الجيش المغربي: لا دليل قاطعًا على وفاة الطيار ياسين في اليمن

الملك محمد السادس يتعهد بمواصلة تطوير التعاون العسكري الثنائي والدولي

الملك محمد السادس لدى ترؤسه أمس في الدار البيضاء الاحتفال بالذكرى الـ59 لتأسيس القوات المسلحة الملكية (ماب)
الملك محمد السادس لدى ترؤسه أمس في الدار البيضاء الاحتفال بالذكرى الـ59 لتأسيس القوات المسلحة الملكية (ماب)
TT

الجيش المغربي: لا دليل قاطعًا على وفاة الطيار ياسين في اليمن

الملك محمد السادس لدى ترؤسه أمس في الدار البيضاء الاحتفال بالذكرى الـ59 لتأسيس القوات المسلحة الملكية (ماب)
الملك محمد السادس لدى ترؤسه أمس في الدار البيضاء الاحتفال بالذكرى الـ59 لتأسيس القوات المسلحة الملكية (ماب)

أفاد الجيش المغربي أنه لم يتوفر أي دليل قاطع يدعم فرضية وفاة الطيار المغربي ياسين بحتي، عقب تحطم طائرته «إف 16» في اليمن الأحد الماضي.
وأوضح بيان صادر عن مصلحة الصحافة بالمفتشية العامة للقوات المسلحة الملكية الليلة قبل الماضية، أن «تحليل الصور التي أوردتها مواقع إنترنت وشبكات اجتماعية أظهر أن الأمر يمكن أن يتعلق بصور مركبة»، مشيرا إلى أن منابر إعلامية نشرت صورة رجل بزي ربان، جرى التقاطها في مكان مختلف جغرافيا عن مكان تحطم الطائرة، وهو ما «يدل على النوايا السيئة لهذه المنابر التي سقطت في شرك التضليل».
وأضاف البيان أن نشر بعض مواقع الإنترنت صورا شخصية للربان، أو من المفترض أنها كذلك، هو «أمر مدان ولا مسؤول»، لأن من شأنه أن يعرضه للخطر عبر استغلالها من طرف عناصر معادية. وأفاد المصدر ذاته أن «عمليات البحث بمختلف الوسائل لا تزال متواصلة، وفي غياب أدلة مادية ملموسة فإن الأمل في العثور على الربان حيا يظل شاغلنا الأساسي».
في غضون ذلك، نوه العاهل المغربي الملك محمد السادس، القائد الأعلى ورئيس أركان الحرب العامة للقوات المسلحة الملكية، بما يتحلى به أفراد الأمن والجيش المغربيين من قيم العطاء والتضحية والتضامن، التي ميزت أعمالهم وتدخلاتهم في كل المجالات والميادين وطنيا ودوليا، وذلك خلال حفل نظم أمس بمقر القيادة العامة للقوات المسلحة الملكية بالرباط، وذلك بمناسبة الذكرى الـ59 لتأسيس القوات المسلحة الملكية.
وأشار الملك محمد السادس في «الأمر اليومي» الذي وجهه للقوات المسلحة الملكية، بهذه المناسبة إلى أنه «نظرا للظرفية الدولية والإقليمية الراهنة، التي تتسم بتعاظم التحديات والأزمات العابرة للحدود، أصدرنا أوامرنا السامية من أجل تفعيل مخطط أمني مشترك يتوخى تحصين أمن واستقرار بلدنا، ضمن عملية (حذر)، إلى جانب القوات العمومية»، منوها بأفراد الجيش والدرك الملكي والأمن الوطني، وكذا بالقوات المساعدة والوقاية المدنية، وأهاب بهم على «المواظبة على العمل الدؤوب والانضباط لصون أمن الوطن والمواطنين».
وأوضح الملك محمد السادس أن «مقومات وقدرات الجيوش الحديثة، ترتكز أساسا، علاوة على العتاد المتطور ووسائل الدعم والإسناد اللازمة، على نوعية التكوين وكذا المعنويات العالية التي تمكن من التأقلم السريع مع المتغيرات الميدانية». ومن أجل ذلك، حرص على «ضرورة التكوين العسكري والتدريب الميداني وجعله أرضية صلبة لبناء الكفاءات وتعزيز القدرات، وتأهيل الجنود معنويا ليواكبوا كل المستجدات التي يتطلبها اتساع نطاق المهمات الموكولة إليهم».
وقال العاهل المغربي إن التكوين العسكري المغربي أصبح يرقى إلى «مستوى الطموحات، ويحظى بالمصداقية والسمعة الطيبة دوليا وقاريا، حيث ساهمت مدارس ومراكز التكوين والتدريب العسكرية في إشعاع وتفتح قواتنا المسلحة الملكية على محيطها الخارجي، من خلال احتضانها سنويا لعدد من الدورات التدريبية لفائدة المنتسبين لدول شقيقة وصديقة».
وتعهد العاهل المغربي «بمواصلة تطوير التعاون العسكري الثنائي والدولي، وربط علاقات متميزة مع الدول الصديقة والشقيقة، من أجل بناء القدرات وتبادل التجارب والخبرات عبر تنظيم تمارين ميدانية مشتركة ودورات تكوينية وتدريبية داخل الوطن وخارجه».
وتميز الحفل، الذي ترأسه الجنرال أركان حرب بوشعيب عروب، المفتش العام للقوات المسلحة الملكية قائد المنطقة الجنوبية، بتنظيم استعراض عسكري شاركت فيه عدة وحدات من فوج المقر العام التابع للقيادة العامة للقوات المسلحة الملكية. وجرى بهذه المناسبة توشيح عدد من الضباط وضباط الصف والجنود بأوسمة سامية.
وبالمناسبة ذاتها نظم حفل بمقر القاعدة الجوية الأولى بسلا، جرى خلاله استعراض عسكري، شاركت فيه عدة تشكيلات من قوات القاعدة الجوية. كما أقيم حفل بالقاعدة البحرية الأولى بالدار البيضاء، تميز باستعراض عسكري شاركت فيه وحدات من القوات البحرية الأولى.



