أسبوع ميلانو لربيع وصيف 2017.. يواجه التغييرات بالموسيقى

ما بين حب السفر والخوف منه.. يبقى التحليق في الخيال أضمن

من عرض «دولتشي أند غابانا»
من عرض «دولتشي أند غابانا»
TT

أسبوع ميلانو لربيع وصيف 2017.. يواجه التغييرات بالموسيقى

من عرض «دولتشي أند غابانا»
من عرض «دولتشي أند غابانا»

صحيح أن التغيير من أهم السمات التي ترتبط بالموضة، لكن التغييرات التي تشهدها ساحتها حاليًا، ما بين تغييرات مصمميها وجداولها، هي أقرب إلى زلزال منها إلى أي شيء آخر. المتابعون يعرفون أن هذه التغييرات مفروضة عليها بسبب الأزمة الاقتصادية التي عصفت بآمال كثير من بيوت الأزياء، ممن توسعوا بشكل كبير في الأسواق الآسيوية، أو تواكلوا على انتعاش الاقتصاد الروسي والأسواق النامية الأخرى مثل البرازيل وغيرها. تباطؤ النمو الصيني وتراجع الاقتصاد البرازيلي، وانخفاض قيمة الروبل الروسي فضلاً على الأحوال السياسية غير المستقرة، كلها أسباب دفعت هذه البيوت إلى أن تتبنى استراتيجيات تجارية وتسويقية مختلفة، أهمها تقليص توسعاتها العالمية وعروضها الموسمية. فعندما أعلنت دار «بيربري» البريطانية، وهي واحدة من البيوت التي تضررت وشهدت انخفاضًا كبيرًا في أرباحها وقيمة أسهمها، أنها ستدمج عروضها الرجالية بالنسائية، استنكر البعض الفكرة وقليل منهم رحبوا بها. لكن مع الوقت، تقبلها حتى من تمنع في البداية، لتبدأ محاولات التغيير والتأقلم معها حلاً مؤقتًا على الأقل، وهو ما بدا واضحًا خلال أسبوع ميلانو الأخير لربيع وصيف 2017.
إلى جانب تغيب كل من «إيرمينغلدو زيغنا» و«روبرتو كافالي»، من برنامج الموسم الحالي بهدف إعادة ترتيب أوراقهما، اختارت بيوت أخرى أن تقدم عروضًا حميمة أمام باقة منتقاة من الضيوف، وبعيدًا عن الإبهار، مثل «إرمانو سيرفينو» و«بوتيغا فينيتا». في المقابل أصر آخرون على تنظيم عروض تقليدية، رغم افتقادهم مصممًا فنيًا مثل سالفاتوري فيراغامو وكانالي وتودز وكالفن كلاين على أساس أن الإبداع لا يعتمد على شخص واحد، وأن اسم الدار أكبر من أي مصمم مهما كان حجمه.
بالنسبة للذين لم يستغنوا عن عروض أزياء بالمعنى التقليدي، فإنهم لم يبخلوا عليها بالبهارات ولا بعناصر الإبهار التي تحتاجها لشد الانتباه، سواءً تعلق الأمر بالإخراج أو الأفكار. في عرض «دولتشي أند غابانا» مثلاً، تم تقديم تشكيلة غنية بالإيحاءات الصقلية على نغمات موسيقى جاز عزفتها فرقة «هوت ساردينز». هذا الخليط بين جمال التصاميم وقوة الألوان والموسيقى الحية أخذ الحضور تارة إلى طبيعة صقلية، مسقط رأس المصممين، وتارة أخرى إلى أجواء «نيو أورلينز» حيث ولدت موسيقى الجاز، لتكون النتيجة عرضًا مسرحيًا ممتعًا. بالنسبة للأزياء، ففي زحمة الألوان وصخب النقشات المستوحاة من الطبيعة أو المطرزة باليد، لم يغب الأبيض والأسود، حيث ظهرا في كثير من البدلات المفصلة ذات السترات المزدوجة، أو «التوكسيدو» إضافة إلى البنطلونات الضيقة. ظهرا أيضًا في «تي - شيرتات» وكنزات واسعة وبنطلونات بطيات. فهذه الأخيرة، أي البنطلونات، تنوعت قصاتها بين الضيقة والواسعة ذات الثنيات عند الخصر، لكنها تميزت في الغالب بطولها القصير.
