عون: لمست في السعودية ما توقعت من حرصها على لبنان

قال لـ «الشرق الأوسط» إن الحل لقانون الانتخابات موجود في اتفاق الطائف

الرئيس ميشال عون خلال حديثه للزميل غسان شربل رئيس التحرير ويبدو الزميل ثائر عباس ({الشرق الأوسط})
الرئيس ميشال عون خلال حديثه للزميل غسان شربل رئيس التحرير ويبدو الزميل ثائر عباس ({الشرق الأوسط})
TT

عون: لمست في السعودية ما توقعت من حرصها على لبنان

الرئيس ميشال عون خلال حديثه للزميل غسان شربل رئيس التحرير ويبدو الزميل ثائر عباس ({الشرق الأوسط})
الرئيس ميشال عون خلال حديثه للزميل غسان شربل رئيس التحرير ويبدو الزميل ثائر عباس ({الشرق الأوسط})

بدت العلاقات السعودية - اللبنانية، في طريقها إلى انطلاقة جديدة بعد المحادثات التي أجراها الرئيس ميشال عون أمس في الرياض مع خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز. وأكد الرئيس اللبناني في حديث إلى «الشرق الأوسط» بعد المحادثات أنه سمع ولمس ما كان يتوقعه من حرص السعودية على أمن لبنان واستقراره وازدهاره واللحمة بين أبنائه. وقال إن قرار عودة السعوديين إلى لبنان متخذ، وتوقع أن تظهر نتائج الزيارة بعد محادثات عبر القنوات الوزارية.
* كيف تصفون المحادثات مع خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز؟
- وجدت أن العلاقات القديمة قادرة على تجاوز أي غيوم عكرتها سابقًا. تحدثنا بكل طبيعية وارتياح. ووجدت لديه غيرة على لبنان قد تكون أكبر من غيرة بعض اللبنانيين. لقد كان مهتمًا بإبداء حرصه على استقرار لبنان، وعلى التسامح بين الطوائف اللبنانية. ولم ألمس في توجهاته إلا الخير للبنان، وهذا شيء لا يمكن أن نقابله إلا بالخير، علمًا بأننا في الأساس لم نكن نريد إلا الخير للمملكة، ولم يكن لدينا أي خيارات مناوئة. قد تكون هناك بعض الظروف التي دفعتنا إلى التزام الصمت، بسبب الأوضاع التي كانت تحصل في بعض الدول العربية وفي ما يخص هذه الدول. وأنا أعتبر أنه انطلاقًا من هذه الزيارة كل شيء عاد إلى طبيعته.
* هل هذا يعني صفحة جديدة في العلاقات اللبنانية - السعودية؟
- نعم. عندما تنجلي هذه المرحلة العابرة، سنتأكد أنه لم تكن لها جذور لدى الشعب اللبناني، ومن البديهي أن تكون العلاقات طبيعية، بغض النظر عن أي تباينات يمكن أن تنشأ ومن أي تباينات ظهرت سابقًا في النظرة إلى الملف السوري.
* كيف كانت أجواء الخلوة مع جلالة الملك؟
- تصور أنك كنت تعمل من أجل شيء، ووجدت أنه تحقق تمامًا كما ترغب وتريد، فكيف يكون إحساسك؟ هذا ما وجدته تمامًا. لقد وجدت عند جلالته ما توقعته من حرص على لبنان واستقراره وأمنه وازدهاره واستمرار اللحمة بين طوائفه.
* وكيف سيترجم الأمر؟ هل بعودة السياح وعودة الدعم؟
- القرار متخذ بشأن عودة السياح، أما متممات هذا الموضوع فسيتم بحثها بين المختصين من البلدين. هناك قطاعات تجب معالجتها، كموضوع قطاع الطيران الذي يحتاج إلى اهتمام، وأيضًا مسألة التمثيل الدبلوماسي على مستوى السفارة (السعودية) في بيروت، ومواضيع أخرى.
* التوجه هو بعودة العلاقات الطبيعية؟
- نعم، تمامًا، عودة العلاقات الطبيعية.