مغامرة بوتين في أوكرانيا... أمام الامتحان

مغامرة بوتين في أوكرانيا... أمام الامتحان
TT

مغامرة بوتين في أوكرانيا... أمام الامتحان

مغامرة بوتين في أوكرانيا... أمام الامتحان

لم يصدف في التاريخ أن كانت الحرب معزولة عن السياسة. فالحرب هي السياسة، لكن بوسائل أخرى، حسب كارل فون كلوزفيتز. والحرب تُخاض لأهداف سياسية بحتة، شرط أن تكون هذه الأهداف قابلة للتحقيق. والعكس قد يعني أن استراتيجيّة الحرب المرسومة سوف تناقض طبيعتها. فاستراتيجيّة الحرب بشكل عام، هي تلك الطريقة (الكيف في التنفيذ) التي تربط الأهداف بالوسائل، شرط التوازن بين الاثنتين.
أن تدخل الحرب بثقة زائدة، متجاهلاً الكثير والكثير من متطلّبات النجاح، لهو أمر قاتل. وأن تدخل الحرب ومفتاح نجاحها بيد الأعداء، لهو أمر يعكس السطحيّة الاستراتيجيّة للمخطّطين. لكن المصيبة تكمن، بالثمن المدفوع لأي تعثّر. فمن يرِدْ أن يكون قوّة عظمى فعليه تجميع عناصر القوّة لمشروعه.
وإذا تعذّر ذلك، فعليه ابتكار استراتيجيّة فريدة من نوعها، تجمع «القوّة الطريّة» مع القوّة الصلبة، بهدف التعويض عن أيّ نقص من عناصر القوّة.

