سفيرا السعودية وقطر يباشران مهامهما من عدن.. والزياني بحث مع هادي تطورات الأزمة

مستشار هادي لـ («الشرق الأوسط») : ندعو إلى نسخة جديدة من المبادرة الخليجية > بان كي مون أجرى اتصالات بالحوثيين لإطلاق بحاح والصايدي

سفيرا السعودية وقطر يباشران مهامهما من عدن.. والزياني بحث مع هادي تطورات الأزمة
TT

سفيرا السعودية وقطر يباشران مهامهما من عدن.. والزياني بحث مع هادي تطورات الأزمة

سفيرا السعودية وقطر يباشران مهامهما من عدن.. والزياني بحث مع هادي تطورات الأزمة

قال مصدر خليجي لـ«الشرق الأوسط» إن السفيرين السعودي والقطري في اليمن زاولا مهام أعمالهما من عدن أمس، حيث يقيم الرئيس الشرعي لليمن عبد ربه منصور هادي بعد الانقلاب الحوثي في العاصمة صنعاء.
وأضاف المصدر أن بقية السفراء الخليجيين سيزاولون العمل الدبلوماسي في عدن بعد إكمال المقار الخاصة بأعمالهم في أقرب وقت.
وأشار المصدر الذي رافق وفد مجلس التعاون الخليجي لدى زيارته للرئيس هادي في عدن، إلى أن دول الخليج أرادت أن تبعث برسالة تأييد ومساندة للشعب اليمني الرافض للانقلاب الحوثي وللرئيس هادي الذي يمارس أعماله الدستورية بصفته رئيسا للبلاد في عدن.
يأتي ذلك في وقت التقى فيه الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي في القصر الجمهوري في عدن أمس، الدكتور عبد اللطيف بن راشد الزياني الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج والوفد المرافق الذي ضم سفراء دول مجلس التعاون لدى اليمن ومبعوث الأمين العام للأمم المتحدة ورئيس بعثة مجلس التعاون في صنعاء ووفدا رسميا.
وقالت مصادر خاصة لـ«الشرق الأوسط»: «إن المسؤول الخليجي أكد للرئيس هادي الدعم المطلق لدول مجلس التعاون الخليجي للرئيس ولليمن لتجاوز محنته الراهنة»، ووقوف دول المجلس «إلى جانب الشرعية المتمثلة في الرئيس وما يتخذه من قرارات والمؤسسات التي تتبع له وتأتمر بأمره»، وتناولت المباحثات موضوع فترة الإقامة الجبرية التي قضاها هادي في منزله بصنعاء وتمكنه من المغادرة إلى عدن، وما ستكون عليه الأوضاع في المرحلة المقبلة وما تحتاج إليه من قرارات ودعم إقليمي ودولي لبسط الشرعية على كل الأراضي اليمنية، وحسب المصادر، فقد جرى التطرق إلى موضوع إدارة شؤون الدولة من عدن في الفترة الراهنة والمقبلة والتعاطي الدبلوماسي الدولي مع الأمر من خلال عمل السفارات والقنصليات العربية والأجنبية من عدن «مؤقتا»، وقالت المصادر إن هادي أكد لضيفه الخليجي الكبير، التمسك بوحدة اليمن وبالمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية وبمخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل الذي شاركت فيه كل ألوان الطيف السياسي اليمنية والمنظمات والمرأة والشباب وكان جامعا لليمنيين لأول مرة في تاريخهم».
وفي سياق متصل، كشف مصدر يمني أن الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون أجرى اتصالات مباشرة مع المتمردين الحوثيين من أجل رفع الإقامة الجبرية في صنعاء عن رئيس الحكومة خالد بحاح، ووزير الخارجية عبد الله الصايدي، مؤكدا إمكانية رفع الحظر عنهما خلال الأيام القليلة المقبلة.
