«أبو عمر المصري»... دراما رحلة تحوّل الإنسان إلى وحش

أحمد عز لـ «الشرق الأوسط»: المسلسل اجتماعي وليس سياسياً ويناقش الإرهاب كظاهرة عالمية

أحمد عز بطل المسلسل
أحمد عز بطل المسلسل
TT

«أبو عمر المصري»... دراما رحلة تحوّل الإنسان إلى وحش

أحمد عز بطل المسلسل
أحمد عز بطل المسلسل

يحظى مسلسل «أبو عمر المصري» بنسب مشاهدة جيدة في العديد من الدول العربية، لما يناقشه من قضايا عربية متعلقة بالأفكار المتطرفة والإرهاب، مع إشارته إلى الطرق التي تدفع شباب المنطقة للانضمام إلى تلك التنظيمات المتطرّفة.
مسلسل «أبو عمر المصري» مأخوذ عن روايتين للكاتب عز الدين شكري فشير، الأولى هي «مقتل فخر الدين»، والثانية تحمل نفس اسم المسلسل، وتعد امتداداً للأولى التي صدرت قبل 15 سنة تقريباً، وتدور الأحداث حول محامٍ ذكي، يدافع عن حقوق الفقراء، ويبحث عن العدالة لإقامتها في الدنيا، إلّا أنّ حياته تنقلب رأساً على عقب، بعد تعرضه للظّلم، فيتحول من شخص مسالم إلى متطرف، يقع في شباك الجماعات الإرهابية التي نشطت بشكل كبير في حقبة التسعينات، وتتغير كنيته إلى «أبو عمر النسر»، ويصبح كادراً مهماً في تنظيم إرهابي دولي، لا يتردد في قتل الأبرياء، ولكن مع مرور الوقت يشعر «أبو عمر» بأنّ هذا ليس مكانه وأنّ هذه الجماعات ليست على الطريق الصحيح، فيختار العودة إلى بلده مصر.
يقول بطل العمل الفنان أحمد عز، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، إنّ «صناع (أبو عمر المصري) كانوا يضعون مصلحة الدولة المصرية في المقام الأول في أثناء تنفيذ المسلسل، فالهدف والغرض في النهاية هو تقديم عمل مفيد للمجتمع المحلي والدولي، خصوصاً أنّ الجميع في مركب واحد ضدّ الإرهاب والتطرف»، موضحا أنّ قضية الإرهاب التي يتناولها المسلسل لا تشغله بمفرده، وإنّما تشغل الناس جميعاً، فالعالم بأكمله يهتمّ بظاهرة الإرهاب التي أصبحت دولية وليست عربية أو محلية. وأضاف أنّ «المسلسل يتناول بداية تكوين الجماعات الإرهابية وليس تنظيم داعش، لكنّه لا يركز على نمط حياة هذه التنظيمات بصورة كبيرة، بدليل أنّ الحلقات التي تتناولها نحو 5 فقط من أصل 30 حلقة».
وأشار عز إلى أنّه يصنف «أبو عمر المصري» باعتباره مسلسلاً اجتماعياً وليس سياسياً على الإطلاق، فالمسلسل يلفت الانتباه إلى أنّ الظلم قد يتسبب في التأثير على الإنسان بشكل سلبي فيتحول إلى وحش، وفي حالة «أبو عمر»، عندما اتّجه لمن اعتقد أنّهم سينصرونه -الجماعات المتطرفة- وجدهم على باطل وليسوا على حق، سواء في طريقة التفكير والتعامل مع المشكلات بشكل عام، أو في طريقة تطويعهم للدين لخدمات شخصية وسياسية، وبناءً عليه يمكن القول إنّ المسلسل يتناول ظاهرة الإرهاب، لكنّ «أبو عمر» نفسه لا يمكن تصنيفه باعتباره إرهابياً.
