«سيارات الغد»... الباب الواسع لتعزيز الشراكة الألمانية ـ الصينية بوجه الحمائية

اتفاقيات تجارية تفوق 23 مليار دولار

المستشارة الألمانية ورئيس الوزراء الصيني يشهدان توقيع عدد من الاتفاقيات في برلين أمس (أ.ف.ب)
المستشارة الألمانية ورئيس الوزراء الصيني يشهدان توقيع عدد من الاتفاقيات في برلين أمس (أ.ف.ب)
TT

«سيارات الغد»... الباب الواسع لتعزيز الشراكة الألمانية ـ الصينية بوجه الحمائية

المستشارة الألمانية ورئيس الوزراء الصيني يشهدان توقيع عدد من الاتفاقيات في برلين أمس (أ.ف.ب)
المستشارة الألمانية ورئيس الوزراء الصيني يشهدان توقيع عدد من الاتفاقيات في برلين أمس (أ.ف.ب)

تسعى الصين وألمانيا إلى مزيد من التقارب الاقتصادي في ظل أجواء عالمية غائمة بالحمائية الأميركية، وحرب جمركية شعواء يشنها الرئيس الأميركي دونالد ترمب على كل حلفائه التقليدين؛ في محاولة لإعادة التوازن إلى الميزان التجاري لبلاده. وعلى هامش زيارة صينية رفيعة المستوى إلى برلين، شهدت توقيع عدد من الاتفاقيات الاقتصادية والتجارية، بدا واضحاً التوجه المشترك لألمانيا والصين في تعزيز التعاون بينهما في تطوير السيارات ذاتية القيادة، كأحد أهم التقنيات المستقبلية في قطاع صناعة السيارات.
وقالت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، أمس، خلال لقائها رئيس الوزراء الصيني لي كيه تشيانغ في برلين: «نأمل أن يكون هذا اليوم يوماً جيداً»، مضيفة أن الأمر يدور حول تعاون مفتوح ونزيه. وتفقد الزعيمان سيارات ذاتية الحركة داخل ساحة المطار السابق «تيمبلهوف» في برلين برفقة قيادات بارزة في هذا القطاع.
وقالت ميركل، إنه لا يوجد شيء يضاهي القدرة على رؤية ما هو ممكن عملياً. وتحدث لي عن «مشروع مهم»، مضيفاً أن الصين ستبدي انفتاحها تجاه الصناعة الألمانية في هذا المجال، موضحاً أن الصين تنتظر العكس أيضاً. وذكر رئيس الوزراء الصيني، أن بلاده ستوفر البيانات الضرورية لتطوير السيارات ذاتية القيادة على نحو مشترك مع ألمانيا.
كما وقعت ألمانيا والصين، يوم الاثنين، عدداً من الاتفاقيات التجارية بقيمة تصل إلى 20 مليار يورو (23.51 مليار دولار). وجدد زعيما البلدين التزامهما بالنظام التجاري العالمي المتعدد الأطراف، على الرغم من نذر الحرب التجارية التي تلوح في الأفق مع الولايات المتحدة، حيث أكدت ميركل: «كلانا يريد الحفاظ على نظام قواعد منظمة التجارة العالمية»، بينما أكد لي الحاجة إلى محاربة الحمائية التجارية، وقال، إن الصين في حاجة إلى إطار عمل سلمي ومستقر بحيث تستطيع تحقيق المزيد من التقدم، وإن هذا ممكن من خلال التجارة الحرة فقط. وأردف: «نحن ضد الفردية... نحن مع التجارة الحرة».
لكن ميركل طالبت خلال اللقاء بتبادل آمن للبيانات بين شركات بلادها والشركات الصينية وبين أوروبا والصين. وأشارت إلى وجود متطلبات قانونية مختلفة تماماً تتعلق بتبادل البيانات والتعامل معها، وتابعت: «يجب تجميع هذه المتطلبات بطريقة تجعل التعاون الاقتصادي الجيد ممكناً، حتى في عصر رقمنة الصناعة والإنترنت».
وأوضحت ميركل، أن الأمر يتجاوز قضايا براءات الاختراع وحماية الملكية الفكرية، وأشادت بالتقدم الذي تم إحرازه في المشاورات الحكومية بين بلادها والصين.
وعن الـ22 اتفاقية التي تم إبرامها مع الصين، قالت ميركل، إن هذه الاتفاقيات تتسم «بنوعية جديدة»؛ وذلك في إشارة إلى الاستثمارات المباشرة في ألمانيا. وقالت، إنه على الرغم من بعض التشككات، فإن هناك «التزاماً أساسياً» بهذه الاستثمارات، وذلك في إشارة إلى الاستحواذ الصيني المثير للجدل على شركة «كوكا» الألمانية المصنعة للروبوتات.
وأعربت ميركل عن اعتقادها بأنه كان هناك «تحدٍ ثقافي» رأت أنه تم التغلب عليه في الوقت الراهن، وأضافت، أنه ثمة سؤال لا يزال يحتاج إلى توضيح ويتعلق بمدى تأثير هذا التحدي على المصالح الاستراتيجية للأمن في ألمانيا، ولفتت إلى أن الحكومة تقوم حالياً «بعملية تشكيل رأي».
وعلى هامش انعقاد المنتدى الاقتصادي الصيني – الألماني، أمس، وقّع ممثلون عن قطاع صناعة السيارات الألماني والصين ستة بيانات نوايا تتعلق بالتعاون التقني في تطوير السيارات ذاتية القيادة ووضع معايير مشتركة.
ووقعت شركتا «بي إم دابليو» الألمانية و«غريت وول» الصينية لصناعة السيارات اتفاقية لتأسيس شركتهما التعاونية لإنتاج سيارات كهربائية صغيرة جديدة في الصين. وأعلنت «بي إم دبليو» كذلك عزمها الحصول على خلايا بطاريات لطرازها الكهربائي بالكامل «بي إم دبليو آي - نكست» من مصنع جديد تعمل شركة «كاتل» الصينية على تأسيسه في شرق ألمانيا.
وقال ماركوس دوسمان، مسؤول المشتريات في «بي إم دبليو»، إن الشركة ستقوم بدءاً من عام 2021 بشراء بطاريات بقيمة 1.5 مليار يورو (1.8 مليار دولار) من المصنع الذي تنشئه «كاتل» في إرفورت بولاية تورينجن شرقي البلاد.
كما تعتزم «بي إم دبليو» شراء بطاريات بقيمة 2.5 مليار يورو أخرى من «كاتل» في سوقها المحلية في الصين، وبخاصة من أجل سيارات «ميني» الكهربائية، التي ستبدأ إطلاق خط إنتاجها البريطاني في أكسفورد العام المقبلة.
وقال دوسمان، إن شركته ستكون أول عميل لمصنع «كاتل» في إرفورت. وأضاف، أنه «لن يكون سيئاً إذا ما اشترت (دايملر) هي الأخرى من إرفورت»، في إشارة إلى المنافس الألماني الأبرز لشركته.