من جهة ثانية أصدر هادي قرارا جمهوريا بصفته القائد الأعلى للقوات المسلحة والأمن بتشكيل غرفة عمليات خاصة أطلق عليها تسمية «غرفة عمليات 22 مايو»، تيمنا بتاريخ قيام الوحدة اليمنية بين شطري البلاد، الشمالي والجنوبي، في 22 مايو (أيار) عام 1990، وتتبع غرفة العمليات مباشرة القائد الأعلى، وحسب الوثيقة، فإن القرار الموجه إلى قيادة وزارة الدفاع ورئاسة هيئة الأركان العامة وإلى قادة القوى والمناطق وقيادة قوات الاحتياط والعمليات الخاصة والوحدات المستقلة «اعتماد غرفة عمليات 22 مايو التابعة للقائد الأعلى وبضرورة قيام هذه الأطراف بتنفيذ مهامها وواجباتها الروتينية لحفظ الأمن والاستقرار في القطاعات المسؤولة»، وتنص التوجيهات على منع «تنفيذ أي عمليات قتالية أو تحركات أو تنقلات أو استبدالات في الوحدات العسكرية، إلا بقرار رئيس الجمهورية، القائد الأعلى للقوات المسلحة، عبر غرفة العمليات الخاصة به».
وقال مصدر مقرب من هادي لـ«الشرق الأوسط» إن «هذه الإجراءات والقرارات التي يتخذها الرئيس اليمني من مقر إقامته في عدن، في سياق إعادة ترتيب الأوراق والبيت الداخلي لمؤسسة الرئاسة والدولة اليمنية، بصورة كاملة، بعد أن تعرضت للتدمير على يد ميليشيا (أنصار الله) الحوثيين، خلال الأشهر الماضية، بصورة بربرية تفتقد للوطنية وحس الانتماء، حيث جرى تجزئة قوات الأمن والجيش وفرزها على أساس شطري ومناطقي وحزبي ومذهبي، الأمر الذي هدد وحدة النسيج الاجتماعي لليمن بصورة عامة، وقوات الجيش والأمن التي تعتبر الدرع المنيعة، بصورة خاصة، في حين كانت تلك القوات تعاني مشكلات، أصلا، بسبب طبيعة بناء القوات المسلحة التي لم تكن علمية وتعرضت لكثير من الأخطاء في ظل حكم الرئيس السابق علي عبد الله صالح الذي اعتمد في تعييناته على الولاءات القبلية، أكثر من الاعتماد على الكفاءات والتأهيل».
وأشار المصدر، الذي رفض الكشف عن هويته، إلى أن «الرئيس هادي أخذ على عاتقه مهمة قيادة اليمن في الظرف الحساس والصعب عقب أحداث ثورة 11 فبراير (شباط) 2011، والتنازع الذي كان قائما وطبول الحرب التي كانت تدق حينها، غير أن بعض القوى أبت له الاستمرار، ومع ذلك هو يحاول ومعه الشرفاء من أبناء الوطن، في ظل الظروف الراهنة واحتلال العاصمة صنعاء من قبل الحوثيين، تجنيب اليمن المزيد من الويلات»، وأكد المصدر المقرب من هادي أن «الشعب اليمني قاطبة يدرك حجم التآمر والملفات والأجندات التي ينفذها الحوثيون ولصالح من وأنها ليست لمصلحته وأين تكمن مصلحته بالضبط»، واستطرد أن «الظروف سوف تتغير للأفضل وأن غزاة صنعاء وبعض المحافظات الشمالية لن يستمروا في غيهم وعليهم مراجعة حساباتهم إن كانوا يضعون مصلحة اليمن أمام أعينهم، كما يدعون ويقولون».
ويعتبر الحوثيون الرئيس هادي، رئيسا فاقدا للشرعية وقد أحاولوا ملفه إلى النيابة العامة للتحقيق معه، وقال لـ«الشرق الأوسط» الدكتور فارس السقاف، مستشار الرئيس عبد ربه منصور هادي بشأن هذه الخطوة التي أقدم عليها الحوثيون إنها «استمرار لسلطة الأمر الواقع التي فرضها الحوثيون وهم يحاولون الآن تكريس سلطة الأمر الواقع وترسيمها عبر الانتقال مما يسمونه الشرعية الثورية إلى الشرعية الدستورية، لكن الدستور موجود والشرعية التي كانت قائمة، وهي مستمرة، هي شرعية الرئيس هادي، لأن استقالته جاءت في ظروف معينة وحتى ولو كانت في ظروف طبيعية وعادية، فهي لم تستكمل ولم تقبل من مجلس النواب».