واعتبر أحمد عز التطور الذي يحدث لـ«أبو عمر المصري»، حالة فردية لا تعمَّم، وليس بالضرورة أن تتكرر مع غيره، فالمسلسل يوضح أنّ هناك مجموعة من الأمور أدّت إلى وصول شخصية «أبو عمر أو فخر» إلى هذه المرحلة، منها، نشأته وأحاسيسه وفكره وتركيبته وطريقة حياته، بالإضافة إلى المواقف التي تعرّض لها.
وتعقيباً على الغضب السوداني من المسلسل الذي وصل إلى درجة استدعاء السفير المصري في الخرطوم وتسليمه مذكرة احتجاج رافضة لـ«أبو عمر المصري»، أكّد أحمد عز عدم وجود أي نيّة من صناع المسلسل في أي نوع من الهجوم أو الإساءة أو حتى الاختلاف. وتابع قائلاً: «قناعتي الشّخصية أنّنا أمّة عربية واحدة، وعندما نقدم مسلسلاً بهذا الشكل، نحرص على أن نكنّ كامل الاحترام والتقدير لكل الأشقاء العرب، والحمد لله أن وجهة النّظر تم احتواؤها بمنتهى الأدب والاحترام، خصوصاً بعد أن تولى المجلس الأعلى للإعلام في مصر برئاسة الكاتب مكرم محمد أحمد، عملية الرد، وأكّد في بيان صحافي أنّ أحداث المسلسل لا يوجد فيها ما يسيء إلى دولة السودان، كما أن قنوات on العارضة للمسلسل أصدرت بياناً آخر أكدت فيه نفس المعنى».
من جانبه يقول الناقد الفني خالد محمود: «توليفة مسلسل (أبو عمر المصري) شكّلت عملاً درامياً ثرياً بكل ما تحمله من مفردات فنية بديعة راسخة ومتقنة في تنفيذها، فالقضية التي يطرحها العمل وتدور أحداثها في التسعينات ليست قضية شخص بل هي أعمق من ذلك بكثير، هي قضية فكر جيل حاولت الظروف والأيام أن تُضعف من جذور أحلامه وتجعله فريسة لتيارات وأهواء عصر مقابل أن يعيش، فيصطدم بفكر آخر منزوع المبادئ، والفكر الثالث متطرف باع كل شيء بما فيه عقله ووجدانه لصالح من يخربون في الأوطان».
ويرى خالد محمود أنّ الرواية التي كتبها عز الدين شكري فشير تحمل أبعاداً كثيرة، وتحرّك رواكد كثيرة، وهو دور مهم للدراما، تعاملت معه السيناريست مريم نعوم بذكاء، سواء في طريقة السّرد المتصاعد التي اختارتها، أو في التفاصيل الدقيقة للشّخصيات ورسم ملامحها جيداً، بينما كانت بصمات المخرج الموهوب أحمد خالد موسى واضحة وبرّاقة بفضل كادراته وصورته المدهشة عبر كاميرا نانسي عبد الفتاح، ونقلاته التي نجحت في إضفاء واقعية شديدة ومصداقية على أحداث لا تخلو من خيال درامي شديد الحبكة.
ويضيف محمود أنّ أحمد عز في هذا العمل نضج كثيراً، وقدّم دوراً مهماً، وربما يكون من أفضل أدواره وأصعبها، إذ سلك منهجاً تلقائياً يموج بتعبيرات قوية رسّخت من قوام الشخصية في وجدان المتلقي بكل ما تحمله من أحلام وانكسارات، كما أنّ أداءه كان مفعماً بمشاعر تنبض، تضعه في منطقة خاصة بين أبناء جيله، وقد تجلّى ذلك في أكثر من مشهد في مقدمتها مشهد المحكمة التي راوغ فيها الجميع وانحاز فيها إلى مبادئه على حساب القانون نفسه، أيضاً مشاهد معسكر الصحراء والعلاقة بينه وبين ابنه، كذلك مواجهته مع «حسين أو الشيخ حمزة» الذي يجسده منذر رياحنة، أو تلك التي تشهد صراعه مع «سمير العبد» ويجسده بجدارة فتحي عبد الوهاب.


