أرجأت محاكم مصرية جلسات صدور أحكام في عدة قضايا مثيرة للجدل على مدار الأيام القليلة الماضية. وقالت مصادر قضائية إن قرارات الإرجاء جاء معظمها في ضوء استنفار كل أجهزة الدولة، خاصة الأمنية، لحفل افتتاح قناة السويس الجديدة يوم (الخميس) المقبل، وكذلك تجنب صدور أحكام مثيرة، قد تتسبب في قلاقل داخلية أو انتقادات دولية، تعكر صفو الاحتفال.
وتتأهب مصر لتنظيم حفل افتتاح ضخم لقناة السويس الجديدة، بمشاركة قادة وزعماء من كافة دول العالم، على رأسهم الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند، والروسي فلاديمير بوتين، والفلسطيني محمود عباس، ورئيس قبرص، ورئيس وزراء اليونان، فضلاً عن زعماء دول عربية وأفريقية، وممثلين لحكومات أجنبية. وأعلن الجيش أمس انتهاء استعدادات تأمين الحفل، حيث شهدت منطقة القناة انتشارا مكثفا للمجموعات القتالية التي تم إعدادها وتجهيزها للتعامل مع التهديدات والعدائيات المحتملة.
وقررت محكمة جنايات القاهرة أمس مد أجل النطق بالحكم في القضية المعروفة إعلاميا باسم «خلية الماريوت»، التي يحاكم فيها حضوريا اثنان من صحافيي قناة «الجزيرة» هما محمد فهمي (كندي - مصري) والمصري باهر محمد وآخرين، لجلسة 29 أغسطس (آب) الحالي.
وهذه هي المرة الثانية التي تقرر فيها المحكمة مد أجل النطق بالحكم، حيث كان مقررا أن يصدر الحكم يوم الخميس الماضي.
وأسندت النيابة إلى المتهمين اتهامات بـ«الانضمام لجماعة أسست على خلاف أحكام القانون لتعطيل أحكام العمل بالدستور والقانون، ومنع مؤسسات الدولة من ممارسة أعمالها، والاعتداء على الحرية الشخصية للمواطنين، والإضرار بالوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي، واستهداف المنشآت العامة، وتعريض سلامة المجتمع وأمنه للخطر». وكانت محكمة النقض قررت، في يناير (كانون الثاني) الماضي، إعادة نظر القضية بعد قبول طعن المتهمين على الحكم الصادر بحسبهم لفترات تتراوح ما بين 3 و10 سنوات لاتهامهم بـ«مساعدة منظمة إرهابية».
وتعقيبا على تأجيل الحكم قال الصحافي فهمي في تغريدة على «توتير» إن «عدم الاحترام المستمر لحقوقنا غير مسبوق».
وفي قضية أخرى، قررت محكمة جنايات القاهرة أمس تأجيل نظر محاكمة الرئيس الأسبق محمد مرسي و10 متهمين آخرين من كوادر وأعضاء جماعة الإخوان، إلى جلسة يوم (السبت) المقبل، وذلك في اتهامهم بالتخابر وتسريب وثائق ومستندات صادرة عن أجهزة الدولة السيادية وموجهة إلى مؤسسة الرئاسة، وتتعلق بالأمن القومي والقوات المسلحة المصرية، وإفشائها إلى دولة قطر.
وجاء قرار التأجيل في ضوء تعذر إحضار المتهمين من محبسهم، حيث سلم ممثل النيابة العامة إلى هيئة المحكمة، مذكرة رسمية من مساعد وزير الداخلية مدير أمن الجيزة، تفيد تعذر ترحيل المتهمين لدواع أمنية.
ويتهم مرسي ومن معه باختلاس التقارير الصادرة عن جهازي المخابرات العامة والحربية، والقوات المسلحة، وقطاع الأمن الوطني بوزارة الداخلية، وهيئة الرقابة الإدارية، من بينها مستندات غاية في السرية تضمنت بيانات حول القوات المسلحة وأماكن تمركزها والسياسات العامة للدولة، بغية تسليمها إلى جهاز المخابرات القطري وقناة «الجزيرة» الفضائية القطرية، بقصد الإضرار بمركز مصر الحربي والسياسي والدبلوماسي والاقتصادي وبمصالحها القومية.
