المغرب: مخاوف بيئية وصحية من تحلل جثث الزلزال

بعد أكثر من أسبوع على الكارثة

فريق إنقاذ ينتشل جثة امرأة من تحت أنقاض الزلزال بالقرب من مراكش (أ.ب)
فريق إنقاذ ينتشل جثة امرأة من تحت أنقاض الزلزال بالقرب من مراكش (أ.ب)
TT
20

المغرب: مخاوف بيئية وصحية من تحلل جثث الزلزال

فريق إنقاذ ينتشل جثة امرأة من تحت أنقاض الزلزال بالقرب من مراكش (أ.ب)
فريق إنقاذ ينتشل جثة امرأة من تحت أنقاض الزلزال بالقرب من مراكش (أ.ب)

بعد مرور أكثر من أسبوع على فاجعة زلزال الحوز بالجنوب المغربي، ما زالت رائحة الموت تنبعث من المساكن المُدمَّرة، حيث بقيت بعض الجثث عالقة تحت الأنقاض، ما خلف ذعراً في أوساط السكان وزائري القرى المتضررة من أهل الخير وعائلات الضحايا.

ويصعب وصف شعور أهالي الضحايا بعد أن تعفنت جثث ذويهم وباتت تنبعث منها روائح كريهة، فيما تُسابق فرق الإنقاذ الزمن لانتشال ما تبقى عالقاً قبل أن تبلغ الجثث درجات متقدمة من التحلل.

وأعرب سكان عن تخوفهم من أن تتسبب الروائح المنبعثة من الجثث العالقة تحت الأنقاض في مشاكل صحية خطيرة من خلال نقل الأمراض والعدوى، وأشاروا إلى أن تلك الجثث بدأت تتحلل وتصبح مصدراً للميكروبات الضارة بعد أسبوع تقريباً من وقوع الزلزال الذي سجل 7 درجات على مقياس ريختر، وخلف نحو 3 آلاف قتيل وآلاف المصابين.

غير أن الدكتور عبد الجليل حمزاوي، المتخصص في البيولوجيا الإحيائية، أوضح أنه لا يوجد علمياً أي خطر أو ضرر صحي يمكن أن تسببه الروائح المنبعثة من جثث المتوفين جراء كارثة طبيعية، بخلاف المتوفين بسبب أمراض شديدة العدوى مثل الإصابة بفيروس «كورونا» أو الطاعون أو التيفوئيد.

وأكد حمزاوي في حوار مع وكالة أنباء العالم العربي، أن الروائح المنبعثة من الجثث لا تشكل خطراً على الناس لأنها ليست سامة، إذ إنها نتاج مواد طبيعية داخل جسم الإنسان.

لكنه لفت إلى وجود خطر بيئي إذا تحللت الجثث تحت الأنقاض وتسربت الميكروبات الموجودة في الجهاز الهضمي للمتوفى إلى المياه الجوفية وشرب الناس من منبع مياه تحللت بها الجثث.

كما أشار إلى وجود خطر على المنقذين المكلفين بانتشال الجثث في حالة عدم اتخاذهم الاحتياطات الوقائية اللازمة، أو إذا قام بالانتشال أناس غير مؤهلين وغير متخصصين في هذه المهمة، لأن تعاملهم مع الجثة قد يكون عشوائياً وربما يسبب لهم أضراراً صحية.

ونوّه حمزاوي بأن مدى سرعة تعفن الجثة مرتبط بمناخ المنطقة ومدى سلامة صحة الإنسان قبل وفاته، مضيفاً: «إذا كان الجو بارداً بمكان الحادث، ليس نفس الشيء إذا كان حاراً. كما أن الجثة في العراء ليست هي الجثة تحت الأنقاض أو مدفونة، فدرجة تعفن الجثة رهينة بالعوامل الخارجية».

البعد النفسي

كشف الدكتور الطيب حمضي، الباحث في السياسات والنظم الصحية، أنه خلال عمل فرق الإنقاذ وسط المباني المنهارة جراء الزلزال، يكون الهدف الرئيسي البحث عن ناجين، وخلال هذه العملية يُراعى استخراج الشخص سالماً. أما إذا كان قد توفي، فيحرص عمال الإنقاذ على استخراج جثته كاملة وسليمة.

وأضاف أن الجثث يمكن أن تحتوي على مواد كيميائية سامة ومركبات عضوية متطايرة، يمكن أن تتسرب في الهواء وتسبب تسمماً كيميائياً لمن يتنفسون الهواء الملوث.

وقال في حديث مع وكالة أنباء العالم العربي، إن فرق الإنقاذ تستعين في البحث عن الجثث العالقة تحت الأنقاض بالكلاب المدربة، وشدد على أنه يجب على هذه الفرق اتخاذ الاحتياطات اللازمة واستخدام الكمامات والقفازات، تفادياً لانتقال أي عدوى إليهم من الجثث.

