موسكو تستعد لمواجهة «تطور جديد» في المواجهة مع الغرب

«ناتو» يلوّح بـ«شنغن عسكري» وأوكرانيا تخصص 7 مليارات دولار للدفاع الصاروخي

قوات مارينز أميركية تشارك في مناورات سابقة لـ«ناتو» (أ.ف.ب)
قوات مارينز أميركية تشارك في مناورات سابقة لـ«ناتو» (أ.ف.ب)
TT
20

موسكو تستعد لمواجهة «تطور جديد» في المواجهة مع الغرب

قوات مارينز أميركية تشارك في مناورات سابقة لـ«ناتو» (أ.ف.ب)
قوات مارينز أميركية تشارك في مناورات سابقة لـ«ناتو» (أ.ف.ب)

حذّر الكرملين، الجمعة، من تصعيد محتمل لحجم ونوعية المواجهة المتفاقمة مع الغرب. ولوّح بـ«رد مناسب» على خطط حلف شمال الأطلسي (ناتو) إنشاء ما أطلق عليه «منطقة شنغن عسكرية»، مشدداً على أن روسيا لن تسمح بأي اقتراب لقوات الحلف إلى حدودها.

الناطق باسم الكرملين ديمتري بيسكوف (رويترز)
الناطق باسم الكرملين ديمتري بيسكوف (رويترز)

في غضون ذلك، أعلنت أوكرانيا تخصيص موازنات كبرى لتطوير الدفاع الجوي، وأعلنت عن خطط لتوسيع عمليات شراء أنظمة صاروخية، في رد مباشر على إعلان بعض البلدان الأوروبية وقف أو تقليص المساعدات العسكرية المقدمة إلى كييف.

ورأى الناطق باسم الكرملين ديمتري بيسكوف، أن حديث «ناتو» عن إطلاق خطط لتوسيع التحرك العسكري للقوات والمعدات في إطار منطقة «شنغن» يشكل «تطوراً جديداً» في تأجيج المواجهة القائمة مع روسيا.

الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (ناتو) ينس ستولتنبرغ مع وزيرة الخارجية الألمانية (إ.ب.أ)
الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (ناتو) ينس ستولتنبرغ مع وزيرة الخارجية الألمانية (إ.ب.أ)

وأكد أن «أي اقتراب من الحدود الروسية سوف يلقى بالتأكيد الرد المناسب». وأضاف الناطق الرئاسي الروسي تعليقاً على تصريح رئيس القيادة المشتركة للإمدادات والشؤون اللوجيستية في حلف شمال الأطلسي حول الحاجة إلى ما وصفه بـ«شنغن عسكري» للحلف، أن هذا التطور يعني تغيير شكل وحجم المواجهة، انطلاقاً من أن «الحلف صنّف بلادنا خلال المرحلة الماضية كعدو محتمل (...) الآن بات يعدّها عدواً مباشراً وواضحاً. وهذا ليس سوى تصعيد متعمد للتوتر في أوروبا»، محذراً من أن الخطوة سوف تكون لها «تداعيات وعواقب».

وشدد بيسكوف على أن هذه تعدّ واحدة من الخطوات التي يقوم بها الحلف الغربي لتعزيز انتشاره على طول الحدود مع روسيا، وتشديد الطوق العسكري الذي يحاول فرضه على روسيا.

وزاد: «الحلف هو الذي يتحرك باستمرار ببنيته التحتية العسكرية نحو الحدود الروسية، وهذا من الطبيعي أن يثير قلقنا وأن يستفز خطوات محددة وواضحة، بما في ذلك على صعيد تبني إجراءات جوابية لضمان أمننا».

وكان رئيس القيادة المشتركة للإمدادات والشؤون اللوجيستية في حلف شمال الأطلسي، ألكسندر سولفرانك، قد دعا إلى تفعيل ما أطلق عليه تسمية «شنغن عسكري»، بما يسمح لقوات دول الحلف بالتحرك بحرية ضمن حدود «ناتو»، لافتاً إلى ضرورة «إعداد مسرح العمليات العسكرية المحتملة» مسبقاً في حال اقتضت الحاجة إلى تفعيل المادة الخامسة من ميثاق «ناتو» للدفاع الجماعي.