وسبق أن قررت محكمة جنايات القاهرة أول من أمس مد أجل النطق بالحكم في قضية اتهام 68 إرهابيا بارزا، من بينهم محمد الظواهري، شقيق أيمن الظواهري زعيم تنظيم القاعدة، بإنشاء وإدارة تنظيم إرهابي يرتبط بتنظيم القاعدة، يستهدف منشآت الدولة، إلى جلسة 10 أغسطس الحالي.
وقال مراقبون إن «تأجيل النطق بالحكم في تلك القضايا المثيرة يعد محاولة لتجنب انتقادات دولية أو اضطرابات محلية قد تحدث بسببها، مما يعكر أجواء الاحتفال». وسبق أن واجهت السلطات المصرية انتقادات دولية أثناء زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى ألمانيا مطلع يونيو (حزيران) الماضي، والتي جاءت عقب إحالة أوراق الرئيس الأسبق محمد مرسي وآخرين للمفتي تمهيدا للحكم بإعدامه، قبل أن تقرر المحكمة مد أجل الحكم في القضية، وهو الأمر الذي فسر «سياسيا» بأنه محاولة لتجنب التأثير على أجواء زيارة السيسي.
في السياق ذاته، أتمت القوات المسلحة الاستعدادات والإجراءات المرتبطة بمعاونة الأجهزة الأمنية بوزارة الداخلية في تأمين منطقة الاحتفال بقناة السويس وتنظيم تدفق ووصول الوفود الدولية والشخصيات المهمة.
وترأس السيسي أول من أمس اجتماعا لمجلس الدفاع الوطني لاستعراض خطة تأمين الاحتفالات، حيث طالب بالالتزام بأعلى معايير الدقة واليقظة الأمنية في تنفيذ خطة التأمين.
وقال بيان للجيش أمس إن «القوات المسلحة عززت من إجراءاتها الأمنية شرق القناة، وفرضت قوات الجيش الثاني الميداني طوقًا أمنيًا مشددًا لتأمين محيط القناة الجديدة التي شهدت انتشارًا مكثفًا للمجموعات القتالية تم إعدادها وتجهيزها للتعامل مع التهديدات والعدائيات المحتملة، كما تم تنظيم الكثير من الكمائن الثابتة والدوريات المتحركة على الطرق والمحاور الرئيسية شرق وغرب القناتين الجديدة والقديمة بالتعاون مع عناصر الشرطة المدنية لضبط العناصر المشتبه بها ومنع تسلل العناصر الإجرامية إلى منطقة الاحتفال».
وأوضح البيان أن دوريات مقاتلة تابعة للجيش الثالث الميداني قامت بتشديد أعمال التأمين والحراسة للمجرى الملاحي لقناة السويس، ورفع درجات الاستعداد لكل النقاط والأكمنة الثابتة والمتحركة بمناطق وسط وجنوب سيناء، وتمشيط الدروب الجبلية والمناطق الصحراوية المحيطة لمنع تسرب العناصر الإجرامية إلى مناطق الاحتفال.
وأصدر الفريق أول صدقي صبحي القائد العام للقوات المسلحة وزير الدفاع أوامره بإعداد وتجهيز المجموعات القتالية المدربة من أمهر مقاتلي الجيش الثالث الميداني ووحدات المظلات والصاعقة وقوات التدخل السريع لدعم عملية التأمين، وإعطاء التلقين الكامل لهذه العناصر حول طبيعة المهمة وأنسب الأساليب للتعامل مع المواقف المحتمل حدوثها لعرقلة سير الاحتفال، وقد بدأت هذه القوات بالتحرك على الطرق والمحاور الرئيسية للوصول إلى مناطق الانتشار المخططة للعمل كاحتياطات قريبة لدعم عناصر التأمين من القوات المسلحة والشرطة.
وتشارك عناصر من القوات البحرية والجوية وقوات حرس الحدود خلال عمليات التأمين وتنظيم طلعات المراقبة والتصوير الجوي على امتداد المجرى الملاحي للقناة، كذلك عناصر الشرطة العسكرية التي تتعاون في تأمين تدفق الوفود المشاركة وفتح المحاور التحرك للوصول للمناطق التي تستضيف أنشطة وفعاليات الاحتفال.
حفل افتتاح قناة السويس الجديدة يرجئ الفصل في قضايا مثيرة للجدل بمصر
الجيش أنهى استعدادات التأمين وانتشار مكثف للمجموعات القتالية
حفل افتتاح قناة السويس الجديدة يرجئ الفصل في قضايا مثيرة للجدل بمصر
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة