة فوزي برهوم: إن الحملة الإسرائيلية للضغط على السلطة الفلسطينية لوقف مخصصات الأسرى والجرحى والشهداء، بحجة دعم الإرهاب، محاولة لضرب النسيج والمكوّن الوطني الفلسطيني، وتشويه لنضالات شعبنا وعناوين مقاومته والمدافعين عنه. وأضاف برهوم في بيان، أن الأسرى والشهداء «هم طلاب حرية، ومقاومتهم للاحتلال مشروعة أقرتها الشرائع والقوانين الدولية»، مبرزا أن «الإرهاب الحقيقي هو ما يمارسه الكيان الصهيوني من جرائم قتل وانتهاكات يومية بحق الأطفال والنساء والشيوخ الفلسطينيين، وحصار مليوني فلسطيني في غزة وحرمانهم من أبسط حقوقهم».
وشدد الناطق باسم الحركة على أن كل أشكال الدعم الأميركي والدولي لإسرائيل دعم فعلي للإرهاب، وتشجيع على العنف والقتل ضد الشعب الفلسطيني، حسب تعبيره.
وجاء الطلب الإسرائيلي حول رواتب الأسرى في حين يخوض نحو 1500 أسير فلسطيني إضرابا مفتوحا عن الطعام لتحقيق بعض مطالبهم المتعلقة بتحسين ظروف الاعتقال. وأطلق الأسرى على الإضراب الجماعي، الذي يقوده الأسير مروان البرغوثي، عضو اللجنة المركزية لحركة فتح: «إضراب الحرية والكرامة»، وهو الإضراب الأكبر منذ إضراب 2012.
ويطلب الأسرى في الإضراب الحالي الذي يتوقع أن يأخذ وقتا قبل بلورة اتفاق: «إنهاء سياسة العزل وسياسة الاعتقال الإداري، إضافة إلى المطالبة بتركيب هاتف عمومي للأسرى الفلسطينيين للتواصل مع ذويهم، ومجموعة من المطالب التي تتعلق بزيارات ذويهم وإنهاء سياسة الإهمال الطبي، والسماح بإدخال الكتب والصحف والقنوات الفضائية، إضافة إلى مطالب حياتية أخرى».
لكن إسرائيل ترفض حتى الآن التفاوض مع الأسرى، وسط دعوات مسؤولين بتركهم يموتون جوعا.
وواصلت إسرائيل أمس عمليات القمع، حيث نفذت اقتحامات وتفتيشات مكثفة على أقسام الأسرى المضربين عن الطعام، وأجرت تنقلات وصادرت ممتلكات، بما فيها الملح الذي يستخدمه الأسرى مع الماء سلاحا وحيدا لإطالة أمد الإضراب.
وفي الضفة الغربية، تواصلت المسيرات والوقفات والاعتصامات المساندة للإضراب. أما في غزة فقد خرج الآلاف أمس يهتفون للأسرى المضربين. كما نظمت الجاليات في أوروبا فعاليات تضامنية واسعة مع الأسرى في سجون الاحتلال، في مالمو بالسويد بالتعاون مع حركة «الحراك»، وفي بروكسل حيث نظمت الجالية الفلسطينية ببلجيكا وقفة تضامنية دعما للأسرى الفلسطينيين، وأيضا في العاصمة الإسبانية مدريد، حيث تجمع أبناء الجالية الفلسطينية، تضامنا مع الأسرى. ويحظى الإضراب الجماعي الذي ينفذه الأسرى بدعم فلسطيني وعربي ودولي كبير؛ لأنه يستهدف تحسين ظروف الاعتقال الصعبة.
وأصدرت أمس حركة عدم الانحياز (NAM)، بيانا أعلنت فيه تضامنها مع الأسرى الفلسطينيين. وقالت الحركة «إننا نعرب عن تضامننا مع هذا التحرك السلمي وغير العنيف، المحتج على المعاملة اللاإنسانية من قبل إسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال، في الوقت الذي يطالبون فيه باحترام حقوقهم الإنسانية وفقا للقانون الدولي وحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي... والحركة قلقة إزاء وجود أكثر من 6500 مدني فلسطيني، بينهم 53 امرأة و300 طفل مسجونون حاليا من قبل إسرائيل، من بينهم نحو 700 يقبعون في الاعتقال الإداري من دون توجيه أي تهم بحقهم».
وأدانت الحركة الحملة الإسرائيلية المستمرة لاعتقال المدنيين الفلسطينيين خلال الغارات العسكرية، بشكل يومي تقريبا، بما في ذلك غارات ليلية على منازل المدنيين، ودعت إلى وقف هذه الممارسات، كما دعت إسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال، إلى احترام التزاماتها بموجب القانون الدولي. كما أدانت ظروف احتجاز الأسرى الفلسطينيين ووصفتها بـ«ظروف قاسية ولا إنسانية»، وتشتمل على «سوء المعاملة الجسدية والنفسية، بما في ذلك التعذيب والاستجواب القاسي والترهيب والحبس الانفرادي، وحرمانهم من الحصول على العلاج الطبي اللازم والزيارات العائلية».
وأعربت الحركة عن قلقها بشكل خاص إزاء حالة الفئات الأكثر ضعفا في السجون الإسرائيلية، بما في ذلك النساء الفلسطينيات والأطفال، فضلا عن المعتقلين الفلسطينيين المرضى والمعوقين والمشلولين.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.