قوات النظام تتوغل في البادية وتخنق «داعش» غرب السخنة

TT

قوات النظام تتوغل في البادية وتخنق «داعش» غرب السخنة

حقق النظام السوري وفصائل موالية تقدماً واسعاً في البادية السورية على حساب تنظيم داعش، مستفيداً من فاعلية الغطاء الجوي الذي توفره الطائرات الحربية الروسية، وعزز من حصاره للتنظيم في مساحة جغرافية لا تتعدى بضعة كيلومترات.
ومع اشتداد وتيرة المعارك في وسط مدينة الرقة بين «قوات سوريا الديمقراطية» وتنظيم داعش، أكد ناشطون، أن المدنيين في الرقة يتعرضون لإبادة جماعية يشارك فيها كل الأطراف. وحذروا من «انتشار الأمراض والأوبئة بسبب تحلل عشرات الجثث الموجودة تحت الأنقاض».
وتركز القتال العنيف على محاور بادية مدينة السخنة، آخر معاقل التنظيم في ريف حمص، حسبما أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» الذي أعلن أن النظام «تمكن من تحقيق تقدم استراتيجي، والسيطرة على جبل ضاحك، واستطاعت قواته المتقدمة من منطقة الطيبة جنوباً، من الالتقاء بقواته المنتشرة في شمال السخنة، لتفرض حصارها الأكبر على التنظيم الذي بات مطوقاً ضمن الكيلومترات المتبقية تحت سيطرته في غرب السخنة»، مشيراً إلى أن «خط التطويق هذا بات متصلاً بالدائرة الأولى المحاصرة، التي تشمل ريف حماة الشرقي مع الجزء المتصل بها من ريف حمص الشرقي، في جبال الشومرية وريف جب الجراح وغرب جبل شاعر».
التقدّم السريع والواسع للنظام والميليشيات الموالية له، عزاه المحلل العسكري والاستراتيجي عبد الناصر العايد، إلى «فاعلية الغطاء الجوي الذي توفره الطائرات الروسية، خصوصاً بعد توقف العمليات العسكرية في عدد من المناطق، بفعل الهدن واتفاقات وقف النار». وأوضح لـ«الشرق الأوسط»، أن «داعش لا يستطيع الصمود في مناطق صحراوية مكشوفة أمام الطيران»، لكنه لفت إلى أن النظام «يعاني صعوبات كبيرة عندما يصل إلى المناطق العمرانية، بدليل الصعوبة التي يواجهها في مدينة السخنة الآن».
ولا يبدو أن زحف قوات النظام باتجاه دير الزور، سواء من منطقة السخنة، أو من شرق الرقة له أهمية استراتيجية، وفق تعبير العايد، الذي قال إن «معركة دير الزور لن تبدأ قبل أن تنتهي معركة الرقة، والأميركيون غير مستعلجين عليها، طالما أنهم يعرفون أن النظام غير قادر على تحقيق إنجازات في مناطق استراتيجية». ولفت إلى أن «ما يهم الأميركي في هذه المرحلة هو محاربة (داعش)، ويرى أن إضعاف التنظيم أينما كان في سوريا، يخدم معركته بالرقة بشكل غير مباشر»، مؤكداً في القوت نفسه، أن «الاقتراب من منطقة شمال الفرات، خط أحمر بالنسبة للأميركي، لأنها تعدّ منطقة نفوذ (قسد) حليفه الرئيسي في سوريا».
التصعيد في بادية حمص، انسحب على ريف حماة، حيث دار قتال عنيف بين قوات النظام وعناصر «داعش»، على محاور قرب منطقتي السعن والشيخ هلال على طريق أثريا - سلمية، إثر هجوم واسع، نفّذه التنظيم ليل الأربعاء، ترافق مع تفجيره لعربات مفخخة واستهدافه مواقع النظام بعشرات القذائف. وتزامنت الاشتباكات مع غارات مكثفة نفذتها الطائرات الحربية، على مناطق سيطرة التنظيم ومواقع القتال، فيما بدأت قوات النظام فجر أمس الخميس، هجوماً عنيفاً معاكساً في المور القريبة من طريق - أثريا - سلمية، ومحاور أخرى في الريف الشرقي لمدينة سلمية، محاولة التقدم وتقليص نطاق سيطرة التنظيم وتأمين الطريق من جديد، وقد أسفرت المعارك عن سقوط أكثر من 30 قتيلاً من الطرفين.
إلى ذلك، استمرّ القتال بين «قوات سوريا الديمقراطية» المدعومة بالقوات الخاصة الأميركية من جهة، وعناصر تنظيم داعش من جهة أخرى، على محاور القتال في وسط مدينة الرقة، وعلى مسافة عشرات الأمتار من مركز المدينة الرقة، وقال المرصد السوري، إن الاشتباكات ترافقت مع قصف متبادل بين الطرفين، وسط تحليق لطائرات التحالف الدولي في سماء المدينة، التي استهدفت مواقع التنظيم ومواقعه وخلفت خسائر بشرية.
وأعلن أبو محمد الرقاوي، عضو تجمّع «الرقة تذبح بصمت»، أن «وسط المدينة يشهد أعنف المعارك». وقال لـ«الشرق الأوسط»، إن «القتال في وسط المدينة يختلف عن الأطراف، لأن التنظيم لديه تحصيناته، وهو جهّز نفسه لهذه المعركة قبل سنة، ولديه ما يكفي من مخازن الأسلحة والذخائر وكل ما يساعده على المقاومة». وأكد الرقاوي أن «المدنيين داخل الرقة يتعرضون لإبادة جماعية يشارك فيها كل الأطراف». وأشار إلى أن «المجازر التي ترتكب بحق المدنيين يومية، وهناك عشرات الجثث لا تزال تحت الأنقاض، حيث بدأت الأمراض تنتشر بسبب تحلل الجثث». وقال: «الوضع الإنساني في غاية الصعوبة، إذ باتت المواد الغذائية مفقودة، وانقطاع المياه والكهرباء، وتوقف الأفران التي لم يبق منها إلا فرن واحد يعمل لساعات محدودة، ويوزع كمية قليلة من الخبز».


مقالات ذات صلة

«رسائل سريّة» بين إدارة بايدن و«تحرير الشام»... بعلم فريق ترمب

الولايات المتحدة​ أحمد الشرع مجتمعاً مع رئيس حكومة تسيير الأعمال محمد الجلالي في أقصى اليسار ومحمد البشير المرشح لرئاسة «الانتقالية» في أقصى اليمين (تلغرام)

«رسائل سريّة» بين إدارة بايدن و«تحرير الشام»... بعلم فريق ترمب

وجهت الإدارة الأميركية رسائل سريّة الى المعارضة السورية، وسط تلميحات من واشنطن بأنها يمكن أن تعترف بحكومة سورية جديدة تنبذ الإرهاب وتحمي حقوق الأقليات والنساء.

علي بردى (واشنطن)
المشرق العربي فصائل الجيش الوطني السوري الموالي لتركيا تدخل منبج (إعلام تركي)

عملية للمخابرات التركية في القامشلي... وتدخل أميركي لوقف نار في منبج

يبحث وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في تركيا الجمعة التطورات في سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي مواطنون من عفرين نزحوا مرة أخرى من قرى تل رفعت ومخيمات الشهباء إلى مراكز إيواء في بلدة الطبقة التابعة لمحافظة الرقة (الشرق الأوسط)

ممثلة «مسد» في واشنطن: «هيئة تحرير الشام» «مختلفة» ولا تخضع لإملاءات تركيا

تقول سنام محمد، ممثلة مكتب مجلس سوريا الديمقراطي في واشنطن، بصفتنا أكراداً كنا أساسيين في سقوط نظام الأسد، لكن مرحلة ما بعد الأسد تطرح أسئلة.

إيلي يوسف (واشنطن)
المشرق العربي مقاتلون من المعارضة في حمص يتجمعون بعد أن أبلغت قيادة الجيش السوري الضباط يوم الأحد أن حكم بشار الأسد انتهى (رويترز)

«داعش» يعدم 54 عنصراً من القوات السورية أثناء فرارهم

أعدم تنظيم «داعش» 54 عنصراً من القوات الحكومية في أثناء فرارهم في بادية حمص وسط سوريا، تزامناً مع سقوط الرئيس بشار الأسد.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي عنصر من المعارضة السورية المسلحة في حمص يحتفل بدخول العاصمة دمشق (إ.ب.أ)

الأردن ومخاوف من خلط أوراق المنطقة والخشية من فوضى سوريا

يبدي أمنيون أردنيون مخاوفهم من عودة الفوضى لمناطق سورية بعد الخروج المفاجئ للأسد إلى موسكو، وان احتمالات الفوضى ربما تكون واردة جراء التنازع المحتمل على السلطة.

محمد خير الرواشدة (عمّان)

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات جديدة بالطائرات المسيّرة ضد أهداف إسرائيلية، الجمعة، إلى جانب تبنّى هجمات بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لطهران، دون أن يعلق الجيش الإسرائيلي على الفور بخصوص آثار هذه العمليات.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ أكثر من عام هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن إطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

صاروخ أطلقه الحوثيون باتجاه إسرائيل من نوع «فلسطين 2» (إعلام حوثي)

وخلال حشد حوثي في ميدان السبعين بصنعاء، الجمعة، ادعى المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أن قوات جماعته نفذت عمليتين عسكريتين استهدفت الأولى هدفاً عسكرياً في عسقلان، فيما استهدفت الثانية هدفاً في تل أبيب.

وزعم المتحدث الحوثي أن العمليتين تم تنفيذهما بطائرتين مسيّرتين تمكنتا من تجاوز المنظومات الاعتراضية والوصول إلى هدفيهما.

إلى ذلك، قال سريع إن قوات جماعته نفذت بالاشتراك مع ما وصفها بـ«المقاومة الإسلامية في العراق» عمليةً عسكريةً ضد أهداف حيوية جنوب إسرائيل، وذلك بعدد من الطائرات المسيّرة، زاعماً أن العملية حققت أهدافها بنجاح.

وتوعد المتحدث الحوثي بالاستمرار في تنفيذ الهجمات ضد إسرائيل حتى توقف الحرب على غزة ورفع الحصار عنها.

19 صاروخاً ومسيّرة

في أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، قال إن جماعته أطلقت باتجاه إسرائيل خلال أسبوع 19 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة، زاعماً أنها استهدفت تل أبيب وأسدود وعسقلان.

كما ادعى الحوثي استهداف خمس سفن أميركية في خليج عدن، منها: بارجتان حربيتان، وهدد بالاستمرار في الهجمات، وقال إن جماعته نجحت في تدريب وتعبئة أكثر من 600 ألف شخص للقتال خلال أكثر من عام.

من آثار مسيّرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في جنوب تل أبيب الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

وتبنّى الحوثيون على امتداد أكثر من عام إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

أحدث الهجمات

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين الماضي، أن طائرة مسيّرة، يعتقد أنها انطلقت من اليمن، أصابت مبنى في جنوب تل أبيب، وفق ما نقلته وسائل إعلام غربية.

وقالت القناة «13» الإسرائيلية: «ضربت طائرة مسيّرة الطابق الـ15 من مبنى سكني في يفنه، ولحق دمار كبير بشقتين»، مشيرة إلى وصول قوات كبيرة إلى المكان.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بورود «تقارير عن سقوط هدف جوي مشبوه في منطقة مدينة يفنه. ولم يتم تفعيل أي تحذير». وقالت نجمة داود الحمراء إنه لم تقع إصابات.

وأشارت قوات الإطفاء والإنقاذ، التي وصلت إلى مكان الحادث، إلى وقوع أضرار جسيمة في شقتين. كما نقل موقع «0404» الإسرائيلي اليوم عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله: «يبدو أن الطائرة المسيّرة التي أصابت مبنى في يفنه قد انطلقت من اليمن»، مشيراً إلى أنه يجري التحقيق في الحادث.

مدمرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

وعلى صعيد الهجمات البحرية، كانت القيادة المركزية الأميركية أعلنت في بيان، الثلاثاء، الماضي، أنّ سفينتين عسكريّتين أميركيّتين صدّتا هجوماً شنّه الحوثيون بواسطة طائرات من دون طيّار وصاروخ كروز، وذلك في أثناء حراستهما ثلاث سفن تجارية في خليج عدن.

وقال البيان إن «المدمّرتين أحبطتا هجمات شُنّت بطائرات من دون طيار وبصاروخ كروز مضاد للسفن، لتضمنا بذلك سلامتهما وأفرادهما، وكذلك سلامة السفن المدنية وأطقمها».

وأوضح البيان أنّ «المدمرتين كانتا ترافقان ثلاث سفن تجارية تابعة للولايات المتحدة»، مشيراً إلى عدم وقوع إصابات أو إلحاق أضرار بأيّ سفن.

يشار إلى أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر أدت منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أدت إلى مقتل 3 بحارة وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

وفي حين تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ بدء التصعيد، كانت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا في أربع مرات على الأقل، نفذت منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي أكثر من 800 غارة على أهداف للجماعة أملاً في الحد من قدرتها على تنفيذ الهجمات البحرية.