الملاحظ أن الموسيقى كانت مهمة في عروض أخرى. فـ«دوناتيلا فيرساتشي» اختارت بدورها خلفية لعرضها موسيقى شدت الأنفاس كان المغني برينس قد ألفها خصيصًا لـ«فيرساتشي» قبل وفاته بـ5 أشهر، حسبما صرحت به. هنا لم يقتصر دور الموسيقى على خلق أجواء مُبهرة، بل طال أيضًا القصات، التي تميزت برشاقة، تعانق الجسم بحميمية، لتؤكد أنها تخاطب عشاق الموسيقى من الشباب أو موسيقيي الروك أند روك، خصوصًا أن اقتراحات دوناتيلا فيرساتشي شملت مجموعة تطبعها الكشاكش واللون البنفسجي، في إشارة إلى أغنية برينس الشهيرة «بيربل راين». لكن، وعلى ما يبدو، فإن المصممة تعلمت الدرس، وتعرف أنها لا يمكن أن تتكل على الفن وحده لتسويق منتجاتها، بل تحتاج إلى لغة عالمية يفهمها كل الرجال، لهذا لم تُقيد نفسها وقدمت مجموعة متنوعة للغاية يمكن لأي رجل أن يجد فيها شيئًا يروق له ويناسبه. الجميل فيها أيضًا، أنها منطلقة تتميز باتساع وانسدال في خطوطها، لأنها، كما قالت، صممتها ونصب أعينها رجل يعشق الترحال، وبالتالي يتوق لأزياء تريحه، وهكذا شملت، إلى جانب البدلات المفصلة، كنزات صوفية وأخرى من الحرير بعضها بأكمام وبعضها من دون. من اقتراحاتها لربيع وصيف 2017، أيضًا ارتداء القمصان على شكل قفاطين منسدلة أو معقودة حول الخصر، وكأنها تُمهد لفكرة أننا في الموسم المقبل سنرى تداخلاً بين الذكوري والأنثوي بشكل أكبر.
شركة «كانالي»، خسرت مصممها الفني أندريا بومبيليو، بعد عامين فقط من التحاقه بها، ومع ذلك لم يبد عليها أنها تأثرت بهذه الخسارة، لأن ما قدمته من قطع مفصلة كان بمثابة تعزيز لإرثها العريق في مجال التفصيل الرجالي. وهذا ما عبرت عنه إليزابيثا كانالي بقولها: «لا نريد أن نرتبط باسم شخص معين، لأن جينات الدار واسمها أكثر أهمية». وبالفعل فإن ما قدمته الشركة سيروق لشرائح واسعة، بمن فيهم الشباب الذي يريد أن يتذوق المنتجات المرفهة ويريد أن يلعب على الأنيق المضمون، لأن ما يُحسب للفريق الذي تولى تصميم هذه التشكيلة، أنه احترم رموز الدار، مع إدخاله تجديدات خفيفة أضفت عليها لمسات من شأنها أن تروق لكل الأذواق والأسواق. صحيح أن شريحة الشباب تُقبل بنهم أكبر على التصاميم «السبور» هذه الأيام، إلا أنها لا تستغني عن الكلاسيكي المطعم بالحداثي، لأنه ينجح دائمًا في أن يضفي عليهم التميز في المناسبات الخاصة.
لا يمكن الحديث عن أسبوع ميلانو الرجالي من دون الحديث عن مدرستين مختلفتين وفي الوقت ذاته لهما تأثير مباشر علينا، هما «غوتشي» و«برادا».
لربيع وصيف 2017، قدم أليساندرو ميشال، مصمم «غوتشي» تشكيلة مبنية على أسفاره الخيالية. فهو حسب اعترافه، لا يميل إلى السفر كثيرًا، وإن كان لا يستغنى عنه باعتباره مهمًا، ليس فقط للتعرف على ثقافات الغير، بل «أيضًا لتقدير المكان الذي تعيش فيه، فالابتعاد عن بيتك وما يمنحه لك من راحة، يجعلك تشتاق إليه بعد كل غياب». أليساندرو يزعم بأنه لم يسافر كثيرًا وهو طفل، وكانت علاقته بالأماكن البعيدة تدور حول شخصيات ديزني ودونالد داك وسكروج وتين تين وما شابهها، فضلاً على رحلات ماركو بولو وقصص المغامرات التي كانت تشد أنفاسه، مثل قصة «أليس في أرض العجائب»، الأمر الذي قد يفسر هوسه بأشكال الكائنات الحية التي تظهر دائمًا في تصاميمه، من الأسود والقردة والأفاعي إلى الأرانب والفراشات وغيرها. فهي تأخذه إلى ذلك العالم السحري الذي عاشه طفلاً، بين الكتب وأغنته عن السفر بعيدًا، وهذا ما يريد أن يمنحه للرجل.