كما أشار إلى البعد النفسي السلبي على العاملين في مجال الإنقاذ، قائلاً: «وجود جثث عالقة تحت الأنقاض يمكن أن يسبب الإجهاد النفسي للناجين والمسعفين والعاملين في فرق الإنقاذ، وكل من يشهد هذه المشاهد المروعة. ويمكن كذلك أن تؤدي الروائح الكريهة إلى زيادة مشاعر الغثيان والقيء والقلق والاكتئاب».

غير أنه أكد أن الروائح المنبعثة من الجثث مهما بلغت قوتها «لا تُعد مصدر عدوى ومشاكل صحية».

وتابع: «بما أن الجثث تتحلل في التراب بفعل المياه والأمطار، وحتى مع ارتفاع درجات الحرارة، فهذا من شأنه أن يتسبب في اضطراب بيئي في محيط الجثة ويتسبب في انبعاث روائح تثير ارتباكاً نفسياً قاسياً لدى الناجين، خصوصاً أنهم يعلمون أن جثث أهاليهم لا تزال تحث الأنقاض».

وأضاف أن السلطات المغربية وفرق الإنقاذ تسابق الزمن لاستخراج جميع الجثث المتبقية لدفنها، لكنه نبّه إلى أن المقابر الجماعية التي يُدفن فيها عدد كبير من المتوفين دفعة واحدة وعلى عجل دون مراعاة الشروط الصحية أحياناً قد تصبح مصدراً لانتقال عدوى تسبب أمراضاً ومشاكل صحية كبيرة.

ووفقاً لإحصائية أصدرتها «اللجنة الإقليمية لليقظة في تدبير أزمة زلزال الحوز»، نفذت فرق الإنقاذ في المنطقة المنكوبة التي ضربها الزلزال يوم 8 سبتمبر (أيلول)، وعددها 11 فرقة، نحو 3269 عملية تدخل ميداني، مستعينة بما يقرب من 65 كلباً مدرباً، للبحث عن الجثث وانتشالها.

ووفرت السلطات المغربية، حسب حصيلة اللجنة، 4 مروحيات لإجلاء المتضررين من الزلزال ونقل المصابين للمستشفيات، وأيضاً لنقل المساعدات الغذائية للمحاصرين في مناطق قروية عزلها تدحرج كبير للصخور والأحجار الضخمة عقب الزلزال.

كما خصصت السلطات الصحية ما يزيد على 150 سيارة إسعاف من أجل تيسير عملية نقل المصابين إلى المستشفيات والوحدات العلاجية.


مقالات ذات صلة

"الكونفدرالية الأفريقية": نهضة بركان يضع قدما في النهائي برباعية أمام قسنطينة

رياضة عربية نهضة بركان هزم قسنطينة برباعية واقترب من نهائي الكونفدرالية (وسائل إعلام مغربية)

"الكونفدرالية الأفريقية": نهضة بركان يضع قدما في النهائي برباعية أمام قسنطينة

اقترب نهضة بركان المغربي من التأهل إلى نهائي كأس الكونفدرالية الأفريقية لكرة القدم بعد فوزه الكبير على ضيفه شباب قسنطينة الجزائري 4-صفر.

«الشرق الأوسط» (بركان)
رياضة عربية لاعبو منتخب المغرب يحتفلون بكأس الأمم الأفريقية تحت 17 عاماً (وسائل إعلام مغربية)

«أمم أفريقيا تحت 17 عاماً»: المغرب يفوز باللقب لأول مرة في تاريخه

توج منتخب المغرب بكأس أمم أفريقيا لكرة القدم للناشئين تحت 17 عاماً لأول مرة في تاريخه على حساب منتخب مالي، السبت.

«الشرق الأوسط» (المحمدية)
شمال افريقيا وزير الخارجية الإسباني خوسيه مانويل ألباريس خلال المؤتمر الصحافي المشترك مع نظيره المغربي (إ.ب.أ)

إسبانيا تدافع عن العلاقات بين «الاتحاد الأوروبي» والمغرب

أكدت إسبانيا، الخميس، ضرورة تعزيز التعاون بين «الاتحاد الأوروبي» والمغرب، بعد قرار أعلى محكمة في «الاتحاد» الإبقاء على إلغاء الاتفاقات التجارية.