وأضاف السقاف أن «جدل الشرعية يجب أن يحسم ولا نريد التأسيس لهاتين الشرعيتين وأن تتخذ كل واحدة منهما مركزا وعاصمة، ثم تحضر الأمور وتدفع إلى المواجهة»، وأعرب السقاف عن اعتقاده أن الأوضاع إذا استمرت على ما هي عليه الآن «فإن المواجهة حتمية»، مشيرا إلى أن المطلوب في الوقت الراهن من كل الأطراف هو «استمرارية الحوار القائم الآن برعاية جمال بنعمر، مع بعض التعديلات ودعمها من قبل المبعوث الخليجي بضمانات جديدة»، ويدعو الدكتور فارس السقاف عن رغبته في وجود «نسخة أو طبعة جديدة ومعدلة من المبادرة الخليجية وتحتضن المبادرة الجديدة أو عملية الحوار الجديدة المستأنفة سلطنة عمان التي أرشحها وأقترحها للمشاركة لكون علاقاتها طيبة مع كل الأطراف، سواء إيران أو المملكة العربية السعودية أو اليمن».
من جهة ثانية، وحسب مصادر في عدن لـ«الشرق الأوسط»، فقد جرى تغيير حراسة المصرف المركزي في عدن والتي كانت تتبع قوات الأمن الخاصة (الأمن المركزي - سابقا) واستبدالها بمسلحين من عناصر اللجان الشعبية، وقد تزامنت زيارة الزياني مع تخفيف في حجم وأعداد ميليشيات اللجان الشعبية المنتشرة في عدن، غير أنها لم تتلاشَ بصورة كاملة، وقال سياسي جنوبي بارز في عدن لـ«الشرق الأوسط» إنه يشعر بـ«مخاوف» جراء تصرفات الرئيس عبد ربه منصور هادي في بسط سيطرته على مدينة عدن، حيث يعتمد، بصورة رئيسية، على المسلحين الملتحقين باللجان الشعبية والذين ينتمي معظمهم إلى محافظة أبين التي ينتمي إليها الرئيس عبد ربه منصور نفسه، وقال السياسي الجنوبي الذي فضل عدم الكشف عن هويته، إن «اعتماد هادي على المسلحين القادمين من محافظته فقط وتسليمهم عدن على حساب أبناء المناطق الجنوبية الأخرى المقاتلة كالضالع وردفان ويافع، يحمل الكثير من الدلالات ويطرح الكثير من التساؤلات، حيث إن هذا الفرز يعيد إلى الأذهان الصراع الذي دار في عدن منتصف ثمانينات القرن الماضي بين أبناء تلك المناطق»، وفي هذا السياق، علمت «الشرق الأوسط» من مصادر مطلعة في عدن أن شخصيات قبلية بارزة تنتمي لمناطق الضالع ويافع وردفان في الجنوب، التقت بالرئيس هادي وطلبت إشراك أبناء تلك المناطق في اللجان الشعبية وتسلحيها أسوة بأبناء محافظتي أبين وشبوة، إلا أن هادي «لم يعطهم موقفا واضحا بالموافقة أو الرفض على طلبهم»، وفي هذا الإطار تؤكد المصادر أن «هذه واحدة من المعضلات التي يواجهها هادي وعليه حلها بعقلانية، قبل أن يستغلها خصومه من الحوثيين أو صالح وأنصاره أو غيرهم في ضرب مركز قوته وهي الجنوب وتحديدا عدن»، إضافة إلى «الاستفادة من الفجوة الواسعة والكبيرة بين هادي وتوجهاته السياسية والحراك الجنوبي ومطالبه السياسية والشعبية بعودة الجنوب دولة مستقلة، في عرقلة مساعي الرئيس هادي في المرحلة المقبلة».



