رمضان يجمع السوريين في إسطنبول

شاورما على الطريقة السورية في أحد مطاعم اسطنبول
شاورما على الطريقة السورية في أحد مطاعم اسطنبول
TT

رمضان يجمع السوريين في إسطنبول

شاورما على الطريقة السورية في أحد مطاعم اسطنبول
شاورما على الطريقة السورية في أحد مطاعم اسطنبول

قبل اندلاع الحرب في سوريا. كان يعمل محمد سلورة (32 سنة) مع والده الحاج أحمد وعائلته في سلسلة محال حلويات (سلورة) المشهورة في العاصمة السورية دمشق. وفي نهاية عام 2011، اضطر إلى ترك بلاده واللجوء إلى تركيا، وافتتح فرعاً للحلويات الشرقية بمنطقة الفاتح وسط مدينة إسطنبول، وينحدر محمد من عائلة دمشقية تخصصت منذ عام 1870 بصناعة الحلويات الشرقية.
يقول محمد إن المحل يقدم لزبائنه في شهر رمضان جميع أصناف الحلويات التي كانت موجودة في بلاده، وأضاف: «من أكثر الأصناف التي عليها طلب بالشهر الكريم: الكنافة، والمدلوقة وأم النارين وحلاوة بالجبن، حيث إن كل أنواع الحلو التي تدخل القشطة إليها كمكون رئيسي تكون مفضلة بهذه الأيام».
وافتتحت عائلة سلورة سلسلة من متاجر متخصصة بصناعة الحلويات الشرقية في السعودية والإمارات العربية ومصر إضافة إلى تركيا، ومن أشهر الأطباق التي توضع على المائدة السورية بعد الإفطار أينما وجدت، يضيف محمد: «هي المخشوشة، أو البقلاوة بالقشطة، لكونها مصنوعة من السمن العربي الأصيل، ومذاقها طيب وتكون مفضلة للصائم بعد وجبة الإفطار»، ويشرح أنه وعلى الرغم من تشابه العادات الرمضانية بين سوريا وتركيا، لكن يفضل أن يقضي الصيام بسوريا ويرجع السبب إلى أنه «تبقى طقوسنا مختلفة كالفطور والسحور والأجواء العامة لهذه المناسبة، حيث تكثر لقاءات الأهل».
وأكد محمد أن ثلث زبائنه من الأتراك، ولفت قائلاً: «قمنا بصناعة صنفين من الحلويات قريبة من الحلو التركي، وهي الأصابع والبقلاوة على الطريقة التركية».
فعندما تسير في شوارع مدينة إسطنبول الرئيسية أو أحد أحيائها الفرعية، كثيراً ما يصادفك مطاعم ومقاهي أو محلات أصحابها سوريون افتتحوا فروعاً حملت أسماء تجارية كانت معروفة في بلدهم، تعرفها من واجهتها المكتوبة باللغة العربية إلى جانب التركية، تستقبل زبائنها بالزينة ومختلف أصناف الحلويات والأطعمة الشرقية، كما تجذبك رائحة الطعام لتدلك على أن هناك طبقاً حلبياً أو شامياً ينتظرك.
بينما تعيدك أصوات الباعة وقائمة المأكولات المعروضة بواجهة المطاعم في شوارع إسطنبول، إلى أيام رمضان في المدن السورية. حمدو (28 سنة) المتحدر من مدينة حلب شمال سوريا، فر من مسقط رأسه صيف عام 2012 بعدما سيطرت فصائل من المعارضة السورية المسلحة على الأحياء الشرقية من مدينة حلب (شمال البلاد)، ولجأ إلى تركيا ويقيم في إسطنبول.
