تطمينات جعجع لما بعد نزع السلاح لا ترضي «حزب الله»

رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع في مناسبة إحياء «ذكرى شهداء» القوات اللبنانية (القوات اللبنانية)
رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع في مناسبة إحياء «ذكرى شهداء» القوات اللبنانية (القوات اللبنانية)
TT

تطمينات جعجع لما بعد نزع السلاح لا ترضي «حزب الله»

رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع في مناسبة إحياء «ذكرى شهداء» القوات اللبنانية (القوات اللبنانية)
رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع في مناسبة إحياء «ذكرى شهداء» القوات اللبنانية (القوات اللبنانية)

تواظب بعض القوى اللبنانية على محاولة طمأنة الطائفة الشيعية وتبديد هواجسها في المرحلة التي تلي نزع سلاح «حزب الله»، وعدم الركون إلى سرديّة الحزب القائمة على منطق أن سلاحه «يشكّل الضمانة الوحيدة لبقاء الشيعة في لبنان». وآخر هذه المواقف دعوة رئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع شيعة لبنان إلى «الركون إلى الدولة وحدها التي تحمي الجميع، وعدم تصديق (حزب الله) بأنهم مهددون بوجودهم».

وفي كلمة ألقاها في ذكرى «شهداء» القوات اللبنانية مساء الأحد، خاطب جعجع الشيعة قائلاً: «أنتم مكوّن أساسيّ من المكوّنات المؤسّسة للكيان اللّبنانيّ الذي أكّد عليه الإمام موسى الصّدر وطناً نهائيّاً، والتزمتم به كذلك في الدّستور المنبثق عن وثيقة الوفاق الوطنيّ أي اتّفاق الطّائف». وشدد على أن «أكثريّة اللّبنانيّين لا تقبل أن يصيبكم ما أصابنا في حقبة الوصاية السّابقة بعد أن سلّمنا سلاحنا، من إجحاف وتمييز، ولا تشعروا أنّكم في خطر ومهدّدون، فالأيّام اختلفت والظّروف تغيّرت، فلا سلطة وصاية جائرة تعمل لصالح نظام الأسد ووفْق مفاهيمه، بل سلطة وطنيّة انبثقت بالفعل عن مجلس نيابيّ حقيقيّ».

وجدد رئيس «القوات» تأكيده على أنه «لا نيّة عند أحد للتّفرّد بالسّلطة، خلافاً لما كان عليه الأمر مع نظام الوصاية، وعدم قدرة أحد بالتّفرّد بعد زوال السّلاح غير الشّرعيّ وعودة مؤسّسات الدّولة، لا تصدّقوا أنّ السّلاح يحميكم ويحصّل حقوقكم وشرفكم، ولكم في الحرب الأخيرة دليل ساطع وواقع لا مجال لإنكاره». وأضاف: «لا تصدّقوا أن الطوائف الأخرى تشحذ الهمم والطّاقات والغرائز للنّيل منكم، لا بل على العكس، لقد اشتقنا جميعاً إليكم شيعةً عامليّين (أبناء جبل عامل) لبنانيّين أصيلين، ولا تصدّقوا ما يصوّر لكم بأنّ البحر من ورائكم والعدوّ من أمامكم وقد أصبح الخطر محدقاً بكم، ثقوا بأنّ الدّولة التي هي لنا ولكم وحدها التي تحميكم وتشعركم بالأمن والأمان وهي الملاذ والضّمانة».

مناصرون لـ«حزب الله» يرفعون أعلامه وصورة أمينه العام الأسبق حسن نصر الله في تحرك محدود بالضاحية الجنوبية لبيروت (إ.ب.أ)

الضمانة هي الدولة

لم يغيّر الخطاب الهادئ والمنفتح الذي صدر عن جعجع، وقبله رئيس حزب «الكتائب اللبنانية» النائب سامي الجميل الذي سبق أن أكد رفضه تهميش الطائفة الشيعية، نظرة مؤيدي الحزب إلى خصومهم السياسيين؛ إذ اعتبر مصدر مقرّب من «حزب الله» أن «جعجع يتحدث كمنتصر ويخاطب الشيعة كمهزومين وهو أمر لا يشكل ضمانة لأحد في لبنان».

وأكد المصدر لـ«الشرق الأوسط» أن «البيان الذي صدر عن المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان (الذي هاجم جعجع بقوة)، يمثل موقفاً شيعياً موحداً في الردّ على جعجع». وقال المصدر الذي رفض ذكر اسمه: «الضمانة الوحيدة للشيعة هي الدولة ورئيس الجمهورية والحكومة الذين يمثلون ضمانة للنقاش والبحث في الاستراتيجية الدفاعية التي تحمي كل المكونات اللبنانية»، معتبراً أن «سلاح الحزب كان وسيبقى الضمانة الأساسية لكلّ اللبنانيين، ولا سيما للطائفة الشيعية إلى أن ينتهي الخطر الإسرائيلي والإرهابي، وتقرّ الدولة استراتيجية دفاعية تحمي كلّ اللبنانيين».

الردّ العنيف على خطاب جعجع الصادر عن المفتي قبلان «له ما يبرره» بحسب تقدير الصحافي علي الأمين، ناشر موقع «جنوبية» المعارض لـ«حزب الله». ولفت الأمين إلى أن الكلام الهادئ الذي صدر عن جعجع وغيره من القيادات والأحزاب المعارضة لـ«حزب الله» مريح بشكل عام، ولكنه «يزعج البيئة الحزبية الشيعية؛ لأنها تريد من جعجع خطاباً مستفزّاً تتخذ منه فزاعة تستغلّها في كل مناسبة».

وقال الأمين لـ«الشرق الأوسط» إن «استثمار (حزب الله) يقوم على التخويف من الآخر، سواء على المستوى الوطني أو على المستوى العربي والدولي، لجعل البيئة الشيعية في حالة خوف دائم وملتزمة بالأوامر الحزبية»، لافتاً إلى أن «المنطق الحزبي ينزعج من كل كلام يتحدث عن إعادة بناء الدولة، ويسعى إلى مواجهته بمنطق التخويف والتخوين».

لافتات على طريق مطار بيروت تحمل شعارات داعمة للجيش اللبناني (أ.ف.ب)

مخاطبة الحسّ الوطني

في هذا الإطار، اعتبر النائب غياث يزبك، عضو كتلة «الجمهورية القوية» التابعة لحزب «القوّات اللبنانية»، أن جعجع «تحدث كرجل سياسي لمس باليد أن انغلاق الطوائف على نفسها وبناءها تحالفات خارج حدود الوطن يؤديان إلى نحر الطائفة؛ ما ينعكس على التركيبة الوطنية والدولة ككل». وأوضح يزبك لـ«الشرق الأوسط» أن جعجع «لا يخاطب الشيعة بمنطق المنتصر الذي يخاطب المهزوم، بل يخاطب الحسّ الوطني - العربي عند غالبية الشيعة في لبنان بدل خطفهم من قبل إيران، وينصحهم بأن يعودوا إلى وصايا (رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الراحل) الإمام محمد مهدي شمس الدين، الذي دعا الشيعة ليكونوا جزءاً من الدولة لا أن يكونوا كياناً مستقلاً».

وشدد يزبك على أن «المسيحيين والسنّة والدروز ينتظرون أن يتحرر الشيعة من السطوة الإيرانية الممثلة بـ(حزب الله)»، خاتماً: «ننتظر جميعاً لحظة إقبال الشيعة الأحرار على مشروع الدولة والالتحاق به كضمانة وحيدة لهم ولكل اللبنانيين».


مقالات ذات صلة

الرئيس اللبناني يؤكد مجدداً: التفاوض بديل الحرب

المشرق العربي الرئيس عون مستقبلاً نائب رئيس الحكومة طارق متري (رئاسة الجمهورية)

الرئيس اللبناني يؤكد مجدداً: التفاوض بديل الحرب

أكد الرئيس اللبناني جوزيف عون أن الاتصالات مستمرة في الداخل والخارج من أجل تثبيت الأمن والاستقرار بالجنوب من خلال المفاوضات عبر لجنة «الميكانيزم».

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي بلدة العديسة بجنوب لبنان كما تظهر من الجانب الإسرائيلي من الحدود (إ.ب.أ)

طروحات خارجية عن سلاح «حزب الله» تثير مخاوف داخلية

تثير طروحات يتم التداول بها بالعلن وأخرى خلف الأبواب المغلقة لحل أزمة سلاح «حزب الله» شمال نهر الليطاني، مخاوف قوى لبنانية...

