بين الخطأ والصواب

بين الخطأ والصواب
TT

بين الخطأ والصواب

بين الخطأ والصواب

* فوائد استهلاك القهوة باعتدال
ما زال الكثيرون يسدون نصائحهم للآخرين بأن الأفضل لهم عدم شرب القهوة بتاتا معللين ذلك بمجموعة من المخاطر والأمراض التي سوف يعانون منها مستقبلا. وفي الحقيقة نجد أن مخاطر وفوائد استهلاك القهوة لا تزال محط أنظار واهتمام الباحثين وهي موضوع الكثير من البحوث والنقاشات العلمية.
ومن ضمن الكثير من هذه الدراسات نورد هنا آخرها، وهي دراسة كورية جنوبية نشرت في مجلة «القلب Heart» بتاريخ 5 مارس (آذار) الحالي 2015، ربطت نتائجها بين استهلاك القهوة بكميات محددة وانخفاض مخاطر انسداد الشرايين التاجية للقلب، وبالتالي انخفاض حدوث النوبات القلبية.
فحص الباحثون في هذه الدراسة من مستشفى كانج بوك سامسونغ Kangbuk Samsung Hospital في العاصمة سيول شريحة كبيرة من الناس عددهم 25.138 رجلا وامرأة، متوسط أعمارهم 41 سنة (أي من فئة الشباب والبالغين ممن هم في منتصف العمر) واختيروا بحيث إنهم لم يكن لديهم أي علامة للإصابة بأمراض القلب. ثم تم إخضاعهم لاستطلاع تضمن العادات الغذائية وقياس تركيز الكالسيوم في الشرايين باستخدام الأشعة المقطعية CT. وكان متوسط استهلاك القهوة عند أفراد عينة الدراسة نحو (1.8) كوب في اليوم الواحد، وتم الكشف عن الكالسيوم في الشرايين لدى 13.4 في المائة من المشاركين. وتعتبر زيادة الكالسيوم أحد العوامل المسببة لتصلب الشرايين التاجية.
حدد فريق البحث ابتداء مؤشرا لنسبة الكالسيوم في الشرايين التاجية للقلب، ثم قاسها عند كل من المجموعة التي لم تشرب القهوة بتاتا والمجموعة التي شربت القهوة بمستويات مختلفة. كانت نسبة الكالسيوم في الشرايين التاجية 0.77 عند الذين شربوا أقل من كوب واحد من القهوة يوميا، وانخفضت إلى 0.66 عند الذين شربوا 1 - 3 أكواب من القهوة في اليوم الواحد، بينما ارتفعت النسبة إلى 0.81 عند الذين شربوا أكثر من 5 أكواب في اليوم الواحد. وعليه فقد وجد أن المجموعة التي تأثرت بأقل تركيز للكالسيوم هم الذين شربوا 3 - 5 أكواب من القهوة يوميا - وكانت النسبة لديهم 0.59.
ووفقا لمعدي الدراسة، فقد تم تفسير نتائج الدراسة بأن الاستهلاك المعتدل للقهوة العادية يؤدي أيضا إلى انخفاض خطر الإصابة بالنوع الثاني من داء السكري. وحيث إن داء السكري هو، بدوره، أحد العوامل القوية لخطر الإصابة بتصلب الشرايين، فإن شرب القهوة بالكمية المعتدلة (3 - 5 أكواب في اليوم) ارتبط بانخفاض معدل انتشار تصلب الشرايين التاجية تحت الإكلينيكي.

