تحولت الوجوه التعبيرية (إيموجي) إلى بديل في كثير من الأحيان للتعبير عن المشاعر، فهي لغة يعتمدها مستخدمو الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي بكثافة، ولكن هل يغني الوجه الأصفر الضاحك عن الكلمات؟
يستكشف تقرير لوكالة الأنباء الألمانية تأثير استخدام لغة «الإيموجي» عبر شخص مطور هذه اللغة التعبيرية. وبالنسبة لرجل يؤثر على شكل مليارات الرسائل على شتى وسائل التواصل الاجتماعي مثل «فيسبوك» و«واتساب» وغيرهما، يعتبر مارك ديفيس غير معروف نسبيا.
غير أن مهندس البرمجيات هذا يمكن أن يطلق عليه لقب سيد الوجوه والرسوم التعبيرية التي تعرف باسم «سمايلي» و«إيموجي».
ويقرر ديفيس وفريقه في منظمة «يونيكود» أشكال تعبيرات الوجه الجديدة، وكذلك الرسوم والرموز التي سوف تظهر داخل الرسائل في مختلف أنحاء العالم خلال العام المقبل. وفي مكتبه بمدينة زيوريخ السويسرية، أزاح خبير البرمجيات الأميركي ذو اللحية البيضاء النقاب مؤخرا عن قائمة الرموز الجديدة الجاري إعدادها، لتصبح في مارس (آذار) المقبل جزءا من تشكيلة الوجوه والرسوم التعبيرية القياسية في العالم.
ومن بين الرسوم المرشحة للانضمام إلى القائمة صور لكنغر وبعوضة ووجه ضاحك يتصبب عرقا ولفة ورق تواليت.
وهناك أيضا بعض الإضافات ذات الطابع الثقافي مثل «النازار»، وهي أيقونة تركية زرقاء اللون على شكل عين، ويعتقد أنها تحمي من الحسد، وكذلك «الظرف الأحمر» الذي يستخدم للإشارة إلى الهدايا النقدية في العديد من الدول الآسيوية.
وشارك ديفيس في تأسيس منظمة «يونيكود» التي يتولى رئاستها، وهي منظمة غير ربحية ترسي القواعد التي نتواصل بها في العالم الرقمي. وتعتبر الوجوه التعبيرية جزءا صغيرا من نشاط «يونيكود». وتقوم المنظمة بتخصيص الرموز الرقمية للحروف والعلامات في كل لغة، بحيث تظهر بشكل صحيح على الشاشات الرقمية في مختلف أنحاء العالم.
وبالنسبة لديفيس، فإن رئاسة منظمة «يونيكود» هي منصب تطوعي، أما مصدر دخله الحقيقي فيأتي من عمله في فرع شركة «غوغل» الأميركية العملاقة لخدمات الإنترنت في سويسرا.
وظهرت الرسوم التعبيرية للمرة الأولى في اليابان عام 1999، وسرعان ما أصبحت جزءا مهما من وسائل التواصل في العالم الرقمي.
وتتكون كلمة «إيموجي» في اللغة اليابانية من جزأين الأول هو «إي» ويعني الصورة، والثاني هو «موجي» ويقصد به الشخصية.
وعندما أرادت شركة «غوغل» إدخال خدمة بريدها الإلكتروني إلى اليابان في عام 2006، سرعان ما اتضح لها أن ذلك لن يكون ممكنا من دون إضافة الرسوم التعبيرية إلى الخدمة. وبدأت «يونيكود» إدخال هذه الرموز ضمن معاييرها القياسية اعتبارا من عام 2010.
ويقول ديفيس: «لقد كنا نظن في البداية أنها ستكون موضة عابرة». غير أن الهواتف الذكية ومنصات التواصل الاجتماعي ساعدت في الترويج لفكرة اختصار الرسالة عن طريق استخدام صور صغيرة بدلا من توصيل المعنى بكلمات كثيرة. فالشخص الذي يريد أن يبعث بتهنئة بمناسبة عيد الميلاد يمكنه ببساطة أن يختار صورة كعكة عيد ميلاد، بينما يستطيع الشخص الذي تلقى الرسالة أن يرد بصورة يدين منطوتين في تعبير عن الشكر. وهناك قواعد واضحة لاختيار أشكال الرسوم التعبيرية التي يتم طرحها كل عام.
ويتعين أن تستند أي إضافات على قائمة «يونيكود» للرسوم التعبيرية إلى كلمات تظهر كثيرا في محركات البحث على الإنترنت أو على منصات عرض مقاطع الفيديو، كما يتعين ألا تكون الأشكال الجديدة قريبة الشبه بالرسوم المستخدمة بالفعل.
واقترح ماريوس سبيكس، وهو مطور برمجيات ألماني من مدينة كولونيا، شكلين تعبيريين جديدين، وهما حقيبة سفر وقطعة من البيتزا. ويقول سبيكس (24 عاما) إن «قطعة البيتزا لها عدة معان بالنسبة لي... فهي من ناحية ترمز للوحدة، حيث إنها جزء من كل، ومن ناحية أخرى، فهي تعبر عن الشيء المركب أو المخادع». وأضاف: «في الرسالة النصية، يكون من الصعب أن تستشف مشاعر الطرف الآخر، ولهذا فإن الرسوم التعبيرية تسمح لنا بالتعبير عن مشاعرنا بالكتابة». ويعرف سبيكس هذه الفكرة التي يتحدث عنها جيدا، حيث إنه مصاب بمتلازمة «أسبرجر»، وهي نوع من الاضطراب النفسي على شكل درجة مخففة من مرض التوحد.
ويقول سبيكس: «كثيرا ما يكون من الصعب للمصاب بمتلازمة أسبرجر أن يفهم السخرية، وبالتالي فإن وجود رسم وجه له عين تغمز هو أمر له قيمة كبيرة بالنسبة لي»، مضيفا: «أحيانا يقول الشكل التعبيري أكثر مما تقوله ألف كلمة... مثل فنجان قهوة على سبيل المثال».
ويعتبر ديفيس مستخدما نهما للرسوم التعبيرية، ويقول إن «الوجه صاحب الحواجب المرتفعة هو رائع بصفة خاصة» في إشارة إلى صورة وجه يعبر عن التشكك. وهناك الآن أكثر من 2300 رسم تعبيري يتم استخدامها بما في ذلك صورة لكتلة فضلات بنية اللون مبتسمة للتعبير عن الحظ في الثقافة اليابانية. ويعرض الموقع الإلكتروني emojitracker.com الرسوم التعبيرية الأكثر استخداما في أي وقت من الأوقات. وبحسب تصنيف الموقع، فقد يبدو العالم كما لو كان مكانا سعيدا، حيث يأتي الوجه الذي يبكي من شدة الضحك على رأس قائمة الرموز الأكثر استخداما في توقيت كتابة هذا التحقيق، يليه صورة قلب أحمر ثم صورة وجه في حالة حب.
وجدير بالذكر أن أكثر من نصف مليارات الرسائل التي يتم إرسالها كل يوم تحتوي على رسوم تعبيرية.
غير أن ديفيس لا يشعر بالقلق من احتمال أن يأتي اليوم الذي نتوقف فيه عن التواصل بالكلمات. ويقول: «ليس عليك سوى أن تأخذ الجملة الأولى من أي رواية ثم تحاول التعبير عنها بالرسوم، وعندئذ سوف يتبين لك على الفور أوجه القصور».
هل يغني الوجه الأصفر الضاحك عن الكلمات؟
هل يغني الوجه الأصفر الضاحك عن الكلمات؟
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة