الاستثمار في الديون المصرية يحافظ على جاذبيته

3.1 مليار دولار إجمالي شراء الأذون والسندات منذ قرار التعويم

الاستثمار في الديون المصرية يحافظ على جاذبيته
TT

الاستثمار في الديون المصرية يحافظ على جاذبيته

الاستثمار في الديون المصرية يحافظ على جاذبيته

صرح أحمد كجوك، نائب وزير المالية المصري للسياسات المالية، لـ«الشرق الأوسط»، بأن مصر جذبت استثمارات أجنبية بقيمة 3.1 مليار دولار في أدوات الدين المحلية، منذ تحرير سعر الصرف في أواخر 2016، وحتى منتصف مارس (آذار) الحالي، ليصل رصيد الأذون والسندات المحلية، المقومة بالجنيه إلى 4 مليارات دولار، مقارنة بـ900 مليون دولار عند تعويم الجنيه في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.
كانت مصر قد حررت سعر صرف عملتها أمام العملات الأجنبية، في 3 نوفمبر الماضي، في خطوة تهدف لاستقرار سوق الصرف لديها والقضاء على السوق السوداء للعملة، حيث رفع تحرير سعر الصرف شهية المستثمرين الأجانب ليشتروا بقوة في الأسهم المصرية التي أصبحت مغرية ورخيصة، وكذلك في أذون وسندات الخزانة ذات العائد المرتفع، وبلغ العائد السنوي على أُذون الخزانة المصرية نحو 19.4 في المائة في عطاء الأمس، وتمت تغطية العطاء مرتين.
وقال البنك المركزي المصري، في وقت سابق من هذا الشهر، إن الاستثمار الأجنبي زاد في أذون الخزانة ليحقق صافي شراء بقيمة 686.7 مليون دولار، في النصف الأول من السنة المالية 2016 - 2017، مقابل صافي مبيعات 38.3 مليون قبل عام.
وعلى الرغم من أن السيطرة على ارتفاع الدين العام الحكومي من ضمن أبرز أهداف برنامج الإصلاح الذي اتفقت عليه الحكومة مع صندوق النقد الدولي في نوفمبر الماضي، فإن زيادة الإنفاق على دعم الطاقة والأجور تجعل الاستدانة «نجاحاً» للحكومة.
وتستهدف الحكومة الوصول بنسبة الدين العام الحكومي إلى 89.1 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي خلال السنة المالية المقبلة مقابل 93.8 في المائة متوقعة في نهاية العام الحالي، وفقاً للبرنامج الاقتصادي المتفق عليه مع الصندوق، ويغل الدين المتفاقم يد الدولة عن تحقيق التنمية من مواردها الأساسية.
ويبدو عجز الموازنة المصرية، الفرق بين الإيرادات والمصروفات، ضخماً للغاية عند إدراج فوائد الديون ضمن مصروفات الحكومة، إذ تتوقع الحكومة عجزاً كلياً في السنة المقبلة يقترب مما يعادل 10 في المائة من إجمالي الناتج المحلي للبلاد.
وتسبب تحرير سعر صرف الجنيه، الذي كان ضمن حزمة الإجراءات الإصلاحية المتفق عليها مع الصندوق، في رفع توقعات الحكومة لتكلفة دعم الطاقة (الوقود والكهرباء) خلال السنة المالية المقبلة، وفقاً لتصريحات لوزير المالية، إلى 200 مليار جنيه (11 مليار دولار)، مقابل 135 مليار جنيه (7.5 مليار دولار) متوقعة للعام الحالي.
وقال وزير المالية في تصريحات أخيرة إن الحكومة تتوقع ارتفاع النمو في 2017 - 2018 بنسبة 4.8 في المائة مقابل 4 في المائة متوقعة للعام الحالي.
وفي حالة تحقيق الحكومة هدفها، فإن قيمة الدين العام الحكومي المتوقعة سترتفع خلال السنة المقبلة بنسبة 13.1 في المائة لتصل بنهاية السنة إلى 3.641 تريليون جنيه (199 مليار دولار)، مقابل 3.220 تريليون (178 مليار دولار)، بينما يصعد الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 18.9 في المائة (زيادة اسمية) إلى 4.085 تريليون جنيه (226 مليار دولار) مقابل 3.434 تريليون جنيه (190 مليار دولار).
ويهتم المستثمرون الأجانب بالاستثمار في أوراق الدين الحكومية لسببين؛ أولهما الفائدة المرتفعة التي تقترب من 20 في المائة ، قبل خصم الضرائب، وثانيهما السعر المنخفض للجنيه، حيث يزيد الطلب عندما يرتفع سعر صرف الدولار إلى 18 جنيهاً، ويقل عندما يقترب من حاجز الـ16 جنيهاً، عند هذه الأسعار المنخفضة يقوم المستثمرون بالبيع لا الشراء، فيحققون فائدة تتجاوز 30 في المائة.