فشل منظومة بوتين
لردع الغرب!
لم يستطع الرئيس بوتين وبعد سنة على عمليته العسكريّة في أوكرانيا، تركيب منظومة ردعيّة فاعلة وقادرة على تسهيل حربه. بكلام آخر، لم تنفع استراتيجيّته والمُسمّاة استراتيجيّة الرجل المجنون (Mad Man Theory)، في ردع الغرب. فهو أراد حماية حربه التقليديّة بمظلّته النوويّة، مُظهراً نفسه لاعباً غير عقلانيّ (Irrational). فمن التهديد النوويّ المتكرّر من قبله، ومن قبل الرئيس الروسي السابق ميدفيديف، إلى وزير الخارجيّة سيرغي لافروف. كان ردّ الغرب عبر اتباع استراتيجيّة القضم المُتدرّج لخطوط بوتين الحمراء.
وللتذكير فقط، استعمل الرئيس الأميركي الراحل ريتشارد نيكسون، وبالتعاون والتنسيق مع هنري كيسنجر، استراتيجيّة الرجل المجنون في حربه على فيتنام. فصوّر نيكسون نفسه آنذاك على أنه لاعب غير عقلاني قد يذهب إلى استعمال النووي في حال لم تلبَّ مطالبه، وذلك مقابل حركيّة كيسنجر العقلانيّة لإيجاد مخرج من مستنقع فيتنام.

من يريد كلّ شيء، قد
لا يحصل على شيء
وضع الرئيس بوتين لنفسه أهدافاً تعجيزيّة. من طلبه عودة وضع حلف «الناتو» إلى منتصف التسعينات، إلى إلغاء الدولة الأوكرانيّة، وضمّها إلى روسيا على أنها جزء لا يتجزّأ من مناطق النفوذ الروسيّ، إلى قيادة الانتفاضة العالميّة ضد الإمبرياليّة الأميركيّة، إلى رسم نظام عالميّ جديد تكون فيه روسيا لاعباً كونيّاً وقوّة عظمى على غرار أميركا والصين. كلّ ذلك، باقتصاد ودخل قوميّ يوازي الدخل القومي لمدينة نيويورك. كل ذلك مع تصنيع حربيّ متواضع، يعود أغلبه إلى أيام الاتحاد السوفياتيّ، ودون تصنيع محلّي للشرائح الذكيّة، التي تعد حيويّة لتشغيل أسلحة القرن الحادي والعشرين. كل ذلك مع جيش أغلبه من الأقليات التي تعيش في المناطق النائية وعلى هامش حياة الشعب الروسي في المدن الرئيسّية. جيش لا يحسن القتال المشترك للأسلحة (Combined). جيش مؤلّف من عدّة جيوش، منها الجيش الروسيّ الرسمي، إلى الفرق الشيشانيّة، وحتى شركة «فاغنر» الخاصة. حتى إن هذه الجيوش لا يقاتل بعضها مع بعض، وهي ليست على وفاق، لا بل تتصارع علناً، إن كان حول الاستراتيجيات العسكريّة، أو حتى في طريقة إدارة الحرب. جيش لم يخطط للسيناريو السيّئ، فوقع في فخ الرضا المسبق عن الذات.
بوتين الحائر
بين الاستراتيجيّة والتكتيك
في المرحلة الأولى للحرب حول كييف، خسر بوتين في الاستراتيجيّة والتكتيك. غيّر الاستراتيجيّة وتوجّه نحو إقليم الدونباس فحقق نجاحات تكتيكيّة، لكنها لم تُصَب وتتراكم لتؤمّن النجاحات الاستراتيجيّة.
بعد الدونباس، خسر الرئيس بوتين التكتيك في إقليم خاركيف، كما أجبر على الانسحاب من مدينة خيرسون. وبذلك، تراكمت الخسائر التكتيكيّة والاستراتيجيّة على كتف الرئيس بوتين لتعيده إلى مربّع الخسارة الأول حول العاصمة كييف.

