طرح أفلام مصرية جديدة رغم «ركود» الإيرادات

«بلوموندو» و«الحريفة» و«آل شنب» من بينها

أفيش «آل شنب» (الشركة المنتجة)
أفيش «آل شنب» (الشركة المنتجة)
TT

طرح أفلام مصرية جديدة رغم «ركود» الإيرادات

أفيش «آل شنب» (الشركة المنتجة)
أفيش «آل شنب» (الشركة المنتجة)

يشهد النصف الثاني لشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، إطلاق العرض الجماهيري لأفلام مصرية جديدة؛ قرر صناعها تجاهل الركود الذي خلفته حرب غزة والدفع بأفلامهم إلى دور العرض السينمائي، حيث يعرض 15 من هذا الشهر فيلم «بلوموندو» من بطولة حسن الرداد، ويعرض فيلم «الحريفة» يوم 22 من الشهر نفسه، ويعد أول بطولة سينمائية لنور النبوي؛ فيما تحدد يوم 30 نوفمبر لعرض فيلم «آل شنب» بطولة ليلى علوي ولبلبة وسوسن بدر وأسماء جلال، وتعرض الأفلام في التوقيت نفسه في السعودية ودول الخليج العربي، بينما حجزت أفلام أخرى تواريخ عرض خلال شهر ديسمبر (كانون الأول) لتواكب أعياد الميلاد ورأس السنة الجديدة، من بينها فيلم «أبو نسب» لمحمد إمام.

محمد عادل إمام في لقطة من فيلمه الجديد (الشركة المنتجة)

وكانت شركات إنتاجية قد أرجأت عرض أفلامها الجديدة بسبب حرب غزة، التي أثّرت على الحضور الجماهيري وأدت لتراجع إيرادات معظم الأفلام المعروضة بعد موسم صيفي حافل بالأفلام والإيرادات الكبيرة التي حققتها أفلام عديدة، من بينها، «بيت الروبي»، و«فوي فوي فوي»، و«وش في وش»، و«العميل صفر».

ومنذ اندلاع الحرب في غزة؛ شهدت إيرادات الأفلام في دور العرض المصرية تراجعاً لافتاً، فقد بلغ إجمالي إيرادات الأفلام المصرية التسعة المعروضة راهناً أقل من مليون جنيه (الدولار الأميركي يعادل نحو 31 جنيهاً مصرياً بالآونة الأخيرة)، بينما سجلت الإيرادات السبت أقل من نصف مليون جنيه، وفق موزعين سينمائيين.

وكان من المقرر عرض فيلم «بلوموندو» ضمن موسم الصيف الماضي، إلا أن تأخر التصوير حال دون عرضه، ويشارك في بطولته هاجر أحمد، ومحمود حافظ، وإنجي وجدان، وسماء إبراهيم، ومحمد محمود، ومصطفى أبو سريع، والعمل من تأليف حازم ومحمد ويفي وإخراج ياسر سامي، ومن إنتاج المنتج السعودي سامر المحضر.

تدور أحداث الفيلم في قالب كوميدي رومانسي من خلال بطل الفيلم الذي يعمل في مجال العقارات، ويتزوج بفتاة تنتمي لطبقة ثرية، وبعد عام من زواجهما يقرر تغيير حياته بشكل مفاجئ، وكان الرداد قد نافس العام الماضي بفيلم «تحت تهديد السلاح»، الذي لعب بطولته أمام مي عمر، وشيرين رضا وبيومي فؤاد.

بوستر «بلوموندو» (الشركة المنتجة)

وفي عالم كرة القدم تدور أحداث فيلم «الحرّيفة» حيث تجبر الظروف ماجد، الذي يجسده الممثل الشاب نور خالد النبوي، إلى ترك مدرسته الخاصة، والانتقال إلى مدرسة حكومية، وسرعان ما يكتسب محبة زملائه بسبب مهارته الكبيرة في لعبة كرة القدم، وينضم إلى فريق المدرسة على أمل الفوز بجائزة كبيرة، ويشارك في بطولة الفيلم نور إيهاب، وأحمد غزي، وخالد الذهبي، وأحمد حسام (ميدو)، الفيلم من إخراج رؤوف السيد وتأليف إياد صالح.

وكان من المقرر أن يشارك فيلم «آل شنب» ضمن مسابقة الأفلام الروائية الطويلة في مهرجان الجونة السينمائي خلال دورته السادسة التي تأجلت بسب حرب غزة، ويعد الفيلم ثالث الأفلام الطويلة للمخرجة أيتن أمين بعد فيلميَ «فيلا 69»، و«سعاد»، وينتمي «آل شنب» لأفلام البطولة الجماعية حيث يشارك به كل من ليلى علوي ولبلبة وسوسن بدر وأسماء جلال وهيدي كرم، وخالد سرحان، وعلي الطيب.

واعتادت أيتن أمين على كتابة أفلامها وقد كتبت هذا الفيلم بمشاركة كل من أحمد رؤوف وإسلام حسام، مؤكدة في حديث لـ«الشرق الأوسط»: أن «الجمع بين الكتابة والإخراج أمر مرهق للغاية، لكنني أحب الكتابة وأرى الإخراج جزءاً مكملاً لها، كما يهمني التعبير عن أفكاري، ولدّي موضوعات عديدة أرغب في التحدث عنها». وقالت أيتن أمين: إن «الفيلم يطرح بشكل إنساني فكرة لها علاقة بالموت وطقوسه، لكنه يتعامل مع الموت باعتيادية، بل يحتفي بالحياة من خلال عائلة تضم أطفالاً وشباباً». وأشارت إلى أن أبطال الفيلم تحمسوا له قائلة: «وجدت حماساً من ليلى علوي ولبلبة وكل أبطال الفيلم، وشعرت أنهم أحبوا السيناريو وتفاعلوا معه».

ويعرض الفيلم لحالة وفاة تحدث فجأة لأحد أفراد عائلة «آل شنب» وتسافر العائلة إلى الإسكندرية للمشاركة في طقوس الجنازة والعزاء، وخلال أيام الحداد الثلاثة، وفي ظل تجمع يضم أربع شقيقات وأولادهم وأحفادهم تتفجر المواقف الكوميدية بينهم.

وعدّ الناقد المصري أحمد سعد الدين، عرض الأفلام الجديدة راهناً «مغامرة»، مبرراً ذلك بأن الشباب الذي يمثل الجمهور الأساسي للسينما لا يُقبل على مشاهدة الأفلام لانشغاله بمتابعة حرب غزة، مؤكداً لـ«الشرق الأوسط»: أن «إقبال الجمهور سيكون ضعيفاً، لذلك ستُطرح أفلام قليلة حتى موسم رأس السنة، لأن المصريين منشغلون بمتابعة الحرب».

وإلى جانب الأفلام التي سيبدأ عرضها، تشهد السينما المصرية حالياً تصوير عدد من الأفلام الجديدة، من بينها، «فرقة الموت» لأحمد عز، ومنة شلبي، وآسر ياسين، وبيومي فؤاد، وإخراج أحمد علاء الديب، وتدور الأحداث في قالب من الإثارة و«الأكشن».

ويصور المخرج طارق العريان في منطقة البوليفارد بالرياض المشاهد الأولى للجزء الثالث من فيلم «أولاد رزق 3» الذي حظي بدعم كبير من هيئة الترفيه في المملكة، ويشارك في بطولته أيضاً أحمد عز إلى جانب عمرو يوسف، وأحمد الفيشاوي، وكريم قاسم، وأحمد داود، في حين يصور المخرج شريف عرفة بمدينة الغردقة المصرية أحدث أفلامه «علام عام» من بطولة محمد إمام، وأسماء جلال، وبيومي فؤاد، وتدور أحداثه في إطار لايت كوميدي.


مقالات ذات صلة

احتجاز نجل روب راينر بعد العثور على المخرج وزوجته مقتولين بطعنات

يوميات الشرق روب راينر وميشيل راينر يحضران حفل توزيع الميداليات تكريماً للفائزين بجوائز مركز كنيدي السنوية السادسة والأربعين في وزارة الخارجية الأميركية في واشنطن العاصمة في 2 ديسمبر 2023 (إ.ب.أ)

احتجاز نجل روب راينر بعد العثور على المخرج وزوجته مقتولين بطعنات

عُثر على جثمان المخرج والممثل الأميركي روب راينر وزوجته ميشيل مقتولين في منزل بلوس أنجليس يملكه راينر، حسبما أفاد مسؤول في سلطات إنفاذ القانون الأميركية.

«الشرق الأوسط» (لوس أنجليس)
يوميات الشرق فيلم «الست» يحقق افتتاحاً قوياً بأكثر من مليون ريال في أسبوعه الأول (imdb)

شباك التذاكر السعودي: «السلم والثعبان» يتصدر... وافتتاح قوي لـ«الست»

واصل شباك التذاكر السعودي أداءه المستقر خلال الأسبوع الثاني من ديسمبر، محققاً إيرادات تتجاوز 14 مليون ريال، مع بيع نحو 286 ألف تذكرة.

«الشرق الأوسط» (الدمام)
يوميات الشرق نسمة محجوب مع منى زكي (حساب نسمة محجوب على فيسبوك)

نسمة محجوب: تجربتي في «الست» التحدي الأصعب بمشواري

أعربت المطربة المصرية نسمة محجوب عن فخرها بمشاركتها في فيلم «الست» بالأداء الصوتي للأغنيات، والذي اعتبرته أصعب تحدٍّ خلال مشوارها الفني.

مصطفى ياسين (القاهرة)
يوميات الشرق عرض الفيلم للمرة الأولى عربياً في مهرجان البحر الأحمر (يوتيوب)

زانغ زونغشين لـ«الشرق الأوسط»: عملي في المصانع والحراسة كان ملهماً

يقول المخرج الصيني زانغ زونغشين لـ«الشرق الأوسط» إن طريقه إلى السينما لم يبدأ من المعاهد السينمائية، بل من حياة مليئة بالانتقال والعمل الشاق.

أحمد عدلي (جدة)
يوميات الشرق السجادة الحمراء في الدورة الخامسة لمهرجان البحر الأحمر - جدة 2025 (أ.ف.ب)

جوائز «البحر الأحمر السينمائي» ذهبت لمن استحق

جوائز مهرجان «البحر الأحمر السينمائي» الخامسة وزعت على أفلام «أرض مفقودة» و«اللي باقي منك» و«هجرة»، مع تكريم أعمال عربية أخرى مميزة.

محمد رُضا (جدّة)

ساعة ذكية لتقليل نوبات غضب الأطفال

الساعة الذكية ترصد مؤشرات التوتر الفسيولوجية مثل ارتفاع معدل ضربات القلب (مايو كلينك)
الساعة الذكية ترصد مؤشرات التوتر الفسيولوجية مثل ارتفاع معدل ضربات القلب (مايو كلينك)
TT

ساعة ذكية لتقليل نوبات غضب الأطفال

الساعة الذكية ترصد مؤشرات التوتر الفسيولوجية مثل ارتفاع معدل ضربات القلب (مايو كلينك)
الساعة الذكية ترصد مؤشرات التوتر الفسيولوجية مثل ارتفاع معدل ضربات القلب (مايو كلينك)

طوّر باحثون في مجموعة «مايو كلينك» الطبية الأميركية نظاماً مبتكراً يعتمد على الساعة الذكية لتنبيه الآباء عند أولى مؤشرات نوبات الغضب الشديدة لدى الأطفال المصابين باضطرابات عاطفية وسلوكية، ما يتيح التدخل السريع قبل تفاقم النوبة.

وأوضح الباحثون أن هذا النظام يُقلّص مدة وحدّة نوبات الغضب، ما يخفف الضغط النفسي على الطفل ووالديه، ويُحسّن الأجواء الأسرية، ويُقلّل من الصراعات اليومية. ونُشرت النتائج، الاثنين، في دورية «JAMA Network Open».

ونوبات غضب الأطفال هي انفعالات مفاجئة وشديدة، تظهر في صورة بكاء حاد أو صراخ أو رفض للأوامر أو سلوك عدواني أحياناً. وغالباً ما تنتج هذه النوبات عن عجز الطفل عن التعبير عن مشاعره أو السيطرة عليها، وقد تكون أكثر حدّة وتكراراً لدى الأطفال المصابين باضطرابات عاطفية وسلوكية.

ورغم أن نوبات الغضب تُعد جزءاً طبيعياً من نمو بعض الأطفال، فإن استمرارها لفترات طويلة أو شدتها الزائدة قد يؤثر سلباً في الصحة النفسية للطفل والعلاقات الأسرية، ما يستدعي تدخلاً تربوياً أو علاجياً مبكراً للحد من آثارها.

ويعتمد النظام على ساعة ذكية يرتديها الطفل، ترصد مؤشرات التوتر الفسيولوجية، مثل ارتفاع معدل ضربات القلب أو التغيرات في الحركة أو النوم. وتُنقل هذه البيانات إلى تطبيق على هاتف الوالدين مزوّد بتقنيات الذكاء الاصطناعي، يُحلِّلها لحظياً ويُرسل تنبيهاً فورياً يحثّ الوالدين على التواصل مع الطفل وتهدئته في الوقت المناسب.

وأُجريت التجربة السريرية على 50 طفلاً تتراوح أعمارهم بين 3 و7 سنوات، كانوا يعانون اضطرابات عاطفية وسلوكية. واستُخدم نظام الساعة الذكية لدى نصف المشاركين على مدى 16 أسبوعاً، في حين واصل النصف الآخر العلاج القياسي. وقيَّمت الدراسة مدى التزام العائلات باستخدام التقنية، وقدرة التنبيهات الفورية على تغيير سرعة استجابة الوالدين وسلوك الأطفال.

وأظهرت النتائج أن التنبيهات الفورية ساعدت الآباء على التدخل خلال 4 ثوانٍ فقط، وأسهمت في تقليص مدة نوبات الغضب الشديدة بمعدل 11 دقيقة، أي نحو نصف المدة المسجّلة لدى الأطفال الذين تلقوا العلاج التقليدي فقط.

كما بيّنت النتائج أن الأطفال ارتدوا الساعة الذكية لنحو 75 في المائة من فترة الدراسة، ما يعكس قابلية التطبيق وارتفاع مستوى تفاعل العائلات مع هذه التقنية.

وقال الباحثون إن «هذه الدراسة تُظهر أن تدخلات صغيرة، إذا جاءت في التوقيت المناسب، يمكن أن تغيّر مسار نوبة الاضطراب العاطفي لدى الطفل؛ إذ تمنح الوالدين فرصة للتدخل الداعم، مثل الاقتراب من الطفل، وتقديم الطمأنة، وتعزيز المشاعر الإيجابية، وإعادة توجيه الانتباه، قبل أن تتصاعد النوبة».

وأضافوا أن هذا النظام يُثبت أن بيانات الأجهزة الذكية اليومية يمكن أن تساعد الأسر في الوقت الحقيقي؛ فقد تبدو الساعة الذكية جهازاً بسيطاً، لكنها عندما تُدعَم بعلاجات قائمة على الدليل وتحليلات متقدمة، تتحول إلى بارقة أمل للأسر التي تواجه أعراضاً سلوكية شديدة في المنزل.


«معرض جدة للكتاب» حراك ثقافي متجدد يجمع الأجيال ويعيد للكتاب مكانه

كثير من الفعاليات والندوات كانت حاضرة لمختلف الأعمال
كثير من الفعاليات والندوات كانت حاضرة لمختلف الأعمال
TT

«معرض جدة للكتاب» حراك ثقافي متجدد يجمع الأجيال ويعيد للكتاب مكانه

كثير من الفعاليات والندوات كانت حاضرة لمختلف الأعمال
كثير من الفعاليات والندوات كانت حاضرة لمختلف الأعمال

على مهل... كبار السن يعبرون ممرات معرض جدة للكتاب، يقلبون صفحات كتاب عتيق يعرفه قارئه جيداً، لا يركضون خلف العناوين، ولا تستفزهم الألوان الصارخة، بل يقفون حيث يقف المعنى، ويمدون أيديهم إلى الورق كما لو أنهم يصافحون ذاكرة قديمة، يعرفونها وتعرفهم.

هنا، في جدة، المدينة التي تعلمت القراءة مبكراً من دفاتر الرحالة، وسجلات التجارة والحكايات القديمة، لم يكن توافد كبار السن إلى معرضها للكتاب مشهداً غريباً، بل امتداد طبيعي لتاريخ طويل من الألفة بين الإنسان والكتاب، حيث جهزت «هيئة الأدب والنشر والترجمة» معرضاً فيه كل ما هو ممكن من مضمون ومحتوى يأخذ القارئ إلى أبعاد مختلفة ومسارات متنوعة.