ونصحت مؤسسة «ميريل لينش» التابعة لـ«بنك أوف أميركا»، أحد أكبر بنوك الاستثمار في العالم، المستثمرين الدوليين والمؤسسات المالية العالمية بالاستثمار في أذون الخزانة المصرية، بعد الإجراءات التي اتخذها البنك المركزي على صعيد السياسات النقدية وتحرير سعر الصرف، نهاية العام الماضي.
وقالت المؤسسة في مذكرة بحثية لها في نوفمبر الماضي إن «سوق أدوات الدين المصرية وأذون الخزانة تعتبر حالياً سوقاً واعدة»، داعية للاستفادة من رخص سعر العملة المصرية وبلوغها مستويات تاريخية، مما زاد من جاذبية الاستثمار في السندات والأذون المصرية التي أصبحت الآن في وضع أفضل.
وتوقعت المؤسسة الأميركية زيادة التدفقات النقدية بالعملة الصعبة إلى السوق الرسمية للعملة في مصر، بعد قرارات البنك المركزي المصري، مما يساعد في تزايد جاذبية السوق المصرية أمام المستثمرين الدوليين.
«العائد مجزٍ للغاية على السندات والأذون المقومة بالجنيه، فهي تدور حول 20 في المائة سنوياً، وبعد الضرائب تصل إلى نحو 16.5 في المائة، بينما العائد على الاستثمار في السندات الدولارية أقل بكثير»، تقول رضوى السويفي، رئيسة قطاع البحوث بشركة فاروس القابضة.
وتشير رضوى السويفي إلى أن ما كان يقلق المستثمرين خلال السنوات التالية لثورة 2011 هو عدم استقرار سعر صرف الجنيه أمام الدولار، مما كان يتسبب في تآكل أرباحهم عند تحويل الجنيه إلى دولار.
وانخفض سعر صرف الجنيه من نحو 5.5 جنيه للدولار في ديسمبر (كانون الأول) 2010 إلى نحو 18.1 جنيه لكل دولار حالياً، «في فترة ما قبل الثورة، وصلت الاستثمارات الأجنبية في أذون الخزانة المصرية إلى قرابة 10 مليارات دولار سنوياً في الأوراق المالية المصرية»، كما تقول رئيسة البحوث في فاروس.
عامل ثالث، إلى جانب نسبة العائد واستقرار العملة، يحدد تدفق الاستثمارات الأجنبية في أوراق الدين، وهو القدرة على تحويل الأموال للخارج، كما توضح رضوى السويفي، مشيرة إلى أنه «كانت هناك قيود لفترة وتم إلغاؤها».
وترى رضوى أن تدفقات الاستثمارات في الأوراق المالية الحكومية ستستمر لأعوام مقبلة «ما دامت العملة مستقرة، والفرق كبير بين العائد على الجنيه والعائد على الدولار، والمستثمر قادر على إخراج دولاراته من مصر»، وتتوقع السويفي ارتفاع سعر صرف الجنيه، نتيجة توازن في العرض والطلب على الدولار خلال النصف الثاني من 2017.
من ناحية أخرى، ترى ريهام الدسوقي، كبيرة الاقتصاديين ببنك الاستثمار «أرقام كابيتال»، إن المستثمرين الدوليين في الأوراق المالية ينظرون إلى الاقتصاد ككل وليس للقطاع المالي فقط، لأن استقرار الاقتصاد مهم لتقليل مخاطر وضمان استردادهم لأموالهم، «فهم يحاولون توقع تأثير الإجراءات الأخيرة على الطلب المحلي والاستثمار والتضخم وحجم الديون وأداء الشركات والاقتصاد ككل».
وترى محللة «أرقام كابيتال» أن اضطراب القرارات الاقتصادية خلال السنوات الماضية أثر بالسلب على رؤية المستثمرين لمصر، لكنها تؤكد جاذبية السوق المصرية للاستثمار في أدوات الدين.
«رفع البنك المركزي لسعر الفائدة بنسبة 3 في المائة على الودائع والأذون في توقيت التعويم نفسه كان الغرض منه جذب الاستثمارات الأجنبية في أوراق الدين الحكومية، وليس تقليل التضخم المحلي كما أُشيع وقتها، فأسباب التضخم كانت زيادة تكلفة المنتجات وليس زيادة السيولة»، كما تقول ريهام الدسوقي، متوقعة استمرار الطلب العالمي على السندات والأذون المحلية المصرية خلال الفترة المقبلة، «خصوصاً أن أسعار الفائدة حول العالم ما زالت منخفضة».
واقترضت الحكومة المصرية 1.121 تريليون جنيه عن طريق أذون وسندات الخزانة خلال عام 2016، وتعتزم وزارة المالية اقتراض 299 مليار جنيه من البنوك خلال الربع الأول من 2017.



