الضربات الجوية المكثفة تربك قيادات «داعش» في الرقة والحسكة وشرق حلب

فصائل معارضة جديدة تنضم إلى «قوات سوريا الديمقراطية» لمواجهة التنظيم المتطرف

الضربات الجوية المكثفة تربك قيادات «داعش» في الرقة والحسكة وشرق حلب
TT

الضربات الجوية المكثفة تربك قيادات «داعش» في الرقة والحسكة وشرق حلب

الضربات الجوية المكثفة تربك قيادات «داعش» في الرقة والحسكة وشرق حلب

شتّتت الضربات الجوية المكثفة التي نفذتها قوات التحالف الدولي والطائرات الروسية، قيادات تنظيم داعش في الرقة وريف حلب الشرقي والحسكة في شمال سوريا، وفرضت «حالة من الإرباك» في صفوف التنظيم، بعد «ضرب مقرات القيادة والسيطرة». هذا في الوقت، الذي أعلنت فيه عدد من الفصائل المقاتلة في إدلب وحلب الانضمام إلى «قوات سوريا الديمقراطية» والعمل تحت قيادتها، وذلك بعد تحقيق هذه القوات التي تشكلت منتصف الشهر الماضي من فصائل عربية وكردية تقدما في محافظة الحسكة، بعد نحو أسبوعين من انطلاق أولى عملياته العسكرية في 31 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.
وبدأ التنظيم، أمس، بإجلاء عائلات مقاتليه الأجانب من الرقة والشدادي في ريف الحسكة الجنوبي، إثر «الضربات الجوية الكثيفة التي استهدفت مقرات التنظيم وتمركزاته وتحركاته في المنطقة»، كما قال رامي عبد الرحمن مدير المرصد السوري، مشيرا إلى أن التنظيم «بدأ بعملية إجلاء إلى مناطق أكثر أمنًا باعتقاده، تتوزع بين ريف الرقة الشرقي، وأرياف دير الزور». ولفت إلى أن «الضغط العسكري الذي تفعّل خلال اليومين الماضيين، ألزم التنظيم بإخلاء مقرات كثيرة، وقوض قدرته على التحرك، وإخفاء آلياته العسكرية في أكثر من موقع».
وقالت قوة المهام المشتركة التي تقود عمليات التحالف بقيادة الولايات المتحدة، أمس، إن التحالف نفذ الاثنين 23 ضربة جوية استهدفت «داعش» في سوريا والعراق، بما في ذلك منشآت نفطية يستخدمها التنظيم المتشدد. وأضافت في بيان، أن 6 ضربات نفذت قرب 3 مدن سورية واستهدفت عدة مواقع قتالية، إلى جانب وحدة لفصل النفط والغاز قرب البوكمال و3 منشآت نفطية قرب دير الزور تابعة للتنظيم المتشدد.
وأقر تنظيم داعش باستهداف مقراته في سوريا، إذ أعلن أحد مناصريه على «تويتر»، أن «بوارج صليبية في البحر المتوسط قصفت ريف حلب الشرقي والرقة بالصواريخ بعيدة المدى»، بحسب تعبيره.
وقال ناشطون إن القصف لمواقع سيطرة «داعش» تفعل خلال اليومين الماضين «بشكل غير مسبوق». وقال ناشط في الرقة لـ«الشرق الأوسط»، إن المدينة «تعيش على وقع التفجيرات الناتجة عن القصف الجوي، بينما يخلي التنظيم مواقع سيطرته، ويلوذ مقاتلوه بأحياء يسكنها المدنيون، منعًا لاستهدافهم». وقال إن حجم القصف «قوّض حركة التنظيم وشرطة (الحسبة) التي اختفت من الشوارع».
وانسحب الأمر نفسه على مناطق ريف حلب الشرقي، إذ أكد «مكتب أخبار سوريا»، أن القصف «غير المسبوق» من قبل القوات النظامية والطيران الحربي الروسي، على القرى والبلدات المحيطة بالمطار، أجبرت آلاف المدنيين على النزوح من بلداتهم والتوجه إلى مناطق أكثر أمنًا كالرقة وجرابلس ومنبج الخاضعة لسيطرة تنظيم داعش. وأشار إلى أن «الطيران الروسي قصف في اليومين الماضيين البلدات المحيطة بمطار كويرس بقنابل عنقودية «ذات القدرة التدميرية الكبيرة»، على حد تعبيره، حيث يترفق إلقاؤها مع إحداث أكثر من 40 انفجارًا بآنٍ واحد، مما يؤدي لدمار «واسع» في المنطقة المستهدفة، مشيرًا إلى أن القنابل العنقودية أدت في بلدة دير حافر إلى دمار حيين سكنيين «بشكل كامل».
