عباس: لن ننجر إلى المربع الذي يريده الإسرائيليون

3 عمليات طعن لإسرائيليين في القدس وتل أبيب والخليل.. ورئيس بلدية القدس يدعو المستوطنين لحمل السلاح

فلسطيني يقف بالقرب من إطارات محترقة خلال المواجهات التي وقعت أمس بين فلسطينيين وقوات الاحتلال الإسرائيلي قرب رام الله (أ.ف.ب)
فلسطيني يقف بالقرب من إطارات محترقة خلال المواجهات التي وقعت أمس بين فلسطينيين وقوات الاحتلال الإسرائيلي قرب رام الله (أ.ف.ب)
TT

عباس: لن ننجر إلى المربع الذي يريده الإسرائيليون

فلسطيني يقف بالقرب من إطارات محترقة خلال المواجهات التي وقعت أمس بين فلسطينيين وقوات الاحتلال الإسرائيلي قرب رام الله (أ.ف.ب)
فلسطيني يقف بالقرب من إطارات محترقة خلال المواجهات التي وقعت أمس بين فلسطينيين وقوات الاحتلال الإسرائيلي قرب رام الله (أ.ف.ب)

قال الرئيس الفلسطيني محمود عباس، أمس، إنه لن يسمح بالانجرار إلى المربع الذي تريده إسرائيل في المواجهات الحالية في الأراضي الفلسطينية، وإنما عبر المقاومة الشعبية فقط.
وأضاف عباس في كلمة له في افتتاح أحد الأبراج في رام الله: «لن نستعمل العنف ولا القوة، نحن مؤمنون بالسلام وبالمقاومة الشعبية السلمية، فهي حقنا ويجب أن نستمر فيها ما دام هناك عدوان». وتابع: «نحن لا نعتدي على أحد، ولكن لا نريدهم أيضا أن يعتدوا علينا، نريدهم أيضا ألا يدخلوا المسجد الأقصى المبارك. ونحن نشد على أيدي إخواننا الذين يحمون الأقصى، والذين يعانون كثيرا في سبيل حمايته، ولكن نقول للحكومة الإسرائيلية ابتعدوا عن مقدساتنا الإسلامية والمسيحية. نحن نريد السلام وأيدينا ستبقى ممدودة للسلام رغم كل ما نعانيه منكم، لأننا في النهاية طلاب سلام، وإذا حصل السلام هنا فإنه سيشمل كل العالم».
وحمل عباس إسرائيل المسؤولية عن «الفوضى»، قائلا إن عدم تطبيقها للاتفاقات والالتزامات يجر إلى الفوضى التي تجري الآن وقد تجري لاحقا.
وجاءت تصريحات عباس ضد استخدام العنف، فيما نفذ فلسطينيون 3 عمليات طعن لإسرائيليين في القدس وتل أبيب والخليل مستهدفين جنودا إسرائيليين ومستوطنين في مؤشر على ازدياد العمليات من هذا النوع التي بلغت 8 في يومين.
وهاجم فلسطيني مجندة إسرائيلية في تل أبيب، قرب مقر وزارة الدفاع الإسرائيلية، وطعنها بأداة حادة، وأصاب ثلاثة آخرين بجروح قبل أن يطلق الجيش الإسرائيلي النار عليه ويقتله. وقالت وسائل إعلام إسرائيلية إن شابا صغير السن طعن المجندة الإسرائيلية وأصابها بجراح خطرة وخطف سلاحها وطعن آخرين قبل أن تقتله القوات الإسرائيلية الموجودة في المكان. وقبل ذلك بساعات نفذ فلسطيني عملية طعن أخرى في القدس بالقرب من مقر الشرطة العام في الشيخ جراح وأصاب مستوطنا بجروح خطيرة.
واعتقلت الشرطة الإسرائيلية الشاب الفلسطيني صبحي إبراهيم أبو خليفة (18 عاما) من سكان مخيم شعفاط في القدس، وتم نقل المستوطن لمستشفى «تشعاري تصديق» في القدس لتلقي العلاج.
وقال قائد شرطة القدس الميجر جنرال موشيه إدري، إن أفراده نجحوا في السيطرة على الشاب بعد فترة قصيرة من مطاردته وإن قواته على أتم الجاهزية للتعامل مع جميع السيناريوهات. ووضعت الشرطة ستة أجهزة لفحص المعادن في البلدة القديمة في القدس وذلك للتعامل مع تدهور الأوضاع الأمنية وفي أماكن أخرى.
وفي الخليل نجح فلسطيني في طعن أحد حراس مستوطنة «كريات أربع» قبل أن يفر من المكان، ووصفت منظمة «نجمة داود الحمراء» الإسرائيلية حالته بالخطيرة بعد أن تلقى عدة طعنات في ظهره.
واستمرت أمس المواجهات العنيفة بين متظاهرين فلسطينيين والجيش الإسرائيلي في مناطق مختلفة في الضفة الغربية في رام الله وبيت لحم والخليل ونابلس.