مقالات ذات صلة

سامر البرقاوي لـ«الشرق الأوسط»: هاجسي فكريّ قبل أن يكون إنتاجياً

يوميات الشرق وحدها الثقة بمَن يعمل معهم تُخفّف الحِمْل (صور المخرج)

سامر البرقاوي لـ«الشرق الأوسط»: هاجسي فكريّ قبل أن يكون إنتاجياً

ينظر المخرج السوري سامر البرقاوي إلى ما قدَّم برضا، ولا يفسح المجال لغصّة من نوع «ماذا لو أنجرتُ بغير هذا الشكل في الماضي؟»... يطرح أسئلة المستقبل.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق تعبُ مصطفى المصطفى تجاه أن يكون الدور حقيقياً تسبَّب في نجاحه (صور الفنان)

مصطفى المصطفى: ننجح حين نؤدّي الدور لا وجهات نظرنا

اكتسبت الشخصية خصوصية حين وضعها النصّ في معترك صراع الديوك. بمهارة، حضن الديك ومنحه الدفء. صوَّره مخلوقاً له وجوده، ومنحه حيّزاً خاصاً ضمن المشهد.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق كاميرا السوري أحمد الحرك تألّقت في «تاج» وتحلم برونالدو

كاميرا السوري أحمد الحرك تألّقت في «تاج» وتحلم برونالدو

بين الوجوه ما يُنجِح الصورة من المحاولة الأولى، وبينها غير المهيّأ للتصوير. يتدخّل أحمد الحرك لالتقاط الإحساس الصحيح والملامح المطلوبة.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق الفنان المصري دياب حمل السلاح من أجل «مليحة» (الشرق الأوسط)

دياب: لن أجامل أحداً في اختيار أدواري

أكد الفنان المصري دياب أنه وافق على مسلسل «مليحة» ليكون بطولته الأولى في الدراما التلفزيونية من دون قراءة السيناريو، وذكر أنه تعلّم حمل السلاح من أجل الدور.

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق استلهمت الكثير من نجمي العمل بسام كوسا وتيم حسن (إنستغرام)

فايا يونان لـ«الشرق الأوسط»: الشهرة بمثابة عوارض جانبية لا تؤثر عليّ

تابعت فايا يونان دورها على الشاشة الصغيرة في مسلسل «تاج» طيلة شهر رمضان. فكانت تنتظر موعد عرضه كغيرها من مشاهديه.

فيفيان حداد (بيروت)

محمد رمضان يُسعد جمهوره... ونهاية حزينة لمسلسلي منى زكي وياسمين عبد العزيز

من كواليس مسلسل «جعفر العمدة» (أرشيفية)
من كواليس مسلسل «جعفر العمدة» (أرشيفية)
TT

محمد رمضان يُسعد جمهوره... ونهاية حزينة لمسلسلي منى زكي وياسمين عبد العزيز

من كواليس مسلسل «جعفر العمدة» (أرشيفية)
من كواليس مسلسل «جعفر العمدة» (أرشيفية)

تباينت نهايات الحلقات الأخيرة من مسلسلات شهر رمضان، التي تزامن عرْض بعضها مساء (الجمعة) مع أول أيام عيد الفطر في كثير من دول العالم، بين النهايات السعيدة والصادمة وأخرى دامية.
كما اتّسم أغلبها بالواقعية، والسعي لتحقيق العدالة في النهاية، ولاقى بعضها صدى واسعاً بين الجمهور، لا سيما في مسلسلات «جعفر العمدة»، و«تحت الوصاية»، و«عملة نادرة»، و«ضرب نار»، و«رسالة الإمام»، و«ستهم».
وشهدت الحلقة الأخيرة من مسلسل «جعفر العمدة» نهاية سعيدة، وفق محبّيه، انتهت بمواجهة ثأرية بين المَعلّم جعفر (محمد رمضان) وزوجته دلال (إيمان العاصي)، حيث طلب من نعيم (عصام السقا) إبلاغ الشرطة لإلقاء القبض عليها، بعدما تمكّن الأول من تسجيل فيديو لزوجته وشقيقيها وهي تقتل بلال شامة (مجدي بدر) واعترافاتها بكل ما قامت به.
وبعد ذلك توجّه جعفر مع ابنه سيف (أحمد داش) إلى بيته في السيدة زينب، حيث اقتصَّ من شقيقَي زوجته دلال، ثم أعلن توبته من الربا داخل المسجد ليبدأ صفحة جديدة من حياته، ولم تتبقَّ سوى زوجته ثريا (مي كساب) على ذمته.
وأشاد الجمهور بأداء الفنانة إيمان العاصي وإتقانها دور الشر، وتصدرت ترند «تويتر» عقب انتهاء الحلقة، ووجهت الشكر للمخرج محمد سامي والفنان محمد رمضان، وكتبت عبر «فيسبوك»: «مهما قلتُ وشكرت المخرج الاستثنائي بالنسبة لي، ونجم الشعب العربي الكبير الذي يحب زملاءه ويهمّه أن يكونوا في أحسن حالاتهم لن يكفي بوست واحد لذلك».
مشهد من مسلسل «ضرب نار» (أرشيفية)

