الجدل حول فيلم «قضية 23» ينتقل إلى مصر

اتهامات بـ«التطبيع» تلاحق دار السينما التي تعرضه

مشهد من الفيلم اللبناني «القضية 23» (أ.ب)
مشهد من الفيلم اللبناني «القضية 23» (أ.ب)
TT

الجدل حول فيلم «قضية 23» ينتقل إلى مصر

مشهد من الفيلم اللبناني «القضية 23» (أ.ب)
مشهد من الفيلم اللبناني «القضية 23» (أ.ب)

اصطحب الفيلم اللبناني «القضية 23» لمخرجه زياد دويري ضجته إلى مصر، بعد أن بدأ عرضه الأول بالبلاد في 31 يناير (كانون الثاني) الماضي، في سينما «زاوية» بالقاهرة، وسط دعوات بمقاطعة الفيلم، وتوجيه اتهامات لدار العرض بالتطبيع مع إسرائيل.
وشهد الأسبوع الأول لعرض الفيلم جدلاً بين رافضين لعرضه وداعين لمقاطعة السينما من جهة، وبين مؤيدين للعرض ورافضين أن تتم «الرقابة» على المشاهد للسينما في مصر من جهة أخرى.
الجدل بدأ من صفحة سينما «زاوية»، وهي مبادرة من شركة أفلام مصر العالمية (يوسف شاهين) لإحياء سينما «أوديون» العتيقة بوسط القاهرة، وتستقبل الزوار بمختارات سينمائية تجريبية والسينما البديلة، وكذلك بأسعار منخفضة أقل من دور العرض المصرية الأخرى؛ إذ يتراوح سعر التذكرة حوالى 35 جنيهاً مصرياً (نحو دولارين).
وعلى الرغم من إعلان «زاوية» قرب عرض «القضية 23» قبله بقرابة الشهر عبر موقعها الرسمي، إلا أن الجدل تصاعد مع العرض الرسمي بمصر، الذي تزامن مع دخول الفيلم اللبناني إلى الأفلام المرشحة لفئة أفضل فيلم أجنبي بجائزة الأوسكار في نهاية يناير(كانون الثاني) الماضي، ويعد الفيلم العربي الوحيد المشارك في الجائزة الأميركية الشهيرة.

* حملات للمقاطعة
وتحت هاشتاغ #قاطعوا_زاوية، أو #قاطعوا_القضية23، ارتسمت ردود الفعل من مشاهدين حول العمل، بدأته حركة مقاطعة إسرائيل (BDS)، وهي حركة مصرية تم تدشينها في أبريل (نيسان) 2015، بنشرها بياناً بعنوان «المقاطعة سلاحنا في مواجهة التطبيع»، وقالت: إنها دخلت في مفاوضات مع سينما «زاوية» لوقف عرض الفيلم، خصوصاً في ظل إعلان السينما المستمر التزامها بالمقاطعة وبمعايير الحركة، لكن المفاوضات فشلت بأول عرض للعمل.
وقالت الحركة في بيان: «نؤكد أننا ضد عرض أي منتج ثقافي لمخرج عربي خالف معايير المقاطعة الثقافية خلال تصويره فيلمه السابق (الصدمة)، ممارساً (حرية التطبيع)، لا حرية التعبير، ولا يزال يروّج للتطبيع»، حسب قولها.
وأعلنت الحركة اليوم (الأحد) أنها تعمل على إعداد ورش النقاش حول موضوع مناهضة التطبيع الثقافي، ونشرت صورة لأبرز الفنانين المصريين المؤيدين للحملة، كما دعت إلى وقف عرض الفيلم في القاهرة، داعية إلى مقاطعة أفلام زياد دويري.
ويدور الفيلم المثير للجدل داخل بيروت، ويُعرف أيضاً باسم «الإهانة»، حيث يتعرض مواطن مسيحي لبناني لإهانة من لاجئ فلسطيني، وتصل تلك الإهانة إلى قضية المحكمة، وتؤدي القضية لجروح وصدامات بين الجانبين.
وعلى الرغم من أن ذلك هو العرض الرسمي الأول للعمل داخل مصر، فإنه تم عرضه على نطاق محدود في مهرجان الجونة السينمائي في سبتمبر (أيلول) الماضي، وسط حالة من الجدل آنذاك أيضاً، وقد فاز بطل الفيلم الفلسطيني كامل الباشا بجائزة أفضل ممثل بالمهرجان في مصر.

* آراء متباينة
وانتقل الجدل إلى المتابعين المصريين، فعلى سبيل المثال انتقد الناشط المصري هيثم محمدين، في تعليقه على صفحة سينما «زاوية» على «فيسبوك»، إشراك المخرج زياد دويري طاقماً إسرائيلياً فنياً في فيلمه «الصدمة»، واعتبر أن استمرار دويري في ترويج «مزاعمه» في أفلامه بأن إسرائيل ليست عدواً، وعدم التراجع أو الاعتذار، سبب كافٍ لمقاطعة الفيلم.
أما الصحافي المصري أشرف راضي، فقد دافع عن العمل في تغريدات عبر «تويتر» قائلاً: «قد تكون أسباب منع عرض الفيلم مفهومة في لبنان، وإن كانت غير مقبولة أو مبررة... ما لا أفهمه هي الدعوة لحظر عرضه في مصر من بعض الدوائر والتي زادت الإقبال عليه، وهو بحق فيلم يستحق عشرات الجوائز ليس لقيمته الفنية فقط وإنما لرسالته الإنسانية»، حسب قوله.

* عرض مجاني
وبدورها، أصدرت سينما «زاوية» بياناً عقب ذلك الهجوم عليها، وقد أعلنت فيه أنها تدعم حركة مقاطعة إسرائيل، وأن عرض فيلم «القضية رقم 23» لا يتعارض مع هذا الموقف، وقالت: إن المخرج زياد دويري لم يتلق أي تمويل إسرائيلي ولا يمثلها، ولا أياً من المؤسسات المتواطئة الداعمة لها.
وأوضحت السينما، أن حركة مقاطعة إسرائيل ليست معنية بأذواق الأفراد في مشاهدة السينما، وأنها لا يجب أن تعوق النقاش حول الفيلم عقب رؤيته، كما انتقدت السينما استهداف الأفراد، عقب الهجوم على المسؤولين بالسينما.
وعقب سيل من الهجوم على السينما من جانب معلقين، أعلنت «زاوية» أنها سوف تنسق لعرض الفيلم مجاناً، لمن يريد حضور النقاش دون دعم الفيلم مادياً من خلال شراء تذكرة، في حين تجادل آخرون هل يرون العمل ويحكمون بأنفسهم، في مواجهة رافضين تماماً دعم الفيلم بمشاهدته وإن كانت مجانية.

* دعوات مقاطعة سابقة
وقد لاقى الفيلم دعوات بالمقاطعة من قبل لدى عرضه في مهرجان أيام سينمائية في رام الله بفلسطين في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وأثار آنذاك حالة من الاستهجان بسبب عرضه.
وفي نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، نظمت مجموعة من الأحزاب والمنظمات التونسية وقفة احتجاجية أمام قاعات السينما وسط العاصمة التونسية للمطالبة بمنع بث الفيلم في مهرجان أيام قرطاج السينمائية، بالاتهامات نفسها بحق مخرجه.
وعقب منع فيلم «الصدمة» في لبنان، واجه فيلم «القضية 23» هجوماً حاداً في لبنان في الأيام الأخيرة، واتهم بالتطبيع مع إسرائيل.
فيلم «القضية رقم 23» بطولة كل من كامل الباشا، وعادل كرم، ودياموند بوعبود، وريتا حايك، وطلال جوردي، وجوليا قصار، وكريستين شويري، وهو من تأليف جويل توما بالاشتراك مع مخرجه زياد دويري.