وأعلن وزير الصحة الفلسطيني جواد عواد، أن حصيلة قمع الاحتلال الإسرائيلي للمسيرات السلمية الأخيرة بلغت حتى صباح الأمس، 5 «شهداء» بينهم طفل، ونحو 750 إصابة بالرصاص الحي والمطاطي، إضافة إلى مئات الإصابات بالاختناق من قنابل الغاز، ويضاف إليهم الشاب الذي قتلته إسرائيل في تل أبيب ليصبح العدد 6.
وأضاف وزير الصحة في بيان «إن عدد الإصابات بالرصاص الحي بلغ 140 إصابة، فيما سجلت 360 إصابة بالرصاص المطاطي، بينما بلغ عدد المصابين الذين وصلوا مستشفى المقاصد 150 بالرصاص الحي والمطاطي».
وأشار عواد إلى أن عدد الإصابات بالضرب من قبل جيش الاحتلال والمستوطنين بلغ 90 إصابة، فيما سجل 18 اعتداء على سيارات الإسعاف، وإصابة 20 مسعفا ومتطوعا في تقديم الإسعافات الأولية للمصابين في المسيرات السلمية.
وأضاف أن الأحداث الأخيرة شهدت اعتداء المستوطنين على طاقم طبي من مستشفى سلفيت مكون من طبيب وممرض واختصاصي تخدير أثناء توجهه لعمل، فيما اقتحمت قوات الاحتلال المستشفى العربي التخصصي في نابلس، واختطفت المريض كرم رزق 23 عامًا وهو على سرير الشفاء. وعن الذخيرة المستخدمة في قمع المسيرات، قال وزير الصحة إن قوات الاحتلال استخدمت الرصاص الحي بأنواعه المختلفة، وقد وُجه إلى المناطق العلوية من أجساد المواطنين، ما يعني أن الرصاص أطلق بقصد القتل أو إحداث الإعاقة، حيث استخدم الاحتلال رصاص «التوتو»، ويُطلق من بندقية تسمى «روجر»، ويُعين قناص خاص لهذه المهمة.
ونددت الحكومة الفلسطينية أمس بـ«الجرائم» التي ترتكبها «قوات الاحتلال تحت سمع وبصر العالم الذي يرفض محاسبة إسرائيل، ويصر على معاملتها كدولة فوق القانون، ولم يحرك ساكنًا لمحاسبة الحكومة الإسرائيلية ورئيس وزرائها على قرارها بالتشريع لقوات الاحتلال بعمليات قتل واغتيال الأطفال والمواطنين العزل الذين أصبحوا هدفًا ثابتًا لعمليات الإعدام الميداني وللقتل بدم بارد التي نشهدها يوميًا بحجج واهية زائفة».
وقال رئيس الوزراء رامي الحمد الله إن الحكومة تدعم الهبة الشعبية السلمية، و«حق شعبنا في الدفاع عن أرضه ومقدساته، وحقه المشروع في المقاومة بكافة الوسائل التي أقرتها الشرعية الدولية لشعب يقع تحت الاحتلال، ويتعرض للقتل والعدوان».
وفي هذا الوقت، طالب أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، صائب عريقات، بـ«ضرورة تحرك الأمم المتحدة بشكل عاجل من أجل توفير الحماية الدولية لأبناء شعبنا المدنيين العزل، في ظل التصريحات والدعوات العلنية إلى التحريض على قتل أبناء الشعب الفلسطيني وتصفية قضيتهم، وأخرها تصريح رئيس بلدية الاحتلال في القدس المحتلة نير بركات الذي دعا فيه السكان المدنيين الإسرائيليين ممن يمتلكون ترخيصًا بالسلاح إلى حمله وحتمية استخدامه». وعد عريقات تصريح بركات دعوة صريحة ومفتوحة للقتل المباشر تحت ذريعة حماية النفس، وحذر من «تبعات هذه التصريحات على حياة وأرواح مئات الآلاف من أبناء شعبنا المدنيين العزل في مدينة القدس المحتلة وباقي أرض دولة فلسطين». وقال عريقات: «هذه ليست المرة الأولى التي تقوم بها سلطات الاحتلال بالدعوة إلى حمل السلاح، فإسرائيل كان لديها جيشان لدولتها المحتلة، ميليشيات مسلحة من المستوطنين ترعاها وتحتضنها دولة الاحتلال، بالإضافة إلى قوات جيش الاحتلال، ولكن سيصبح لديها الآن جيش ثالث من المدنيين الإسرائيليين المسلحين».
وكان بركات دعا سكان القدس من الإسرائيليين بحمل سلاحهم طوال الوقت من أجل زيادة الشعور بالأمن عند السكان.
وأضاف بركات خلال مقابلة مع موقع «والا» الإسرائيلي «نحن نرى خلال الأحداث الأخيرة، في القدس وفي جميع أنحاء البلاد، أن المواطنين حاملي السلاح وجنودا سابقين ذوي خبرة قتالية يعرفون كيفية التصرف» في حال وقوع هجوم.
مضيفا: «هذا مهم جدًا للأمن والشعور بالأمن».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».