في المعرض تقابلك مشاهد لكبار السن وهم يتجولون في المعرض يحضرون الندوات، ويجلسون على مقاعد جانبية يتصفح أحدهم كتاباً بتمهل فيبتسم عند سطرٍ يعرفه، ويتوقف عند آخر كأنه يستعيد زمناً مر عليه في هذه المدينة التي لم تكن يوماً بعيدة عن الثقافة.

يقول العم حسن عبيد، الذي لامس السبعين: «في المعرض أبحث عما يسلي خاطري وأدقق في معرفة الرواة والمؤلفين، وإن كان ميلي لمؤلفين رافقوا البدايات الأولى في حياتي، وأقارن بين ما هو قديم وما يعاد تقديمه اليوم للأجيال الجديدة، فالقراءة بالنسبة لي ليست هواية بل عادة راسخة، وسلوك يومي ونافذة أطل منها على العالم حتى وإن تغير شكله».

كثير من الفعاليات والندوات كانت حاضرة لمختلف الأعمال

هذه غراس المعرض، يجدد الشغف ويعيد للكتاب سيرته الأولى ومكانه الطبيعي، فمعرض جدة للكتاب، الذي نجحت «هيئة الأدب والنشر والترجمة» في استقطاب أكثر من 1000 دار نشر من 24 دولة تفتح شهية الباحث والقارئ، بل إنها لم تركن لما هو على الرفوف بل تجاوز ذلك بأحدث 170 فعالية ثقافية، ولقاءات فكرية، وذلك بهدف إعادة تشكيل العلاقة بين القارئ والمكان ممثلة في مدينة جدة، التي احتضنت الحجاج والتجار والعلماء، واليوم تفتح ذراعيها للكتاب في هذا التوقيت وتمنح كبار السن مساحة ليكونوا شهوداً على التحول لا خارج محيط الفكر والثقافة.

سجل المعرض حضوراً كثيفاً في الندوات الحوارية وورش العمل (الشرق الأوسط)

جولة «الشرق الأوسط» لاحظت أن كبار السن لا ينفصلون عن حاضرهم فهم يتأملون جميع الكتب ومسارتها من الأدب والروية والقصة حتى أنهم يبحثون عن علوم مختلفة، ويستمعون إلى النقاشات، ويتابعون الحركة الثقافية بفضول هادئ يؤكد أن القراءة لا عمر لها، وأن الشغف بالمعرفة لا يتقاعد، إذ ترى في عيونهم المقارنة الصامتة بين زمن كان الكتاب فيه نادراً، وزمن صار فيه وفيراً مع امتلاكه الخصائص والقيمة.

في الجهة الأخرى من المشهد، حيث تخف وطأة الذاكرة وتعلو دهشة الاكتشاف، كان صغار السن يكتبون حضورهم بطريقتهم الخاصة، لا يقفون طويلاً عند الغلاف الواحد، لكن أعينهم تلتقط الفكرة قبل العنوان، وتتحرك بين الأجنحة كما لو أنها تتدرب على أول علاقة حقيقية مع الكتاب، فهنا تبدأ الحكاية من جديد لا بوصفها امتداداً للماضي، بل وعد للمستقبل.

الورش لم تكن قاصرةً على الكبار إذ سجل الأطفال والمراهقون حضوراً ملفتاً

ففي معرض جدة للكتاب، وفرت «هيئة الأدب والنشر والترجمة» مواقع مختلفة، كي يلتقي فيها الصغار بالكلمة للمرة الأولى خارج أسوار المدرسة، يلمس أحدهم الكتاب بفضول، ويسأل، ثم يختار ما يشبهه من القصص المصورة، كتب المعرفة المبسطة، وأركان القراءة التفاعلية، وهذه لا تكون وسائل جذب بل جسور ثابتة قواعدها متينة تمهد لعلاقة طويلة الأمد مع القراءة، كعادة جدة المدينة التي علمت أجيالاً سابقةً كيف تحفظ الحكاية لتعيد اليوم صياغتها بلغة يفهمها الصغار.

اللافت أن المسافة بين كبار السن وصغارهم داخل المعرض لم تكن بعيدة، هنا جد يشير لحفيده إلى كتاب قرأه ذات يوم، وهناك طفل يلتقط الفكرة ويعيد تشكيلها بلغته الخاصة، وما بين الاثنين، يتحقق المعنى الأعمق لمعرض جدة للكتاب بأن يكون مساحة تواصل بين زمنين، لا قطيعة بينهما، وأن تنتقل المعرفة من يد إلى يد، ومن ذاكرة إلى أخرى.

طفلة تبحث عما يحاكيها بين الكتب

الملاحظ أن «هيئة الأدب والنشر والترجمة» نجحت في إيجاد ورش عمل وأمسيات تمس المتلقي بشكل أو آخر، ومن ذلك الورشة التي قدمتها الكاتبة شوقية الأنصاري تحت عنوان «كيف نلهم الطفل ليكون مؤلفاً صغيراً»، التي استعرضت من خلالها خطوات تحفيز الطفل على التعبير الكتابي، شملت قراءة النصوص القصيرة وتحليلها، ومحاكاة النصوص المنشورة، وبناء الجمل المتنوعة، والتعبير عن الصور بلغة سليمة.

وجذبت منطقة «المانجا» في معرض جدة للكتاب 2025 اهتمام عشاق المحتوى الإبداعي من فئتي الأطفال والشباب، عبر تجربة ثقافية تفاعلية تجمع بين القراءة والخيال البصري، وتقدم نماذج حديثة من صناعة القصص المصوّرة، بما يواكب اهتمامات الجيل الجديد، مع توفير أبرز إصدارات «المانجا»، بما في ذلك مجلات «المانجا العربية»، التي تعنى بنشر أعمال مستوحاة من «المانجا اليابانية»، إلى جانب القصص المصوّرة السعودية، في إطار يسهم في رفع معدلات القراءة، وتنمية الذائقة البصرية، وإثراء المحتوى العربي بأساليب سرد حديثة.

في المقابل وجد الكثير من كبار السن ضالتهم في الأمسيات الشعرية التي اتسمت بتنوع النصوص وعمقها الوطني، بخلاف الورش والندوات، التي شملت كثيراً من الميادين ومنها ندوة حوارية حول مفهوم الهوية الثقافية وتحولاتها، أكد فيها الكاتب هشام أصلان أن الهوية كائن حي يتطور عبر احتكاكه بالماضي وتفاعله مع الواقع المعاصر، إضافة إلى ندوات متعددة منها «مستقبل المكتبات والمتاحف... من الحفظ إلى التفاعل الرقمي» قدّمها متخصص المعالم المكانية وتاريخ فنون العمارة الدكتور فؤاد المغامسي، وجرى خلالها استشراف تحولات المؤسسات الثقافية نحو الرقمنة.

بهذا الحضور المتكامل، يغدو معرض جدة للكتاب أكثر من فعالية ثقافية، بل مشهد اجتماعي نابض بالحياة، كبار السن يرسخون الجذور، وصغار السن يمدون الأغصان نحو الضوء، وجدة، بثقلها التاريخي وعمقها الثقافي، تقف في المنتصف، شاهدةً على دورة القراءة وهي تتجدد، وعلى الكتاب وهو يعثر في كل عام على قارئ جديد، مهما اختلف العمر، ومهما تبدلت الأزمنة، هكذا يبدو «معرض جدة للكتاب» بكل المقاييس التي تعرفها والتي لا تعرفها، أكثر من فعالية ومساحة التقاء بين أجيال، وجسراً يصل ذاكرة المدينة الثقافية بحاضرها المتسارع، ليكتب كبار السن بتجولهم بين أروقة المعرض سطراً غير معلن «ما زلنا نقرأ، وما زال للكتاب مكان» وما زالت جدة تعرف كيف تحتضن الثقافة، كما احتضنت التاريخ.


ميناء العين السخنة المصري يدخل موسوعة «غينيس»

تسجيل ميناء السخنة المصري في «غينيس» لأعمق حوض ميناء صناعي (وزارة النقل المصرية)
تسجيل ميناء السخنة المصري في «غينيس» لأعمق حوض ميناء صناعي (وزارة النقل المصرية)
TT

ميناء العين السخنة المصري يدخل موسوعة «غينيس»

تسجيل ميناء السخنة المصري في «غينيس» لأعمق حوض ميناء صناعي (وزارة النقل المصرية)
تسجيل ميناء السخنة المصري في «غينيس» لأعمق حوض ميناء صناعي (وزارة النقل المصرية)

سجلت موسوعة «غينيس» العالمية للأرقام القياسية ميناء العين السخنة المصري بوصفه أعمق حوض ميناء من صنع الإنسان على اليابسة، بعمق 19 متراً، وتسلّم نائب رئيس الوزراء للتنمية الصناعية، وزير الصناعة والنقل في مصر، كامل الوزير، شهادة التسجيل، وفق بيان لوزارة النقل المصرية، الاثنين.

ويضم ميناء السخنة على البحر الأحمر (100 كيلو شرق القاهرة)، محطة حاويات تتضمن أرصفة بطول 2600 متر، بغاطس 18 متراً، وساحات تداول بمساحة 1.5 مليون م2 وطاقة استيعابية حوالي 1.6 إلى 1.7 مليون حاوية سنوياً.

وأبدى الوزير فخره وسعادته بهذا الإنجاز العالمي الكبير الذي يعكس ويجسد مدى التطور الذي تشهده مصر حالياً في المجالات كافة، ومنها قطاع النقل البحري، لافتاً إلى أن هذا الإنجاز «تحقق بأيادي العمال والمهندسين والشركات المصرية الوطنية المتخصصة»، مؤكداً على المشاركة الفعّالة من أكثر من 200 شركة من الشركات الوطنية المصرية في هذا المشروع.

وتعمل مصر على الاستفادة من موقعها الجغرافي الفريد على البحرين الأحمر والمتوسط، ووجود أهم ممر ملاحي عالمي فيها وهو قناة السويس، وضرورة تحويل ميناء السخنة إلى ميناء محوري عالمي على البحر الأحمر، ليكون بوابة رئيسية على السواحل الشرقية للدولة المصرية تخدم حركة الصادرات والواردات، وتعزز مكانة مصر على خريطة التجارة العالمية، والوصول إلى الهدف الرئيسي، وهو «تحويل مصر إلى مركز إقليمي للنقل واللوجيستيات وتجارة الترانزيت».

وسلَّمت المحكم المعتمد لموسوعة «غينيس»، كنزي الدفراوي، شهادة الموسوعة العالمية للأرقام القياسية لميناء السخنة بوصفه أعمق حوض ميناء من صنع الإنسان بعمق 19 متراً، وقالت إن فريق العمل الخاص بالموسوعة راجع جميع السجلات بعناية شديدة، و«يسعدني جداً أن أُعلن أن جميع الإرشادات تم الالتزام بها، وكل المتطلبات قد حُقِّقت، وبعد مراجعة كل الأدلة، يمكنني اليوم أن أعلن رسمياً أن ميناء السخنة قد حقق مجموعاً قدره 19 متراً»، ليصبح ميناء السخنة حامل اللقب الجديد لأعمق حوض ميناء من صنع الإنسان، وأضافت خلال البيان: «أنتم الآن مدهشون رسمياً».

وتُحدِّد مصر خطة شاملة لتطوير صناعة النقل البحري بوصفه إحدى الركائز الأساسية لـ«رؤية مصر 2030»، تتضمَّن تطوير المواني البحرية بإنشاء 70 كيلومتراً أرصفة بأعماق (18 - 25) متراً، لتتخطى أطوال الأرصفة في المواني البحرية حاجز 100 كيلومتر، وكذلك التخطيط لإنشاء 35 كلم ليصل إجمالي حواجز الأمواج إلى 50 كيلومتراً، وزيادة مساحات المواني لتصل إلى 100 مليون م2.

وأوضح الوزير أن وزارتي الصناعة والنقل تنفذان خطة تطوير شاملة لميناء السخنة، تقوم على التكامل بين الميناء والمنطقة الصناعية بالسخنة، حيث تم حفر 5 أحواض جديدة بالميناء بأعماق تصل إلى 19 متراً، كما تم إنشاء 18 كيلومتراً أرصفة وحواجز أمواج بطول 3300 متر، وإنشاء طرق داخلية بطول 17 كيلومتراً، وإنشاء شبكة سكك حديدية بطول 30 كيلومتراً داخل الميناء، وربطه بشبكة نقل حديثة متعددة الوسائط، تشمل السكك الحديدية، والطرق، والمواني الجافة، والمناطق اللوجيستية، وربطه بالخط الأول من شبكة القطار الكهربائي السريع.