«الشرق الأوسط» (مدريد)
شمال افريقيا جانب من تمرين «الأسد الأفريقي» العسكري بين المغرب وأميركا (أ.ف.ب)

أميركا توافق على بيع المغرب 600 صاروخ «ستينغر»

وافقت الإدارة الأميركية على بيع المغرب 600 صاروخ مضاد للطائرات من طراز «ستينغر» وأعتدتها، في صفقة بلغت قيمتها 825 مليون دولار.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
رياضة عربية المغرب تأهل لنهائي كأس أمم أفريقيا للناشئين (وسائل إعلام مغربية)

«أمم أفريقيا تحت 17 عاماً»: المغرب إلى النهائي لمواجهة مالي

اقتنص المنتخب المغربي بطاقة التأهل لنهائي كأس أمم أفريقيا لكرة القدم تحت 17 عاما، والمقامة على أرضه، بعد فوزه 4-3 بركلات الترجيح على كوت ديفوار.

«الشرق الأوسط» (المحمدية)

شراكة جزائرية - تركية تتعزز في الاقتصاد والتعليم والطاقة

اجتماع اللجنة الجزائرية - التركية للتخطيط (الخارجية الجزائرية)
اجتماع اللجنة الجزائرية - التركية للتخطيط (الخارجية الجزائرية)
TT
20

شراكة جزائرية - تركية تتعزز في الاقتصاد والتعليم والطاقة

اجتماع اللجنة الجزائرية - التركية للتخطيط (الخارجية الجزائرية)
اجتماع اللجنة الجزائرية - التركية للتخطيط (الخارجية الجزائرية)

ناقش اجتماع لـ«اللجنة الجزائرية - التركية للتخطيط»، عُقد يوم الاثنين في العاصمة الجزائرية، مشروعات تعاون جارية بين البلدين تخصُّ الحديد والصلب، والنسيج، والطاقة، والأشغال العمومية والزراعة الصحراوية.

وقاد أشغال الاجتماع وزير خارجية الجزائر أحمد عطاف، ونظيره التركي هاكان فيدان، وعبَّر عطاف في خطاب عن «ارتياح بلاده لمستوى التجارة البينية»، التي قال إنها حقَّقت أرقاماً «لم يسبق لها مثيل في تاريخ العلاقات الثنائية».

وقال إن حجم التجارة البينية بلغ 6 مليارات دولار في عام 2024، «لكننا لا نزالُ نطمحُ لتحقيق المزيد، لأن المطلوب هو بلوغ قيمة 10 مليارات دولار»، مشيداً أيضاً بالمستوى غير المسبوق الذي بلغته الاستثمارات التركية بالجزائر.

كما أشاد عطاف بـ«تقوية الأبعاد الإنسانية» للعلاقات الثنائية في مجالات الثقافة، والتعليم العالي، والبحث العلمي، والصحة وغيرها. وأضاف: «لكننا لا نزالُ نطمحُ لتحقيق المزيد».

وأضاف أن الجزائر: «هي اليوم أول شريك تجاري لتركيا على مستوى القارة الأفريقية. ومن جانبها، فإن تركيا قد اكتسبت عن جدارة واستحقاق مكانَتَها بوصفها أول مُستثمر أجنبي في الجزائر خارج قطاع المحروقات».

وتابع: «الأرقام المُسجَّلة في هذا الإطار مؤهلةٌ للارتفاع والنمو في المستقبل القريب والعاجل»، مشيراً إلى كثير من المشروعات الاستثمارية المشتركة، لا سيما في مجالَي الطاقة، والزراعة الصحراوية، إلى جانب توسيعِ الاستثمارات التركية في ميادين الحديد والصلب والنسيج.

وكان آخر لقاء ثنائي بين فيدان وعطاف قد عُقد في فبراير (شباط) الماضي، على هامش اجتماع وزراء خارجية مجموعة العشرين في جوهانسبرغ. كما شارك عطاف في «منتدى أنطاليا الدبلوماسي»، الذي نظَّمته تركيا في الفترة من 11 إلى 13 أبريل (نيسان) الحالي.

الرئيسان الجزائري والتركي بإسطنبول في مايو 2022 (الرئاسة الجزائرية)
الرئيسان الجزائري والتركي بإسطنبول في مايو 2022 (الرئاسة الجزائرية)

وشكَّلت زيارتا الرئيس رجب طيب إردوغان إلى الجزائر، في فبراير 2018 ويناير (كانون الثاني) 2020، «دفعة جديدة للعلاقات الثنائية بين البلدين»، وفق تعبير وكالة «الأناضول» التركية للأنباء.

وخلال زيارة الرئيس إردوغان إلى الجزائر عام 2020، تقرَّر إنشاء «مجلس للتعاون» رفيع المستوى بين البلدين، وقد عُقد الاجتماع الأول للمجلس يوم 16 مايو (أيار) 2022، بمناسبة زيارة الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون إلى تركيا، على رأس وفد كبير ضم 9 وزراء، تخللها توقيع 15 اتفاقية وبياناً مشتركاً بين البلدين.