غيب الموت الفنان المصري محمد رؤوف، عن عمر ناهز 76 عاما، وشيعت الجنازة الثلاثاء من مسجد السيدة نفسية بمحافظة القاهرة وسط غياب تام من الوسط الفني.
ويعد محمد رؤوف أحد أبرز مطربي مصر والعالم العربي في فترة الثمانينات، وكان من أبرز مطربي الجيل الذهبي في فرقة رضا الاستعراضية، التي استمر يتعاون معها حتى آخر أيامه.
ولد رؤوف في السادس من شهر مارس (آذار) عام 1947 في القاهرة، والتحق بمعهد الموسيقى العربية في نهاية ستينات القرن الماضي، وكانت أول مشاركة غنائية له في مطلع السبعينات عندما استدعاه الموسيقار بليغ حمدي للمشاركة في العرض المسرحي «ياسين ولدي» الذي قام ببطولته الفنان الراحل شكري سرحان؛ حيث قدم أغنيات الأوبريت برفقة الفنانة المصرية عفاف راضي.
وشكل الفنان الراحل إبان حرب أكتوبر (تشرين الأول) 1973، فرقة غنائية موسيقية مع الفنان هاني شاكر، وعازف الكمان محمود الجرشة، والموسيقار جمال سلامة، والموسيقار حسن شرارة، وعازف التشيللو مصطفى ناجي، وأصبحت فيما بعد إحدى أشهر الفرق الغنائية في مصر آنذاك. نجومية محمد رؤوف توهجت عندما رشحه الموسيقار جمال سلامة للرئيس المصري الراحل محمد أنور السادات ليقوم بتأدية دوره في مسرحية «عيون بهية»، التي ترشح من خلالها للانضمام إلى فرقة رضا الاستعراضية مع مؤسسها الفنان الراحل محمود رضا.
رؤوف قدم خلال مسيرته الفنية 5 ألبومات غنائية كان أولها في عام 1982 بعنوان «ما تحبش تاني»، الذي أنتجته حينها شركة «سونار» بدعم من الموسيقار هاني شنودة، والفنان الراحل عمر خورشيد، وأعاد فيه رؤوف أغنية «أمانة يا ليل» للفنان كارم محمود، ثم أكمل مسيرته بتقديم ألبومات «ويايا»، و«شبيكي»، و«ست الحسن»، و«ليه ما بترجعيش».

وذاع صيت الفنان الراحل عقب تقديمه أغنية «ياللي تعبنا سنين في هواه»، التي كشف رؤوف عن كواليسها في مذكراته التي أصدرتها مجلة «الكواكب» المصرية عام 2020. قائلاً: «استمعت لها لأول مرة في عام 1977 في أثناء تأديتي للخدمة العسكرية، من ملحنها شاكر الموجي، وأعجبت بها، وفي أثناء العمل على ألبوم (ست الحسن) كنت أبحث عن أغنية لاستكمال باقي الألبوم، فوجدت زوجتي تذكرني بها، فقمت بتسجيلها وحققت الأغنية النجاح الساحق، لدرجة أنني أصبحت لا أغنيها بعد طرحها بسبب تسابق الجميع على غنائها دون وجه حق، ومنهم الفنانة الراحلة فاتن فريد، وجورج وسوف، الذي منحه ملحن الأغنية حق غنائها».
وأضاف رؤوف: «لا أنسى احترام وتقدير جورج لي حينما قابلته في أميركا، فقد ذهبت لحضور حفل لجورج في نيويورك؛ حيث طلب الجمهور منه غناء أغنية (ياللي تعبنا سنين في هواه)، فما كان منه إلا أن طلب مني الصعود على المسرح لأغنيها، قائلاً للجمهور: هذا هو صاحب الأغنية الأصلي».
الفنان المصري ابتعد في السنوات الأخيرة عن الغناء وإقامة الحفلات واكتفى بالظهور في الحفلات التكريمية لفرقة رضا، التي كان آخرها عام 2021 حين كرّمت دار الأوبرا المصرية الفرقة وأعضاءها.
وعن مشوار الفنان محمد رؤوف، يتحدث الشاعر والناقد الفني فوزي إبراهيم قائلاً لـ«الشرق الأوسط»: «رؤوف يعد واحداً من أبرز نجوم جيله في فترة السبعينات والثمانينات من القرن الماضي، لأنه تتلمذ على يد كبار ملحني مصر والعالم العربي أمثال بليغ حمدي، ومحمد الموجي، وهاني شنودة، وبسبب موهبته استطاع أن يصبح نجما في الغناء الفردي والغناء الجماعي مع فرقة رضا». وأشار إبراهيم إلى أن «الفنان الراحل كان له دور في نجاح عدد كبير من نجوم الشعر والتلحين في مرحلة التسعينات»، قائلا: «محمد رؤوف كان يمد يد المساعدة لكل الموهوبين، وتشرفت بكوني واحداً منهم حينما قدمت له أغنية (ويايا) في منتصف ثمانينات القرن الماضي، كما ساهم في نجاح فنانين آخرين أمثال الموسيقار شاكر الموجي، والراحل حسن أبو السعود».
ولفت الناقد المصري إلى أن «رؤوف كان من أوائل من اهتموا بتحديث التراث الموسيقي والغنائي، من خلال ألبوماته، وذلك عندما أعاد تسجيل أعمال غنائية قديمة خلال ثمانينات القرن الماضي، من بينها أغنيات لمحمد فوزي وكارم محمود وآخرين».