وعمّ «الإرباك» سائر مناطق سيطرة تنظيم داعش، كما قال عبد الرحمن، مشيرًا إلى أن «كمية الغارات وقوتها خلقت حالة من الإرباك غير المسبوق»، مؤكدًا أن التنظيم «في تشتت مستمر». وأشار عبد الرحمن إلى أن القصف الذي تستهدفه به طائرات التحالف، «وصل إلى المنطقة الحدودية مع العراق، حيث استهدفت مروحيات يعتقد أنها تابعة للتحالف من نوع أباتشي الأميركية، تحركات للتنظيم في ريف دير الزور الشرقي المحاذي للحدود العراقية». وركزت الضربات الجوية في شرق سوريا، بعد هجمات باريس، على استهداف مواقع إنتاج النفط ومناطق سيطرته في محيطها، قائلاً إن القصف من هذا النوع «يتجدد يوميًا على المنطقة».
وبموازاة الضربات الجوية، شن التنظيم هجومًا على حقل جزل النفطي حقل جزل شرق حمص، في هجمات أراد منها «إرباك» القوات النظامية التي «باتت قريبة جدًا من مدينة تدمر، وعلى أهبة استعادة السيطرة على القريتين وتدمر» في ريف حمص الشرقي، كما قال عبد الرحمن، موضحًا أن هذا التقدم «يعود إلى فاعلية الضربات الروسية التي استهدفت مقراته بشكل كبير خلال الأسابيع الماضية».
وذكرت وكالة «سانا» الرسمية السورية، أمس، وناشطون معارضون، أن القوات النظامية استعادت سيطرتها على قرية الحدث التي تبعد نحو 30 كيلومترًا من الطريق السريع بين دمشق وحمص، في ريف حمص الجنوبي الشرقي بعد معارك مع «داعش». وقال مدير المرصد إن اشتباكات عنيفة تدور بين القوات الحكومية ومقاتلي «داعش» في حوارين المتاخمة لمهين.
في الوقت نفسه، نقلت «سانا» عن مصدر عسكري، قوله، إن القوات الحكومية «تواصل تقدمها باتجاه قريتي حوارين ومهين ومدينة القريتين»، وذلك بالتزامن مع العمليات المستمرة في الريف الغربي لمدينة تدمر، حيث نخوض معارك على بعد 8 كيلومترات غرب المدينة.
وبالتزامن، يخوض التنظيم معارك عنيفة في ريف الحسكة، في محاولة منه لصد هجمات شنتها قوات كردية وعربية. وقال ناشطون إن «قوات سوريا الديمقراطية» باتت على مسافة 25 كيلومترًا عن معقله في محافظة الحسكة في منطقة الشدادي، حيث أجلى معظم عائلات مقاتليه الأجانب.
في السياق نفسه، بث ممثلون عن فصائل مقاتلة في حلب وإدلب، بيانا مصورا أعلنوا فيه الانضمام لـ«قوات سوريا الديمقراطية». وأوضح البيان أن الدافع للانضمام يعود إلى «التطورات الأخيرة على الساحة السورية، وتمدد الإرهاب في الكثير من المناطق، وتنفيذه المجازر بحق الشعب السوري». وحدد البيان أن الإرهاب «يتمثل بتنظيم داعش وأخواته والنظام البعثي المجرم». وأضاف أن «الانتصارات التي حققتها (قوات سوريا الديمقراطية) في منطقة الجزيرة (شمال شرق) بالتعاون مع التحالف الدولي، ودحر (داعش) في الكثير من المناطق»، كانت داعمة لانضمام الفصائل إلى القوات. كما أدانت الفصائل المنضمة ما وصفته بـ«المجزرة» بحق الشعب الفرنسي، معلنة التضامن مع فرنسا وجميع الدول التي تحارب الإرهاب.
والفصائل التي وقعت على الانضمام أمس هي، هي فصيل جيش الثوار، وقوات الفرقة 30، ولواء «شهداء» ريف إدلب، ولواء عين جالوت، ولواء 99 مشاة، ولواء الحمزة، ولواء القعقاع، ولواء المهام الخاصة 455، ولواء السلاجقة، والفوج 102، وأحرار الشمال، وقوات العشائر في حلب وريفها، وجبهة الأكراد.
وبدأت بالحملة بتاريخ 30 - 10 - 2015 بمشاركة جميع الفصائل المقاتلة ضمن «قوات سوريا الديمقراطية»، وهي: جيش الثوار، ووحدات حماية الشعب، ووحدات حماية المرأة، وقوات الصناديد، وبركان الفرات (شمس الشمال)، والمجلس العسكري السرياني، ولواء التحرير، وتجمع ألوية الجزيرة.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.