العليمي يطلب تدخل تحالف دعم الشرعية عسكرياً لحماية حضرموت

العليمي مجتمعاً في الرياض مع مجلس الدفاع الوطني (سبأ)
العليمي مجتمعاً في الرياض مع مجلس الدفاع الوطني (سبأ)
TT

العليمي يطلب تدخل تحالف دعم الشرعية عسكرياً لحماية حضرموت

العليمي مجتمعاً في الرياض مع مجلس الدفاع الوطني (سبأ)
العليمي مجتمعاً في الرياض مع مجلس الدفاع الوطني (سبأ)

توالت التطورات الميدانية والسياسية في المحافظات الشرقية من اليمن، على وقع التصعيد العسكري الذي ينفذه المجلس الانتقالي الجنوبي، ما دفع رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي إلى طلب تحالف دعم الشرعية في اليمن للتدخل عسكرياً لحماية حضرموت.

وتقول مصادر سياسية لـ«الشرق الأوسط» إن المجلس الانتقالي الداعي للانفصال عن شمال اليمن يستغل الظروف الناجمة عن وساطة التهدئة السعودية - الإماراتية للتوسع عسكرياً، على الرغم من أن الوساطة مستمرة، وهدفها إنهاء الصراع سلماً من خلال انسحاب قوات المجلس الانتقالي من حضرموت والمهرة، وعودتها إلى معسكراتها خارج المحافظتين، وتسليم المعسكرات لقوات «درع الوطن» والسلطة المحلية.

وفي هذا السياق، صرّح مصدر مسؤول في الحكومة اليمنية أن رئيس مجلس القيادة الرئاسي، القائد الأعلى للقوات المسلحة، رشاد العليمي، أُطلع، إلى جانب عدد من أعضاء المجلس وأعضاء مجلس الدفاع الوطني، على مجمل الأوضاع في محافظة حضرموت، بما في ذلك العمليات العسكرية التي وصفها بـ«العدائية» التي نفذها المجلس الانتقالي خلال الساعات الأخيرة، وما رافقتها من انتهاكات جسيمة بحق المدنيين.

العليمي طلب تدخلاً عسكرياً من تحالف دعم الشرعية لحماية حضرموت (سبأ)

واعتبر المصدر أن هذا التصعيد، المستمر منذ مطلع الشهر الحالي، يمثل خرقاً صريحاً لمرجعيات المرحلة الانتقالية، وفي مقدمتها إعلان نقل السلطة واتفاق الرياض، فضلاً عن كونه تقويضاً مباشراً لجهود الوساطة التي تقودها السعودية والإمارات، بالتنسيق مع المجتمع الدولي، بهدف خفض التصعيد وانسحاب قوات المجلس الانتقالي من محافظتي حضرموت والمهرة.

وبناءً على هذه التطورات، تقدم العليمي - وفق المصدر الحكومي - بطلب رسمي إلى قوات تحالف دعم الشرعية في اليمن، لاتخاذ كافة التدابير العسكرية اللازمة لحماية المدنيين في محافظة حضرموت، ومساندة القوات المسلحة اليمنية في فرض التهدئة، وحماية جهود الوساطة السعودية - الإماراتية، مجدداً دعوته لقيادة المجلس الانتقالي إلى تغليب المصلحة العامة ووحدة الصف، والامتناع عن مزيد من التصعيد غير المبرر.

المجلس الانتقالي الجنوبي اتخذ إجراءات عسكرية أحادية في حضرموت والمهرة (إ.ب.أ)

وفي السياق ذاته، قالت المصادر الرسمية اليمنية إن العليمي رأس اجتماعاً طارئاً لمجلس الدفاع الوطني، بحضور 3 من أعضاء مجلس القيادة الرئاسي، ورئيسي مجلسي النواب والشورى، ورئيس الحكومة، وقيادات عسكرية وأمنية، إلى جانب محافظ حضرموت، لمناقشة تداعيات الإجراءات الأحادية التي اتخذها المجلس الانتقالي، وانعكاساتها الخطيرة على الأمن الوطني والإقليمي.