تأييد استمرار خفض الفائدة يتزايد داخل «المركزي الأوروبي» حال استقرار التضخم

مقر البنك المركزي الأوروبي في مدينة فرانكفورت الألمانية (رويترز)
مقر البنك المركزي الأوروبي في مدينة فرانكفورت الألمانية (رويترز)
TT

تأييد استمرار خفض الفائدة يتزايد داخل «المركزي الأوروبي» حال استقرار التضخم

مقر البنك المركزي الأوروبي في مدينة فرانكفورت الألمانية (رويترز)
مقر البنك المركزي الأوروبي في مدينة فرانكفورت الألمانية (رويترز)

أيد أربعة من صناع السياسات في البنك المركزي الأوروبي يوم الجمعة المزيد من خفض أسعار الفائدة؛ شريطة أن يستقر التضخم عند هدف البنك المركزي الأوروبي البالغ 2 في المائة كما هو متوقع.

وخفض البنك المركزي لمنطقة اليورو أسعار الفائدة للمرة الرابعة هذا العام يوم الخميس، وأبقى الباب مفتوحا لمزيد من التيسير، على الرغم من أن بعض المحللين شعروا أن إشارة رئيسة البنك كريستين لاغارد في هذا الاتجاه كانت أقل وضوحا مما كانوا يأملون.

وبدا أن محافظ البنك المركزي الفرنسي فرنسوا فيليروي دي غالو، وزميله الإسباني خوسيه لويس إسكريفا، والنمساوي روبرت هولزمان، وغاستون راينش من لوكسمبورغ، قد أكدوا الرسالة يوم الجمعة.

وقال فيليروي دي غالو لإذاعة الأعمال الفرنسية: «سيكون هناك المزيد من تخفيضات الأسعار العام المقبل». وفي حديثه على التلفزيون الإسباني، أضاف إسكريفا أنه من «المنطقي» أن «يخفض البنك المركزي الأوروبي أسعار الفائدة مرة أخرى في اجتماعات مستقبلية» إذا استمر التضخم في التقارب مع الهدف. وكان 2.3 في المائة في نوفمبر (تشرين الثاني).

وخفض البنك المركزي الأوروبي سعر الفائدة الذي يدفعه على احتياطيات البنوك بمقدار 25 نقطة أساس إلى 3.0 في المائة يوم الخميس، ويتوقع المستثمرون تخفيضات أخرى بقيمة 100 نقطة أساس على الأقل بحلول يونيو (حزيران) المقبل.

