بغداد تعزز مواقعها في الرمادي

وزير الدفاع الأميركي يؤكد مساعدة واشنطن لتحرير المدينة

بغداد تعزز مواقعها في الرمادي
TT

بغداد تعزز مواقعها في الرمادي

بغداد تعزز مواقعها في الرمادي

بينما تتواصل العمليات العسكرية لتحرير مدينة الرمادي، مركز محافظة الأنبار، من سيطرة تنظيم داعش، بدأت القيادات العسكرية العليا في إعطاء الأوامر عبر إرسال تعزيزات كبيرة من القوات العراقية المشتركة أمس.
وتقدمت القوات المحررة في مناطق داخل الرمادي بعد أن عبرت النهر وصولا إلى مركز المدينة، من أجل مسك الأرض في المناطق التي تمت استعادتها من سيطرة التنظيم المتطرف، وأهمها حي التأميم، المنطقة الاستراتيجية المهمة في داخل المدينة.
وأكدت قيادة عمليات الأنبار وصول التعزيزات. وقال قائد عمليات الأنبار اللواء الركن إسماعيل المحلاوي إن «تعزيزات عسكرية من الجيش والقوات المشتركة وصلت إلى منطقة التأميم لمسك الأرض بعد استعادتها من سيطرة تنظيم داعش الإرهابي». وأضاف المحلاوي أن «القوات التي ستمسك الأرض مدربة جيدا ومجهزة بالسلاح والعتاد والآليات اللازمة». وأشار المحلاوي إلى أن «عملية تحرير مركز الرمادي ستكون من مهام الشرطة ومقاتلي العشائر من أبناء الأنبار المنضوين في الحشد العشائري، وجهاز مكافحة الإرهاب، وقواته على استعداد لتحرير مناطق جزيرة الرمادي بالكامل».
وبينما تستمر القوات العراقية في عمليات التقدم من المحور الغربي للرمادي، قال وزير الدفاع الأميركي أشتون كارتر إن بلاده «مستعدة لإرسال مستشارين وطائرات هجومية لمساعدة الحكومة العراقية في استعادة مدينة الرمادي»، في مؤشر على احتمال زيادة المشاركة الأميركية. وأضاف كارتر للجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ الأميركي أن «الولايات المتحدة مستعدة لإمداد الجيش العراقي بمزيد من القدرات الفريدة لمساعدته في إنجاز المهمة المتمثلة في استعادة الرمادي، بما في ذلك إرسال طائرات هليكوبتر هجومية ومستشارين مرافقين إذا أملت الظروف ذلك، وإذا طلب ذلك رئيس الوزراء حيدر العبادي».
وأكد مبعوث الرئيس الأميركي إلى العراق بيرت ماكيرك على مساعدة القوات العراقية في تحرير محافظة الأنبار، ومساعدة العراق لبناء مؤسساته بكل اﻻختصاصات. وأكد ماكيرك، خلال مؤتمر صحافي عقده في مقر السفارة الأميركية في بغداد: «قررنا مساعدة القوات العراقية في تحرير محافظة الأنبار، وسنساعد العراق لبناء مؤسساته بكل اﻻختصاصات»، مبينا أنه «تم تخصيص مبلغ 10 ملايين دولار لإعادة إعمار الرمادي، كما تم تخصيص 1.2 مليار دوﻻر كقرض للعراق من قبل صندوق النقد الدولي من أجل إعادة إعمار المناطق المتضررة». وأضاف ماكيرك: «إننا نعمل بشكل جدي مع رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي لتحقيق الإصلاح والقضاء على الإرهاب»، موضحا أن «التوتر الحاصل بين العراق وتركيا يجب أن يحل بطريقة دبلوماسية».
وبين ماكيرك أن «عملياتنا ضد تنظيم داعش تأتي ضمن اتفاق وتنسيق مع الحكومة العراقية»، داعيا «القوات العراقية إلى مراعاة وضع المدنيين الذين يستخدمهم (داعش) كدروع بشرية». وأوضح أن «العراق يحارب تنظيم داعش نيابة عن جميع دول العالم، لأنه سرطان يهدد جميع البلدان العربية والأوروبية»، مبينا: «إننا سنجهز القوات العراقية بمختلف أنواع الأسلحة».
ومن جانب آخر، قال قائد شرطة الأنبار اللواء هادي رزيج إن «الوحدات العسكرية التي ستتحرك لاستعادة المزيد من المناطق تمهيدا لاقتحام المدينة واستعادتها، لا بد من وجود قوات أخرى بديلة لها لمسك الأرض بعد تقدمها، لذا تحرك أحد أفواج طوارئ شرطة الأنبار من قاعدة الحبانية العسكرية لمسك منطقة التأميم بعد أن تم تحريرها بالكامل من عناصر التنظيم».
وأضاف رزيج أن «الفوج مجهز بالسلاح والعتاد والآليات، وتلقى تدريبات مسبقة في قاعدة الحبانية على القتال ومسك المناطق المحررة من (داعش) في الرمادي».
ميدانيا، أعلن مصدر أمني في قيادة عمليات الأنبار عن مقتل 65 عنصرا من تنظيم داعش في قصف لطيران التحالف الدولي شمال مدينة الرمادي. وقال المصدر إن «الطيران الحربي للتحالف الدولي وبمساندة القوات الأمنية العراقية على الأرض تمكن من قصف عدد من الأهداف والتجمعات لعناصر تنظيم داعش في مناطق البوفراج والبوذياب والبوعثية شمال الرمادي». وأضاف المصدر الذي طلب عدم الكشف عن اسمه أن «القصف أدى إلى مقتل 65 عنصرا من مسلحي التنظيم الإرهابي، فضلا عن إلحاق خسائر مادية كبيرة بالتنظيم».
من جانب آخر، أعلن قائد الشرطة الاتحادية الفريق رائد شاكر جودت، عن مقتل 10 من مسلحي تنظيم «داعش» بعملية عسكرية شرق الرمادي. وقال جودت، لـ«الشرق الأوسط»، إن «قوات من كتيبة الصواريخ التابعة لقيادة الشرطة الاتحادية تمكنت من تنفيذ عملية عسكرية بمنطقة حصيبة الشرقية شرق مدينة الرمادي، أسفرت عن مقتل 10 من إرهابيي تنظيم داعش». وأضاف جودت أن «العملية أسفرت أيضا عن تطهير العديد من المنازل والأبنية من سيطرة التنظيم شرق مدينة الرمادي».