واطلع الاجتماع - بحسب الإعلام الرسمي - على تقارير ميدانية بشأن الانتهاكات التي طالت المدنيين في حضرموت والمهرة، وصولاً إلى الهجمات الأخيرة في وادي نحب، التي عدّها المجلس «مخالفة صريحة» لجهود التهدئة، وتمرداً على مؤسسات الدولة الشرعية.

وأكّد مجلس الدفاع الوطني دعمه الكامل للوساطة التي تقودها السعودية، مشدداً على ضرورة عودة قوات المجلس الانتقالي إلى مواقعها السابقة خارج المحافظتين، وتسليم المعسكرات لقوات «درع الوطن» والسلطات المحلية، وفق ترتيبات منظمة وتحت إشراف التحالف.

تحذير من العواقب

على وقع هذه التطورات، كانت السعودية أعادت رسم خطوط التهدئة شرق اليمن، عبر بيان واضح صادر عن وزارة الخارجية، شدّد على رفض التحركات العسكرية الأحادية، والمطالبة بعودة قوات المجلس الانتقالي إلى مواقعها السابقة.

وأكدت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» أن هذا الموقف تُرجم ميدانياً بتوجيه ضربة جوية تحذيرية في حضرموت، حملت رسالة مباشرة بعدم السماح بفرض وقائع جديدة بالقوة.

وأوضحت المصادر أن الضربة جاءت في إطار الردع الوقائي، محذرة من أن أي تصعيد إضافي سيقابل بإجراءات أكثر صرامة، في مؤشر على انتقال الرياض من سياسة الاحتواء السياسي إلى ضبط ميداني حاسم لحماية الاستقرار.

من جهته، أصدر المجلس الانتقالي بياناً حاول فيه تبرير تحركاته، معتبراً أنها جاءت استجابة لـ«دعوات شعبية»، ومعلناً انفتاحه على التنسيق مع السعودية، رغم وصفه الضربة الجوية بأنها «مستغربة».

ويرى مراقبون أن أي تنسيق محتمل لن يكون مقبولاً إقليمياً ما لم يبدأ بإنهاء التصعيد، وخروج القوات، وتسليم المعسكرات، والعودة إلى طاولة الحوار، دون فرض الأمر الواقع بالقوة.

منطق الوهم

يحذر سياسيون يمنيون من أن تعنت المجلس الانتقالي وإصراره على عسكرة حضرموت، رغم الجهود الصادقة التي تبذلها السعودية والإمارات، يلحق ضرراً فادحاً بالقضية الجنوبية العادلة نفسها، عبر اختزالها في المدرعات والنقاط العسكرية، بدل تحويلها إلى مشروع سياسي قابل للحياة.

ويستدعي هذا السلوك مقارنات إقليمية مؤلمة، أبرزها تجربة حميدتي وميليشيات الجنجويد في السودان، التي اعتمدت السلاح والإرهاب لتنفيذ أجندات خارجية، وكانت النتيجة خراب المدن وانهيار الدولة. كما يستحضر نموذج جنوب السودان، الذي وُلد من رحم الصراع المسلح، لينتهي إلى دولة منهارة وصراعات داخلية مفتوحة.

رغم إقرار اليمنيين بعدالة القضية الجنوبية فإن المجلس الانتقالي يحاول أن يستغلها للتصعيد شرقاً (أ.ب)

ويؤكد خبراء أن المجتمع الدولي لا يعترف إلا بالدول والمؤسسات، لا بالميليشيات، وأن تجربة «أرض الصومال» مثال واضح على عزلة المشاريع التي تُفرض بالقوة، مهما طال أمدها. كما أن فشل محاولات انفصال كتالونيا عن إسبانيا يبرهن أن العالم لا يشرعن الانفصال الأحادي خارج الدولة والدستور.

ويجمع محللون على أن حضرموت أكبر من أن تكون غنيمة لميليشيا مناطقية (إشارة إلى هيمنة مناطق بعينها على قرار المجلس الانتقالي)، وأعمق من أن تُدار بالعنف والسلاح، وأن أي محاولة لجرّها إلى الفوضى تمثل جريمة بحق مكاسب الجنوب وفرصه السياسية.

ويرى مراقبون أن عسكرة حضرموت خطوة غير عقلانية، تعكس إصراراً على فرض الأمر الواقع بأدوات الترهيب ذاتها، التي يدّعي المجلس الانتقالي محاربتها، في تحدٍّ صريح لرغبات المجتمع الدولي الداعية إلى ضبط النفس، والحفاظ على استقرار الجنوب واليمن عموماً.

وكان البيان السعودي شدّد على أن معالجة القضية الجنوبية العادلة لا تكون عبر القوة، بل من خلال حوار سياسي شامل، ضمن المرجعيات المتفق عليها، وفي مقدمتها اتفاق الرياض وإعلان نقل السلطة، بما يحفظ وحدة اليمن ومركزه القانوني، ويمنع انزلاق المحافظات الشرقية إلى مسار يهدد جهود السلام.


تحذيرات مصرية من عرقلة «مسار اتفاق غزة» وتجزئة الإعمار

فلسطينيون يسيرون وسط الملاجئ في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين بغزة (أ.ف.ب)
فلسطينيون يسيرون وسط الملاجئ في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين بغزة (أ.ف.ب)
TT

تحذيرات مصرية من عرقلة «مسار اتفاق غزة» وتجزئة الإعمار

فلسطينيون يسيرون وسط الملاجئ في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين بغزة (أ.ف.ب)
فلسطينيون يسيرون وسط الملاجئ في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين بغزة (أ.ف.ب)

تتواصل جهود الوسطاء للدفع بالمرحلة الثانية في اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وسط مخاوف وتحذيرات مصرية، من عرقلة ذلك المسار المرتقب أن يدخل حيز التنفيذ بعد أقل من أسبوع في يناير (كانون الثاني) المقبل.

ذلك الموقف المصري، الرافض لتجزئة الإعمار أو تقسيم قطاع غزة أو وضع شروط إسرائيلية بشأن قوات الاستقرار في القطاع، يحمل رسائل مهمة للضغط على إسرائيل قبل لقاء الرئيس الأميركي دونالد ترمب، ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في 29 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، وفق تقديرات خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، وتوقعوا أن تضغط واشنطن لبدء المرحلة الثانية في ضوء تلك الرسائل المصرية.

وأعلن وزير الخارجية الألماني، يوهان فاديفول، في تصريحات، الجمعة، أن ألمانيا لن تشارك في المستقبل المنظور في قوة دولية للاستقرار في غزة ضمن خطة السلام الخاصة بالقطاع المتوقع أن تنتشر الشهر المقبل.

هذه الخطوة تعزز مخاوف مصرية، تحدث بها رئيس الهيئة العامة للاستعلامات المصرية، ضياء رشوان، متهماً نتنياهو بأنه «يحاول إعادة صياغة المرحلة الثانية وحصرها في مطلب نزع سلاح المقاومة، وهو ما لا ينص عليه الاتفاق، وتدركه الولايات المتحدة جيداً»، مشيراً إلى مساعٍ إسرائيلية لإقحام قوة حفظ الاستقرار في أدوار لا تتعلق بتكليفها، مثل نزع السلاح، وهو أمر لن توافق عليه الدول المشاركة.

وأكد رشوان، الخميس، وفق ما أوردت قناة «القاهرة الإخبارية» الفضائية، أن «محاولات نتنياهو قد تؤدي إلى تأجيل أو إبطاء التنفيذ، لكنها لن تنجح في إيقاف المرحلة الثانية»، مشيراً إلى أن «نتنياهو يسعى بكل السبل لتجنب الانتقال إلى المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، ودفع واشنطن إلى مواجهة مع طهران، بما قد يعيد إشعال غزة ويُفشل المرحلة الثانية من الاتفاق».

والخميس، نقل موقع «واي نت» الإخباري الإسرائيلي عن مصدر عسكري قوله إن نتنياهو سيُطلع ترمب على معلومات استخباراتية عن خطر الصواريخ الباليستية الإيرانية خلال اجتماعهما المرتقب قبل نهاية العام الحالي، لافتاً إلى أن بلاده قد تضطر لمواجهة إيران إذا لم تتوصل أميركا لاتفاق يكبح جماح برنامج الصواريخ الباليستية - الإيرانية.