ورفضت لاغارد التكهن بالمسار المستقبلي للأسعار، مشيرة إلى المخاطر التي تتراوح من التعريفات الجمركية الأميركية المحتملة إلى عدم اليقين السياسي في الداخل، حيث إن فرنسا حالياً دون حكومة، بينما تواجه ألمانيا تحديات انتخابات جديدة، فضلاً عن التضخم المحلي المرتفع.

وألقى فيليروي دي غالو، الوسطي الذي أصبح مؤيداً بشكل متزايد للسياسة التيسيرية في الأشهر الأخيرة، بثقله وراء توقعات السوق. وقال: «ألاحظ أننا مرتاحون بشكل جماعي إلى حد ما لتوقعات أسعار الفائدة في الأسواق المالية للعام المقبل».

وحتى محافظ البنك المركزي النمساوي روبرت هولزمان، وهو من الصقور وكان المعارض الوحيد للتيسير، أيد عودة أسعار الفائدة إلى مستوى محايد، لا يحفز الاقتصاد ولا يكبح جماحه، عند حوالي 2 في المائة. وقال للصحافيين: «ستتجه أسعار الفائدة في هذا الاتجاه. وإذا تحققت تقييمات السوق كما هي في الوقت الحالي، فسوف تتطابق مع توقعاتنا. وإذا تطابقت توقعاتنا، فربما يتعين علينا تعديل أسعار الفائدة لدينا لتكون متسقة».

وقال راينيش من لوكسمبورغ، والذي نادراً ما يناقش السياسة في العلن، لوسائل الإعلام المحلية أنه «لن يكون من غير المعقول» أن «ينخفض ​​سعر الودائع إلى 2.5 في المائة بحلول أوائل الربيع»، وهو ما يعني على الأرجح خفض سعر الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس في يناير (كانون الثاني) ومارس (آذار) المقبلين.

بينما قلل إسكريفا من احتمال خفض سعر الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس، وهو الخيار الذي طرحه بعض زملائه وتبناه البنوك المركزية في سويسرا والولايات المتحدة. وقال محافظ البنك المركزي الإسباني المعين حديثا: «في المناقشات التي أجريناها (الخميس)، كانت الفكرة السائدة هي أنه يتعين علينا الاستمرار في إجراء تحركات هبوطية بمقدار 25 نقطة أساس، وهو الشكل الذي سيسمح لنا بمواصلة تقييم التأثيرات من حيث انكماش التضخم».

في غضون ذلك، ظل الإنتاج الصناعي في منطقة اليورو دون تغيير في أكتوبر (تشرين الأول) مقارنة بالشهر السابق، متجاوزا التوقعات بانخفاض طفيف، لكن البيانات تشير إلى عدم وجود تعافي في الأفق لقطاع غارق في الركود منذ ما يقرب من عامين. وجاء الرقم الذي لم يتغير، والذي أصدره «يوروستات»، أعلى قليلا من توقعات الاقتصاديين بانخفاض بنسبة 0.1 في المائة، ويأتي بعد انخفاض بنسبة 1.5 في المائة في سبتمبر (أيلول).

وأعلنت ألمانيا وفرنسا وهولندا عن قراءات سلبية خلال الشهر، بينما ظل الإنتاج الإيطالي راكدا، تاركا إسبانيا الدولة الوحيدة من بين أكبر دول منطقة اليورو التي سجلت قراءة إيجابية.

وعانت الصناعة الأوروبية لسنوات من ارتفاع حاد في تكاليف الطاقة، وتراجع الطلب من الصين، وارتفاع تكاليف التمويل للاستثمار، والإنفاق الاستهلاكي الحذر في الداخل. وكان هذا الضعف أحد الأسباب الرئيسية وراء خفض البنك المركزي الأوروبي لأسعار الفائدة يوم الخميس وخفض توقعاته للنمو، بحجة وجود حالة من عدم اليقين في الوفرة.

وبالمقارنة بالعام السابق، انخفض الناتج الصناعي في منطقة اليورو بنسبة 1.2 في المائة، مقابل التوقعات بانخفاض بنسبة 1.9 في المائة. ومقارنة بالشهر السابق، انخفض إنتاج الطاقة والسلع المعمرة والسلع الاستهلاكية، وارتفع إنتاج السلع الرأسمالية فقط.