اجتماع خليجي ثلاثي حاسم في جدة الأحد حول قطر

مصدران دبلوماسيان يتحدثان لـ {الشرق الأوسط} عن توحيد الموقف النهائي بشأن تنفيذ الدوحة اتفاق الرياض

صور ضوئية لتغطية {الشرق الأوسط} للمهلة الخليجية لقطر خلال الأسبوع الماضي
صور ضوئية لتغطية {الشرق الأوسط} للمهلة الخليجية لقطر خلال الأسبوع الماضي
TT

اجتماع خليجي ثلاثي حاسم في جدة الأحد حول قطر

صور ضوئية لتغطية {الشرق الأوسط} للمهلة الخليجية لقطر خلال الأسبوع الماضي
صور ضوئية لتغطية {الشرق الأوسط} للمهلة الخليجية لقطر خلال الأسبوع الماضي

كشف دبلوماسي خليجي لـ«الشرق الأوسط» أن هنالك اجتماعا سيعقد بعد غد الأحد في مدينة جدة يضم وزراء خارجية السعودية ودولة الإمارات ومملكة البحرين، لمناقشة تقرير اللجنة الفنية الخاصة والمكلفة بمتابعة تنفيذ دولة قطر لبنود اتفاق الرياض. ووصف مصدر دبلوماسي آخر لـ«الشرق الأوسط» الاجتماع بأنه حاسم.
وقال المصدر الخليجي إن الاجتماع سيقتصر على وزراء الدول الثلاث (السعودية، والإمارات، والبحرين)، وهي المعنية بالخلاف مع دولة قطر، مضيفا أنه لم تتضح حتى الآن صورة الموقف النهائي من الخطوات المقبلة التي تعتزم الدول الثلاث اتخاذها كموقف من دولة قطر لعدم التزامها ببنود «اتفاق الرياض» لتكون العلاقة بينها وبين دول الخليج على المحك. إلا أنه أوضح أن اجتماع الأحد ستتضح من خلاله الصورة الكاملة تجاه الدوحة، مضيفا أنه يتوقع أن تبقى اللجان تستكمل أعمالها قبل موعد اجتماع مجلس وزراء الخارجية الخليجيين في 30 أغسطس (آب) الحالي.
وبين المصدر أن هنالك تباينا في وجهات النظر بين الدول الثلاث حول تسوية الملف مع دولة قطر، إلا أنه عاد ليؤكد أن اجتماع يوم الأحد المقبل سيوحد الموقف النهائي تجاه التعامل مع دولة قطر الفترة المقبلة، دون أن يؤكد إمكانية منح فرصة جديدة للدوحة للاقتراب أكثر مع دول الخليج ومضي مشروعها السياسي في المنطقة.
ووصف مصدر دبلوماسي آخر، تحدثت معه الشرق الأوسط هاتفيا من لندن، اجتماع الأحد بـ«الحاسم»، وهو ما يعني تقرير مصير ملف الخلاف مع قطر في ما يتعلق بعدم التزامها ببنود «اتفاق الرياض» الذي وقعت عليه الدول الخليجية الست. وحول الأنباء عن توقيع قطر على التزامات بشأن «اتفاق الرياض» قال المصدر إن الاجتماعات السابقة لوزراء خارجية دول مجلس التعاون كانت لمحاولة الوصول إلى صيغة معينة تكفل التزام الدول الست الأعضاء بما جاء في ما عرف بـ«اتفاق الرياض». وأضاف «الاجتماع الذي سيعقد يوم الأحد في جدة هو الرابع في سلسلة اجتماعات لمتابعة آليات تنفيذ اتفاق الرياض.. وهذا الاجتماع سيكون الحاسم».
ويأتي الاجتماع الخليجي الثلاثي بعدما رفضت قطر التوقيع على التقرير النهائي للجنة المكلفة بمتابعة اتفاق الرياض، بعدما جاءت نتيجته بعدم جدية الدوحة في تنفيذ الاتفاق المسمى «اتفاق الرياض» والذي وقعته الدول الخليجية الست في أبريل (نيسان) الماضي، لترفع اللجنة تقريرها لوزراء خارجية دول الخليج يوم أول من أمس.