مقالات ذات صلة

عُدي رشيد لـ«الشرق الأوسط»: لم أقرأ نصاً لغيري يستفزني مخرجاً

يوميات الشرق المخرج عدي رشيد مع بطل فيلمه عزام أحمد علي (الشرق الأوسط)

عُدي رشيد لـ«الشرق الأوسط»: لم أقرأ نصاً لغيري يستفزني مخرجاً

قال المخرج العراقي عُدي رشيد المتوج فيلمه «أناشيد آدم» بجائزة «اليسر» لأفضل سيناريو من مهرجان «البحر الأحمر» إن الأفلام تعكس كثيراً من ذواتنا.

انتصار دردير (جدة)
يوميات الشرق مريم شريف في لقطة من فيلم «سنو وايت» (الشركة المنتجة)

بطلة «سنو وايت»: الفيلم يُنصف قِصار القامة ويواجه التنمر

رغم وقوفها أمام عدسات السينما ممثلة للمرة الأولى؛ فإن المصرية مريم شريف تفوّقت على ممثلات محترفات شاركن في مسابقة الأفلام الطويلة بـ«مهرجان البحر الأحمر».

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق وجوه من فيلم «السادسة صباحاً» (غيتي)

من طهران إلى كابل... حكايات نساء يتحدّيْن الظلم في «البحر الأحمر»

«السادسة صباحاً» و«أغنية سيما» أكثر من مجرّد فيلمين تنافسيَّيْن؛ هما دعوة إلى التأمُّل في الكفاح المستمرّ للنساء من أجل الحرّية والمساواة.

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق جوني ديب لفت الأنظار بحضوره في المهرجان (تصوير: بشير صالح)

اختتام «البحر الأحمر السينمائي» بحفل استثنائي

بحفل استثنائي في قلب جدة التاريخية ، اختم مهرجان «البحر الأحمر السينمائي الدولي» فعاليات دورته الرابعة، حيث أُعلن عن الفائزين بجوائز «اليُسر». وشهد الحفل تكريمَ

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق ياسمين عبد العزيز في كواليس أحدث أفلامها «زوجة رجل مش مهم» (إنستغرام)

«زوجة رجل مش مهم» يُعيد ياسمين عبد العزيز إلى السينما

تعود الفنانة المصرية ياسمين عبد العزيز للسينما بعد غياب 6 سنوات عبر الفيلم الكوميدي «زوجة رجل مش مهم».

داليا ماهر (القاهرة )

رحيل عبد الله النعيم... المعلم والمهندس قبل أن يحمل الابتدائية

الراحل عبد الله العلي النعيم
الراحل عبد الله العلي النعيم
TT

رحيل عبد الله النعيم... المعلم والمهندس قبل أن يحمل الابتدائية

الراحل عبد الله العلي النعيم
الراحل عبد الله العلي النعيم

محطات كثيرة ولافتة وعجيبة شكلت حياة عبد الله العلي النعيم، الذي رحل، الأحد، بعد رحلة طويلة في هذه الحياة تجاوزت تسعة عقود، كان أبرزها توليه منصب أمين مدينة الرياض في بدايات سنوات الطفرة وحركة الإعمار التي شهدتها معظم المناطق السعودية، وسبقتها أعمال ومناصب أخرى لا تعتمد على الشهادات التي يحملها، بل تعتمد على قدرات ومهنية خاصة تؤهله لإدارة وإنجاز المهام الموكلة إليه.

ولد الراحل النعيم في مدينة عنيزة بمنطقة القصيم وسط السعودية عام 1930، والتحق بالكتاتيب وحلقات التعلم في المساجد قبل إقرار المدارس النظامية، وأظهر نبوغاً مبكراً في صغره، حيث تتداول قصة عن تفوقه، عندما أجرى معلمه العالم عبد الرحمن السعدي في مدرسته بأحد مساجد عنيزة مسابقة لحفظ نص لغوي أو فقهي، وخصص المعلم جائزة بمبلغ 100 ريال لمن يستطيع ذلك، وتمكن النعيم من بين الطلاب من فعل ذلك وحصل على المبلغ، وهو رقم كبير في وقته يعادل أجر عامل لمدة أشهر.

محطات كثيرة ولافتة وعجيبة شكلت حياة عبد الله العلي النعيم

توجه الشاب النعيم إلى مكة بوصفها محطة أولى بعد خروجه من عنيزة طلباً للرزق وتحسين الحال، لكنه لم يجد عملاً، فآثر الذهاب إلى المنطقة الشرقية من بلاده حيث تتواجد شركة «أرامكو» ومشاريعها الكبرى، وتوفّر فرص العمل برواتب مجزية، لكنه لم يذهب للشركة العملاقة مباشرة، والتمس عملاً في إحدى محطات الوقود، إلى أن وجد عملاً في مشروع خط التابلاين التابع لشركة «أرامكو» بمرتب مجز، وظل يعمل لمدة ثلاث سنوات ليعود إلى مسقط رأسه عنيزة ويعمل معلماً في إحدى مدارسها، ثم مراقباً في المعهد العلمي بها، وينتقل إلى جدة ليعمل وكيلاً للثانوية النموذجية فيها، وبعدها صدر قرار بتعيينه مديراً لمعهد المعلمين بالرياض، ثم مديراً للتعليم بنجد، وحدث كل ذلك وهو لا يحمل أي شهادة حتى الابتدائية، لكن ذلك اعتمد على قدراته ومهاراته الإدارية وثقافته العامة وقراءاته وكتاباته الصحافية.

الراحل عبد الله العلي النعيم عمل مديراً لمعهد المعلمين في الرياض

بعد هذه المحطات درس النعيم في المعهد العلمي السعودي، ثم في جامعة الملك سعود، وتخرج فيها، وتم تعيينه أميناً عاماً مساعداً بها، حيث أراد مواصلة دراسته في الخارج، لكن انتظرته مهام في الداخل.

وتعد محطته العملية في شركة الغاز والتصنيع الأهلية، المسؤولة عن تأمين الغاز للسكان في بلاده، إحدى محطات الراحل عبد الله العلي النعيم، بعد أن صدر قرار من مجلس الوزراء بإسناد مهمة إدارة الشركة إليه عام 1947، إبان أزمة الغاز الشهيرة؛ نظراً لضعف أداء الشركة، وتمكن الراحل من إجراء حلول عاجلة لحل هذه الأزمة، بمخاطبة وزارة الدفاع لتخصيص سيارة الجيش لشحن أسطوانات الغاز من مصدرها في المنطقة الشرقية، إلى فروع الشركة في مختلف أنحاء السعودية، وإيصالها للمستهلكين، إلى أن تم إجراء تنظيمات على بنية الشركة وأعمالها.

شركة الغاز والتصنيع الأهلية تعد إحدى محطات الراحل عبد الله العلي النعيم

تولى النعيم في بدايات سنوات الطفرة أمانة مدينة الرياض، وأقر مشاريع في هذا الخصوص، منها إنشاء 10 بلديات في أحياء متفرقة من الرياض، لتسهيل حصول الناس على تراخيص البناء والمحلات التجارية والخدمات البلدية. ويحسب للراحل إقراره المكتب التنسيقي المتعلق بمشروعات الكهرباء والمياه والهاتف لخدمة المنازل والمنشآت وإيصالها إليها، كما طرح أفكاراً لإنشاء طرق سريعة في أطراف وداخل العاصمة، تولت تنفيذها وزارة المواصلات آنذاك (النقل حالياً)، كما شارك في طرح مراكز اجتماعية في العاصمة، كان أبرزها مركز الملك سلمان الاجتماعي.

تولى النعيم في بدايات سنوات الطفرة أمانة مدينة الرياض