يمتلك بسطة صغيرة في شارع جامع محمد الفاتح الرئيسي، يبيع عصائر ومشاريب شهر رمضان، ويقول الشاب الثلاثيني: «أبيع تمر هندي، وعرق سوس وجلاب وكل أنواع العصائر. هذه المشروبات يكثر عليها الطلب بالشهر الفضيل، تعد صنفا رئيسيا يوضع على مائدة الطعام، حتى الأتراك أصبحوا يشترونها بعدما ذاقوا طعمها الطيب ويفضلون شربها مع الإفطار».
يمضي حمدو بتدوير العرق سوس الموضوع في إناء كبير حتى يتحرك بشكل جيد. وقال إن العادات والتقاليد في شهر رمضان بمدينته حلب: «تتميز بطقوس خاصة. أول كم يوم كنا نفطر بالبيت، بعدها نلبي الدعوات عند الإخوة أولاً والأهل ثم الأصدقاء والجيران. نعم كل يوم عكا في زيمة. كل شيء كان مختلفا»، يتابع حديثه ويشرح كيف كانت السهرات تبقى عامرة حتى وقت السحور، وتجتمع جميع أفراد العائلة في منزل أحدهم، مضيفاً: «أكثر شيء نفتقده على سفرة رمضان لمة العائلة. حقيقة الغربة صعبة».
وبحسب إحصاءات مديرية الهجرة التابعة لوزارة الداخلية التركية، يعيش في إسطنبول نحو 537 ألفا و829 لاجئا سوريا. وتعد المدينة الأكبر في تركيا باستقطاب السوريين، فالبعض من ميسوري الحال افتتح محلّات وشركات تجاريّة، فيما فضّل بعضهم الآخر مجال المطاعم والأفران السورية الصغيرة التي باتت تنتشر بكثرة، مترافقة مع روائح حلوياتها الطيبة، وزحمة زبائنها، ومن إيجابيّاتها أنّ الجميع يتحدّث باللغة العربيّة، مما سهّل أمر التواصل مع باقي العرب والأجانب الذين يتحدثون العربية.
فيما انتشر كثير من المطاعم ومتاجر الحلويات بشارع يوسف باشا، حملت أسماء كانت ولا تزال معروفة عند السوريين، كمطعم طربوش وعصائر أبو شاكر، ومطعم صحتين، وحلويات مهروسة، ومطعم «ساروجة» هو واحد من المطاعم السورية الكثيرة المنتشرة في إسطنبول، يقع في شارع أمنيات الفاتح، يقدم في شهر رمضان أصنافاً من المطبخ الشامي بالإضافة إلى المشاريب والحلويات العربية.
يدير محمد (37 سنة) المتحدر من دمشق المطعم، ونقل أن مالكه اختار اسم حي ساروجة المعروف في الشام القديمة حتى تصبح مكاناً دمشقياً بامتياز، ويقول: «نتميز بتقديم أطيب الوجبات من حيث الجودة وتعدد الأصناف وطريقة الطهو»، وعن الوجبات المفضلة في شهر رمضان، يضيف قائلاً: «أكثر الأطعمة عليها طلب تكون الأكلات باللبن، شاكرية وكبة لبنية وكوسا باللبن، يومياً نقدم أربعة أصناف رئيسية على مائدة الإفطار، ومعظم الزبائن سوريون أو عرب، وأتراك أيضا، فمنذ بداية شهر رمضان لا يمر يوم إلا وتكون هناك 3 أو 4 طاولات يجلس عليها أتراك».
وقامت إيمان (22 سنة) التي تدرس علم النفس في جامعة خاصة بإسطنبول، بدعوة صديقتين أتراك لها في الدراسة، لتناول وجبة الإفطار في مطعم ساروجة. اختارت لهنّ وجبة رز مع شاكرية باللبن، وسلطة فتوش مع فول بالزيت والحمص وقالت: «عندما طرحت الفكرة عليهنّ وافقن من دون تردد لتناول الطعام الشامي»، أما صديقتها ايبرو فقالت مبتسمة: «مذاق الطعام لذيذ للغاية، فالفرق بين المطبخ السوري والتركي يكمن في البهارات، السوريون يتفننون بالطهي بوضع البهارات».


مقالات ذات صلة

سامر البرقاوي لـ«الشرق الأوسط»: هاجسي فكريّ قبل أن يكون إنتاجياً

يوميات الشرق وحدها الثقة بمَن يعمل معهم تُخفّف الحِمْل (صور المخرج)

سامر البرقاوي لـ«الشرق الأوسط»: هاجسي فكريّ قبل أن يكون إنتاجياً

ينظر المخرج السوري سامر البرقاوي إلى ما قدَّم برضا، ولا يفسح المجال لغصّة من نوع «ماذا لو أنجرتُ بغير هذا الشكل في الماضي؟»... يطرح أسئلة المستقبل.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق تعبُ مصطفى المصطفى تجاه أن يكون الدور حقيقياً تسبَّب في نجاحه (صور الفنان)

مصطفى المصطفى: ننجح حين نؤدّي الدور لا وجهات نظرنا

اكتسبت الشخصية خصوصية حين وضعها النصّ في معترك صراع الديوك. بمهارة، حضن الديك ومنحه الدفء. صوَّره مخلوقاً له وجوده، ومنحه حيّزاً خاصاً ضمن المشهد.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق كاميرا السوري أحمد الحرك تألّقت في «تاج» وتحلم برونالدو

كاميرا السوري أحمد الحرك تألّقت في «تاج» وتحلم برونالدو

بين الوجوه ما يُنجِح الصورة من المحاولة الأولى، وبينها غير المهيّأ للتصوير. يتدخّل أحمد الحرك لالتقاط الإحساس الصحيح والملامح المطلوبة.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق الفنان المصري دياب حمل السلاح من أجل «مليحة» (الشرق الأوسط)

دياب: لن أجامل أحداً في اختيار أدواري

أكد الفنان المصري دياب أنه وافق على مسلسل «مليحة» ليكون بطولته الأولى في الدراما التلفزيونية من دون قراءة السيناريو، وذكر أنه تعلّم حمل السلاح من أجل الدور.

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق استلهمت الكثير من نجمي العمل بسام كوسا وتيم حسن (إنستغرام)

فايا يونان لـ«الشرق الأوسط»: الشهرة بمثابة عوارض جانبية لا تؤثر عليّ

تابعت فايا يونان دورها على الشاشة الصغيرة في مسلسل «تاج» طيلة شهر رمضان. فكانت تنتظر موعد عرضه كغيرها من مشاهديه.

فيفيان حداد (بيروت)

محمد رمضان يُسعد جمهوره... ونهاية حزينة لمسلسلي منى زكي وياسمين عبد العزيز

من كواليس مسلسل «جعفر العمدة» (أرشيفية)
من كواليس مسلسل «جعفر العمدة» (أرشيفية)
TT

محمد رمضان يُسعد جمهوره... ونهاية حزينة لمسلسلي منى زكي وياسمين عبد العزيز

من كواليس مسلسل «جعفر العمدة» (أرشيفية)
من كواليس مسلسل «جعفر العمدة» (أرشيفية)

تباينت نهايات الحلقات الأخيرة من مسلسلات شهر رمضان، التي تزامن عرْض بعضها مساء (الجمعة) مع أول أيام عيد الفطر في كثير من دول العالم، بين النهايات السعيدة والصادمة وأخرى دامية.
كما اتّسم أغلبها بالواقعية، والسعي لتحقيق العدالة في النهاية، ولاقى بعضها صدى واسعاً بين الجمهور، لا سيما في مسلسلات «جعفر العمدة»، و«تحت الوصاية»، و«عملة نادرة»، و«ضرب نار»، و«رسالة الإمام»، و«ستهم».
وشهدت الحلقة الأخيرة من مسلسل «جعفر العمدة» نهاية سعيدة، وفق محبّيه، انتهت بمواجهة ثأرية بين المَعلّم جعفر (محمد رمضان) وزوجته دلال (إيمان العاصي)، حيث طلب من نعيم (عصام السقا) إبلاغ الشرطة لإلقاء القبض عليها، بعدما تمكّن الأول من تسجيل فيديو لزوجته وشقيقيها وهي تقتل بلال شامة (مجدي بدر) واعترافاتها بكل ما قامت به.
وبعد ذلك توجّه جعفر مع ابنه سيف (أحمد داش) إلى بيته في السيدة زينب، حيث اقتصَّ من شقيقَي زوجته دلال، ثم أعلن توبته من الربا داخل المسجد ليبدأ صفحة جديدة من حياته، ولم تتبقَّ سوى زوجته ثريا (مي كساب) على ذمته.
وأشاد الجمهور بأداء الفنانة إيمان العاصي وإتقانها دور الشر، وتصدرت ترند «تويتر» عقب انتهاء الحلقة، ووجهت الشكر للمخرج محمد سامي والفنان محمد رمضان، وكتبت عبر «فيسبوك»: «مهما قلتُ وشكرت المخرج الاستثنائي بالنسبة لي، ونجم الشعب العربي الكبير الذي يحب زملاءه ويهمّه أن يكونوا في أحسن حالاتهم لن يكفي بوست واحد لذلك».
مشهد من مسلسل «ضرب نار» (أرشيفية)

وفي مسلسل «ضرب نار» شهدت الحلقة الأخيرة نهاية دامية بمقتل مُهرة (ياسمين عبد العزيز) أثناء احتفالها وجابر (أحمد العوضي) بزواجهما مرة أخرى، حيث أطلق نجل تاجر مخدرات رصاصة لقتل الأخير، لكن زوجته ضحّت بنفسها من أجله، وتلقت الرصاصة بدلاً منه، قبل القبض على جابر لتجارته في السلاح، ومن ثم تحويل أوراقه للمفتي.
من جهته، قال الناقد الفني المصري خالد محمود، إن نهاية «(جعفر العمدة) عملت على إرضاء الأطراف جميعاً، كما استوعب محمد رمضان الدرس من أعماله الماضية، حيث لم يتورط في القصاص بنفسه، بل ترك القانون يأخذ مجراه، وفكّ حصار الزوجات الأربع لتبقى واحدة فقط على ذمته بعد الجدل الذي فجّره في هذا الشأن».
وأضاف محمود في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن «نهاية مسلسل (ضرب نار) جاءت بمثابة صدمة للجمهور بمقتل مُهرة، لكن المسلسل حقق العدالة لأبطاله جميعاً؛ مُهرة لكتابة ابنها من جابر باسم زوجها الثاني وتضحيتها بحبها، وجابر لقتله كثيراً من الناس، كما اقتص من زيدان (ماجد المصري)».
بوستردعائي لمسلسل «تحت الوصاية» (أرشيفية)

بينما انحاز صناع مسلسل «تحت الوصاية» لنهاية واقعية، وإن بدت حزينة في الحلقة الأخيرة من المسلسل، حيث قام بحارة بإشعال النار في المركب بإيعاز من صالح (محمد دياب)، وفشلت محاولات حنان (منى زكي) والعاملين معها في إخماد الحريق، ثم تم الحكم عليها بالسجن سنة مع الشغل والنفاذ في قضية المركب.
وشهد مسلسل «عملة نادرة» ذهاب نادرة (نيللي كريم) إلى حماها عبد الجبار (جمال سليمان) في بيته للتوسل إليه أن يرفع الحصار عن أهل النجع فيوافق، وبينما يصطحبها إلى مكان بعيد حيث وعدها بدفنها بجوار شقيقها مصوّباً السلاح نحوها، سبقته بإطلاق النار عليه ليموت في الحال آخذة بثأر أخيها.
وانتقدت الناقدة الفنية المصرية صفاء الليثي نهاية مسلسل «عملة نادرة» بعد قيام البطلة (نادرة) بقتل عبد الجبار، ثم تقوم بزراعة الأرض مع ابنها وكأن شيئاً لم يحدث، وسط غياب تام للسلطة طوال أحداث المسلسل، «وكأن هذا النجع لا يخضع للشرطة، ومن الصعب أن أصدّق أن هذا موجود في مصر في الوقت الحالي».
مشهد من مسلسل «ستهم» (أرشيفية)

بينما حملت نهاية مسلسل «ستهم» من بطولة روجينا عديداً من المفاجآت، حيث قام الرئيس بتكريمها ضمن عدد من السيدات اللاتي تحدَّين الظروف ومارسن أعمالاً شاقة وسط الرجال، حيث أشرق وجهها فرحة بعد سنوات من المعاناة.
واختار المخرج السوري الليث حجو، نهاية ثوثيقية للمسلسل الديني «رسالة الإمام» عبر تتر الحلقة الأخيرة، الذي تتّبع كيف انتهت رحلة شخصيات المسلسل الذي تناول سنوات الإمام الشافعي في مصر، موثقاً هذه الحقبة المهمة في تاريخ مدينة الفسطاط، ومن بينها تنفيذ السيدة نفيسة وصيةَ الشافعي وقيامها بالصلاة عليه بعد وفاته، لتبقى في مصر حتى وفاتها عام 208 هجرية.