الحكومة اليمنية تنتقد الصمت الدولي.. وتحمل الميليشيا مسؤولية القتل والدمار

3 آلاف قتيل و7 آلاف جريح بينهم أطفال ونساء على يد الانقلابيين

عز الدين الأصبحي وزير حقوق الإنسان  (غيتي)
عز الدين الأصبحي وزير حقوق الإنسان (غيتي)
TT

الحكومة اليمنية تنتقد الصمت الدولي.. وتحمل الميليشيا مسؤولية القتل والدمار

عز الدين الأصبحي وزير حقوق الإنسان  (غيتي)
عز الدين الأصبحي وزير حقوق الإنسان (غيتي)

انتقدت الحكومة الشرعية اليمنية، صمت المنظمات الحقوقية والمجتمع الدولي، تجاه الجرائم التي ترتكبها ميليشيات الحوثي والمخلوع علي عبد الله صالح، ضد اليمنيين، واعتبرته غير مقبول وغير مبرر. وقال خالد بحاح نائب رئيس الجمهورية رئيس الوزراء: إن التاريخ لن يرحم من تسبب في عمليات القتل والدمار.
وأوضح عز الدين الأصبحي وزير حقوق الإنسان في ندوة عن انتهاكات حقوق الإنسان أقيمت أمس في الرياض، أن الصمت الدولي لم يعد مقبولا وليس له ما يبرره، ولا يمكن أن نوازي بين جيش وطني ومقاومة شعبية تدافع عن أرضها وعن مواطنيها، وبين ميليشيات وعصابات تقتل الناس وتفجر منازلهم، وتستهدف المستشفيات والأطقم الطبية والأطفال والنساء بقذائف الدبابات والمدافع والقناصة.
وذكر الأصبحي، أن ميليشيات الحوثي وصالح تمارس منهج العقاب الجماعي ضد اليمنيين، وتقوم بعمليات إبادة ترقى إلى جرائم الحرب التي يعاقب عليها القانون الدولي ومواثيق الأمم المتحدة، ولفت إلى أن الميليشيات تستهدف البنية التحتية في كل مدينة تقتحمها كما عملت في عدن والضالع وتعز، وذكر أنها تستهدف كل مقومات الحياة داخلها، من محطات المياه ومحطات الكهرباء والمستشفيات.
وحذر وزير حقوق الإنسان اليمني، من خطورة ما تقوم به الميليشيات الانقلابية على مستقبل الأجيال اللاحقة، بسبب نشرها خطاب الكراهية عبر هذه الحروب العبثية والتي قال إنها «تؤسس لحروب قادمة، وتسهم في تمزيق النسيج المجتمعي، وتفكيك مقوماته».
وكشف الأصبحي عن استدراج الميليشيات للأطفال دون سن الـ17 من دور الأيتام والملاجئ وتجنيدهم في صفوفها وإرسالهم إلى جبهات المعارك، حيث يتركونهم ليواجهوا مصيرهم، كما قاموا باستخدام المدارس والمراكز الطبية والأحياء السكنية إلى ثكنات حربية ومخازن سلاح، وهو ما يعرض هذه المناطق إلى جعلها أهدافا عسكرية.
وفي السياق نفسه حمل نائب رئيس الجمهورية رئيس الوزراء خالد بحاح الانقلابيين المسؤولية الكاملة عن القتل والدمار الذي حل باليمن واليمنيين، وقال بحاح في اجتماع مع اللجنة الوطنية للتحقيق في ادعاءات انتهاكات حقوق الإنسان أمس، إن «التاريخ لن يرحم كل من تسبب في إحداث القتل والدمار، هذه الفترة العصيبة».
وأكد بحاح أن حكومته تدرك مسؤولياتها الوطنية عن كل المواطنين في مختلف المحافظات، وتبذل جهودا حثيثة للوصول إلى سلام يحقن الدماء في أقرب وقت ممكن، موضحا أن كل من يسقط قتيلا في هذه الحرب سيترك جرحا غائرا في نفوس أهله وأحبابه.
وكشف تقرير حقوقي حديث عن مقتل وجرح 24 ألف مدني، بينهم نساء وأطفال، على يد ميليشيات الحوثي وقوات الرئيس السابق علي عبد الله صالح، بينما انتقدت الصمت الدولي تجاه الانتهاكات التي يتعرض لها اليمنيون في مختلف المحافظات.
وأعلن التحالف اليمني لرصد انتهاكات حقوق الإنسان باليمن، في تقريره الذي نشره أمس وحصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، أن المتمردين تسببوا في مقتل 3074 مدنيا، بينهم 400 طفل، و381 امرأة، كما جرح 7347 آخرون، بينهم 719 طفلا، و514 من النساء، وتعرض 5894 إلى الاختطاف، أفرج عن 4640 منهم، بينما لا يزال 1245 شخصا، في معتقلات سرية وأمنية تابعة لهم.
وأوضح التقرير الذي رصد الانتهاكات من 21 سبتمبر (أيلول) 2014، حتى نهاية أغسطس (آب) 2015، إلى تسجيل 982 مدنيا حالة إخفاء قسري، بينما تعرض 796 للتعذيب، وبلغ عدد الأطفال المحتجزين 215 طفلا، وبحسب التقرير فقد تم اقتحام ونهب وتدمير أكثر من 5492 منشأة ومؤسسة حكومية وخصوصا، إضافة إلى منازل مواطنين ومقرات أحزاب سياسية.
وبحسب التقرير فإن ميليشيات الحوثي وصالح، عملت على استخدام الاحتجاز التعسفي والإخفاء القسري بصورة منتظمة في كل المدن التي تحتلها، والتي استهدفت بدرجة رئيسية كل الناشطين السياسيين والصحافيين والموظفين الحكوميين.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.