التقييدات على سلوك بوتين
في المرحلة المقبلة
• لا يمكن للرئيس بوتين أن يخسر مرّتين متتاليتين في أوكرانيا.
• فالخسارة تعني بالحدّ الأدنى الإطاحة به سياسياً، حتى ولو لم تتظهّر معارضة داخلية حتى الآن.
• تاريخيّاً، لا مكان للضعفاء في الكرملين. فكلمة الكرملين وهي من أصل تتريّ، تعني القلعة المُحصّنة. وكلّما كان هناك تعثّر عسكريّ روسي في الخارج، كان التغيير السياسي في الداخل النمط المعتاد.
• لا بد للرئيس بوتين من تقديم نصر عسكريّ للداخل الروسي، حتى لو كان محدوداً. وقد يكون هذا النصر في إقليم الدونباس أولاً، وفي إقليم زابوريجيا ثانياً. فهو قد ضمّ هذين الإقليمين إلى جانب إقليم خيرسون.
• لكن السيطرة على الأقاليم الثلاثة: الدونباس وزابوريجيا وخيرسون، بأكملها، ليس بالأمر السهل، وذلك استناداً إلى التجارب السابقة مع الجيش الروسيّ. فعلى سبيل المثال لا الحصر، لم يستطع الجيش الروسي، و«فاغنر» إسقاط مدينة بخموت حتى الآن، وبعد مرور أكثر من سبعة أشهر على العمليّة العسكريّة حولها.

المنتظر من بوتين
• بدل النوعيّة أغرق الرئيس بوتين الجبهات بالكميّة، خصوصاً من العسكر الجديد. ألم يقل الزعيم السوفياتي الراحل جوزيف ستالين: «إن للكميّة نوعيّة بحد ذاتها؟»، وبذلك يحاول بوتين اختبار جاهزيّة الانتشار الأوكراني على طول الجبهة لرصد نقاط الضعف.
• تقول المعلومات إن الجيش الروسي قد حشد كثيراً من الطائرات الحربيّة والطوافات على حدود أوكرانيا استعداداً لاستعمالها في المعركة المقبلة، خصوصاً أن جاهزيّة السلاح الجويّ الروسي تتجاوز نسبة 80 في المائة.
• كما تقول المعلومات إن التجمعات العسكريّة بدأت تظهر داخل الأراضي الروسيّة خصوصاً في مدينة كورسك، التي تقع خارج مدى راجمات «الهايمرس».
• يحاول الرئيس بوتين استرداد زمام المبادرة من يد الجيش الأوكراني، وذلك استباقاً لوصول المساعدات الغربيّة، خصوصاً الدفاعات الجويّة ودبابات القتال الرئيسيّة.
• وأخيراً وليس آخراً، قد يحاول الرئيس بوتين زرع الفوضى في المحيط الجغرافي لأوكرانيا، إن كان في مولدوفا، أو انطلاقاً من إقليم كاليننغراد الروسي والواقع على بحر البلطيق. هذا عدا إمكانيّة ضرب خطوط الإمداد لأوكرانيا على ثلاثة ممرات بريّة؛ تمرّ عبر كل من: سلوفاكيا ورومانيا وبولندا.
في الختام، هذه هي صورة الجبهّة الروسيّة. لكن رقصة «التانغو» بحاجة إلى شخصين كي تكتمل. فكيف ستكون عليه الجاهزيّة الأوكرانيّة؟ خصوصاً أننا عاينّا في هذه الحرب نماذج الحرب من العصر الزراعي، كما من العصر الصناعي، ودون شكّ من العصر التكنولوجيّ.
بعد عام على الحرب... هل باتت روسيا أكثر أمناً؟
مستقبل الحرب... واحتمالات توسعها وخروجها عن السيطرة
كيف أساءت روسيا تقدير موقف ألمانيا؟
أوروبا... تساؤلات حول مآلات الدعم لأوكرانيا
الأزمة... والدور «المشلول» لمجلس الأمن