مغامرة بوتين في أوكرانيا... أمام الامتحان

مغامرة بوتين في أوكرانيا... أمام الامتحان
TT

مغامرة بوتين في أوكرانيا... أمام الامتحان

مغامرة بوتين في أوكرانيا... أمام الامتحان

لم يصدف في التاريخ أن كانت الحرب معزولة عن السياسة. فالحرب هي السياسة، لكن بوسائل أخرى، حسب كارل فون كلوزفيتز. والحرب تُخاض لأهداف سياسية بحتة، شرط أن تكون هذه الأهداف قابلة للتحقيق. والعكس قد يعني أن استراتيجيّة الحرب المرسومة سوف تناقض طبيعتها. فاستراتيجيّة الحرب بشكل عام، هي تلك الطريقة (الكيف في التنفيذ) التي تربط الأهداف بالوسائل، شرط التوازن بين الاثنتين.
أن تدخل الحرب بثقة زائدة، متجاهلاً الكثير والكثير من متطلّبات النجاح، لهو أمر قاتل. وأن تدخل الحرب ومفتاح نجاحها بيد الأعداء، لهو أمر يعكس السطحيّة الاستراتيجيّة للمخطّطين. لكن المصيبة تكمن، بالثمن المدفوع لأي تعثّر. فمن يرِدْ أن يكون قوّة عظمى فعليه تجميع عناصر القوّة لمشروعه.
وإذا تعذّر ذلك، فعليه ابتكار استراتيجيّة فريدة من نوعها، تجمع «القوّة الطريّة» مع القوّة الصلبة، بهدف التعويض عن أيّ نقص من عناصر القوّة.

