تابوت الإسكندرية يشكل لغزاً... وتحذيرات من «لعنة» فتحه

وزنه 30 طناً... ومسؤول مصري ينفي انتماءه لملك أو إمبراطور

التابوت المكتشف بمحافظة الإسكندرية المصرية (أ.ف.ب)
التابوت المكتشف بمحافظة الإسكندرية المصرية (أ.ف.ب)
TT

تابوت الإسكندرية يشكل لغزاً... وتحذيرات من «لعنة» فتحه

التابوت المكتشف بمحافظة الإسكندرية المصرية (أ.ف.ب)
التابوت المكتشف بمحافظة الإسكندرية المصرية (أ.ف.ب)

أعلنت السلطات المصرية مطلع الشهر الجاري اكتشاف مقبرة أثرية بمحافظة الإسكندرية الساحلية تعود للعصر البطلمي، وقال الدكتور مصطفى وزيري الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار إن «المقبرة تحتوي على تابوت مصنوع من الغرانيت الأسود، ويعد من أضخم التوابيت التي تم العثور عليها بالإسكندرية».
لكن القصة لم تنته هنا كعادة كل اكتشاف أثري، حيث أثار التابوت الضخم بعد أكثر من أسبوعين على اكتشافه خلال أعمال بناء، حالة من الجدل في مصر بعد تقارير نشرتها صحف أجنبية تربطه بالإسكندر الأكبر الذي لم يعثر بعد على مقبرته، وكذلك وسط تحذيرات من فتحه خشية حدوث «لعنة».
ولفت الدكتور أيمن عشماوي رئيس قطاع الآثار المصرية بوزارة الآثار، في بيان صحافي إلى أن «المقبرة وجدت على عمق 5 أمتار من سطح الأرض، وتلاحظ وجود طبقة من الملاط، بين غطاء وجسم التابوت تشير إلى أنه لم يفتح منذ إغلاقه وقت صنعه». مضيفا أنه «عُثر أيضا داخل المقبرة على رأس تمثال لرجل مصنوع من المرمر عليه تآكل».
والتابوت المكتشف مصنوع من الغرانيت الأسود طوله 2.75 متر وعرضه 1.65 متر، وبارتفاع 1.85 متر، يعود تاريخه تحديدا إلى القرن الرابع قبل الميلاد في العصر البطلمي. وقدّر وزن التابوت بنحو 30 طنا تقريباً.
وتقول مجلة «ناشيونال جيوغرافيك» عبر موقعها الإلكتروني إن ضخامة التابوت أثارت تكهنات بانتمائه لشخص قوي أو ثري، وربما حتى يكون الإسكندر الأكبر الذي أسس المدينة التي تحمل اسمه عام 331 قبل الميلاد.
ورغم زعم العديد من المؤرخين بأن الإسكندر الأكبر والذي يلقب أيضا بالإسكندر المقدوني، قد دفن في الإسكندرية، فإنه لم يتم العثور قط على مقبرته.
ونقلت المجلة عن اثنين من الأثريين القريبين من الاكتشاف قولهما إن التابوت ربما يعود إلى أسرة فرعونية أقدم في التاريخ، وحجمه الكبير من بين الأسباب وراء هذا الاعتقاد.
ويقول أحد الأثريين اللذين لم تكشف المجلة هويتهما، إنه نظراً لعدم إنشاء مدينة الإسكندرية حتى القرن الرابع قبل الميلاد، فإن التابوت الضخم ربما تم جلبه إلى المدينة فارغا من موقع لعصر أسرة مصرية قديمة بوادي النيل، مثل ممفيس، ثم تم استخدامه لاحقا لدفن أحد الأشخاص.
ويرى الأثري الآخر أن صاحب التابوت ربما يعود إلى العصر الروماني، وهو عصر لاحق للعصر البطلمي، نظرا لارتفاعه، حيث تم العثور عليه على عمق 5 أمتار فقط من سطح الأرض.
وتواجه سلطات الآثار في مصر الآن صعوبة في نقل التابوت بالنظر لضخامته ووزنه البالغ 30 طنا.
ويقول عشماوي لصحيفة «الغارديان» البريطانية: «فتح التابوت فورا محفوف بالمخاطر وعلينا الاستعداد»، مضيفا: «من الصعب نقله (التابوت) دون أن يمس بأذى وفتحه في المتحف»، لافتا أنه سيتم فتحه في موقعه.
صحيفة «ديلي إكسبريس» البريطانية كررت الشكوك ذاتها بأن التابوت ربما يخص الإسكندر الأكبر لكنها رصدت ردود الأفعال من جانب كتاب وأشخاص عاديين، والذين أبدوا تخوفهم من فتح التابوت خشية حدوث لعنة على طريقة فليم «المومياء»، والذي يتناول كيف تسير الأمور بشكل سيئ حينما يتدخل الناس في مقابر عتيقة ودفينة.
من جانبه، نفى وزيري لوسائل إعلام مصرية أن يكون التابوت لملك أو إمبراطور، لافتا إلى أنه يخص أحد الكهنة، وذلك وفقا للحالة البسيطة للمقبرة وعدم وجود نقوش عليه، نافياً ما يتردد عن أن فتح هذا التابوت سيصيب العالم بلعنة حين فتحه.
وتعد الإسكندرية المطلة على البحر المتوسط العاصمة الثانية لمصر، وكانت عاصمة البلاد لمئات السنين في عصر الإسكندر الأكبر ومن حكموا بعده، وكانت ثاني أكبر مدن الإمبراطورية الرومانية بعد العاصمة روما، وتحتضن المدينة العديد من الآثار التي تعود للعصر البطلمي والعصرين اليوناني والروماني.


مقالات ذات صلة

مصر تستعيد مجموعة قطع أثرية من آيرلندا

شمال افريقيا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي (يمين) يصافح رئيس الحكومة الآيرلندية سيمون هاريس خلال زيارة إلى دبلن (أ.ف.ب)

مصر تستعيد مجموعة قطع أثرية من آيرلندا

أعلنت وزارة الخارجية المصرية استعادة مجموعة من القطع الأثرية من آيرلندا، وذلك عقب الزيارة التي قام بها الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى العاصمة الآيرلندية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
العالم العربي رئيس الوزراء المصري يستعرض إجراءات تخطيط المنطقة المحيطة بالأهرامات والمتحف المصري الكبير

رئيس الوزراء المصري يستعرض إجراءات تخطيط المنطقة المحيطة بالأهرامات والمتحف المصري الكبير

عقد الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء المصري اجتماعاً، الأحد، لاستعراض إجراءات الطرح العالمي لتخطيط المنطقة المحيطة بالأهرامات والمتحف المصري الكبير.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق إناء شرب على شكل رأس بيس من واحة الفيوم في مصر يعود إلى العصر البطلمي - الروماني (القرن الرابع قبل الميلاد - القرن الثالث الميلادي)... (جامعة جنوب فلوريدا)

كوكتيلات مخدرة وطقوس سحرية: كشف أسرار أكواب المصريين القدماء

كشف الباحثون عن استخدام أكواب خاصة لتقديم مزيج من العقاقير المخدرة، والسوائل الجسدية، والكحول.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق مشهد من جامع بيبرس الخياط الأثري في القاهرة (وزارة السياحة والآثار المصرية)

بعد 5 قرون على إنشائه... تسجيل جامع بيبرس الخياط القاهري بقوائم الآثار الإسلامية

بعد مرور نحو 5 قرون على إنشائه، تحوَّل جامع بيبرس الخياط في القاهرة أثراً إسلامياً بموجب قرار وزاري أصدره وزير السياحة والآثار المصري شريف فتحي.

فتحية الدخاخني (القاهرة )
يوميات الشرق كلب ضال أمام هرم خوفو في منطقة أهرامات الجيزة (أ.ف.ب)

بفضل «أبولو»... «كلاب الأهرامات» تجذب السياح وتنشِّط المبيعات

مقطع مصور غير اعتيادي لكلب يتسلق الهرم يجذب الزوار والسائحين.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

رحيل عبد الله النعيم... المعلم والمهندس قبل أن يحمل الابتدائية

الراحل عبد الله العلي النعيم
الراحل عبد الله العلي النعيم
TT

رحيل عبد الله النعيم... المعلم والمهندس قبل أن يحمل الابتدائية

الراحل عبد الله العلي النعيم
الراحل عبد الله العلي النعيم

محطات كثيرة ولافتة وعجيبة شكلت حياة عبد الله العلي النعيم، الذي رحل، الأحد، بعد رحلة طويلة في هذه الحياة تجاوزت تسعة عقود، كان أبرزها توليه منصب أمين مدينة الرياض في بدايات سنوات الطفرة وحركة الإعمار التي شهدتها معظم المناطق السعودية، وسبقتها أعمال ومناصب أخرى لا تعتمد على الشهادات التي يحملها، بل تعتمد على قدرات ومهنية خاصة تؤهله لإدارة وإنجاز المهام الموكلة إليه.