* هل هناك في التوازنات اللبنانية ما قد يعيق عودة العلاقات اللبنانية - العربية إلى ما كانت عليه؟
- كلا، لا يوجد ما يحول دون ذلك، والدليل على ذلك أن العلاقات مع السعودية رجعت. وأنا أعتبر أن المملكة هي الدولة المحورية في الخليج.
علاقتنا مع إيران عادية
* هل إن العلاقات مع إيران ستبقى عائقًا أمام العلاقات مع العالم العربي؟
- لدينا علاقات عادية مع إيران، وهناك تمثيل دبلوماسي، ولا تتضمن هذه العلاقات ما يحول دون علاقات طبيعية مع العالم العربي. هناك نقطة لا يمكن تجاهلها وهي مساعدة إيران «حزب الله» في إطار سياسة دعم المقاومة، وهذه المساعدة تحولت إلى ما يوصف بالحرب على الإرهاب في سوريا، وقد يكون ذلك إلى أمد لا نعرفه. لكن ضمن الأراضي اللبنانية، هناك دولة هي المسؤولة عن أمن المواطن، وهي مسؤولة عن أمن الجماعات، وعن حفظ الحدود. أما خارج الحدود، فالأزمة تفوق قدرة لبنان، وهي متوقفة على لاعبين دوليين وإقليميين كثر. وبالعودة إلى موضوع العلاقات السعودية - اللبنانية، فهذه العلاقات تهمنا كثيرًا، ولا أذكر أبدًا أزمات في العلاقات مع المملكة في العقود الماضية.
* هل بحثتم في موضوع المساعدات للجيش اللبناني؟
- هذا موضوع يبحث بين وزيري الدفاع في البلدين.
* في ظل انفتاحكم على العالم العربي، ما الدور الذي يمكن للبنان أن يلعبه في المنطقة؟
- نحن نعيد لبنان إلى وضعه كبلد نموذجي في التعاون بين الطوائف في المنطقة. فلبنان فيه المسلمون والمسيحيون والدروز وغيرهم، لدينا مزيج من أبناء الطوائف الموجودة في المنطقة. المسيحيون في المشرق متعايشون مع المسلمين، وهذا التعايش يعود إلى بداية الدعوة الإسلامية. وهذا أدى إلى تراكم في التعايش الإسلامي المسيحي تحول إلى نموذج. وهذا النموذج أخذه العالم، لكنهم الآن يتركونه، وهم يحاولون اليوم أن يفصلوا بيننا، ويسعون للنجاح في ما فشلوا فيه تاريخيًا.
نحن نؤمن بالتعددية السياسية التي تعتبر نموذجًا للديمقراطية، وتعني احترام كل الشعوب، ونؤمن بحرية الأديان؛ أي حرية المعتقد، وبحرية الرأي؛ أي بحق الاختلاف. إذا كان المرء مختلفًا عني بشكله وبطعامه ولباسه، وكان نموذجًا مختلفًا، وقبلته أنا كما هو، فعليه أن يقبلني أيضًا. القبول المتبادل بالآخر هو من تقاليدنا. ومن النادر في لبنان أن يحصل اختلاف طائفي، فالأساس هو الاختلاف السياسي. وأكبر تجربة مررنا بها هي خلال الأحداث السورية، حيث كانت الخطابات النارية عالية النبرة إلى حد كبير، لكن لم تحصل ضربة كف، ولم تسقط نقطة دم.
* هل يمكن للبنان أن يكون وسيطًا في المنطقة؟
- نعم، ولمَ لا. ما الذي قد يقوله أي كان إذا دعوته إلى إنهاء الحرب. فالحرب منهكة للجميع والحرب تربح بالبقايا، لأن الطرفين يخسران ويفوز من خسر أقل من الآخر. وكلما طال أمد الحرب كبرت الخسائر، بسبب الأسلحة المتطورة التي تستخدم الآن.
* وكيف يمكن لهذا الدور أن يترجم؟
- أولاً على لبنان أن يتكلم مع الجميع في المنطقة. وبعدها يستطيع الاستفاضة إلى مواضيع أخرى، لكن هذا الشيء يتطلب رغبة وإرادة من الأطراف المعنية. أنا أتيت اليوم إلى المملكة، وفهمت ما يهمها، وأنا أعرف ما الذي يجرحها من الأساس، وعلينا الآن أن نتكلم مع الجميع. إذا كانت هناك إرادة للحل، فلا شيء يعجز عنه الإنسان. نحن مستعدون للمساهمة بأي شيء إذا كانت هناك رغبة في ذلك.
* كيف تقيم انطلاقة العهد الجديد؟
- «هناك التزام بآلية عمل، والأمور ماشية». قلنا إننا سنحارب الفساد، وبالتأكيد سوف نحاربه. والفساد ليس شبحًا نفتش عنه ولا نجده، بل إن الفساد موجود في الوزارات وهي خلايا الحكم. وعلى رأس كل وزارة وزير مسؤول عن محاربة الفساد، والمسؤولية المعنوية تقع على الوزير. أما إذا كان - لا سمح الله - متورطًا فتكون مسؤوليته معنوية ومادية.
* هل ستكون هناك آلية واضحة بهذا المعنى، أي خطة عمل محددة؟
- نعم... لا يوجد شيء لا يمكن كشفه.
* اللبنانيون ينتظرون قانونًا جديدًا للانتخاب، فكيف السبيل إليه؟
- التفاهم هو السبيل الوحيد. الأمر واضح، ويبدأ من تطبيق اتفاق الطائف الذي عارضناه ثم قبلنا به ونطالب الآن بتطبيقه. «الطائف» يقول بقانون انتخابات يحترم قواعد العيش المشترك، ويؤمن التمثيل الصحيح لمختلف شرائح الشعب اللبناني. وصحة التمثيل وفعاليته. نحن لا نطالب بأكثر من المناصفة وصحة التمثيل.
لقد نشأ وضع خلال الوجود السوري في لبنان، أعطى أرجحية في الانتخابات - من خلال القانون - لفئة من اللبنانيين، حكمت بواسطة هذا القانون ومنعت أي إمكانية للتغيير في السلطة من خلال الانتخابات ومن إيجاد أكثرية أخرى. حللنا الأمور ووجدنا النقاط التي لا تسمح بتأمين صحة التمثيل، لكن هناك أطرافًا في لبنان لا تقبل بذلك. ولهذا نحاول إيجاد حلول من خلال قوانين تؤمن القدر الممكن من صحة التمثيل، من خلال ما يسمى القانون المختلط. وهذا أيضًا لا يزال يواجه مشكلات، فبعض الأطراف تريد أن تتمثل في البرلمان بكتل أكبر من حجمها وعلى حساب آخرين.
* من خلال هذه المعطيات، هل ترون إمكانية للوصول إلى قانون انتخابات جديد قبل موعدها المقرر في الربيع المقبل، أم أننا سنذهب إلى ما يسمى التمديد التقني لولاية البرلمان؟
- يستطيع المرء من خلال المزايدات أن يربح الانتخابات، لا نقبل منهم أن يدفعونا إلى هذا. الربح ممكن بهذه الطريقة، لكن هذه وسيلة غير مشروعة. نحن نريد بناء أكثريات على أساس شرعي، لا بالمزايدات الطائفية والسياسية ولا بالصفقات. نحن نريد الاستقرار، والاستقرار لا يحصل بالبندقية، بل بالاستقرار السياسي. وهذا الاستقرار يتحقق من خلال إحساس كل مواطن أنه ممثل في السلطة، وبأن حقوقه لا يتم أكلها من قبل الآخرين. والاستقرار اللبناني مضروب بالفساد وبعدم صحة التمثيل وعدم انتظام الممارسة الديمقراطية.
* هل وجدت أن الرئاسة أصعب مما كنت تعتقد؟
- لغاية الآن كلا.
* ألم تفاجأ بحجم التعقيدات التي تواجه الرئيس؟
- كلا (ممازحًا) أنا لست معقدًا. الأمر كما لو أن ثلاثة يبحثون عن الكنز، وعندما يقتربون من إيجاده يقتل اثنان منهم الثالث، ثم يقتل أحدهما الآخر للفوز بالكنز. أنا لا أريد للأمور أن تكون هكذا، فلا أريد الكنز لنفسي، بل أريده أن يبقى للجميع، ولا أريد أن أختلف على الكنز مع أحد.
* ما كان شعورك عندما عدت إلى القصر الجمهوري بعد كل هذا الوقت؟
- شعرت بمزيج من الارتياح والرضا.
* هل هناك إحساس بأنك حققت ثأرك؟
- كلا. أنا لا أؤمن بالثأر. لقد حاولوا اغتيالي ثلاث مرات ولم أعاتب من حاول. أنا لا أثأر فالعدالة هي من تثأر، إذا استطعنا تسمية الأمر ثأرًا.
* هل عادت كيمياء التعاون بينك وبين أعدائك السابقين؟
- لا يوجد لدي أعداء. إذا كان هناك من عدائية، فهي تكون من طرف واحد.
* فلنقل إنهم خصوم إذا كنت لا تحب كلمة أعداء..
- خصوم هي أقصى وصف. عندما نحتكم للنظام الديمقراطي تنتهي المشكلة، وأبعد ما نصل إليه هو التنافس.
* هل هناك كيمياء بينك وبين الرئيس سعد الحريري؟
- سعد إنسان طيب. ليس سيئًا.
* هل الزيارة إلى سوريا مطروحة؟
- لغاية الآن غير مطروحة، لكن هناك مشكلات بين لبنان وسوريا كقضية النازحين، قد تستلزم ذلك. الحمل ثقيل ولا أحد يساعدنا. حين يكون هناك مشكلة عالقة يجب أن يكون هناك اتصالات لحلها.
* هل تم التطرق إلى الموضوع السوري في المحادثات؟
- كلا. الموضوع السوري معروفة حيثياته.
* لماذا لم تعتبر الحكومة الحالية حكومة العهد الأولى؟ وما مواصفات هذه الحكومة برأيك؟
- لا أريد أن أدخل في تصنيفات وتحليل طبائع. هناك أسلوب عمل، ويبدو أن هذا الأسلوب يتم تطبيقه الآن وهذا أمر جيد جدًا.
* هل يمكننا القول إذن إن هذه الحكومة هي حكومة العهد الأولى؟
- الحكومة تعمل، ونقوم بإنجازات ونصل إلى نتائج.
* هل تعتقد أن صلاحيات الرئاسة هي أقل مما يجب، وأنك تعطيها من رصيدك الشخصي كزعيم شعبي؟
- لغاية الآن لم أستعن بالشعب لأقول إن قوتي من الشعب. لكن مثل هذه الاستعانة جائزة في الديمقراطية. عندما يكون الرئيس لا يريد أي شيء من الحكم إلا تطبيق القوانين والنظافة، فلا يمكن لأحد أن يعارضه.

بري والحب
* هل يمكن أن تعتاد على حب الرئيس بري؟
- (ضاحكًا) المهم أن يعتاد هو أن يحبني. أنا صوّت له أكثر من مرة في انتخابات رئاسة البرلمان، لكن هو لم يصوّت لي. لا أعرف لماذا حصل هذا؟.
* وكيف هي العلاقات الآن؟
- «منيحة». انتهت الأمور وأصبحت طبيعية.
* هل إن دور «حزب الله» في سوريا نقطة ضعف لعهدك؟
- هذا أمر ورثته، كما أن هذا الأمر جزء من صراع دولي - إقليمي كبير، فماذا يمكن للبنان أن يفعل؟ خلال السياق الحالي لا يمكن القيام بأكثر مما نفعل، وهو قائم على التفاهم والاستقرار والأمن وحفظ الحدود.
* هل تفكر بزيارة إلى روسيا التي أصبحت لاعبًا في المنطقة؟
- إذا أتتني دعوة فسألبيها. لبنان يسعى إلى صداقة الجميع.
* يحكى أنك كنت معنيًا بموضوع تحالف الأقليات، فهل ترى أن الأمور سائرة في هذا الاتجاه؟
- تستطيع أن تعطيها هذا المعنى، لكن السؤال هل تنجح؟ أنا لا أعتقد بنجاح تحالف الأقليات. النظام غير العادل هو غير عادل بحق الأكثرية والأقلية على حد سواء.
* هل لمست اهتمامًا سعوديًا بدور المسيحيين في لبنان؟
- لمست حرصهم على الثقافة المشتركة، وعلى اللحمة بين الطوائف المختلفة.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.