* ثلثا المدخنين يتعرضون للوفاة المبكرة
من الأخطاء الشائعة في معظم مجتمعات العالم عدم التصدي لعادة التدخين، وعدم نجاح المدخنين في الإقلاع عن التدخين، وعدم جرأة الحكومات في محاربة تجارة التبغ. كل هذا أدى إلى تفاقم مشكلات التدخين التي تتراوح ما بين الأمراض الخطيرة كالسرطان إلى الموت المبكر. لم تعد المخاطر الصحية الناجمة عن التدخين غامضة أو مجهولة لدى أي فرد في أي مجتمع في العالم، بل هي معروفة على نطاق واسع.
وقد جمعت دراسة أسترالية حديثة نشرت 2 مارس (آذار) الحالي 2015 في مجلة الطب الحيوي BMC Medicine، أرقاما مثيرة عن صحة المدخنين. ووفقا للنتائج، فإن من المتوقع أن يموت ثلثا المدخنين بسبب هذه العادة.
في هذه الدراسة، قام الباحثون من الجامعة الوطنية الأسترالية في العاصمة كانبيرا، بتحليل بيانات أكثر من 200 ألف شخص من المدخنين على مدى 4 سنوات. جاءت نتائج هذه الدراسة الأسترالية مؤكدة نتائج أحدث الدراسات الأخرى التي أجريت في كل من المملكة المتحدة والولايات المتحدة، والتي تفيد أن 67 في المائة من المدخنين سوف يتعرضون للوفاة المبكرة. هذا إضافة إلى الدراسات السابقة التي كانت تشير، حتى وقت قريب نسبيا، إلى أن ما يقرب من نصف المدخنين سيموتون من الأمراض المرتبطة بالتدخين.
وعليه فإن العلماء يشيرون إلى أن المدخنين يتعرضون لخطر الوفاة المبكرة بنسبة ترتفع عن 3 أضعاف أولئك الذين لم يدخنوا قط في حياتهم، وأنهم سيموتون في وقت سابق بما يقدر بـ10 أعوام عن غير المدخنين، وأن تدخين عدد 10 سجائر يوميا يضاعف خطر الموت، أما تدخين علبة سجائر يوميا فيزيد الخطر بما يتراوح بين 4 و5 أضعاف.
هذه الحقائق العلمية عن التدخين ومخاطره في الدراسة الأسترالية تفيد أن ثلثي الوفيات في أستراليا تحدث بين المدخنين وأن التوقف عن التدخين في وقت مبكر من العمر يقلل من نسبة الوفيات كثيرا مقارنة بالمستمرين على التدخين. إنها بمثابة إنذار للمدخنين للإقلاع عنه ومدعاة لمكافحة التبغ بشتى الوسائل.
* استشاري في طب المجتمع
مدير مركز المساعدية التخصصي ـ مستشفى الملك فهد بجدة
[email protected]



باحثون يابانيون يختبرون عقاراً رائداً يجعل الأسنان تنمو من جديد

أسنان جديدة قد يقدمها عقار جديد (رويترز)
أسنان جديدة قد يقدمها عقار جديد (رويترز)
TT

باحثون يابانيون يختبرون عقاراً رائداً يجعل الأسنان تنمو من جديد

أسنان جديدة قد يقدمها عقار جديد (رويترز)
أسنان جديدة قد يقدمها عقار جديد (رويترز)

قد يتمكن الأشخاص الذين فقدوا أسناناً من الحصول على أخرى بشكل طبيعي، بحسب أطباء أسنان يابانيين يختبرون عقاراً رائداً يأملون أن يشكل بديلاً لأطقم الأسنان أو عمليات الزرع.

على عكس الزواحف والأسماك التي عادة ما تكون قادرة على استبدال أنيابها، من المعروف على نطاق واسع أنّ البشر ومعظم الثدييات الأخرى لا ينمو في فمها سوى مجموعتين من الأسنان. لكن تحت اللثة ثمة براعم نائمة من مجموعة ثالثة، بحسب رئيس قسم جراحة الفم في المركز الطبي التابع لكلية البحوث الطبية في أوساكا، كاتسو تاكاهاشي.

في أكتوبر (تشرين الأول)، أطلق فريقه تجارب سريرية في هذا المستشفى، موفراً لأشخاص بالغين دواء تجريبياً يقول الفريق الطبي إنّه قادر على تحفيز نمو هذه الأسنان المخفية. ويقول تاكاهاشي لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إنها تقنية «جديدة تماماً» في العالم.

وغالباً ما يُنظر إلى العلاجات المستخدمة للأسنان المفقودة بسبب التسوس أو الالتهابات على أنها مكلفة وتتطلب تدخلاً جراحياً. ويؤكد تاكاهاشي، قائد المشروع، أن «استعادة الأسنان الطبيعية لها بالتأكيد حسناتها».

وتشير الاختبارات التي أُجريت على فئران وقوارض إلى أن وقف عمل بروتين «أوساغ-1» (USAG-1) يمكن أن يوقظ المجموعة الثالثة من الأسنان، وقد نشر الباحثون صوراً مخبرية لأسنان حيوانات نمت من جديد.

وفي دراسة نُشرت العام الماضي، قال الفريق إن «العلاج لدى الفئران فعّال في تجديد الأسنان، ويمكن أن يشكل اختراقاً على صعيد علاج تشوهات الأسنان لدى البشر».