يذكر أن وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي وقعوا بجدة في 13 أغسطس الحالي، اتفاقا بشأن الخطوات التي تكفل تسهيل مهام اللجنة المعنية بتنفيذ اتفاق الرياض، للانتهاء من جميع المسائل التي نص عليها الاتفاق، في مدة لا تتعدى أسبوعا، وهي المرة الأولى التي يجري فيها الالتزام بخطة زمنية لتنفيذ الاتفاق بعد عدة اجتماعات عقدت لبحث تنفيذ الاتفاق، الذي تمكنت وساطة كويتية من التوصل له بين قطر والإمارات والبحرين والسعودية، بعد قيام الدول الثلاث بسحب سفرائها من الدوحة. ويقضي الاتفاق بالالتزام بالمبادئ التي تكفل عدم التدخل في الشؤون الداخلية لدول المجلس بشكل مباشر أو غير مباشر، وعدم دعم كل من يعمل على تهديد أمن واستقرار دول المجلس من منظمات أو أفراد، سواء عن طريق العمل الأمني المباشر أو عن طريق محاولة التأثير السياسي ودعم الإعلام المعادي.
وكانت السعودية والإمارات والبحرين قد سحبت سفراءها من دولة قطر في مارس (آذار) الماضي، وتبع ذلك بيان جاء فيه «اضطرت الدول الثلاث للبدء في اتخاذ ما تراه مناسبا لحماية أمنها واستقرارها وذلك بسحب سفرائها من دولة قطر». وجاء في البيان المصاحب لسحب السفراء «وتأمل في أن تسارع دولة قطر إلى اتخاذ الخطوات الفورية للاستجابة لما سبق الاتفاق عليه، ولحماية مسيرة دول المجلس من أي تصدع والذي تعقد عليها شعوبها آمالا كبيرة».
البيان الثلاثي، الذي تزامن مع سحب السفراء الثلاثة، صدر بلغة حازمة تعبر عن مستوى جدية الدول في عدم السماح لأي تجاوزات تسيء لدول مجلس التعاون الخليجي الست أو تزعزع أمنها واستقرارها. وجاء فيه «إلا أنه وفي ضوء مرور أكثر من ثلاثة أشهر على توقيع ذلك الاتفاق دون اتخاذ دولة قطر الإجراءات اللازمة لوضعه موضع التنفيذ، وبناء على نهج الصراحة والشفافية التامة التي دأب قادة الدول الثلاث على الأخذ بها في جميع القضايا المتعلقة بالمصالح الوطنية العليا لدولهم، واستشعارا منهم لجسامة ما تمر به المنطقة من تحديات كبيرة ومتغيرات تتعلق بقضايا مصيرية لها مساس مباشر بأمن واستقرار دول المجلس، فإن المسؤولية الملقاة على عاتقهم أوجبت تكليفهم لأصحاب السمو والمعالي وزراء خارجية دولهم لإيضاح خطورة الأمر لدولة قطر، وأهمية الوقوف صفا واحدا تجاه كل ما يهدف إلى زعزعة الثوابت والمساس بأمن دولهم واستقرارها، وذلك في الاجتماع الذي تم عقده في دولة الكويت بتاريخ 1435/4/17هـ الموافق 2014/2/17م، بحضور الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت، والشيخ تميم بن حمد بن خليفة آل ثاني أمير دولة قطر، ووزراء خارجية دول المجلس، والذي تم خلاله الاتفاق على أن يقوم وزراء خارجية دول المجلس بوضع آلية لمراقبة تنفيذ اتفاق الرياض، وقد تلا ذلك اجتماع وزراء خارجية دول المجلس في الرياض يوم 1435/5/3هـ الموافق 2014/3/4م، والذي تم خلاله بذل محاولات كبيرة لإقناع دولة قطر بأهمية اتخاذ الإجراءات اللازمة لوضع اتفاق الرياض موضع التنفيذ، والموافقة على آلية لمراقبة التنفيذ، إلا أن كل تلك الجهود لم تسفر عنها مع شديد الأسف موافقة دولة قطر على الالتزام بتلك الإجراءات».
ورعت الكويت نهاية العام الماضي اجتماعا لردم الهوة في العلاقات بين قطر من جهة، والسعودية والإمارات والبحرين من جهة أخرى، إلا أن الهوة اتسعت بعد رفض قطر الالتزام بما تعهدت به ووقعت عليه.