فشل منظومة بوتين
لردع الغرب!
لم يستطع الرئيس بوتين وبعد سنة على عمليته العسكريّة في أوكرانيا، تركيب منظومة ردعيّة فاعلة وقادرة على تسهيل حربه. بكلام آخر، لم تنفع استراتيجيّته والمُسمّاة استراتيجيّة الرجل المجنون (Mad Man Theory)، في ردع الغرب. فهو أراد حماية حربه التقليديّة بمظلّته النوويّة، مُظهراً نفسه لاعباً غير عقلانيّ (Irrational). فمن التهديد النوويّ المتكرّر من قبله، ومن قبل الرئيس الروسي السابق ميدفيديف، إلى وزير الخارجيّة سيرغي لافروف. كان ردّ الغرب عبر اتباع استراتيجيّة القضم المُتدرّج لخطوط بوتين الحمراء.
وللتذكير فقط، استعمل الرئيس الأميركي الراحل ريتشارد نيكسون، وبالتعاون والتنسيق مع هنري كيسنجر، استراتيجيّة الرجل المجنون في حربه على فيتنام. فصوّر نيكسون نفسه آنذاك على أنه لاعب غير عقلاني قد يذهب إلى استعمال النووي في حال لم تلبَّ مطالبه، وذلك مقابل حركيّة كيسنجر العقلانيّة لإيجاد مخرج من مستنقع فيتنام.

من يريد كلّ شيء، قد
لا يحصل على شيء
وضع الرئيس بوتين لنفسه أهدافاً تعجيزيّة. من طلبه عودة وضع حلف «الناتو» إلى منتصف التسعينات، إلى إلغاء الدولة الأوكرانيّة، وضمّها إلى روسيا على أنها جزء لا يتجزّأ من مناطق النفوذ الروسيّ، إلى قيادة الانتفاضة العالميّة ضد الإمبرياليّة الأميركيّة، إلى رسم نظام عالميّ جديد تكون فيه روسيا لاعباً كونيّاً وقوّة عظمى على غرار أميركا والصين. كلّ ذلك، باقتصاد ودخل قوميّ يوازي الدخل القومي لمدينة نيويورك. كل ذلك مع تصنيع حربيّ متواضع، يعود أغلبه إلى أيام الاتحاد السوفياتيّ، ودون تصنيع محلّي للشرائح الذكيّة، التي تعد حيويّة لتشغيل أسلحة القرن الحادي والعشرين. كل ذلك مع جيش أغلبه من الأقليات التي تعيش في المناطق النائية وعلى هامش حياة الشعب الروسي في المدن الرئيسّية. جيش لا يحسن القتال المشترك للأسلحة (Combined). جيش مؤلّف من عدّة جيوش، منها الجيش الروسيّ الرسمي، إلى الفرق الشيشانيّة، وحتى شركة «فاغنر» الخاصة. حتى إن هذه الجيوش لا يقاتل بعضها مع بعض، وهي ليست على وفاق، لا بل تتصارع علناً، إن كان حول الاستراتيجيات العسكريّة، أو حتى في طريقة إدارة الحرب. جيش لم يخطط للسيناريو السيّئ، فوقع في فخ الرضا المسبق عن الذات.
بوتين الحائر
بين الاستراتيجيّة والتكتيك
في المرحلة الأولى للحرب حول كييف، خسر بوتين في الاستراتيجيّة والتكتيك. غيّر الاستراتيجيّة وتوجّه نحو إقليم الدونباس فحقق نجاحات تكتيكيّة، لكنها لم تُصَب وتتراكم لتؤمّن النجاحات الاستراتيجيّة.
بعد الدونباس، خسر الرئيس بوتين التكتيك في إقليم خاركيف، كما أجبر على الانسحاب من مدينة خيرسون. وبذلك، تراكمت الخسائر التكتيكيّة والاستراتيجيّة على كتف الرئيس بوتين لتعيده إلى مربّع الخسارة الأول حول العاصمة كييف.

التقييدات على سلوك بوتين
في المرحلة المقبلة
• لا يمكن للرئيس بوتين أن يخسر مرّتين متتاليتين في أوكرانيا.
• فالخسارة تعني بالحدّ الأدنى الإطاحة به سياسياً، حتى ولو لم تتظهّر معارضة داخلية حتى الآن.
• تاريخيّاً، لا مكان للضعفاء في الكرملين. فكلمة الكرملين وهي من أصل تتريّ، تعني القلعة المُحصّنة. وكلّما كان هناك تعثّر عسكريّ روسي في الخارج، كان التغيير السياسي في الداخل النمط المعتاد.
• لا بد للرئيس بوتين من تقديم نصر عسكريّ للداخل الروسي، حتى لو كان محدوداً. وقد يكون هذا النصر في إقليم الدونباس أولاً، وفي إقليم زابوريجيا ثانياً. فهو قد ضمّ هذين الإقليمين إلى جانب إقليم خيرسون.
• لكن السيطرة على الأقاليم الثلاثة: الدونباس وزابوريجيا وخيرسون، بأكملها، ليس بالأمر السهل، وذلك استناداً إلى التجارب السابقة مع الجيش الروسيّ. فعلى سبيل المثال لا الحصر، لم يستطع الجيش الروسي، و«فاغنر» إسقاط مدينة بخموت حتى الآن، وبعد مرور أكثر من سبعة أشهر على العمليّة العسكريّة حولها.

المنتظر من بوتين
• بدل النوعيّة أغرق الرئيس بوتين الجبهات بالكميّة، خصوصاً من العسكر الجديد. ألم يقل الزعيم السوفياتي الراحل جوزيف ستالين: «إن للكميّة نوعيّة بحد ذاتها؟»، وبذلك يحاول بوتين اختبار جاهزيّة الانتشار الأوكراني على طول الجبهة لرصد نقاط الضعف.
• تقول المعلومات إن الجيش الروسي قد حشد كثيراً من الطائرات الحربيّة والطوافات على حدود أوكرانيا استعداداً لاستعمالها في المعركة المقبلة، خصوصاً أن جاهزيّة السلاح الجويّ الروسي تتجاوز نسبة 80 في المائة.
• كما تقول المعلومات إن التجمعات العسكريّة بدأت تظهر داخل الأراضي الروسيّة خصوصاً في مدينة كورسك، التي تقع خارج مدى راجمات «الهايمرس».
• يحاول الرئيس بوتين استرداد زمام المبادرة من يد الجيش الأوكراني، وذلك استباقاً لوصول المساعدات الغربيّة، خصوصاً الدفاعات الجويّة ودبابات القتال الرئيسيّة.
• وأخيراً وليس آخراً، قد يحاول الرئيس بوتين زرع الفوضى في المحيط الجغرافي لأوكرانيا، إن كان في مولدوفا، أو انطلاقاً من إقليم كاليننغراد الروسي والواقع على بحر البلطيق. هذا عدا إمكانيّة ضرب خطوط الإمداد لأوكرانيا على ثلاثة ممرات بريّة؛ تمرّ عبر كل من: سلوفاكيا ورومانيا وبولندا.
في الختام، هذه هي صورة الجبهّة الروسيّة. لكن رقصة «التانغو» بحاجة إلى شخصين كي تكتمل. فكيف ستكون عليه الجاهزيّة الأوكرانيّة؟ خصوصاً أننا عاينّا في هذه الحرب نماذج الحرب من العصر الزراعي، كما من العصر الصناعي، ودون شكّ من العصر التكنولوجيّ.
بعد عام على الحرب... هل باتت روسيا أكثر أمناً؟
مستقبل الحرب... واحتمالات توسعها وخروجها عن السيطرة
كيف أساءت روسيا تقدير موقف ألمانيا؟
أوروبا... تساؤلات حول مآلات الدعم لأوكرانيا
الأزمة... والدور «المشلول» لمجلس الأمن