أمين عام «مركز الفارابى للدراسات السياسية»، الدكتور مختار غباشي، قال إن التصريحات المصرية واضحة وصريحة، وتحمل رسائل للكيان الإسرائيلي وواشنطن قبل الزيارة المرتقبة، مؤكداً أن الغضب المصري عندما يصل لهذه المرحلة من الرسائل المباشرة، تضع واشنطن في حساباتها الوصول لنقطة تقارب بين القاهرة وتل أبيب.

وأكد المحلل السياسي الفلسطيني، نزار نزال، أن التصريحات المصرية تحمل في طياتها رسائل ومخاوف حقيقية من ترسيخ إسرائيلي للوضع القائم من منظور أمني وليس سياسياً، على أمل أن تتحرك واشنطن بجدية لوضع نهاية له.

منازل مدمرة في مخيم النصيرات وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

ولا يتوقف الموقف المصري عند مجرد المخاوف، بل يحمل تحذيرات واضحة، وقال وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، الخميس، في مقابلة مع التلفزيون المصري، إن «هناك خطين أحمرين في غزة، الخط الأحمر الأول يتمثل في عدم الفصل بين الضفة الغربية وقطاع غزة، هذا مستحيل، المنطقتان تشكلان وحدة واحدة لا تتجزأ للدولة الفلسطينية القادمة، والخط الأحمر الثاني عدم تقسيم قطاع غزة».

وأضاف أن «الكلام اللغو الذي يقال عن وجود تقسيم القطاع إلى مناطق حمراء وخضراء أو أن الأماكن التي تقع تحت سيطرة إسرائيل مباشرة تأكل وتشرب وترى إعماراً، بينما الـ90 في المائة من الفلسطينيين الموجودين في الغرب تحت دعاوى أن (حماس) موجودة لا يأكلون ولا يشربون، هذا عبث ولن يتم ولن يتم التوافق عليه».

وفي ضوء ذلك، شدد مختار غباشي على أن مصر عندما تعلن خطوطاً حمراء، فهذا حد فاصل، وثمة مخالفات على أرض الواقع غير مقبولة، للقاهرة، مشيراً إلى أن القاهرة تتعمد هذه الرسائل في هذا التوقيت على أمل أن تعزز مسار الوسطاء نحو بدء المرحلة الثانية قريباً، خاصة أنه «إذا أرادت واشنطن فعلت ما تريد، خصوصاً إن كان الأمر يتعلق بضغط على الكيان لوقف مساراته المعرقلة للاتفاق».

وذكرت صحيفة «إسرائيل اليوم»، الخميس، أن لقاء نتنياهو وترمب المرتقب سيختتم ببيان عن التقدم المحرز نحو المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار بقطاع غزة.

وأكد رشوان أن جميع الشواهد تؤكد أن الإدارة الأميركية حسمت موقفها من بدء المرحلة الثانية مطلع يناير المقبل، لافتاً إلى أن استقبال ترمب لرئيس الوزراء الإسرائيلي في 29 ديسمبر الحالي يرجح أن يكون إشارة الانطلاق الفعلية للمرحلة الثانية دون لبس.

ويتوقع نزار نزال أن يحاول نتنياهو في مقابلة ترمب، تمرير سردية بقاء إسرائيل في الخط الأصفر وتقسيم غزة وبدء الإعمار في الجزء الذي يقع تحت سيطرتها، موضحاً: «لكن الرسائل المصرية التحذيرية خطوة استباقية لتفادي أي عراقيل جديدة أو تناغم أميركي إسرائيلي يعطل مسار الاتفاق».