مغامرة بوتين في أوكرانيا... أمام الامتحان

مغامرة بوتين في أوكرانيا... أمام الامتحان
TT

مغامرة بوتين في أوكرانيا... أمام الامتحان

مغامرة بوتين في أوكرانيا... أمام الامتحان

لم يصدف في التاريخ أن كانت الحرب معزولة عن السياسة. فالحرب هي السياسة، لكن بوسائل أخرى، حسب كارل فون كلوزفيتز. والحرب تُخاض لأهداف سياسية بحتة، شرط أن تكون هذه الأهداف قابلة للتحقيق. والعكس قد يعني أن استراتيجيّة الحرب المرسومة سوف تناقض طبيعتها. فاستراتيجيّة الحرب بشكل عام، هي تلك الطريقة (الكيف في التنفيذ) التي تربط الأهداف بالوسائل، شرط التوازن بين الاثنتين.
أن تدخل الحرب بثقة زائدة، متجاهلاً الكثير والكثير من متطلّبات النجاح، لهو أمر قاتل. وأن تدخل الحرب ومفتاح نجاحها بيد الأعداء، لهو أمر يعكس السطحيّة الاستراتيجيّة للمخطّطين. لكن المصيبة تكمن، بالثمن المدفوع لأي تعثّر. فمن يرِدْ أن يكون قوّة عظمى فعليه تجميع عناصر القوّة لمشروعه.
وإذا تعذّر ذلك، فعليه ابتكار استراتيجيّة فريدة من نوعها، تجمع «القوّة الطريّة» مع القوّة الصلبة، بهدف التعويض عن أيّ نقص من عناصر القوّة.

فشل منظومة بوتين
لردع الغرب!
لم يستطع الرئيس بوتين وبعد سنة على عمليته العسكريّة في أوكرانيا، تركيب منظومة ردعيّة فاعلة وقادرة على تسهيل حربه. بكلام آخر، لم تنفع استراتيجيّته والمُسمّاة استراتيجيّة الرجل المجنون (Mad Man Theory)، في ردع الغرب. فهو أراد حماية حربه التقليديّة بمظلّته النوويّة، مُظهراً نفسه لاعباً غير عقلانيّ (Irrational). فمن التهديد النوويّ المتكرّر من قبله، ومن قبل الرئيس الروسي السابق ميدفيديف، إلى وزير الخارجيّة سيرغي لافروف. كان ردّ الغرب عبر اتباع استراتيجيّة القضم المُتدرّج لخطوط بوتين الحمراء.
وللتذكير فقط، استعمل الرئيس الأميركي الراحل ريتشارد نيكسون، وبالتعاون والتنسيق مع هنري كيسنجر، استراتيجيّة الرجل المجنون في حربه على فيتنام. فصوّر نيكسون نفسه آنذاك على أنه لاعب غير عقلاني قد يذهب إلى استعمال النووي في حال لم تلبَّ مطالبه، وذلك مقابل حركيّة كيسنجر العقلانيّة لإيجاد مخرج من مستنقع فيتنام.

من يريد كلّ شيء، قد
لا يحصل على شيء
وضع الرئيس بوتين لنفسه أهدافاً تعجيزيّة. من طلبه عودة وضع حلف «الناتو» إلى منتصف التسعينات، إلى إلغاء الدولة الأوكرانيّة، وضمّها إلى روسيا على أنها جزء لا يتجزّأ من مناطق النفوذ الروسيّ، إلى قيادة الانتفاضة العالميّة ضد الإمبرياليّة الأميركيّة، إلى رسم نظام عالميّ جديد تكون فيه روسيا لاعباً كونيّاً وقوّة عظمى على غرار أميركا والصين. كلّ ذلك، باقتصاد ودخل قوميّ يوازي الدخل القومي لمدينة نيويورك. كل ذلك مع تصنيع حربيّ متواضع، يعود أغلبه إلى أيام الاتحاد السوفياتيّ، ودون تصنيع محلّي للشرائح الذكيّة، التي تعد حيويّة لتشغيل أسلحة القرن الحادي والعشرين. كل ذلك مع جيش أغلبه من الأقليات التي تعيش في المناطق النائية وعلى هامش حياة الشعب الروسي في المدن الرئيسّية. جيش لا يحسن القتال المشترك للأسلحة (Combined). جيش مؤلّف من عدّة جيوش، منها الجيش الروسيّ الرسمي، إلى الفرق الشيشانيّة، وحتى شركة «فاغنر» الخاصة. حتى إن هذه الجيوش لا يقاتل بعضها مع بعض، وهي ليست على وفاق، لا بل تتصارع علناً، إن كان حول الاستراتيجيات العسكريّة، أو حتى في طريقة إدارة الحرب. جيش لم يخطط للسيناريو السيّئ، فوقع في فخ الرضا المسبق عن الذات.
بوتين الحائر
بين الاستراتيجيّة والتكتيك
في المرحلة الأولى للحرب حول كييف، خسر بوتين في الاستراتيجيّة والتكتيك. غيّر الاستراتيجيّة وتوجّه نحو إقليم الدونباس فحقق نجاحات تكتيكيّة، لكنها لم تُصَب وتتراكم لتؤمّن النجاحات الاستراتيجيّة.
بعد الدونباس، خسر الرئيس بوتين التكتيك في إقليم خاركيف، كما أجبر على الانسحاب من مدينة خيرسون. وبذلك، تراكمت الخسائر التكتيكيّة والاستراتيجيّة على كتف الرئيس بوتين لتعيده إلى مربّع الخسارة الأول حول العاصمة كييف.