مقالات ذات صلة

وزيرا خارجية السعودية وفرنسا يناقشان المستجدات الإقليمية

الخليج الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي (الشرق الأوسط)

وزيرا خارجية السعودية وفرنسا يناقشان المستجدات الإقليمية

ناقش الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي هاتفياً مع نظيره الفرنسي جان نويل بارو المستجدات الإقليمية والموضوعات المشتركة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
تحليل إخباري الأمير محمد بن سلمان والرئيس إيمانويل ماكرون أمام قصر الإليزيه في يونيو 2023 (إ.ب.أ)

تحليل إخباري مساعٍ فرنسية لرفع العلاقة مع السعودية إلى مستوى «الشراكة الاستراتيجية»

السعودية وفرنسا تسعيان لرفع علاقاتهما إلى مستوى «الشراكة الاستراتيجية»، و«الإليزيه» يقول إن باريس تريد أن تكون «شريكاً موثوقاً به» للسعودية في «كل المجالات».

ميشال أبونجم (باريس)
الخليج الأمير خالد بن سلمان خلال استقباله سيباستيان ليكورنو في الرياض (واس)

وزير الدفاع السعودي ونظيره الفرنسي يبحثان في الرياض أفق التعاون العسكري

بحث الأمير خالد بن سلمان وزير الدفاع السعودي مع سيباستيان ليكورنو وزير القوات المسلحة الفرنسية، مستجدات الأوضاع الإقليمية وجهود إحلال السلام في المنطقة والعالم.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق أعضاء اللجنة الوزارية أعربوا عن رغبتهم في تعزيز التعاون بما يعكس الهوية الثقافية والتاريخية الفريدة للمنطقة (واس)

التزام سعودي - فرنسي للارتقاء بالشراكة الثنائية بشأن «العلا»

أكد أعضاء اللجنة الوزارية السعودية - الفرنسية بشأن تطوير «العلا»، السبت، التزامهم بالعمل للارتقاء بالشراكة الثنائية إلى مستويات أعلى.

«الشرق الأوسط» (باريس)
الخليج وزير الخارجية السعودي مع نظيره الفرنسي خلال لقاء جمعهما على غداء عمل في باريس (واس)

وزير الخارجية السعودي يبحث مع نظيره الفرنسي تطورات غزة ولبنان

بحث الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي مع نظيره الفرنسي جان نويل، الجمعة، التطورات في قطاع غزة وعلى الساحة اللبنانية، والجهود المبذولة بشأنها.

«الشرق الأوسط» (باريس)

صربيا تحذر من عقوبات أميركية على شركة تمدها بالغاز مدعومة من روسيا

مصفاة نفط نيس جوغوبترول في بانشيفو صربيا (أ.ب)
مصفاة نفط نيس جوغوبترول في بانشيفو صربيا (أ.ب)
TT

صربيا تحذر من عقوبات أميركية على شركة تمدها بالغاز مدعومة من روسيا

مصفاة نفط نيس جوغوبترول في بانشيفو صربيا (أ.ب)
مصفاة نفط نيس جوغوبترول في بانشيفو صربيا (أ.ب)

كشف الرئيس الصربي ألكسندر فوسيتش أن الولايات المتحدة تخطط لفرض عقوبات على المورد الرئيسي للغاز لصربيا الذي تسيطر عليه روسيا.

وقال الرئيس الصربي ألكسندر فوسيتش لهيئة الإذاعة والتلفزيون الصربية إن صربيا أُبلغت رسمياً بأن قرار العقوبات سيدخل حيز التنفيذ في الأول من يناير (كانون الثاني)، لكنه لم يتلقَّ حتى الآن أي وثائق ذات صلة من الولايات المتحدة، وفق «رويترز».

تعتمد صربيا بشكل شبه كامل على الغاز الروسي الذي تتلقاه عبر خطوط الأنابيب في الدول المجاورة، ثم يتم توزيع الغاز من قبل شركة صناعة البترول الصربية (NIS)، المملوكة بحصة أغلبية لشركة احتكار النفط الحكومية الروسية «غازبروم نفت».

وقال فوسيتش إنه بعد تلقي الوثائق الرسمية، «سنتحدث إلى الأميركيين أولاً، ثم نذهب للتحدث إلى الروس» لمحاولة عكس القرار. وأضاف: «في الوقت نفسه، سنحاول الحفاظ على علاقاتنا الودية مع الروس، وعدم إفساد العلاقات مع أولئك الذين يفرضون العقوبات».

ورغم سعي صربيا رسمياً إلى عضوية الاتحاد الأوروبي، فقد رفضت الانضمام إلى العقوبات الغربية ضد روسيا بسبب غزوها أوكرانيا، ويرجع ذلك جزئياً إلى شحنات الغاز الروسية الحاسمة.

وقال فوسيتش إنه على الرغم من التهديد بالحظر، «لست مستعداً في هذه اللحظة لمناقشة العقوبات المحتملة ضد موسكو».

وعندما سئل عما إذا كان التهديد بفرض عقوبات أميركية على صربيا قد يتغير مع وصول إدارة دونالد ترمب في يناير، قال فوسيتش: «يجب علينا أولاً الحصول على الوثائق (الرسمية)، ثم التحدث إلى الإدارة الحالية، لأننا في عجلة من أمرنا».

ويواجه الرئيس الصربي أحد أكبر التهديدات لأكثر من عقد من حكمه الاستبدادي. وقد انتشرت الاحتجاجات بين طلاب الجامعات وغيرهم في أعقاب انهيار مظلة خرسانية في محطة للسكك الحديدية في شمال البلاد الشهر الماضي، ما أسفر عن مقتل 15 شخصاً في الأول من نوفمبر (تشرين الثاني). ويعتقد كثيرون في صربيا أن الفساد المستشري والمحسوبية بين المسؤولين الحكوميين أديا إلى العمل غير الدقيق في إعادة بناء المبنى، الذي كان جزءاً من مشروع سكة ​​حديدية أوسع نطاقاً مع شركات حكومية صينية.