جنود أوكرانيون في كييف (أ.ف.ب)
جنود أوكرانيون في كييف (أ.ف.ب)

في غضون ذلك، حمل تأكيد رئيس الوزراء السلوفاكي روبرت فيتسو أن بلاده لن تقدم أي نوع من المساعدات العسكرية إلى أوكرانيا، إشارة جديدة إلى اتساع درجة التباين في المواقف الأوروبية حول ملف تسليح أوكرانيا. وكانت هنغاريا وصربيا أكدتا في وقت سابق أنهما لن تشاركا في تقديم أي دعم عسكري لكييف، بينما لوّحت بولندا الحليف الأساسي لأوكرانيا في أوروبا بوقف المساعدات على خلفية خلاف مع كييف حول صادرات الغذاء.

ودخلت هولندا على خط البلدان التي تستعد للانسحاب من تحالف الدعم العسكري المباشر بعد فوز التيار اليميني المؤيد لروسيا في الانتخابات الأخيرة. وقال فيتسو الجمعة: إن بلاده «تدعم استقلال أوكرانيا، لكنها لن تزوّدها بالأسلحة، وتدعو للمفاوضات مع روسيا».

وأوضح رئيس مجلس الشيوخ التشيكي، ميلوش فيسترتشيل، في أعقاب محادثاته مع فيتسو في براغ، الجمعة، أن فيتسو أبلغه التزام سلوفاكيا بدعم وحدة أراضي أوكرانيا واستقلالها، لكنه في الوقت ذاته، أكد أن «سلوفاكيا لن تقوم في الوقت الراهن بتزويد أوكرانيا بالأسلحة وتدعو إلى إجراء مفاوضات سلمية على الفور».

وخلص المسؤول البرلمان التشيكي إلى أنه «اتضح أن مواقفنا (التشيك وسلوفاكيا) من هذه المسألة مختلفة للغاية». وأشار إلى أنه «على الرغم من أن سلوفاكيا تتخذ موقفاً مختلفاً حيال النزاع الأوكراني، فإن علينا أن نستمر في توسيع العلاقات التشيكية - السلوفاكية».

عناصر حرس الحدود البولندية يجوبون جدار الشريط على الحدود البيلاروسية (أ.ب)
عناصر حرس الحدود البولندية يجوبون جدار الشريط على الحدود البيلاروسية (أ.ب)

ووصل فيتسو إلى براغ الجمعة، في أول زيارة خارجية له بعد انتخابه رئيساً للحكومة السلوفاكية. ومن المتوقع أن يجري في براغ محادثات مع نظيره التشيكي بيتر فيالا، كما يستقبله رئيس البلاد بيتر بافل ورئيسة مجلس النواب ماركيتا بيكاروفا أداموفا. كما سيلتقي فيتسو زعيم حركة «آ ن و» المعارضة، ورئيس الوزراء التشيكي السابق أندري بابيش. ويعدّ التحرك الأول لحشد تأييد لسياسة تقليص المساعدات العسكرية المقدمة إلى أوكرانيا، وإبراز الحاجة إلى إطلاق عملية سياسية.

ينس ستولتنبرغ يتحدث في أوسلو بالنرويج (إ.ب.أ)
ينس ستولتنبرغ يتحدث في أوسلو بالنرويج (إ.ب.أ)

في المقابل، بدا أن أوكرانيا التي أعربت أخيراً عن قلق متزايد بسبب تصاعد لهجة التلويح بتقليص المساعدات العسكرية من جانب بلدان أوروبية، تستعد لتكريس مرحلة جديدة في تحويل جزء من الدعم الذي تقدمه بلدان غربية إلى قطاع تطوير الصناعات العسكرية المحلية بدلاً من الاكتفاء بتلقي طرز من الأسلحة الغربية، بعد أن كانت أعلنت في وقت سابق عن برامج مشتركة مع الولايات المتحدة لتطوير صناعة الطائرات المسيّرة، وبعض أنظمة الدفاع الجوي. وكان هذا الملف جزءاً من الحوارات التي أجرتها كييف مع مسؤولين غربيين زاروها أخيراً لتأكيد أن مسألة دعم كييف تبقى بين الأولويات الأساسية لعواصم غربية.

الأمين العام لحلف شمال الأطلسي مرحّباً بالرئيس الأوكراني في مقر الحلف ببروكسل (إ.ب.أ)
الأمين العام لحلف شمال الأطلسي مرحّباً بالرئيس الأوكراني في مقر الحلف ببروكسل (إ.ب.أ)

وأعلن الجمعة، نائب وزير الدفاع الأوكراني يوري دجيغير، أن الحكومة الأوكرانية تنوي توسيع حجم موازنتها المخصصة لدعم قطاع الدفاع الجوي. ووفقاً له؛ فقد قررت الحكومة تخصيص نحو 7 مليارات دولار في موازنة العام المقبل لشراء صواريخ ومعدات عسكرية وذخائر. وأوضح أن نحو 5 مليارات دولار من موازنة وزارة الدفاع للعام القادم سوف تخصص لشراء الصواريخ، و2.2 مليار دولار سيتم إنفاقها على باقي الأسلحة والذخائر.

وكتبت وزارة الدفاع الأوكرانية على «تلغرام» نقلاً عنه: إن «إحدى الأولويات الرئيسية لميزانية الدفاع لعام 2024 هي الأسلحة الصاروخية والذخائر وسيتم رصد نحو 175 مليار غريفنيا (5 مليارات دولار) لذلك، ونحو 80 مليار غريفنيا (2.2 مليار دولار) على باقي الأسلحة. الأولوية التالية ستكون لإصلاح المعدات العسكرية المتضررة وشراء قطع الغيار اللازمة لها».

وكان دجيغير قد قال في وقت سابق: إن أكثر من 20 في المائة من موازنة وزارة الدفاع الأوكرانية العام المقبل ستذهب لشراء الأسلحة والذخائر، في حين ستذهب 70 في المائة إلى شراء المؤن ومدفوعات الجيش.

وأعلنت وزارة المالية الأوكرانية، أن مشروع الموازنة لعام 2024 يشمل تخصيص نحو 48 مليار دولار، للإنفاق على قطاعي الأمن والتسليح بواقع 23 في المائة من إجمالي الناتج المحلي.


مقالات ذات صلة

الدنمارك ترفض تصريحات ترمب: غرينلاند «ليست معروضة لضمها»

أوروبا ترمب وجزيرة غرينلاند (ناسا)

الدنمارك ترفض تصريحات ترمب: غرينلاند «ليست معروضة لضمها»

رفض وزير الخارجية الدنماركي لارش لوكه راسموسن الجمعة، تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترمب الأخيرة بشأن ضم غرينلاند

«الشرق الأوسط» (كوبنهاغن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي دونالد ترمب يتحدث إلى الصحافة أثناء لقائه مع الأمين العام لحلف شمال الأطلسي مارك روته في المكتب البيضاوي بالبيت الأبيض في واشنطن 13 مارس 2025 (أ.ف.ب)

ترمب يسعى إلى دعم «الناتو» لضم غرينلاند المحتمل للولايات المتحدة

سعى الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى كسب دعم الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو)، مارك روته، بشأن خطط الضم المحتمل لجزيرة غرينلاند إلى الولايات المتحدة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون راغب في بدء نقاش حول نشر المظلة النووية الفرنسية فوق دول الاتحاد الأوروبي (أ.ف.ب)

باريس لاستضافة اجتماعين أوروبيين دعماً لأوكرانيا

باريس تستضيف، الثلاثاء والأربعاء، اجتماعين رئيسيين لقادة أركان ووزراء دفاع أوربيين دعماً لأوكرانيا، ونشر المظلة النووية الفرنسية يثير تساؤلات كثيرة.

ميشال أبونجم (باريس)
أوروبا الرئيس البولندي أندريه دودا خلال إحاطة قدَّمها رئيس الوزراء دونالد توسك للبرلمان حول أوكرانيا (أ.ف.ب)

رئيس بولندا: يجب إشراك «الناتو» في أي نشر لقوات أوروبية بأوكرانيا

أعلن الرئيس البولندي المحافظ أندريه دودا أنه يجب إشراك حلف شمال الأطلسي «ناتو» في حال حصول عملية انتشار لقوات أوروبية بأوكرانيا.

«الشرق الأوسط» (وارسو)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي دونالد ترمب (إ.ب.أ) play-circle

ترمب يدرس سحب نحو 35 ألف جندي أميركي من ألمانيا

كشفت صحيفة «التلغراف» مؤخراً أن الرئيس الأميركي دونالد ترمب يدرس سحب القوات الأميركية من ألمانيا وإعادة نشرها في أوروبا الشرقية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

تقرير: جنود كوريون شماليون يشنون «هجمات انتحارية» استعداداً لهجوم روسي على كورسك

جندي روسي يطلق النار على مواقع أوكرانية قرب منطقة كورسك (أرشيفية - أ.ب)
جندي روسي يطلق النار على مواقع أوكرانية قرب منطقة كورسك (أرشيفية - أ.ب)
TT
20

تقرير: جنود كوريون شماليون يشنون «هجمات انتحارية» استعداداً لهجوم روسي على كورسك

جندي روسي يطلق النار على مواقع أوكرانية قرب منطقة كورسك (أرشيفية - أ.ب)
جندي روسي يطلق النار على مواقع أوكرانية قرب منطقة كورسك (أرشيفية - أ.ب)

شن جنود كوريون شماليون «هجمات انتحارية» على القوات الأوكرانية الموجودة في منطقة كورسك استعداداً لهجوم روسي يهدف إلى استعادة السيطرة على المنطقة، وفقاً لصحيفة «إندبندنت» البريطانية.

وكانت القوات الأوكرانية استولت على المنطقة جراء هجوم مفاجئ شنته في أغسطس (آب).

وشبّه ضابط أوكراني الهجمات الانتحارية لقوات كوريا الشمالية بالهجوم الإلكتروني الذي قد يُعطّل موقعاً إلكترونياً مع محاولات جماعية للدخول عليه.

وقال الضابط لـ«إندبندنت»: «لقد واجهنا موجات بشرية تهاجم مواقعنا، وقتلنا ثمانية من كل عشرة كوريين شماليين، ولكن في بعض المناطق لم يكن لدينا سوى أعداد قليلة من القوات، فواصلوا القتال حتى اجتاحوا المنطقة».

جندي روسي يهمّ بإطلاق قذيفة من مدفع طراز «دي 30» على جبهة كورسك (أ.ب)
جندي روسي يهمّ بإطلاق قذيفة من مدفع طراز «دي 30» على جبهة كورسك (أ.ب)

ووفقاً للصحيفة، أُجبرت أوكرانيا الآن على الانسحاب من معظم كورسك. وتسارعت وتيرة الهجوم عندما مُنعت أوكرانيا من استخدام معلومات الاستخبارات الأميركية عقب خلاف في المكتب البيضاوي بين الرئيس الأميركي دونالد ترمب ونظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي قبل أسبوعين، كما تستخدم القوات الروسية طائرات مسيّرة بعيدة المدى تتحكم بها عن طريق كابلات، مما يجعلها محصنة ضد التشويش.

وقال الضابط الأوكراني إن «مدى هذه الطائرات غير مسبوق؛ إذ يصل إلى 25 كيلومتراً (15 ميلاً)».

وكانت هجمات «الموجة البشرية» التي شارك فيها جنود كوريون شماليون جزءاً من العمليات التي مهدت الطريق للهجوم الروسي، مما سمح لهم بإجبار القوات الأوكرانية على الانسحاب من قرى صغيرة، ولكن فقط بعد مقتل مئات الكوريين الشماليين.

ومع وصول المفاوضين الأميركيين إلى موسكو لإجراء محادثات مع روسيا بشأن اقتراح وقف إطلاق النار المتفق عليه بين واشنطن وكييف، انسحبت القوات الأوكرانية إلى حدودها، مع أوامر بوقف التقدم الروسي هناك.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وزعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وزعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون (أرشيفية - رويترز)

وأضاف الضابط أن القوات الروسية التي نشرت وحداتها الأكثر نخبة من القوات الخاصة ومشاة البحرية والمظليين في كورسك، اتبعت خلال الأيام الثلاثة الماضية تكتيكات مختلفة تماماً عن تلك التي استخدمها الكوريون الشماليون في الموجة الأولى من الهجمات؛ إذ «يقترب الروس بأعداد قليلة جداً، حاملين الكثير من الإمدادات، ويحاولون التسلل إلى أراضينا والبقاء هناك لتعزيز قواتهم، وبعضهم يلجأ للتمويه، مما يجعل العثور عليهم صعباً للغاية».

ولفت إلى محاولة عبور الحدود باستخدام الدراجات الرباعية، وقال: «تعرضنا لهجمات باستخدام 18 دراجة رباعية، كل منها تحمل ثلاثة رجال، ودمّرنا أغلبها بطائرات مسيّرة والمدفعية».

وقال الضابط الأوكراني: «إذا تحدثنا عن التكتيكات الكورية، فالسؤال هو: كم عدد الأشخاص الذين هم على استعداد للتضحية بهم من أجل إحراز تقدم للقوات الروسية؟».