التقييدات على سلوك بوتين
في المرحلة المقبلة
• لا يمكن للرئيس بوتين أن يخسر مرّتين متتاليتين في أوكرانيا.
• فالخسارة تعني بالحدّ الأدنى الإطاحة به سياسياً، حتى ولو لم تتظهّر معارضة داخلية حتى الآن.
• تاريخيّاً، لا مكان للضعفاء في الكرملين. فكلمة الكرملين وهي من أصل تتريّ، تعني القلعة المُحصّنة. وكلّما كان هناك تعثّر عسكريّ روسي في الخارج، كان التغيير السياسي في الداخل النمط المعتاد.
• لا بد للرئيس بوتين من تقديم نصر عسكريّ للداخل الروسي، حتى لو كان محدوداً. وقد يكون هذا النصر في إقليم الدونباس أولاً، وفي إقليم زابوريجيا ثانياً. فهو قد ضمّ هذين الإقليمين إلى جانب إقليم خيرسون.
• لكن السيطرة على الأقاليم الثلاثة: الدونباس وزابوريجيا وخيرسون، بأكملها، ليس بالأمر السهل، وذلك استناداً إلى التجارب السابقة مع الجيش الروسيّ. فعلى سبيل المثال لا الحصر، لم يستطع الجيش الروسي، و«فاغنر» إسقاط مدينة بخموت حتى الآن، وبعد مرور أكثر من سبعة أشهر على العمليّة العسكريّة حولها.

المنتظر من بوتين
• بدل النوعيّة أغرق الرئيس بوتين الجبهات بالكميّة، خصوصاً من العسكر الجديد. ألم يقل الزعيم السوفياتي الراحل جوزيف ستالين: «إن للكميّة نوعيّة بحد ذاتها؟»، وبذلك يحاول بوتين اختبار جاهزيّة الانتشار الأوكراني على طول الجبهة لرصد نقاط الضعف.
• تقول المعلومات إن الجيش الروسي قد حشد كثيراً من الطائرات الحربيّة والطوافات على حدود أوكرانيا استعداداً لاستعمالها في المعركة المقبلة، خصوصاً أن جاهزيّة السلاح الجويّ الروسي تتجاوز نسبة 80 في المائة.
• كما تقول المعلومات إن التجمعات العسكريّة بدأت تظهر داخل الأراضي الروسيّة خصوصاً في مدينة كورسك، التي تقع خارج مدى راجمات «الهايمرس».
• يحاول الرئيس بوتين استرداد زمام المبادرة من يد الجيش الأوكراني، وذلك استباقاً لوصول المساعدات الغربيّة، خصوصاً الدفاعات الجويّة ودبابات القتال الرئيسيّة.
• وأخيراً وليس آخراً، قد يحاول الرئيس بوتين زرع الفوضى في المحيط الجغرافي لأوكرانيا، إن كان في مولدوفا، أو انطلاقاً من إقليم كاليننغراد الروسي والواقع على بحر البلطيق. هذا عدا إمكانيّة ضرب خطوط الإمداد لأوكرانيا على ثلاثة ممرات بريّة؛ تمرّ عبر كل من: سلوفاكيا ورومانيا وبولندا.
في الختام، هذه هي صورة الجبهّة الروسيّة. لكن رقصة «التانغو» بحاجة إلى شخصين كي تكتمل. فكيف ستكون عليه الجاهزيّة الأوكرانيّة؟ خصوصاً أننا عاينّا في هذه الحرب نماذج الحرب من العصر الزراعي، كما من العصر الصناعي، ودون شكّ من العصر التكنولوجيّ.
بعد عام على الحرب... هل باتت روسيا أكثر أمناً؟
مستقبل الحرب... واحتمالات توسعها وخروجها عن السيطرة
كيف أساءت روسيا تقدير موقف ألمانيا؟
أوروبا... تساؤلات حول مآلات الدعم لأوكرانيا
الأزمة... والدور «المشلول» لمجلس الأمن