عروض الأزياء الباريسية ومباريات الوصول إلى القلوب والجيوب

«هيرميس»... تؤكد نفَسها الطويل حتى بتقصير بناطيلها

الممثلة الفرنسية أديل إكسارشوبولوس والعارضة تينا كوناكي لدى وصولهما إلى عرض جاكوموس (أ.ف.ب)
الممثلة الفرنسية أديل إكسارشوبولوس والعارضة تينا كوناكي لدى وصولهما إلى عرض جاكوموس (أ.ف.ب)
TT
20

عروض الأزياء الباريسية ومباريات الوصول إلى القلوب والجيوب

الممثلة الفرنسية أديل إكسارشوبولوس والعارضة تينا كوناكي لدى وصولهما إلى عرض جاكوموس (أ.ف.ب)
الممثلة الفرنسية أديل إكسارشوبولوس والعارضة تينا كوناكي لدى وصولهما إلى عرض جاكوموس (أ.ف.ب)

انتهى «أسبوع الموضة الرجالي» لربيع وصيف 2024 في باريس، مُخلّفاً أصداءً مُدوية عن التغييرات التي طرأت على ثقافة الموضة ومشهدها. ما أكده «الأسبوع» مرة أخرى أن العاصمة الفرنسية لا تزال أهم حلبة مبارزة يتنافس فيها المصممون وبيوت الأزياء الكبيرة على أدوار البطولة على أمل الحصول على نصيب الأسد من كعكة السوق.

من بين التغييرات التي أثارت الجدل، تركيز هذه العروض على الجانب الترفيهي. وليس أدل على هذا من عرض «لوي فويتون» الذي قدم فيه مدير الإبداع في قسمها الرجالي، الموسيقي فاريل ويليامز، عرضاً أقرب إلى مهرجان موسيقى. كان ضيوفه من الموسيقيين العالميين من أمثال بيونسي وجاي زي وغيرهما، وينافس، من حيث العدد، عشاق الموضة والعاملين فيها.

لم يكن هناك أيضاً مجال للخطأ فيما يخص الأزياء، والتالي عكست بدورها كل ما توفره ميزانية دار «لوي فويتون» الضخمة من بذخ من ناحية الخامات والتفاصيل. هناك حقيبة يد مثلاً من جلد التمساح، مرصعة عند المشبك وفي بعض الأجزاء بالألماس بسعر يقدر بنحو مليون يورو؛ الأمر الذي يشير إلى أن الدار تنوي استرداد ما صرفته بشكل أو بآخر. فكل شيء محسوب، من البدلات المفصلة؛ إلى الكنزات التي لم يخلُ بعضها من شعار الدار حفاظاً على شريحة معينة من الزبائن تريد استعراض أسلوبها عبر «اللوغوهات». على الرغم من أن الأزياء لم تفتقد الأناقة؛ فإنها افتقدت الجديد، والعنصر المبهر في العرض كان الموسيقى وعدد النجوم.

ديفيد بيكام وزوجته فكتوريا لدى وصولهما إلى عرض جاكوموس (أ.ف.ب)
ديفيد بيكام وزوجته فكتوريا لدى وصولهما إلى عرض جاكوموس (أ.ف.ب)

المصمم الفرنسي الشاب جاكوموس أيضاً لعب على نغمة الإبهار. فعرضه واحد من أكثر العروض تشويقاً وترقُّباً؛ لأنه أكد طوال المواسم الأخيرة على قدرة عجيبة على خلق صور تلهب الخيال وصفحات «إنستغرام» على حد سواء. في مرة اختار شواطئ برمال ذهبية تتخايل فيها العارضات على صوت تلاطم الأمواج خلفيةً، ومرة حقول اللافندر... وغيرها من الصور التي تعلق في الذهن ولا تتركه إلا بعد عرضه التالي.

لم يختلف الأمر هذا الأسبوع. أقامه في حدائق «فيرساي» ليشكل القصر المهيب والنهر الذي يجري تحت أقدامه، خلفية رائعة لأزياء رومانسية، لكنها لم تكن لتثير كل هذا الإعجاب والتغطيات لولا البهارات التي وظفها بشكل ذكي، مثل وصول الضيوف على مراكب بمظلات شمسية باللون الأبيض، وظهور العارضة كيندل جينر بـ«تشوكر» يستحضر الأميرة الراحلة ديانا، من دون أن ننسى نوعية الحضور من أمثال مونيكا بيلوتشي وإيفا لانغوريا وديفيد وفكتوريا بيكام... وأمثالهم.

في الجانب الآخر كان عرض دار «هيرميس» الذي ركّز على الأزياء وفنية التصاميم أولاً وأخيراً.

توسعت البدلة وجاء البنطلون قصيراً (تصوير: فيليبوفيور)
توسعت البدلة وجاء البنطلون قصيراً (تصوير: فيليبوفيور)

فيرونيك نيشانيان، مصممة دار «هيرميس» قدمت اقتراحات متنوعة لربيع وصيف 2024 على طبق شهي ومتنوع للغاية. على الرغم من أنه طبق بنكهة شبابية، فإن أهم مكوناته كانت بجودة عالية وترف لا يُعلى. هذا عدا القصات الواسعة التي حررت الجسم من كل القيود.

عدد القطع المنفصلة جاء يخاطب كل الأذواق، وشمل قمصاناً من الحرير الممزوج بالقطن، وكنزات من الكشمير المغزول بشكل خفيف، وسترات «بلايزر» واسعة. تصف الدار التشكيلة بأنها «ناعمة وخفيفة الظل مثل نسمة صيف رغم أنها بتفصيل هندسي». لكن كان واضحاً أن هذا التفصيل الهندسي خضع لعملية خففت من وزنه وأضفت عليه روحاً شبابية.

تنوعت القطع وبقي البنطلون قصيراً (تصوير: فيليبوفيور)
تنوعت القطع وبقي البنطلون قصيراً (تصوير: فيليبوفيور)

في لقاء سابق مع «الشرق الأوسط»، صرحت فيرونيك أن «دار (هيرميس)، قائمة على ساقين: واحدة تمثل التقاليد والحرفية، والثانية الابتكار والتطوير. وهذا ما حدّد هذه التشكيلة؛ من تفصيلها الدقيق، إلى اختيار ألوانها الهادئة. إذا كان هناك مأخذ وحيد عليها، فربما يكون إغراقها في «الشبابية» بالنظر إلى البناطيل التي تميز أغلبها بالقِصَر وتستقر فوق الكاحل أو بالكاد تلامسه، وهو ما قد يُفسِره البعض بتجاهل شريحة من الرجال تميل إلى الكلاسيكية.

ورغم أن هذا القِصَر ليس جديداً في عالم الرجل وظهر في مواسم سابقة، فإنه شتان ما بين الحالتين. في السابق كان تقصيره يعتمد على طيّه لمن أراد. أما الآن، فانتفى هذا الخيار وأصبح هذا الطول جزءاً من التصميم؛ وبالتالي مفروضاً على زبون «هيرميس».

تنوعت القطع وبقي البنطلون قصيراً (تصوير: فيليبوفيور)
تنوعت القطع وبقي البنطلون قصيراً (تصوير: فيليبوفيور)

الميزة في هذه الإطلالة أن الحذاء أخذ حقه وبرز أكثر، لهذا يجب؛ إذا كانت النية ارتداء هذا الطول، الاهتمام بالحذاء في جزء من الإطلالة وليس بوصفه مجرد إكسسوار مكمل لها. ومع ذلك؛ فلا بد من القول إن ما يُحسب لفيرونيك نيشانيان أنها لا تسبح مع التيار، فتاريخها مع الدار لأكثر من 3 عقود يجعلها من أهل البيت، لها كلمتها ورؤيتها الفنية التي تحترم رموز وتاريخ الدار. من هذا المنظور، تفضل، وفق قولها، أن تُفسح للرجل المجال لكي يعبر عن نفسه عبر مظهره... «فأجمل ما في الموضة أنه يمكن أن يتبنى أي أسلوب يريده على شرط أن يلبسه بطريقته وبثقة».


مقالات ذات صلة

«أسبوع لندن لخريف وشتاء 2025»... يتخبط بين الواقعية التجارية وشخصيته الجانحة إلى الابتكار

لمسات الموضة «أسبوع لندن لخريف وشتاء 2025»... يتخبط بين الواقعية التجارية وشخصيته الجانحة إلى الابتكار

«أسبوع لندن لخريف وشتاء 2025»... يتخبط بين الواقعية التجارية وشخصيته الجانحة إلى الابتكار

بين طقس متقلب ورغبة في بثّ طاقة إيجابية، انطلق «أسبوع لندن لخريف وشتاء 2025». رغم محاولاته، فإنه جاء هزيلاً وهو يقاوم وعكة ألمّت به منذ بضعة مواسم، ولم يتعافَ…

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة ميسيكا فاليري (تصوير أليكس روسو)

فاليري ميسيكا تتوج نجاحها بانضمامها إلى لجنة «كولبير»

ليس كل من هب ودب يمكنه الانضمام إلى «لجنة كولبير» (Comité Colbert)؛ فهي تنتقي أعضاءها بدقة وبشروط كثيرة ما يجعل كل من يسعفه الحظ ويتم قبوله فيها يشعر بالفخر…

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة من اقتراحات شركة «بوس» الألمانية لموسم هذا العام (بوس)

ملابس التزلج... خط «يفتح النفس» على هوايات شتوية ومنتجعات جديدة

تنمو الأزياء والإكسسوارات الخاصة بالتزلج بشكل يشجع الشركات التقليدية وبيوت الأزياء على المزيد من الابتكار في الشكل والتقنيات

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة اصبح المعطف الممطر أيقونة لكل المواسم والفصول (بيربري)

«بيربري» تحتفل بتقلبات الطقس البريطاني بحملة تجمع البريق وروح الفكاهة

كشفت دار «بيربري» حديثاً عن حملتها الترويجية لصيف 2025. اختارت لها عنواناً معبراً: «إنه دائماً طقس (بيربري). لندن في حالة عشق»، لأنه يُلخّص الكثير من جوانب…

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة جانب من المعرض الذي يحتضنه متحف الشندغة (كارتييه)

رحلة عجائب بدأتها «كارتييه» رسمياً منذ 25 عاماً وتتجسد حالياً في معرض

دار «كارتييه» أصبحت ضليعة في تنظيم المعارض. فبين كل فترة وأخرى تُتحفنا بمعرض جديد يحتفل بإبداعاتها ويُغذي الحواس بكل ما لذ وطاب من مجوهرات فريدة. ويبدو أنها…

«الشرق الأوسط» (لندن)

«أسبوع لندن لخريف وشتاء 2025»... يتخبط بين الواقعية التجارية وشخصيته الجانحة إلى الابتكار

«أسبوع لندن لخريف وشتاء 2025»... يتخبط بين الواقعية التجارية وشخصيته الجانحة إلى الابتكار
TT
20

«أسبوع لندن لخريف وشتاء 2025»... يتخبط بين الواقعية التجارية وشخصيته الجانحة إلى الابتكار

«أسبوع لندن لخريف وشتاء 2025»... يتخبط بين الواقعية التجارية وشخصيته الجانحة إلى الابتكار

بين طقس متقلب ورغبة في بثّ طاقة إيجابية، انطلق «أسبوع لندن لخريف وشتاء 2025». رغم محاولاته، فإنه جاء هزيلاً وهو يقاوم وعكة ألمّت به منذ بضعة مواسم، ولم يتعافَ منها بعد. تقلّصت أيامه إلى 4 فقط بسب عزوف بعض المصممين عن المشاركة فيه. ما زاد الطين بلة أن توقيته، ولأول مرة، جاء بعد «أسبوع نيويورك» بنحو أسبوع. فلسنوات طويلة، كان ينظَّم مباشرة بعد «أسبوع نيويورك»؛ الأمر الذي يجعل صناع الموضة ووسائل الإعلام في سباق مع الزمن، حيث يضطرون إلى التوقف عنده قبل توجههم إلى ميلانو وبعدها باريس. هذه الاستراحة الطويلة، في عُرف دورة الموضة، جعلت كثيراً منهم يفضلون عدم حضوره تماماً، وفي أحسن الأحوال، الاكتفاء بيومه الأخير، لما تتمتع به دار «بيربري»، من سمعة وقوة إعلانية.

من عرض المصمم الجورجي الأصل جورج كبيورا (إ.ب.أ)
من عرض المصمم الجورجي الأصل جورج كبيورا (إ.ب.أ)

كل هذا، يجعل «الأسبوع» كلما تقدم خطوة إلى الأمام يعود خطوتين إلى الوراء. السبب دائماً كان، ولا يزال، شح إمكاناته المادية، الذي يجعله الحلقة الأضعف. فأغلب مصمميه الشباب لا يستطيعون تقديم عروض ضخمة لتكُلفتها، كما يفتقدون أي قوة إعلانية تفرض على المؤثرين ووسائل الإعلام والمشترين حضور عروضهم. تقرير صدر مؤخراً عن شركة «ليفتي»، التي تراقب تأثير التغطيات المؤثرة على العلامات التجارية، أفاد بأن القيمة الإعلامية المكتسبة لـ«أسبوع الموضة» في لندن خلال سبتمبر (أيلول) الماضي بلغت 20.9 مليون دولار فقط، مقارنة بـ132 مليون دولار في «نيويورك»، و250 مليون دولار في «ميلانو»، و437 مليون دولار في «باريس».

صحيح أن «الأسبوع» مر بأزمات عدة وتجاوزها بنجاح بفضل موهبة شبابه وروحهم التواقة إلى التحدي، إلا إن هذه من كبرى الأزمات التي تعرض لها منذ تأسيسه وأكبر زعزعة لكيانه؛ لأن أسبابها خارجة عن إرادته وسيطرته... هي سياسية وتجارية عالمية.

من عرض علامة «إس إس دالي» للمصمم البريطاني ستيفن دالي (أ.ف.ب)
من عرض علامة «إس إس دالي» للمصمم البريطاني ستيفن دالي (أ.ف.ب)

بعض المصممين الشباب الذين كان من المتوقع مشاركتهم، مثل بريا أهلوباليا، وباتريك ماكدويل، وماركيز ألمايدا، وأنكوتا ساركا، تراجعوا عن المشاركة في آخر لحظة. منهم من فضّل تنظيم حفلات عشاء حميمة، مثل المصمم ماكدويل الذي برّر الأمر بقوله: «فضلنا الابتعاد عن الشكل التقليدي وخلق مساحة تفاعلية في المقابل، نتواصل عبرها معاً للحديث عن تجاربنا المشتركة بشكل إيجابي ومفيد».

دار «16 آرلينغتون» أيضاً ارتأت الاكتفاء بحفل عشاء، بينما اختارت جوانا باري تقديم عرضها عبر البث الرقمي، وأمثالها كُثر. فتنظيم عرض، مدته 20 دقيقة، مهما كان بسيطاً، يستنزف ميزانية ضخمة. وعدم ضمان حضور عالمي من وسائل الإعلام والمشترين من محال كبيرة، ليس مُجدياً بالنسبة إليهم.

من عرض المصمم الصيني الأصل هويشان زانغ (أ.ف.ب)
من عرض المصمم الصيني الأصل هويشان زانغ (أ.ف.ب)

باستثناء بعض الأسماء المهمة، مثل بول كوستيللو، وريتشارد كوين، و«إيرديم»، و«بيربري»، فإن عدداً من الأسماء الأخرى غيّرت استراتيجياتها أو وجهاتها، وذلك إما بتقديم عرض سنوي واحد، وإما بالتوجه إلى «باريس»، مثل فكتوريا بيكام.

ستيفن ستوكي دالي، مصمم علامة «إس إس دالي»، كان ينوي العرض في «أسبوع باريس» خلال الشهر الماضي، لكنه لم يتمكن من ذلك؛ مما جعله يُقرر المشاركة في البرنامج الرسمي لـ«أسبوع لندن» في اللحظة الأخيرة. اعترف بأن هناك بروداً يعتري لندن ينعكس على عدد الحضور وشح التغطيات؛ «فكثير من المشترين لا يأتون إلى لندن؛ مما يجعل باريس وجهة مهمة بالنسبة إلى أي مصمم». لم ينكر المصمم «جمائل» لندن على المصممين الناشئين؛ «فهي تفتح لهم الأبواب، وتحتضنهم بشكل كبير، مما يجعلهم متمسّكين بالمشاركة في (أسبوعها) رغم معرفتهم أن الأمر ميؤوس منه تجارياً».

من عرض البريطاني ريتشارد كوين (أ.ف.ب)
من عرض البريطاني ريتشارد كوين (أ.ف.ب)

وعكة عابرة أم أزمة طويلة؟

بالنسبة إلى المتحمسين، فإن ركودها وبرودها لا يعنيان أنها تحتضر، هي فقط تعاني من وعكة ستقوم منها عاجلاً أم آجلاً، بفضل حماس شبابها للتميز، وجموحهم إلى الابتكار، بجانب لهفتهم للفت الأنظار. فمن بين أهم الميزات التي يتمتع بها «أسبوع لندن» أن جنون الإبداع ليس وحده ما يطبعه. لا يختلف اثنان على أنه حاضنة ولادة للمبدعين، بدليل أن كثيراً من الأسماء التي تخرجت في معاهد العاصمة البريطانية وبدأت أولى خطواتها فيه، تسلمت مقاليد بيوت أزياء كبيرة وتألقت، مثل جون غاليانو في «ديور» سابقاً، والراحل ألكسندر ماكوين في «جيفنشي»، وستيلا ماكارتني في دار «كلوي» ومؤخراً سارة بيرتون في «جيفنشي»، وبيتر كوبينغ في «لانفان»، ولويز تروتر في «بوتيغا فينيتا»، وهاريس ريد في دار «نينا ريتشي».

هذا الأخير لم يتنكر لمعروف «لندن» عليه. قدم مساء يوم الخميس؛ أي قبل يوم من الانطلاقة الرسمية لـ«خريف وشتاء 2025»، عرضه في متحف «تيت مودرن». افتتحته الممثلة البريطانية فلورنس بوغ، بمونولوغ تتغنى فيه بـ«فن ارتداء الملابس» وهي تختال بفستان مبتكر ظهرت فيه كأنها منحوتة.

من عرض بول كوستيللو (إ.ب.أ)
من عرض بول كوستيللو (إ.ب.أ)

المخضرم بول كوستيللو استهل اليوم الثاني في المكان والزمان نفسيهما: فندق «وولدورف» وسط لندن في الساعة التاسعة صباحاً. فهو لا يحب التغيير على ما يبدو. رغم التوقيت المبكر، فإن ضيفاته لم يتأخرن، وأغلبهن من الطبقات المخملية والمؤثرات العاشقات أسلوبه الذي يتراوح بين التفصيل الكلاسيكي، والتفاصيل المبتكرة التي تظهر تارة في الأكمام، وأخرى في مزجه بين الأقمشة المتناقضة والطبعات المتضاربة. كان لافتاً أنه، رغم «نهفاته» الطريفة، قد اعتمد كلاسيكية عصرية تخاطب كل الأذواق؛ بدءاً من الخامات المترفة، والتصاميم المبتكرة، حتى الأحجام التي جرى تقليصها بشكل ملحوظ. عرضه كان من بين العروض التي تشعر فيها كأنك في «باريس» أو «ميلانو» وليس في «لندن» التي عوّدتنا أن «الجنون فنون».

من عرض البريطاني ريتشارد كوين (أ.ف.ب)
من عرض البريطاني ريتشارد كوين (أ.ف.ب)

المصمم ريتشارد كوين أيضاً لعب على «نغمة باريسية أنيقة». ترك جنون الابتكار جانباً، وكان واضحاً أنه يريد أن يخاطب بها كل نساء العالم؛ تحديداً المقتدرات منهن، بهندسيتها ورومانسيتها التي تحاكي الـ«هوت كوتور». لم ينسَ أن يقدم مجموعة خاصة بالعرائس. ففي لقاء سابق مع «الشرق الأوسط» اعترف بأنه الخط الذي يبيع أكثر. أمر اكتشفه بعد تعامله «مع المرأة العربية»، وفق اعترافه.

بيد أن هذه الواقعية، التي حلّت محل الجنوح للإبداع، لم تطغَ على كل العروض.

هناك فئة من المصممين الشباب، خصوصاً المستقلين، ليس لديهم ما يخافون عليه. وبما أنهم في بداية مشوارهم، فإن ورقتهم الرابحة هي التميز والاختلاف. لم يتأخروا وقدموا تشكيلات؛ إما بلمسات من الـ«بانك»، وإما بثقافة الشارع أو تستقي من التاريخ لوحات رسموها بطرافة.

تأسيس مستقبل مستدام

أما الذين يدعمهم «مجلس الموضة البريطاني»، وهو الجهة المنظمة لـ«الأسبوع»، ضمن برامج «نيوجين» و«فاشن إيست» مثلاً، فتعيّن عليهم الالتزام بمتطلبات الاستدامة. وتُبذل مساعٍ لتوسيع هذه السياسة تدريجياً لتشمل جميع العلامات التجارية التي تعرض منتجاتها في لندن.

من عرض البريطاني ريتشارد كوين (رويترز)
من عرض البريطاني ريتشارد كوين (رويترز)

كما أعلن «مجلس الأزياء البريطاني»، في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أنه سيحظر استخدام جلود الحيوانات الغريبة، مثل التمساح والثعبان، في نسخة «خريف وشتاء 2025». ومع ذلك، فإن هذا الإعلان رمزي بحت؛ إذ لا تستخدم أي علامة تجارية تشارك في «أسبوع لندن» هذه الجلود؛ نظراً إلى غلائها.

كارولاين راش، الرئيسة التنفيذية لـ«المجلس» لأكثر من عقد من الزمن بسنوات، اعترفت بأن الموضة البريطانية تمر حالياً بـ«فترة صعبة ومليئة بالتحديات». ثم استطردت قائلة: «ومع ذلك، فأنا أومن بأن الإبداع يزيد ويزدهر في الأوقات الصعبة؛ لأن مصممينا يتمتعون بقدرة هائلة على التكيف».

يُذكر أن هذا آخر موسم لكارولاين راش بصفتها رئيسة تنفيذية. ستُسلم المشعل إلى لورا وير ابتداء من الموسم المقبل. كل الآمال معقودة على هذه الأخيرة لتقود السفينة إلى بر الأمان.