«ليست سوى البداية»

في المرحلة الراهنة، يعطي أطباء الأسنان الأولوية للاحتياجات «الماسة» للمرضى الذين خسروا ستاً من الأسنان الدائمة أو أكثر منذ الولادة.

ويشير تاكاهاشي إلى أنّ الجانب الوراثي يؤثر على نحو 0.1 في المائة من الأشخاص الذين قد يواجهون صعوبة كبيرة في المضغ، وفي اليابان غالباً ما يمضون معظم مراهقتهم وهم يضعون كمامة لإخفاء الفجوات الواسعة في أفواههم. ويضيف أنّ «هذا الدواء قد يكون نقطة تحوّل لهم»؛ لذلك يستهدف الدواء الأطفال في المقام الأول، ويريد الباحثون إتاحته قبل عام 2030.

ولا يعرف أنغراي كانغ، وهو أستاذ في طب الأسنان لدى جامعة كوين ماري في لندن، سوى فريق واحد آخر يسعى إلى تحقيق الهدف المماثل باستخدام الأجسام المضادة لجعل الأسنان تنمو من جديد أو لإصلاحها.

وفي حديث إلى «وكالة الصحافة الفرنسية»، يقول الخبير في تكنولوجيا المناعة وغير المنخرط في البحث الياباني، إنّ «مجموعة تاكاهاشي تقود المسار».

ويعتبر كانغ أنّ عمل تاكاهاشي «مثير للاهتمام ويستحق المتابعة»؛ لأنّ دواء للأجسام المضادة يستهدف بروتيناً مطابقاً تقريباً لـ«USAG-1» يُستخدم أصلاً لعلاج هشاشة العظام.

ويضيف: «السباق لتجديد أسنان الإنسان ليس قصيراً، لكنه مجموعة من سباقات الماراثون المتتالية، على سبيل التشبيه». ويتابع: «إنها ليست سوى البداية».

ويرى الأستاذ في علاج جذور الأسنان في جامعة هونغ كونغ، تشينفي تشانغ، أنّ طريقة تاكاهاشي «مبتكرة وتحمل إمكانات».

ويقول لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إن «التأكيد على أن البشر يمتلكون براعم أسنان مخفية قادرة على إنتاج مجموعة ثالثة من الأسنان، هو مسألة ثورية ومثيرة للجدل».

ويشير إلى أنّ «النتائج التي لوحظت لدى الحيوانات لا يمكن دائماً ترجمتها بشكل مباشر إلى البشر». ويقول تشانغ إن نتائج التجارب على الحيوانات تثير «تساؤلات بشأن ما إذا كانت الأسنان الجديدة قادرة وظيفياً وجمالياً على أن تحل محل الأسنان المفقودة».

«في قمة السعادة»

يشير تاكاهاشي إلى أنّ موقع السنّ الجديدة في الفم يمكن التحكم به إن لم يكن تحديده، من خلال موقع حقن الدواء.

وفي حال نمت الأسنان في المكان الخطأ فيمكن نقلها عن طريق تقويم الأسنان أو الزرع، على حد قوله.

ولم يشارك أي مريض صغير يعاني من مشكلة خلقية في الأسنان في التجربة السريرية الأولى؛ إذ إن الهدف الرئيس هو اختبار سلامة الدواء لا فاعليته؛ لذا فإن المشاركين في المرحلة الحالية هم بالغون صحتهم جيدة خسروا سناً واحدة على الأقل.

ومع أنّ تجديد الأسنان ليس الهدف الصريح للتجربة هذه المرة، فإن هناك فرصة ضئيلة لحدوث ذلك للمشاركين، بحسب تاكاهاشي.

وإذا نمت أسنانهم، فسيكون الباحثون قد أكدوا أن الدواء فعّال لمَن يعانون من خسارة أسنان، وهو ما سيشكل نجاحاً طبياً. ويقول تاكاهاشي: «سأكون في قمة السعادة في حال حدث ذلك».

وقد تلقى هذه الأنباء ترحيباً خاصاً في اليابان التي تضم ثاني أعلى معدّل من السكان في العالم. وتظهر بيانات وزارة الصحة أن أكثر من 90 في المائة من الأشخاص الذين تتخطى أعمارهم 75 عاماً خسروا سنّاً واحدة على الأقل.

ويقول تاكاهاشي: «ثمة توقّعات عالية بأن تكون تقنيتنا قادرة بشكل مباشر على إطالة متوسط العمر الصحي المتوقع».