ولد الراحل النعيم في مدينة عنيزة بمنطقة القصيم وسط السعودية عام 1930، والتحق بالكتاتيب وحلقات التعلم في المساجد قبل إقرار المدارس النظامية، وأظهر نبوغاً مبكراً في صغره، حيث تتداول قصة عن تفوقه، عندما أجرى معلمه العالم عبد الرحمن السعدي في مدرسته بأحد مساجد عنيزة مسابقة لحفظ نص لغوي أو فقهي، وخصص المعلم جائزة بمبلغ 100 ريال لمن يستطيع ذلك، وتمكن النعيم من بين الطلاب من فعل ذلك وحصل على المبلغ، وهو رقم كبير في وقته يعادل أجر عامل لمدة أشهر.

محطات كثيرة ولافتة وعجيبة شكلت حياة عبد الله العلي النعيم

توجه الشاب النعيم إلى مكة بوصفها محطة أولى بعد خروجه من عنيزة طلباً للرزق وتحسين الحال، لكنه لم يجد عملاً، فآثر الذهاب إلى المنطقة الشرقية من بلاده حيث تتواجد شركة «أرامكو» ومشاريعها الكبرى، وتوفّر فرص العمل برواتب مجزية، لكنه لم يذهب للشركة العملاقة مباشرة، والتمس عملاً في إحدى محطات الوقود، إلى أن وجد عملاً في مشروع خط التابلاين التابع لشركة «أرامكو» بمرتب مجز، وظل يعمل لمدة ثلاث سنوات ليعود إلى مسقط رأسه عنيزة ويعمل معلماً في إحدى مدارسها، ثم مراقباً في المعهد العلمي بها، وينتقل إلى جدة ليعمل وكيلاً للثانوية النموذجية فيها، وبعدها صدر قرار بتعيينه مديراً لمعهد المعلمين بالرياض، ثم مديراً للتعليم بنجد، وحدث كل ذلك وهو لا يحمل أي شهادة حتى الابتدائية، لكن ذلك اعتمد على قدراته ومهاراته الإدارية وثقافته العامة وقراءاته وكتاباته الصحافية.

الراحل عبد الله العلي النعيم عمل مديراً لمعهد المعلمين في الرياض

بعد هذه المحطات درس النعيم في المعهد العلمي السعودي، ثم في جامعة الملك سعود، وتخرج فيها، وتم تعيينه أميناً عاماً مساعداً بها، حيث أراد مواصلة دراسته في الخارج، لكن انتظرته مهام في الداخل.

وتعد محطته العملية في شركة الغاز والتصنيع الأهلية، المسؤولة عن تأمين الغاز للسكان في بلاده، إحدى محطات الراحل عبد الله العلي النعيم، بعد أن صدر قرار من مجلس الوزراء بإسناد مهمة إدارة الشركة إليه عام 1947، إبان أزمة الغاز الشهيرة؛ نظراً لضعف أداء الشركة، وتمكن الراحل من إجراء حلول عاجلة لحل هذه الأزمة، بمخاطبة وزارة الدفاع لتخصيص سيارة الجيش لشحن أسطوانات الغاز من مصدرها في المنطقة الشرقية، إلى فروع الشركة في مختلف أنحاء السعودية، وإيصالها للمستهلكين، إلى أن تم إجراء تنظيمات على بنية الشركة وأعمالها.

شركة الغاز والتصنيع الأهلية تعد إحدى محطات الراحل عبد الله العلي النعيم

تولى النعيم في بدايات سنوات الطفرة أمانة مدينة الرياض، وأقر مشاريع في هذا الخصوص، منها إنشاء 10 بلديات في أحياء متفرقة من الرياض، لتسهيل حصول الناس على تراخيص البناء والمحلات التجارية والخدمات البلدية. ويحسب للراحل إقراره المكتب التنسيقي المتعلق بمشروعات الكهرباء والمياه والهاتف لخدمة المنازل والمنشآت وإيصالها إليها، كما طرح أفكاراً لإنشاء طرق سريعة في أطراف وداخل العاصمة، تولت تنفيذها وزارة المواصلات آنذاك (النقل حالياً)، كما شارك في طرح مراكز اجتماعية في العاصمة، كان أبرزها مركز الملك سلمان الاجتماعي.

تولى النعيم في بدايات سنوات الطفرة أمانة مدينة الرياض