وفي مسلسل «ضرب نار» شهدت الحلقة الأخيرة نهاية دامية بمقتل مُهرة (ياسمين عبد العزيز) أثناء احتفالها وجابر (أحمد العوضي) بزواجهما مرة أخرى، حيث أطلق نجل تاجر مخدرات رصاصة لقتل الأخير، لكن زوجته ضحّت بنفسها من أجله، وتلقت الرصاصة بدلاً منه، قبل القبض على جابر لتجارته في السلاح، ومن ثم تحويل أوراقه للمفتي.
من جهته، قال الناقد الفني المصري خالد محمود، إن نهاية «(جعفر العمدة) عملت على إرضاء الأطراف جميعاً، كما استوعب محمد رمضان الدرس من أعماله الماضية، حيث لم يتورط في القصاص بنفسه، بل ترك القانون يأخذ مجراه، وفكّ حصار الزوجات الأربع لتبقى واحدة فقط على ذمته بعد الجدل الذي فجّره في هذا الشأن».
وأضاف محمود في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن «نهاية مسلسل (ضرب نار) جاءت بمثابة صدمة للجمهور بمقتل مُهرة، لكن المسلسل حقق العدالة لأبطاله جميعاً؛ مُهرة لكتابة ابنها من جابر باسم زوجها الثاني وتضحيتها بحبها، وجابر لقتله كثيراً من الناس، كما اقتص من زيدان (ماجد المصري)».
بوستردعائي لمسلسل «تحت الوصاية» (أرشيفية)

بينما انحاز صناع مسلسل «تحت الوصاية» لنهاية واقعية، وإن بدت حزينة في الحلقة الأخيرة من المسلسل، حيث قام بحارة بإشعال النار في المركب بإيعاز من صالح (محمد دياب)، وفشلت محاولات حنان (منى زكي) والعاملين معها في إخماد الحريق، ثم تم الحكم عليها بالسجن سنة مع الشغل والنفاذ في قضية المركب.
وشهد مسلسل «عملة نادرة» ذهاب نادرة (نيللي كريم) إلى حماها عبد الجبار (جمال سليمان) في بيته للتوسل إليه أن يرفع الحصار عن أهل النجع فيوافق، وبينما يصطحبها إلى مكان بعيد حيث وعدها بدفنها بجوار شقيقها مصوّباً السلاح نحوها، سبقته بإطلاق النار عليه ليموت في الحال آخذة بثأر أخيها.
وانتقدت الناقدة الفنية المصرية صفاء الليثي نهاية مسلسل «عملة نادرة» بعد قيام البطلة (نادرة) بقتل عبد الجبار، ثم تقوم بزراعة الأرض مع ابنها وكأن شيئاً لم يحدث، وسط غياب تام للسلطة طوال أحداث المسلسل، «وكأن هذا النجع لا يخضع للشرطة، ومن الصعب أن أصدّق أن هذا موجود في مصر في الوقت الحالي».
مشهد من مسلسل «ستهم» (أرشيفية)

بينما حملت نهاية مسلسل «ستهم» من بطولة روجينا عديداً من المفاجآت، حيث قام الرئيس بتكريمها ضمن عدد من السيدات اللاتي تحدَّين الظروف ومارسن أعمالاً شاقة وسط الرجال، حيث أشرق وجهها فرحة بعد سنوات من المعاناة.
واختار المخرج السوري الليث حجو، نهاية ثوثيقية للمسلسل الديني «رسالة الإمام» عبر تتر الحلقة الأخيرة، الذي تتّبع كيف انتهت رحلة شخصيات المسلسل الذي تناول سنوات الإمام الشافعي في مصر، موثقاً هذه الحقبة المهمة في تاريخ مدينة الفسطاط، ومن بينها تنفيذ السيدة نفيسة وصيةَ الشافعي وقيامها بالصلاة عليه بعد وفاته، لتبقى في مصر حتى وفاتها عام 208 هجرية.