ضربة سعودية تحذيرية في حضرموت... والانتقالي «منفتح على التنسيق»

قوات في عدن خلال مسيرة مؤيدة للمجلس الانتقالي الجنوبي المطالب بالانفصال عن شمال اليمن (إ.ب.أ)
قوات في عدن خلال مسيرة مؤيدة للمجلس الانتقالي الجنوبي المطالب بالانفصال عن شمال اليمن (إ.ب.أ)
TT

ضربة سعودية تحذيرية في حضرموت... والانتقالي «منفتح على التنسيق»

قوات في عدن خلال مسيرة مؤيدة للمجلس الانتقالي الجنوبي المطالب بالانفصال عن شمال اليمن (إ.ب.أ)
قوات في عدن خلال مسيرة مؤيدة للمجلس الانتقالي الجنوبي المطالب بالانفصال عن شمال اليمن (إ.ب.أ)

فيما أعاد البيان الصادر عن وزارة الخارجية السعودية رسم المسار المطلوب للتهدئة، شرق اليمن، إذ شدد على وقف التحركات العسكرية الأحادية، مع المطالبة بعودة قوات المجلس الانتقالي الجنوبي إلى مواقعها السابقة خارج حضرموت والمهرة، أكدت الرياض موقفها ميدانياً عبر توجيه ضربة جوية تحذيرية، وفق ما أكدته مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط».

وأوضحت المصادر أن الضربة جاءت لإيصال رسالة مفادها عدم السماح بفرض وقائع جديدة بالقوة أو تجاوز الأطر المؤسسية التي تحكم الملف الأمني في المحافظات الشرقية، محذرةً من أن أي تصعيد إضافي سيقابل بإجراءات أشد صرامة.

الخارجية السعودية كانت وصفت تحركات «الانتقالي» بأنها أحادية وأضرت بمسار التهدئة، داعيةً إلى خروج عاجل ومنظم للقوات وتسليم المعسكرات تحت إشراف التحالف وبالتنسيق مع مجلس القيادة الرئاسي والسلطات المحلية.

من جهته، أصدر المجلس الانتقالي الجنوبي بياناً، الجمعة، حاول فيه تبرير تحركاته العسكرية، معتبراً أنها جاءت استجابةً لـ«دعوات شعبية جنوبية» لمواجهة التهديدات الإرهابية وقطع خطوط تهريب الحوثيين.

وأكد «الانتقالي»، في بيانه، أنه منفتح على أي تنسيق أو ترتيبات مع السعودية، معتبراً الضربة الجوية «قصفاً مستغرباً» لا يخدم مسارات التفاهم.

وقال مراقبون لـ«الشرق الأوسط» إن التنسيق والترتيبات سيكون مرحباً بهما من قبل السعودية إذا كانت تصب في إنهاء التصعيد وخروج قوات «الانتقالي الجنوبي» واستلام قوات «درع الوطن» الجنوبية والسلطة المحلية المعسكرات والأمن في محافظتي حضرموت والمهرة. والجلوس للتشاور والحوار من دون الحاجة لاستخدام القوة.

ويتوقع مراقبون أن تؤدي الضربة التحذيرية إلى توصيل رسالة واضحة بأن الرياض قد تضطر للانتقال من سياسة الاحتواء الهادئ إلى فرض خطوط حمر لمنع أي تصعيد بالقوة.

وتشير مصادر «الشرق الأوسط» إلى أن أي تسوية مستقبلية ستقوم على عودة الأوضاع إلى ما قبل التصعيد، مدخلاً أساسياً للحفاظ على وحدة الصف اليمني، ومنع انزلاق المحافظات الشرقية إلى مسار يهدد جهود السلام.

كان البيان السعودي أكد على دعم الرياض الكامل لوحدة اليمن وأمنه واستقراره، مشدداً على أن معالجة القضية الجنوبية العادلة لا تتم عبر القوة، بل من خلال حوار سياسي شامل، ضمن المرجعيات المتفق عليها، وفي مقدمتها اتفاق الرياض وإعلان نقل السلطة.

وكشف البيان عن تنسيق سعودي - إماراتي لإرسال فريق عسكري مشترك إلى عدن، لوضع آلية لإعادة انتشار القوات ومنع تكرار التصعيد، في خطوة عدها مراقبون انتقالاً من التحذير السياسي إلى الضبط التنفيذي الميداني.