الميليشيات تقصف بالصواريخ قافلة إنسانية متجهة لكسر الحصار عن تعز

منظمة مدنية: مجزرة حي النسيرية جريمة حرب لا تسقط بالتقادم

تواصل الميليشيات الانقلابية ارتكاب مجازرها في مدينة تعز من خلال إطلاق الصواريخ ومدافع الهاون على الأحياء السكنية (رويترز)
تواصل الميليشيات الانقلابية ارتكاب مجازرها في مدينة تعز من خلال إطلاق الصواريخ ومدافع الهاون على الأحياء السكنية (رويترز)
TT

الميليشيات تقصف بالصواريخ قافلة إنسانية متجهة لكسر الحصار عن تعز

تواصل الميليشيات الانقلابية ارتكاب مجازرها في مدينة تعز من خلال إطلاق الصواريخ ومدافع الهاون على الأحياء السكنية (رويترز)
تواصل الميليشيات الانقلابية ارتكاب مجازرها في مدينة تعز من خلال إطلاق الصواريخ ومدافع الهاون على الأحياء السكنية (رويترز)

شنت ميليشيات الحوثي وقوات المخلوع علي عبد الله صالح قصفها على المشاركين في «قافلة الضمير» التي انطلقت سيرا على الأقدام٬ من مدينة التربة، عاصمة قضاء الحجرية، متجهة إلى مدينة تعز المحاصرة، الواقعة إلى الجنوب من العاصمة صنعاء، وتحمل معها كميات كبيرة من المواد الإغاثية والطبية.
وقال عدد من المشاركين في القافلة، إن «ميليشيات الحوثي وصالح قامت بإطلاق صاروخ كاتيوشا على مقربة من التجمع، ومن ثم أطلقوا صاروخا آخر إلى نقطة الوصول الأولى الخاصة بالمشاركين في مدينة النشمة، جنوب مدينة تعز، التي كانت من المفترض أن يقام فيها عدة فعاليات قبل التحرك مرة أخرى إلى مدينة تعز».
ومن جهتها، أكدت اللجنة التحضيرية للمبادرة الشبابية لكسر الحصار عن تعز «إصرارها على المضي قدما في تحقيق أهداف المبادرة في كسر الحصار رغم المخاطر التي صاحبت سير القافلة، وأن القافلة ستصل إلى مدينة تعز كاسرة الحصار المفروض عليها خلال الأيام القادمة حاملة معها كامل المواد الإغاثية التي تم توفيرها».
وطالب اللجنة التحضيرية الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي ومبعوث الأمين العام إلى اليمن ولد الشيخ، وكل المنظمات الدولية العاملة في اليمن بالقيام بواجبهم القانوني والإنساني وإدانة ما قامت به ميليشيات الحوثي وصالح من استهداف للقافلة واعتبار ما قامت به جريمة حرب تعاقب عليها قانونا ولا تسقط بالتقادم.
وحملت الميليشيات الانقلابية كامل المسؤولة القانونية والجنائية المترتبة على استهداف القافلة بالصواريخ والتي نتج عنها سقوط عدة مصابين من المشاركين ومن أبناء المنطقة، على الرغم إعلان المبادرة عن سلمية أهدافها.
إلى ذلك، تواصل الميليشيات الانقلابية ارتكاب مجازرها في مدينة تعز من خلال إطلاق الصواريخ ومدافع الهاون على الأحياء السكنية، مخلفة وراءها قتلى وجرحى من المدنيين بينهم نساء وأطفال، وذلك كرد انتقامي خاصة بعد وصول تعزيزات عسكرية إليها قادمة من قاعدة العند العسكرية بمحافظة لحج الجنوبية، بينما ساد جبهات الضباب والمسراخ، هدوء حذر.
وعلى السياق ذاته، أقيمت في مدرسة نعمة في تعز، ندوة مجتمعية من أجل تنظيم الشراكة المجتمعية مع اللجنة الأمنية في حفظ الأمن مع المواطن، شارك فيها عدد من وجهاء الأحياء السكنية وهيئة إسناد المقاومة الشعبية وأعضاء من اللجنة الأمنية في محافظة تعز.
وخرجت الندوة بعدد من التوصيات والقرارات التي ستطبع على أرض في ميدان بالأحياء السكنية، ومنها تفعيل أقسام الشرطة ودور اللجان الإسنادية فيما يحقق الشراكة المجتمعة الحقيقية في تحقيق الأمن لمدينة تعز.
وفي الندوة، أكد الدكتور عبد القوي المخلافي، عضو مجلس تنسيق المقاومة أن أقسام الشرطة وتفعيل دور اللجان الإسنادية بالإضافة إلى تحقيقها للأمن لمدينة تعز، ستعمل على رصد الخلايا النائمة التي تعمل على خلق البلبلة وإثارة الفوضى وردع أي شخص سواء كان من المقاومة أو أبناء الأحياء السكنية أو أي شخص يقوم بإقلاق السكينة العامة للمواطن، وسيردع من قبل السلطة الشرعية ممثلة بالمحافظ علي المعمري.
وبدوره، قال رئيس اللجنة الأمنية القائم بأعمال مدير أمن تعز العقيد عبد الواحد سرحان، إنه تم تدارس ووضع الخطط الأمنية لحفظ الممتلكات العامة والخاصة بعد تحقيق انتصار تعز على ميليشيات الحوثي والمخلوع صالح، وإنه لا بد من «ضبط الاختلالات الأمنية ودفع جميع فئات المجتمع إلى المشاركة في حفظ الأمن والاستقرار داخل المدينة حتى يلمس المواطن وضع آمن ومستقر».
وعلى الجانب الميداني، سقط العشرات من ميليشيات الحوثي وقوات المخلوع علي عبد الله صالح بين قتيل وجريح، جراء المواجهات العنيفة مع القوات الموالية للشرعية، الجيش والمقاومة الشعبية، وجراء غارات التحالف التي تقودها السعودية على مواقع متفرقة من مدينة تعز وأطرافها. وأفاد شهود عيان لـ«الشرق الأوسط» بأن غارات التحالف استهدفت مخازن للسلاح في معسكر 22 بالجند كانت في الوادي المجاور للمعسكر ومنطقة المطالي بمديرية المسراخ، جنوب المدينة، وأن الانفجارات استمرت أكثر من ساعتين. من جهتها، قالت منظمة «شهود» منظمة مجتمع مدنية في تعز، إن المجزرة التي ارتكبتها ميليشيات الحوثي وصالح في حي النسيرية بمدينة تعز، قبل يومين، وراح ضحيتها أكثر من 15 شخصا بين قتيل وجريح، وإنها «جريمة حرب مكتملة الأركان وفقا لتعريف اتفاقية روما لجرائم الحرب (النظام الأساسي لمحكمة الجنايات الدولية) وإنها لا تسقط بالتقادم.
وذكرت المنظمة أنها قامت بالتأكد من طبيعة المكان، حيث اتضح لفريق المنظمة أن «المكان المستهدف بالقذيفة يعد حيًا سكنيًا مأهولاً ومزدحمًا بالمباني الملتصقة وبعيدا كليًا عن أي وجود مسلح أو وجود أي مواقع عسكرية قريبة مما يجعل استهداف الحي مخالفة صريحة للقانون الدولي الإنساني، وتحديدًا اتفاقية جنيف الرابعة الخاصة بحماية المدنيين أثناء الحروب والنزاعات المسلحة».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.