«بسبب كسر تعرضت له الممثلة ندى بوفرحات في إحدى أصابع قدمها يمنعها من ارتداء حذاء الشخصية التي تؤديها في المسرحية، نعلن عن تأجيل عرض (مغامرات فيكتوريا الغريبة) إلى بداية شهر فبراير (شباط) المقبل». بهذه الكلمات اعتذر المخرج غيرار أفيديسيان من جمهوره عبر صفحته الإلكترونية (فيسبوك)، عن عرض عمله المذكور في موعده أي في 26 نوفمبر (تشرين الثاني) الفائت.
فهذه المسرحية التي ينقل من خلالها المخرج أفيديسيان، ولأول مرّة، قصة واقعية على الخشبة، ينتظرها اللبنانيون بحماس لا سيما أنّها تتناول موضوعاً جريئاً عن رجل عانى الأمرّين من والدته التي ربّته كأنّه فتاة على الرغم من أنّه صبي طبيعي. القصة واقعية وحصلت في لبنان منتصف السبعينات عندما ارتكب هذا الرجل جريمة واحتار القاضي يومها إلى أي سجن عليه تحويله. يوضح غيرار أفيديسيان خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «يومها استحدث القاضي الحاكم في هذه القضية حلاً يقضي باعتبار المجرم تنكّر بشخصية امرأة وارتكب جريمته». وعلى الرغم من أنّهم لم يعثروا على جثة الضحية، فقد ارتكز الادعاء في توجيه تهمة القتل إلى «فيكتوريا»، على أساس آثار الدماء التي وُجدت في الشقة التي كانت تسكن فيها مع زوجها الأردني الأصل.
تتضمن المسرحية مشاهد قصيرة لا تتجاوز مدتها الدقيقتين، إلى جانب لوحة تاريخية تذكّرنا بالحقبة التي جرت فيها هذه الحادثة. تؤدي ندى بوفرحات دور البطولة فيها، مجسدة شخصية «فيكتوريا» بتفاصيلها الدقيقة، فتمثل وترقص وتغني في مشاهد استعراضية يتضمنها العمل، كون «فيكتوريا» كانت تعمل في أحد ملاهي بيروت الشهيرة. «في المسرحية مشاهد استعراضية وفي نفس الوقت أخرى صادمة تنقل معاناة إنسانية عاشتها فيكتوريا»، يوضح أفيديسيان.
وعن الديكورات المستخدمة في العمل يقول: «لا ديكورات في المسرحية بل هناك 9 كراسيّ على الخشبة فقط. كما لجأت إلى عروض فيديو مصورة كثيرة تدعم المشاهد وتقربها من الواقع، بينما يعود تنسيق الأزياء إلى نغم لبّس».
وهل سيشاهد الجمهور «فيكتوريا» الحقيقية؟ يردّ: «في الحقيقة بذلت جهداً كبيراً لإيجاد فيكتوريا بعد مرور كل هذه الفترة. سبق لي والتقيتها في سجن رومية منتصف السبعينات، عندما روت لي قصتها بالتفاصيل، وتأكدت من صحتها بعد أن أجريت أبحاثاً كثيرة عنها. وحتى عندما فتشنا عنها في السجلات الرسمية لنعرف مصيرها، لم نجد لها أي أثر يدلنا على أنّها حية أو ميتة، واليوم لا أملك إلا صورة يتيمة لها ليس أكثر».
أمّا الجريمة التي اتُهمت بها، فهي قتل زوجها وهو أردني الجنسية، وكان يعمل في قطاع تجارة الماشية. وحسبما ذكر لنا أفيديسيان فلقد أكّدت له «فيكتوريا» أنّها ليست هي مَن ارتكب هذه الجريمة بل أخوها الذي فرّ من العدالة بعد ارتكابه لها. وتابع بأنّها لو كانت لا تزال على قيد الحياة فهي تبلغ نحو 83 عاماً من عمرها.
تُسدَل ستارة المسرحية على نهاية مفتوحة بما أنّ البحث ما زال جارياً عن «فيكتوريا»، أمّا الصعوبة التي واجهها غيرار أفيديسيان في تنفيذه العمل فتتعلق باللغة المسرحية التي كان يجب عليه اعتمادها بالنص، موضحاً: «لم أكن أرغب في تقديم قصة واقعية على المسرح كأنّها مسلسل تلفزيوني، فبحثت عن لغة مسرحية تتلاءم مع مجرياتها، لذلك كتبت نحو 6 نسخ حتى وصلت إلى النص الذي أصبو إليه. وقد فكرت بندى بوفرحات لأنّني أعرف قدراتها المسرحية، واخترت خشبة (مترو المدينة) لأنّه يناسب هذا النوع من المسرحيات».
تجدر الإشارة إلى أنّ أفيديسيان سبق وتعاون مع ندى بوفرحات في مسرحية «أسرار الست بديعة» التي لاقت نجاحاً كبيراً: «لم أنقل يومها قصة واقعية بل جمعت عدّة شخصيات حقيقية في امرأة واحدة تُدعى بديعة». يوضح في سياق حديثه.
و«فيكتوريا» في الواقع هي رجل يُدعى عبد الله كميل شقير، ظُلم من قبل والدته (انتهت في مستشفى للمجانين)، التي رُزقت بأربعة صبيان قبله، فربّته على أساس أنّه فتاة رافضة واقعه الحقيقي بأنّه صبي. وعندما حاول أحد أبناء الحي اغتصابه عندما كان في الخامسة عشرة من عمره باعتباره فتاة، اكتشف حقيقة أمره بأنّه شاب فتسبب له بفضيحة أدت إلى طرده من منزله من قبل والده ورميه على الطريق، عندها تلقفه ملهى «كيت كات» ذائع الصيت حينها، في منطقة الزيتونة. وبعدها تعرّف إلى رجل أردني وتزوج منه وكتب له معه نهاية مأساوية.
إذاً اللبنانيون هم على موعد مع مسرحية خارجة عن المألوف إنْ بموضوعها وإنْ بأداء بطلتها (ندى بوفرحات)، بعنوان «مغامرات فيكتوريا» ابتداءً من 4 فبراير المقبل. ستُعرض على خشبة «مترو المدينة»، وتستغرق مدتها نحو 70 دقيقة، ويشارك فيها باقة من الممثلين بينهم: زينب عساف، وبولين حداد، وجويس أبو جودة، إضافة إلى أسامة العلي، وإدمون حداد، ومحمد حجيج، بمشاركة ضابط الإيقاع جوزف قازان. كما ستتضمن إطلالات خاصة لكل من الممثلين المخضرمين رفعت طربيه وعايدة صبرا، والإعلامي نيشان ديرهاروتونيان.
مسرحية «مغامرات فيكتوريا الغريبة»... قصة واقعية على الخشبة
تتناول موضوعاً جريئاً حصل في السبعينات
مسرحية «مغامرات فيكتوريا الغريبة»... قصة واقعية على الخشبة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة