فيرونيك نيشانيان: إيقاع الحياة المتسارع يجعل الرجل يعزف عن التعقيدات

مصممة دار «هيرميس» .. إمرأة لا تعترف بالموضة الموسمية

كل صغيرة وكبيرة تجرى باليد  -  الياقة والأكمام والجيوب من التفاصيل المهمة
كل صغيرة وكبيرة تجرى باليد - الياقة والأكمام والجيوب من التفاصيل المهمة
TT

فيرونيك نيشانيان: إيقاع الحياة المتسارع يجعل الرجل يعزف عن التعقيدات

كل صغيرة وكبيرة تجرى باليد  -  الياقة والأكمام والجيوب من التفاصيل المهمة
كل صغيرة وكبيرة تجرى باليد - الياقة والأكمام والجيوب من التفاصيل المهمة

فيرونيك نيشانيان، مصممة محظوظة بكل المقاييس. فهي لا تعمل في مجال تعشقه فحسب، بل تعمل في واحدة من أهم دور الأزياء العالمية: «هيرميس». كأن هذا لا يكفي، فإن الدار وضعت بين يديها فريقا من الحرفيين المتمرسين ومن المصممين الموهوبين، فضلا عن أجمل أنواع الخامات وأكثرها ترفا وفخامة، سواء كانت حريرا أو جلودا، وأعطتها ورقة بيضاء لأن تبدع ما تراه مناسبا لرجل «هيرميس» من دون أي تدخلات. فيرونيك تعرف جيدا أنها محظوظة، فعندما تلقت مكالمة تليفونية من جون لوي ديما أول مرة يعرض عليها فيها العمل في الدار، اعتقدت أن الأمر مزحة من قبل أحد أصدقائها. تقول: «كان الأمر بمثابة حلم وتحقق، فعلى المستوى الشخصي، كبرت وأنا أرى جدتي تلبس أوشحة وحقائب يد من (هيرميس)، وكنت جد مبهورة بذلك. وعلى المستوى المهني، منحنى جون لوي ديما ورقة بيضاء، أي مطلق الحرية أن أبدع وأصمم من دون أي تدخلات».
ما يجب معرفته أن فيرونيك ليست ككل المصممات، فهي متخصصة في الأزياء الرجالية، وتقع على كتفيها مسؤولية إضفاء أناقة راقية، تجمع الكلاسيكية والعصرية، على الرجل وفي الوقت ذاته تجديد مظهره حتى لا يبقى مغرقا في الكلاسيكية أو سجين أسلوب واحد لا يتغير. في لقاء خاص مع «الشرق الأوسط»، تشرح: «في (هيرميس)، نقول دائما إنها دار مبنية على ساقين. واحدة تمثل التقاليد والحرفية فيما تمثل الثانية الابتكار والتطوير. والتطوير هنا جزء مهم في عملية الابتكار، لهذا أهتم به كثيرا، خصوصا فيما يتعلق بالأقمشة».
مصممات الأزياء الرجالية ما زال عددهن محدودا إلى الآن، إذ يمكن حصرهن في أصابع اليد، مثل لو دالتون بلندن، ماريا غراتزيا تشيوري، مصممة فالنتينو، وبرادا، اللاتي يمكن الإشارة إليهن بصفتهن عضوات في ناد لا يزال صغيرا ومحدودا. لو سألتها عن شعورها، كونها امرأة في عالم الرجال، ستجيبك بنبرة لا تخلو من بعض الحدة: «هذا سؤال لا يوجه للرجل الذي يصمم للمرأة، وعموما أنا أعشق التصميم للرجل، وإذا كان هناك فرق بين التصميم له وللجنس الناعم، فهو مسألة إحساس فقط واهتمام ببعض التفاصيل، التي تتطلب التعامل معها بالملليمتر». وتتابع: «ثم على عكس الاعتقاد السائد، فإن التصميم للرجل غير محدود أو مقيد. صحيح أن تطوره أبطأ من التصميم للمرأة، إلا أنه يمنح فضاء واسعا وإمكانات متنوعة، من حيث استعمال الأقمشة المختلفة ومزج بعضها ببعض أو من حيث القصات أو الطبعات والنقوشات وغيرها».
لا تخفي أنها لا تحب الخضوع لإملاءات الموضة، وتفضل «أن تكون هناك دائما مساحة يستطيع من خلالها الرجل أن يعبر عن نفسه. فأجمل ما في الموضة حاليا أن الرجل يمكن أن يتبنى أي أسلوب يريده على شرط أن يلبسه بطريقته وبثقة».
السر بالنسبة لها يكمن دائما في التفاصيل، وفي تلك الجودة العالية وترف الأقمشة، كما في طريقة تصميم الأكتاف، من دون تجاهل الإشارة إلى التوازن في مكان الجيوب وتفاصيل التبطين. وتكرر فيرونيك أنها لا تهتم بالموضة بقدر ما تهتم بتصميم أزياء تليق برجل «هيرميس»، مما يفسر اهتمامها بالقطعة من الخارج والداخل على حد سواء. المقصود هنا بالداخل، التبطين وتلك الطيات الصغيرة والخفيفة التي لا تراها العين بقدر ما يعرف لابسها بوجودها، لأنها إما موضوعة بشكل استراتيجي لتتيح له حرية حركة أكبر، أو لتزيد من انسدال البدلة على جسمه فتميزه. تشرح: «ما أهدف إليه دائما أن أصمم أزياء واقعية تناسب الحياة اليومية، فأنا لا أؤمن بالأفكار والتصاميم التجريدية، التي لا تخدم الرجل سوى في مناسبات معينة. إيقاع الحياة متسارع والرجل لم يعد يريد تعقيدات».
زبائن «هيرميس» يعرفون هذا الأمر جيدا، بغض النظر عن أعمارهم، لا سيما أنها عندما تصمم أي قطعة أو تشكيلة لا تضع زبونا بعمر معين نصب أعينها، بل تفكر فقط في قطع تخدمه وتضفي عليه الوجاهة، وفي الوقت ذاته يمكنه أن يضيف إليها بصماته حسب حالته المزاجية والنفسية، وحسب شخصيته لكي تصبح ملكيته الخاصة. توضح: «تغلب على تصاميمي ما أطلق عليه تفاصيل أنانية وشخصية، بمعنى أن الرجل لا يراها إلا بعد أن يلبسها فيكتشف إما جلدا بداخل الجيوب، وإما بداخل بنطلون، وإما فروا في تبطين السترة وهكذا».
كل هذا يبرر بالنسبة لها سعر قطعة، يمكن أن تكون بسعر سيارة أو شقة عندما تكون من جلد التمساح المعالج بتقنيات عصرية وجد متطورة تجعله بملمس وخفة الموسلين أو الحرير.
فالجلد مهم بالنسبة للدار، كونه أحد رموزها ويدخل ضمن جيناتها إذا أخذنا بعين الاعتبار أنها بنيت على صناعة السروج وحقائب السفر منذ أكثر من قرن. احتراما لهذا التاريخ والإرث، كانت فيرونيك أول من أدخل جلد التمساح في صديري رجالي. كان ذلك في التسعينات، حين بدأت تتعامل مع الجلد كخامة سهلة ومرنة يمكن تطويعها للحصول على خطوط مميزة، كأي خامة مترفة. والآن، يعد أحد أعمدة تصاميمها، تماما كما يدخل في جينات الدار، لا سيما بعد تطور التقنيات التي تجعله خفيفا وفي غاية النعومة.
كل هذا يبرر بالنسبة لها الأسعار الباهظة، بحيث لا يختلف اثنان في أنها منفذة بطريقة لا يعلى عليها، على يد أفضل الحرفيين وأكثرهم تمرسا في العالم. حرفيون يحفزونها دائما كما تقول: «فكما أنا أتحداهم وأحفزهم بتصاميمي الدقيقة والمحسوبة التي تأخذ كل صغيرة وكبيرة بعين الحسبان، هم أيضا يتحدونني بتمكنهم من أدواتهم وتمتعهم بحرفية عالية تتطلب مني أن أكون بالمستوى نفسه». والنتيجة أزياء قد يستغرق تنفيذها وقتا طويلا، إلا أنها تتحدى الوقت وتدوم لزمن طويل، مما يجعلها استثمارا طويل المدى.
كانت بدايتها في عالم الرجال في عام 1988، بعد تخرجها مباشرة من معهد «لاشومبر سانديكال»، مع المصمم الإيطالي نينو تشيروتي. حينها، كان عدد المصممات المتخصصات في القطاع الرجالي، أقل بكثير من الآن، وكانت التحديات أكبر، ولا شك في أن جون لوي ديما كان سابقا لأوانه عندما فكر في امرأة تقود القسم الرجالي، إذ أثبتت نظرته أنه كان ذكيا ومحنكا. تميزت أول تشكيلة قدمتها لـ«هيرميس» بأسلوب منطلق وكلاسيكي في الوقت ذاته، بألوان باستيلية خفيفة. نجحت التشكيلة فتمسكت فيرونيك بهذا الأسلوب وجعلته ماركتها المسجلة، لا تمس بالأساسيات وتلعب بالتفاصيل فقط، مهما تغيرت الموضة، سواء تعلق الأمر بطية صدر السترة أو قصة البنطلون وطوله أو ألوانه الهادئة. فالموضة بالنسبة لها يجب أن تكون استثمارا طويل المدى وليس نزوات موسمية تتغير كما تتغير أحوال الطقس. وبالفعل، فرضت نفسها ونجحت في أن تصبح استثمارا لا تستغني عنه دار «هيرميس». فرغم أننا بين الفينة والأخرى نسمع بتحرك كراسي المصممين، وانتقالهم من دار إلى أخرى، مع اختلاف الأسباب، فإن الأمر مختلف بالنسبة لفيرونيك فهي مثل الهرم، صامدة في وجه التغيرات وشاهدة على الكثير منها من دون أن تؤثر عليها. تمسك بزمام الأمور بيد من حديد وإن كانت تلبس قفازات مخملية ناعمة. فتحت قيادتها، شهدت الدار انتعاشا كبيرا في مجال الأزياء الرجالية. الفضل يعود إلى أسلوبها العصري والكلاسيكي وفي الوقت ذاته إلى الازدهار الذي تشهده سوق الجانب الرجالي في السنوات الأخيرة نظرا لتنامي الإقبال على الموضة المترفة من جهة وانفتاح أسواق جديدة متعطشة لكل ما هو فريد ومميز، من جهة ثانية. وطبعا، ليس هناك ما هو أكثر تفردا وتميزا من التفصيل على المقاس والخاص، الذي ترأسه المصممة وتشرف على توسعه منذ بضع سنوات. لإرضاء رغبات هذا الرجل الأنيق الذي لا يهتم بالسعر بقدر ما يهتم بالتفرد، جرى خلق ما أصبح يعرف بـ«عالم الرجل» ويشمل كل ما يحتاجه من أحذية، وأوشحة، وحقائب يد وسفر، وساعات وبدلات، وأخيرا وليس آخرا التفصيل على المقاس والذوق، إن صح القول. عالم يشعر فيه الرجل بالانتماء، لأنه يفهم شخصيته وميوله ويتكلم لغته، والمايسترو هنا دائما هو فيرونيك نيشانيان، نظرا لدورها كمصممة فنية تتعامل مع كل الأقسام وتنسق بينها.
تشرح: «بالنسبة للتصميم على المقاس، كنت أريد أن أخلق فضاء جديدا وواسعا يلعب على الكثير من الاحتمالات، منها منح الرجل فرصة للحصول على أقصى ما يحلم به، كأن أستعمل له خيوطا خاصة من الصوف لغزل كنزة بلون محارة لعب بها في طفولته، أو أن أستنسخ له قميصا كان يحبه وهو صبي ولم يعد متوافرا في السوق وهكذا، يمكنه أن يطلب أي قطعة يريد وبأي خامة سواء كانت من الجلد أو الصوف».
افتتحت هذه الخدمة أخيرا في «دبي مول» بعد أن نجحت التجربة في نيويورك. وبما أن الرجل العربي لا تنقصه الرغبة في التميز ولا الإمكانات، فإن الدار توجهت إليه بكل قوتها وما تملكه من سحر. في هذا القسم، سيقابل الزبون خياطا متمرسا من الدار، يتحدث معه مباشرة عن التصميم والألوان التي يفضلها. بعد ذلك، تتاح له فرصة اختيار القماش من بين 5000 نوع.
وقد تصل القطعة المفصلة هنا إلى 130.000 درهم، مما يعني أنها ليست للكل، لأن العملية ليست مجرد تفصيل على المقاس، بل هي «بيسبوك» أو تفصيل خاص. فبينما يعني الأول أن يختار الرجل تصميما جاهزا ويجري عليه بعض التغييرات حتى يناسب مقاسه، فإن الثاني الـ«بيسبوك» تصميم قطعة من ألف إلى الياء، من التصميم والقماش واللون إلى التفاصيل الصغيرة، لتأتي القطعة على مقاسك وحسب ذوقك أيضا، فقط عليك أن تكون مستعدا للانتظار، لأن صنع بدلة قد يستغرق نحو 80 ساعة من العمل. أما المثير في العملية، فإنه بإمكانك أن تفصل أي قطعة سواء كانت جاكيت من الجلد أو كنزة من الصوف، بهذه الطريقة.

* ثماني خطوات لأناقة كلاسيكية عصرية
* التوازن عنصر مهم لأي مظهر أنيق، وهو ما تقصده فيرونيك نيشانيان بقولها إن كل سنتيمتر وملليمتر يؤثر، إما سلبا أو إيجابا على الشكل العام. فعندما تكون القطعة على مقاسك تماما، فإنها تشعرك، ليس بالراحة فحسب، بل أيضا بالثقة والاعتداد بالنفس.

1 - الأناقة ليست مواكبة آخر صيحات الموضة بقدر ما هي أسلوب شخصي، يعني لمسة خاصة تميزك عن غيرك. وربما هذا ما يميز الإيطاليين والفرنسيين عن غيرهم، فهم لا يتخوفون من إضفاء لمساتهم حتى وإن كانت عكس التيار ولا تخضع لما هو متعارف عليه، أحيانا بمزجهم قطعا ليس من المتوقع أن تنسجم بعضها مع بعض أو ألوان متضاربة لتفاجئنا بأنها بالفعل مثيرة ومتناغمة.

2- لإجازات نهاية الأسبوع والرحلات، يجب ألا يستغني الرجل عن قميص بسيط وكنزة من الكشمير، و«تي - شيرت» يفضل أن يكون «بولو» وبنطلون جينز.

3 - الأناقة لا تعترف بالسن، فهو مجرد رقم لا معنى له، ومن ثم يمكن لشاب في العشرين أو رجل في الستين أن يلبس بنطلون جينز مع سترة بليزر وقميص بسيط إذا كان يتمتع بجسم رشيق وشخصية قوية وروح شابة.

4 - لأن الإكسسوارات التي ترقى إلى مرتبة المجوهرات، محدودة بالنسبة للرجل، فإن ساعات اليد فرصته لتعويض هذا النقص، ومن ثم لا بأس أن تكون له ساعة للأيام العادية، وأخرى لنهاية الأسبوع وثالثة للمناسبات المهمة.

5 - أيضا في مجال الإكسسوارات، فإن الأوشحة اكتسبت قوة وأناقة رجالية في المواسم الأخيرة، وإذا كان البعض لا يزال غير متأكد منها، فإن السر لا يكمن فقط في خامتها وحجمها، بل أيضا في طريقة استعمالها بثقة، وفي لفها حول العنق مرتين أو أكثر، حسب حجمها، بطريقة لا مبالية ومنطلقة.

6 - بالنسبة للأحذية، يمكن الاختيار بين صندل من الجلد الطبيعي أو حذاء «موكاسان» حسب المكان أولا وأخيرا.

7 - الموضة حاليا ترحب بالأسلوب الخاص كما تشجع على معانقة الموضة، لكن الأهم من هذا هو مراعاة ما يناسب الجسم ومقاييسه، إذ ليس من المعقول أن يلبس الرجل، أيا كان عمره، تصاميم ضيقة جدا إذا لم يكن رشيقا. في هذه الحالة، سيكون مجرد ضحية موضة.

8 - إذا كانت هناك قطعة أساسية ومترفة، يجب على الرجل أن يستثمر فيها في كل المواسم، فهي كنزة من الكشمير الجيد. فهو يأتي مغزولا بعدة طرق، بعضها خفيف للصيف، وبعضها الآخر سميك للشتاء، فضلا عن أن ألوانه متنوعة بين الداكن والفاتح، مما يفتح للرجل عدة خيارات.



«لورو بيانا» تحتل واجهات «هارودز» لتحتفل بمئويتها وإرثها

حوَّلت «لورو بيانا» الواجهات إلى احتفالية بإرثها وحرفييها وأيضاً بالثقافة البريطانية التي تمثلها معلمة مثل «هارودز» (لورو بيانا)
حوَّلت «لورو بيانا» الواجهات إلى احتفالية بإرثها وحرفييها وأيضاً بالثقافة البريطانية التي تمثلها معلمة مثل «هارودز» (لورو بيانا)
TT

«لورو بيانا» تحتل واجهات «هارودز» لتحتفل بمئويتها وإرثها

حوَّلت «لورو بيانا» الواجهات إلى احتفالية بإرثها وحرفييها وأيضاً بالثقافة البريطانية التي تمثلها معلمة مثل «هارودز» (لورو بيانا)
حوَّلت «لورو بيانا» الواجهات إلى احتفالية بإرثها وحرفييها وأيضاً بالثقافة البريطانية التي تمثلها معلمة مثل «هارودز» (لورو بيانا)

مع اقتراب نهاية كل عام، تتسابق المتاجر والمحلات الكبيرة على التفنن في رسم وتزيين واجهاتها لجذب أكبر نسبة من المتسوقين إلى أحضانها. بيوت الأزياء الكبيرة هي الأخرى تتسابق على حجز مكان رئيسي لها على هذه الواجهات لتسليط الضوء عليها وعلى إبداعاتها. فما لا يختلف عليه اثنان أن هذه الواجهات والزينة، بما في ذلك الأنوار التي تُزين الشوارع والساحات، تعد نقطة جذب سياحي تعتمد عليه لندن كل سنة. عادةً ما تبدأ الحجوزات قبل فترة طويلة.

وبما أن محلات «هارودز» معلمة ووجهة سياحية، فإن فرصة العرض فيها لا تقدر بثمن، وبالتالي فهي لا تمنح الفرصة لأيٍّ كان لاحتلال واجهاتها. لكنَّ «لورو بيانا» ليست أياً كان؛ فهي من أهم بيوت الأزياء العالمية حالياً. تصاميمها المترفة تجذب النظر وتحفز حركة البيع في الوقت ذاته، بدليل أنها من بين بيوت أزياء تعد على أصابع اليد الواحدة لا تزال تحقق الأرباح رغم الأزمة التي ألمَت بكثير من الأسماء الشهيرة.

احتلت «لورو بيانا» كل واجهات محلات «هارودز» بمناسبة الأعياد والاحتفالات (لورو بيانا)

هذا العام، أُتيحت لها الفرصة لتجعل 36 نافذة عرض في «هارودز» ملكها الخاص. لم يكن الأمر سهلاً. بدأت العمل عليه منذ أكثر من عام تقريباً ليأتي بصورة تسلط الضوء على تاريخها وإرثها وأيضاً مهارات حرفييها بشكل جيد، وهو ما مثَّلته «ورشة العجائب» Workshop of Wonders. فكرتُها استعراضُ خبراتهم في غزْل الصوف وأساليبهن الخاصة في المزج بين الحرفية والفن. هنا سيستمتع الناظر بقصة تُسرد من زاوية مدهشة تتبع رحلتهم، من المراعي و طرق عيش الخرفان والغزلان الخرفان وكيفية الحصول على المواد الخام وصولاً إلى المنتج النهائي.

ورشة العجائب

تتميز بديكورات متحرّكة ميكانيكية تُجسّد فكرة مسرح الدمى من خلال الآليات التي تحركها وراء الكواليس. أغلبها من الخشب لتعزيز الطابع اليدوي التقليدي. فهذه الورشة تعكس فكرة مفادها أنّ الطبيعة نفسها ورشة من الجمال والتفرد والكمال.

الجنود المجهولون أو الحرفيون أخذوا نصيبهم من الاحتفال باستعراض مهاراتهم أمام الضيوف (لورو بيانا)

تأتي التصاميم هنا مستوحاة من روح عشرينات القرن الماضي، وهي الحقبة التي أبصرت فيها الدار النور، ممّا يعزز الشعور بالعراقة من خلال استخدام القوام الخشبي والألوان الدافئة الممزوجة بلمسات من الذهب المطفي. تملأ المشهد، دمى مرسومة ومحاطة بسحب من الصوف المنسوج يدوياً. هنا أيضاً يُكشف الستار عن مجتمعات الحرفيين الماهرين Masters of Fibers والأماكن الساحرة حول العالم، حيث يعيش الماعز، والألباكا، وحيوان الأيل، والغزال. هنا كل شيء يتأرجح بين الواقع والخيال،

وخلال هذه الفترة، ستفتتح الدار متجرَين جديدَين في «هارودز»؛ الأوّل مخصّص لأزياء الصغار، والآخر للديكور المنزلي، إلى جانب منتجات وتصاميم حصرية تحتفي بتاريخ الدار وبموسم الأعياد.

الواجهة والنوافذ

الجميل في تصميم الواجهات أن التركيز لم يقتصر على عرض تصاميمها بشكل يُغري المتسوقين، بقدر ما جرى التركيز على أخذهم في رحلة ممتعة إلى أماكن بعيدة، لتُعرفهم من أين تُستورد الألياف النادرة قبل أن تتحول إلى رزمٍ قطنية ثم إلى أقمشة فاخرة، يُزيِن بعضها شجرة عيد ميلاد بارتفاع 17 متراً .

... وطبعاً لا تكتمل الإطلالات من دون حقائب تعكس اهتمام الدار بالتفاصيل (لورو بيانا)

صُممت كل نافذة بدقة لتحاكي تحفة فنية تروي مرحلة من تاريخ «لورو بيانا» وقصةً نجمُها الرئيسي أليافٌ وأنسجة خفيفة على شكل رزم تتحرك على حزام ناقل، لتتحوّل إلى قماش من خلال آلية مذهلة، وفي النهاية تتّخذ شكل شجرة عيد ميلاد بطول 17 متراً مزينة بالأقمشة وحلة العيد الفريدة.

نوافذ أخرى، تسرد فصولاً تتناول مواقع ومجتمعات «الحرفيين الماهرين» Masters of Fibers من منغوليا وأستراليا وجبال الأنديز وما بعدها، وصولاً إلى إيطاليا حيث يتم تحويل الألياف والمواد الخام إلى قطع لا تقدر بثمن.

منها ما يحكي قصص صوف الفيكونيا، ونسيج بيبي كشمير، وصوف الملوك وقماش «بيكورا نيراPecora Nera® وغيرها. النوافذ المخصّصة لـصوف الملوك مثلا تركز على عملية البحث عن أفضل المراعي الخضراء لخراف المارينو، وهي عملية تعود بنا إلى أواخر القرن الثامن عشر، حين وصل القبطان جيمز كوك إلى نيوزيلندا وأستراليا، حاملاً معه خراف المارينو لأول مرة. لدهشة الجميع، وجدت هذه الخراف مكانها المثالي، حيث حظيت بعناية مكثفة على يد المربّين المحليين ومنحتهم هذه الخراف بدورها أجود أنواع الصوف في العالم. أمّا نافذة Pecora Nera® فتروي رؤية وإبداع المزارعة النيوزيلندية فيونا غاردنر التي ركّزت على الخراف ذات اللون الداكن تحديداً. صوفها الثمين يتحوّل إلى ألياف طبيعية لا تحتاج إلى صبغات.

قطع حصرية لـ«هارودز»

احتفالاً بالذكرى المئوية للدار وأسلوبها المتميز بالفخامة الهادئة، تم طرح مجموعة جاهزة للرجال والنساء، حصرياً في «هارودز». كان من الطبيعي أن تستمد إيحاءاتها من الأناقة البريطانية الكلاسيكية مطعَّمة بلمسات مستوحاة من الفروسية وأنماط المربعات، إضافةً إلى اللون الأخضر الأيقوني الخاص بـ«هارودز» و ألوان أخرى مستوحاة من أجواء العيد، مثل الأحمر والأبيض.

لم تستسهل «لورو بيانا» عملية تزيين 36 نافذة وكانت النتيجة مرآة لتاريخها وإرثها (لورو بيانا)

الإطلالات المسائية للمرأة في المقابل تتميز بفساتين طويلة من الحرير المطرّز يدوياً وفساتين محبوكة بقصات عمودية، إلى جانب قمصان ناعمة مصنوعة هي الأخرى من الحرير تم تنسيقها مع سراويل واسعة بسيطة بعيدة عن التكلّف. تضيف أحذية الباليه المسطحة المصنوعة من المخمل الأسود، والصنادل ذات الكعب العالي المطرزة بزهور الشوك الذهبية، لمسة نهائية راقية.

من جهته يتألق رجل «لورو بيانا» في كل المناسبات الرسمية والاحتفالات الموسمية، بفضل التشكيلة الواسعة من البدلات الرسمية.

متجران مؤقتان

سيجد زائر «هارودز» كل ما يطمح إليه من أزياء أو إكسسوارات مصنوعة من أجود أنواع الألياف (لورو بيانا)

بهذه المناسبة خصصت الدار متجرَين مؤقّتَين من وحي الأعياد. الأول في الباب 6، ويشمل عناصر مستوحاة من ورش العمل والأقمشة المطرّزة. تتوسطه طاولة عمل من الجلد مضاءة بمصباح علوي، بالإضافة إلى عجلة صناعية كبيرة تعرض المنتجات الجلدية والإكسسوارات. يمكن للزوّار هنا العثور على تشكيلة حصرية من ربطات العنق والقبّعات المصنوعة من الكشمير الفاخر للأطفال، والصوف، وقماش التويل الحريري بألوان هادئة أو مزيّنة بزخارف تحمل رموز الدب وزهرة الشوك وغيرها. أما للمنزل، فتتوفر تماثيل خشبية للماعز والألباكا، بالإضافة إلى نسخ محشوة منها على قواعد خشبية. وقد جرى تخصيص زاوية خاصة لإدخال اللمسات الشخصية على وشاح Grande Unita الأيقوني، حيث يمكن للعملاء تطريز الأحرف الأولى من أسمائهم.

استلهمت الدار الإيطالية كثيراً من التصاميم من الأجواء البريطانية العريقة... من الأشكال والقطع إلى الألوان (لورو بيانا)

أما المتجر الثاني بباب 9، فخُصّص لفنّ تقديم الهدايا وتجربة حصرية يمكن حجزها لمزيد من المتعة. تبدأ بتعريف الضيوف بعالم الحرف اليدوية، من خلال أشجار الأعياد المغلّفة بالصوف والكشمير، وحيوانات محشوة على شكل الماعز، والألباكا، وحيوان الأيل، والغزال، بالإضافة إلى رؤوس أقلام على شكل حيوانات. وتتجلّى بهجة موسم الأعياد في كرة الثلج المصنوعة من الخشب والزجاج التي تضم ماعز الكشمير محاطاً بحبّات الثلج المتطايرة. يستضيف هذا المتجر أيضاً ورشة عمل تُتيح للضيوف اختبار مهاراتهم في الحرف اليدوية أو تعلّم كيفية صنع زينة العيد وتغليف نماذج خشبية بالصوف.

تستمر فعاليّات Workshop of Wonders حتّى الثاني من يناير (كانون الثاني) 2025، وتُشكّل جزءاً مهماً وأساسياً من احتفالات الدار بعيدها المئة حول العالم، وبذكرى تأسيسها عام 1924 على يد بييترو لورو بيانا.