يُعلق بأن فئة كبيرة من الناس باتت تعزف عن السفر حاليًا بسبب خوفهم من المجهول في ظل ما يجري حاليًا من أحداث دامية، «من هذا المنطلق أريد أن أمنحهم الإحساس بالراحة والحرية، وبأن العالم كله بيتهم». كل هذا ترجمه في أزياء تعطي الانطباع بأنها فعلاً للاستعمال في أوقات الراحة والفراغ والإجازات. يمكنهم مثلاً ارتداء «شباشب» في الشارع وبدلات مريحة كأنها «بيجاما» في مناسباتهم الخاصة، ومعاطف طويلة مستوحاة من الـ«روب دي شومبر». إلى جانب كل هذا، أضاف إلى موتيفاته المعروفة، مثل الأفاعي والفراشات وغيرها، رسائل مطرزة بالحب وأخرى مستقاة من الأساطير الإغريقية أو من حضارات قديمة، من دون أن ينسى شعاره الدائم بأن الكثير قليل، الأمر الذي يفسر سخاءه في استعمال الكشاكش والإكسسوارات المتنوعة حول العنق أو الجوانب. وإذا كان أليساندرو ميشال قد اكتسح ساحة الموضة منذ سنة تقريبًا، فإن ميوتشا برادا تبقى السنيورة التي لا يقدر أحد على أن يزعزعها عن مكانتها منذ عقود، وكل ما تقترحه يُؤخذ بجدية ويخضع إلى تحليلات فلسفية وثقافية. من بين اقتراحاتها لربيع وصيف 2017 أن يحمل الرجل كل أغراضه على ظهره ويجوب الأرض بحثًا عن عالم مثالي يعيش فيه بسلام. فمثل أليساندرو، تعرف جيدًا أن لقاء الحضارات الذي كان ينادي به الآباء، أصبح واقعًا صعبًا بالنظر إلى الأحداث المأساوية التي يشهدها العالم، لكنها ترفض أن تتقبل الوضع وتستكين له، بل تعمل على محاربته بالتفاؤل من خلال رسم صورة مثالية ومتحدية. هذه المرة، لم تُعبر عن هذا التحدي بإضفاء النعومة على الرجل فحسب، بل تصورته مغامرًا يعرف أنه، لكي يبقى ويستمر، عليه أن يجد طرقًا جديدة للتعامل مع محيطه، بغض النظر عن جنسه أو جنسيته أو لونه. هذا الجمع بين النعومة والقوة تجسد في عرض شاركت فيه عارضات بمجموعة نسائية وتصاميم تتحدى التابوهات التي تفرق بين الجنسين. وربما كانت هذه رسالتها بأنه لا فرق بين رجل أو امرأة ولا حدود بين الثقافات. فقد استعملت تطريزات إثنية مختلفة، كأنها تريد أن تؤكد ذلك الإحساس بالانتماء إلى العالم أجمع وليس لقبيلة واحدة. لكنها، بخبرتها وسنواتها الطويلة في هذا المجال، لم تنس أن عالم المنتجات المترفة، يعاني من أزمة حادة أثرت على المبيعات عمومًا، بما في ذلك أرباح «برادا»، لهذا عادت إلى تعويذتها، أو بالأحرى إلى الإكسسوارات، لا سيما حقيبة النايلون التي حققت نجاحًا كبيرًا منذ أكثر من 10 سنوات، وصاغتها على شكل حقيبة ظهر تعزز صورة الرجل سواءً كان مغامرًا أو شابًا يعمل في مجالات إبداعية، بل حتى في مجال المال والأعمال.
السفر كان أيضًا تيمة في عرض «سالفاتوري فيراغامو»، التي رغم افتقادها إلى مصمم فني، حيث استغنت عن ماسيمليانو جيورنيتي منذ بضعة أشهر، استطاعت أن تقدم تشكيلة برؤية تجارية واضحة وتقنيات عالية تستهدف رجلاً يتوق إلى الراحة والحرية في حياته كما في تنقلاته وأسفاره. هذه الحرية لم تقتصر على قصات البدلات المستوحاة من السفاري وغيرها من القطع المنفصلة التي تجمع الـ«سبور» بالرسمي، بل شملت الإكسسوارات أيضًا، مثل حقائب الظهر الجلدية ذات الأحجام المختلفة، التي ترمز للمغامرة، والأحذية الرياضية أو الصنادل المفتوحة. فكلها لا تفتقد للأناقة ويمكن أن تُكمل بدلة مفصلة وتخفف من رسميتها، وإن كان هذا لا يعني أن البدلات كانت رسمية بل العكس تمامًا، فقد اكتسبت روحًا رياضية تناسب الرجل العصري بكل تفصيلها وتفاصيلها.



المحلات الشعبية تستعين بالنجوم لاستقطاب الزبائن

تُرسِخ تجربة العارضة كايت موس مع محلات «زارا» التغير الذي طرأ على عالم الموضة (زارا)
تُرسِخ تجربة العارضة كايت موس مع محلات «زارا» التغير الذي طرأ على عالم الموضة (زارا)
TT

المحلات الشعبية تستعين بالنجوم لاستقطاب الزبائن

تُرسِخ تجربة العارضة كايت موس مع محلات «زارا» التغير الذي طرأ على عالم الموضة (زارا)
تُرسِخ تجربة العارضة كايت موس مع محلات «زارا» التغير الذي طرأ على عالم الموضة (زارا)

إذا كنتِ مداومة على التسوق في محلات «زارا» لأسعارها ونوعية ما تطرحه، فإنكِ قد تتفاجئين أن تعاونها الأخير مع العارضة البريطانية المخضرمة كايت موس سيُكلَفكِ أكثر مما تعودت عليه. فهناك معطف قصير على شكل جاكيت من الجلد مثلاً يقدر سعره بـ999 دولاراً أميركياً، هذا عدا عن قطع أخرى تتراوح بين الـ200 و300 دولار.

تفوح من تصاميم كايت موس رائحة السبعينات (زارا)

ليست هذه المرة الأولى التي تخوض فيها كايت موس تجربة التصميم. كانت لها تجربة سابقة مع محلات «توب شوب» في بداية الألفية. لكنها المرة الأولى التي تتعاون فيها مع «زارا». ويبدو أن تعاون المحلات مع المشاهير سيزيد سخونة بالنظر إلى التحركات التي نتابعها منذ أكثر من عقد من الزمن. فعندما عيَنت دار «لوي فويتون» المنتج والمغني والفنان فاريل ويليامز مديراً إبداعياً لخطها الرجالي في شهر فبراير (شباط) من عام 2023، خلفاً لمصممها الراحل فرجيل أبلو؛ كان الخبر مثيراً للجدل والإعجاب في الوقت ذاته. الجدل لأنه لا يتمتع بأي مؤهلات أكاديمية؛ كونه لم يدرس فنون التصميم وتقنياته في معهد خاص ولا تدرب على يد مصمم مخضرم، والإعجاب لشجاعة هذه الخطوة، لا سيما أن دار «لوي فويتون» هي الدجاجة التي تبيض ذهباً لمجموعة «إل في إم إتش».

فاريل ويليامز مع فريق عمله يُحيّي ضيوفه بعد عرضه لربيع وصيف 2024 (أ.ف.ب)

بتعيينه مديراً إبداعياً بشكل رسمي، وصلت التعاونات بين بيوت الأزياء الكبيرة والنجوم المؤثرين إلى درجة غير مسبوقة. السبب الرئيسي بالنسبة لمجموعة «إل في إم إتش» أن جاذبية فاريل تكمن في نجوميته وعدد متابعيه والمعجبين بأسلوبه ونجاحه. فهي تتمتع بماكينة ضخمة وفريق عمل محترف يمكنها أن تُسخِرهما له، لتحقيق المطلوب.

صفقة «لوي فويتون» وفاريل ويليامز ليست الأولى وإن كانت الأكثر جرأة. سبقتها علاقة ناجحة بدأت في عام 2003 بين لاعب كرة السلة الأميركي الشهير مايكل جوردان وشركة «نايكي» أثمرت عدة منتجات لا تزال تثير الرغبة فيها وتحقق إيرادات عالية إلى الآن.

كان من الطبيعي أن تلفت هذه التعاونات شركات أخرى وأيضاً المحلات الشعبية، التي تعاني منذ فترة ركوداً، وتشجعها على خوض التجربة ذاتها. أملها أن تعمَّ الفائدة على الجميع: تحقق لها الأرباح باستقطاب شرائح أكبر من الزبائن، وطبعاً مردوداً مادياً لا يستهان به تحصل عليه النجمات أو عارضات الأزياء المتعاونات، فيما يفوز المستهلك بأزياء وإكسسوارات لا تفتقر للأناقة بأسعار متاحة للغالبية.

الجديد في هذه التعاونات أنها تطورت بشكل كبير. لم يعد يقتصر دور النجم فيها على أنه وجه يُمثلها، أو الظهور في حملات ترويجية، بل أصبح جزءاً من عملية الإبداع، بغضّ النظر عن إنْ كان يُتقن استعمال المقص والإبرة أم لا. المهم أن يكون له أسلوب مميز، ورؤية خاصة يُدلي بها لفريق عمل محترف يقوم بترجمتها على أرض الواقع. أما الأهم فهو أن تكون له شعبية في مجال تخصصه. حتى الآن يُعد التعاون بين شركة «نايكي» ولاعب السلة الشهير مايكل جوردان، الأنجح منذ عام 2003، ليصبح نموذجاً تحتذي به بقية العلامات التجارية والنجوم في الوقت ذاته. معظم النجوم حالياً يحلمون بتحقيق ما حققه جوردان، بعد أن أصبح رجل أعمال من الطراز الأول.

من تصاميم فكتوريا بيكهام لمحلات «مانغو»... (مانغو)

المغنية ريهانا مثلاً تعاونت مع شركة «بوما». وقَّعت عقداً لمدة خمس سنوات جُدِّد العام الماضي، نظراً إلى النقلة التي حققتها للشركة الألمانية. فالشركة كانت تمر بمشكلات لسنوات وبدأ وهجها يخفت، لتأتي ريهانا وترد لها سحرها وأهميتها الثقافية في السوق العالمية.

المغنية ريتا أورا، أيضاً تطرح منذ بضعة مواسم، تصاميم باسمها لمحلات «بريمارك» الشعبية. هذا عدا عن التعاونات السنوية التي بدأتها محلات «إتش آند إم» مع مصممين كبار منذ أكثر من عقد ولم يخفت وهجها لحد الآن. بالعكس لا تزال تحقق للمتاجر السويدية الأرباح. محلات «مانغو» هي الأخرى اتَّبعت هذا التقليد وبدأت التعاون مع أسماء مهمة مثل فيكتوريا بيكهام، التي طرحت في شهر أبريل (نيسان) الماضي تشكيلة تحمل بصماتها، تزامناً مع مرور 40 عاماً على إطلاقها. قبلها، تعاونت العلامة مع كل من SIMONMILLER وكاميل شاريير وبيرنيل تيسبايك.

سترة مخملية مع كنزة من الحرير بياقة على شكل ربطة عنق مزيَّنة بالكشاكش وبنطلون واسع من الدنيم (ماركس آند سبنسر)

سيينا ميلر و«ماركس آند سبنسر»

من هذا المنظور، لم يكن إعلان متاجر «ماركس آند سبنسر» عن تعاونها الثاني مع سيينا ميلر، الممثلة البريطانية وأيقونة الموضة، جديداً أو مفاجئاً. مثل كايت موس، تشتهر بأسلوبها الخاص الذي عشقته مجلات الموضة وتداولته بشكل كبير منذ بداية ظهورها. فهي واحدة ممن كان لهن تأثير في نشر أسلوب «البوهو» في بداية الألفية، كما أن تشكيلتها الأولى في بداية العام الحالي، حققت نجاحاً شجع على إعادة الكرَّة.

فستان طويل من الساتان المزيَّن بثنيات عند محيط الخصر يسهم في نحت الجسم (ماركس آند سبنسر)

موسم الأعياد والحفلات

بينما تزامن طرح تشكيلة «مانغو + فيكتوريا بيكهام» مع مرور 40 عاماً على انطلاقة العلامة، فإن توقيت التشكيلة الثانية لسيينا ميلر التي طُرحت في الأسواق في الأسبوع الأول من شهر نوفمبر (تشرين الثاني)، أيضاً له دلالته، بحكم أننا على أبواب نهاية العام. فهذه تحتاج إلى أزياء وإكسسوارات أنيقة للحفلات. لم يكن الأمر صعباً على سيينا. فإلى جانب أنها تتمتع بأسلوب شخصي متميِز، فإنها تعرف كيف تحتفل بكل المناسبات بحكم شخصيتها المتفتحة على الحياة الاجتماعية.

وتعليقاً على هذا الموضوع، أعربت الممثلة عن سعادتها بالنجاح الذي حققته قائلةً: «أحببت العمل على التشكيلة الأولى ويملؤني الحماس لخوض التجربة مرة أخرى. فالتشكيلة الثانية تتسم بطابع مفعم بالمرح والأجواء الاحتفالية، إذ تضم قطعاً أنيقة بخطوط واضحة وأخرى مزينة بالفرو الاصطناعي، بالإضافة إلى فساتين الحفلات والتصاميم المزينة بالطبعات والنقشات الجريئة والإكسسوارات التي يسهل تنسيق بعضها مع بعض، إلى جانب سراويل الدنيم المفضلة لديّ التي تأتي ضمن لونين مختلفين».

فستان ماركس سهرة طويل من الحرير بأطراف مزينة بالدانتيل (ماركس آند سبنسر)

دمج بين الفينتاج والبوهو

تشمل التشكيلة وهي مخصصة للحفلات 23 قطعة، تستمد إلهامها من أسلوب سيينا الخاص في التنسيق إضافةً إلى أزياء مزينة بالترتر استوحتها من قطع «فينتاج» تمتلكها وجمَعتها عبر السنوات من أسواق «بورتوبيلو» في لندن، استعملت فيها هنا أقمشة كلاسيكية بملمس فاخر. لكن معظمها يتسم بقصَّات انسيابية تستحضر أسلوب «البوهو» الذي اشتهرت به.

مثلاً يبرز فستان طويل من الحرير ومزيَّن بأطراف من الدانتيل من بين القطع المفضلة لدى سيينا، في إشارةٍ إلى ميلها إلى كل ما هو «فينتاج»، كما يبرز فستانٌ بقصة قصيرة مزين بنقشة الشيفرون والترتر اللامع، وهو تصميمٌ يجسد تأثرها بأزياء الشخصية الخيالية التي ابتكرها المغني الراحل ديفيد بوي باسم «زيجي ستاردست» في ذلك الوقت.

طُرحت مجموعة من الإكسسوارات بألوان متنوعة لتكمل الأزياء وتضفي إطلالة متناسقة على صاحبتها (ماركس آند سبنسر)

إلى جانب الفساتين المنسابة، لم يتم تجاهُل شريحة تميل إلى دمج القطع المنفصلة بأسلوب يتماشى مع ذوقها وحياتها. لهؤلاء طُرحت مجموعة من الإكسسوارات والقطع المخصصة للحفلات، مثل كنزة من الدانتيل وبنطلونات واسعة بالأبيض والأسود، هذا عدا عن السترات المفصلة وقمصان الحرير التي يمكن تنسيقها بسهولة لحضور أي مناسبة مع أحذية وصنادل من الساتان بألوان شهية.

أرقام المبيعات تقول إن الإقبال على تشكيلات أيقونات الموضة جيد، بدليل أن ما طرحته كايت موس لمحلات «زارا» منذ أسابيع يشهد إقبالاً مدهشاً؛ كونه يتزامن أيضاً مع قرب حلول أعياد رأس السنة. ما نجحت فيه موس وميلر أنهما ركَزا على بيع أسلوبهما الخاص. رائحة السبعينات والـ«بوهو» يفوح منها، إلا أنها تتوجه إلى شابة في مقتبل العمر، سواء تعلق الأمر بفستان سهرة طويل أو جاكيت «توكسيدو» أو بنطلون واسع أو حذاء من الجلد.

رغم ما لهذه التعاونات من إيجابيات على كل الأطراف إلا أنها لا تخلو من بعض المطبات، عندما يكون النجم مثيراً للجدل. ليس أدلَّ على هذا من علاقة «أديداس» وعلامة «ييزي» لكيني ويست وما تعرضت له من هجوم بسبب تصريحات هذا الأخير، واتهامه بمعاداة السامية. لكن بالنسبة إلى ريهانا وفيكتوريا بيكهام وسيينا ميلر وكايت موس ومثيلاتهن، فإن الأمر مضمون، لعدم وجود أي تصريحات سياسية لهن أو مواقف قد تثير حفيظة أحد. كل اهتمامهن منصبٌّ على الأناقة وبيع الجمال.