بولا أسطيح (بيروت)
المشرق العربي الفنان اللبناني فضل شاكر (إنستغرام)

فضل شاكر وأحمد الأسير إلى محاكمة علنية في 9 يناير المقبل

حدّد رئيس محكمة الجنايات في بيروت يوم التاسع من يناير المقبل موعداً لمحاكمة الفنان فضل شاكر والشيخ أحمد الأسير وأربعة مدعى عليهم آخرين

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي آليات للجيش اللبناني عند الحدود مع سوريا (أرشيفية - مديرية التوجيه)

اشتباك «سوء تفاهم» لبناني - سوري

تعرضت دورية للجيش اللبناني لإطلاق نار من داخل الأراضي السورية في شرق لبنان، ما أدى إلى اندلاع اشتباك من دون وقوع إصابات.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي الرئيس اللبناني جوزيف عون مستقبلاً في شهر فبراير الماضي وفداً إيرانياً يضم رئيس مجلس الشورى الإيراني محمد باقر قاليباف ووزير الخارجية عباس عراقجي والسفير الإيراني لدى لبنان مجتبى أماني (الرئاسة اللبنانية)

طهران تنفي تدخلها في الشأن اللبناني وبيروت تؤكد بالأدلة والقرائن

تدخل العلاقات اللبنانية - الإيرانية في مرحلة دقيقة للغاية، وتقف الآن في منتصف الطريق بين تنقيتها من الشوائب وتفلتها من الضوابط.

محمد شقير (بيروت)

تقرير: الولايات المتحدة تُبلغ نتنياهو بأن استهداف القيادي بـ«حماس» خرق لوقف إطلاق النار

حديث بين ترمب ونتنياهو في الكنيست الإسرائيلي 13 أكتوبر 2025 (أ.ف.ب)
حديث بين ترمب ونتنياهو في الكنيست الإسرائيلي 13 أكتوبر 2025 (أ.ف.ب)
TT

تقرير: الولايات المتحدة تُبلغ نتنياهو بأن استهداف القيادي بـ«حماس» خرق لوقف إطلاق النار

حديث بين ترمب ونتنياهو في الكنيست الإسرائيلي 13 أكتوبر 2025 (أ.ف.ب)
حديث بين ترمب ونتنياهو في الكنيست الإسرائيلي 13 أكتوبر 2025 (أ.ف.ب)

قالت صحيفة «تايمز أوف إسرائيل» إن البيت الأبيض وجّه توبيخاً شديد اللهجة لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو على خلفية الضربة التي استهدفت القائد البارز في «حماس»، رائد سعد، وفقاً لما أفاد مسؤولان أميركيان لموقع «أكسيوس».

وقال أحد المسؤولين الأميركيين: «كانت رسالة البيت الأبيض إلى نتنياهو: إذا كنت ترغب في تشويه سمعتك وإظهار عدم التزامك بالاتفاقيات، فمرحباً بك، لكننا لن نسمح لك بتشويه سمعة الرئيس ترمب بعد أن توسط في اتفاق غزة».

وأفاد التقرير بأن الولايات المتحدة أبلغت نتنياهو بأن إسرائيل انتهكت وقف إطلاق النار بهذه الضربة.

وأبلغ المسؤولان الموقع الأميركي أن وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، والمبعوث الأميركي الخاص ستيف ويتكوف، ومستشار الشرق الأوسط جاريد كوشنر، مستاؤون من نتنياهو: «يشعر ستيف وجاريد بالغضب إزاء تعنّت إسرائيل في العديد من القضايا المتعلقة بغزة».

ويأتي هذا قبل أسبوعين من الموعد المقرر لاجتماع نتنياهو وترمب في منتجع مارالاغو في فلوريدا.

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الأميركي دونالد ترمب (أ.ب)

ويقول مسؤول إسرائيلي لموقع «أكسيوس» إن البيت الأبيض مستاء بالفعل، لكنه وجّه رسالة متحفظة نسبياً مفادها أن «بعض الدول العربية» تعتبر الاغتيال انتهاكاً لوقف إطلاق النار.

ويضيف المسؤول أن «حماس» هي التي انتهكت وقف إطلاق النار من خلال شنّ هجمات على الجنود ومحاولة تهريب أسلحة إلى غزة. وتابع: «تبذل إدارة ترمب جهوداً حثيثة لإصلاح الوضع. ولكن إذا لم يرغب نتنياهو في اتخاذ الخطوات اللازمة لخفض التصعيد، فلن نضيّع وقتنا في محاولة توسيع نطاق اتفاقيات أبراهام».

كما أعرب البيت الأبيض عن استيائه من عنف المستوطنين في الضفة الغربية، ووفقاً لمسؤول أميركي رفيع المستوى: «لا تطلب الولايات المتحدة من نتنياهو المساس بأمن إسرائيل، بل نطلب منه عدم اتخاذ خطوات تُعتبر في العالم العربي استفزازية».


المحكمة الجنائية الدولية ترفض طلب إسرائيل وقف تحقيق في حرب غزة

إزالة حطام المباني والمنازل المدمرة في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
إزالة حطام المباني والمنازل المدمرة في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

المحكمة الجنائية الدولية ترفض طلب إسرائيل وقف تحقيق في حرب غزة

إزالة حطام المباني والمنازل المدمرة في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
إزالة حطام المباني والمنازل المدمرة في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

رفض قضاة الاستئناف في المحكمة الجنائية الدولية، اليوم (الاثنين)، طعناً آخر قدمته إسرائيل لوقف تحقيق المحكمة في طريقة إدارتها الحرب على قطاع غزة.

وفي الاستئناف، رفض القضاة إلغاء قرار محكمة أدنى درجة بشأن تحقيق الادعاء في جرائم مزعومة تندرج تحت اختصاصها القضائي قد يشمل الأحداث التي أعقبت هجوم حركة «حماس» على إسرائيل في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

ويعني هذا القرار أن التحقيق مستمر، وأن مذكرات الاعتقال، التي صدرت العام الماضي بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت، لا تزال قائمة.

فلسطينيون يسيرون بين أنقاض المباني المُدمَّرة بسبب الحرب في مدينة غزة (رويترز)

وترفض إسرائيل اختصاص المحكمة التي تتخذ من لاهاي مقراً لها، وتنفي ارتكابها جرائم حرب في غزة، حيث تشن حملة عسكرية تقول إنها تهدف إلى القضاء على «حماس» في أعقاب هجمات 7 أكتوبر.

وأصدرت المحكمة الجنائية الدولية في البداية مذكرة اعتقال بحق القيادي في «حماس» محمد دياب إبراهيم المصري، المعروف باسم محمد الضيف، بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، لكنها سحبت ذلك لاحقاً بعد ورود تقارير موثوقة عن وفاته.

ودخل اتفاق وقف إطلاق النار في الصراع حيز التنفيذ في 10 أكتوبر، إلا أن الحرب دمرت كثيراً من البنية التحتية في قطاع غزة، بالإضافة إلى تردي الظروف المعيشية في غزة.

ويقول مسؤولو الصحة في غزة إن إسرائيل قتلت نحو 67 ألف فلسطيني في غزة. وكثيراً ما تستشهد الأمم المتحدة ببياناتهم.

ويركز هذا الحكم على طعن واحد فقط من طعون قانونية عدة قدمتها إسرائيل لوقف تحقيقات المحكمة الجنائية الدولية ومذكرات الاعتقال الصادرة بحق مسؤوليها.

ولا يوجد جدول زمني للمحكمة للبت في مختلف الطعون الأخرى على اختصاصها في هذه القضية.


«داعش» يتبنّى هجوماً أودى بحياة 4 عناصر أمن سوريين

صورة أرشيفية لمقاتلين من «داعش» في الرقة بسوريا (رويترز)
صورة أرشيفية لمقاتلين من «داعش» في الرقة بسوريا (رويترز)
TT

«داعش» يتبنّى هجوماً أودى بحياة 4 عناصر أمن سوريين

صورة أرشيفية لمقاتلين من «داعش» في الرقة بسوريا (رويترز)
صورة أرشيفية لمقاتلين من «داعش» في الرقة بسوريا (رويترز)

تبنّى تنظيم «داعش» الهجوم الذي أودى الأحد بأربعة عناصر أمن في شمال غربي سوريا، وفق ما أورد موقع «سايت» المتخصص في رصد أخبار الجماعات المتطرّفة الاثنين.

ونقل الموقع بياناً للتنظيم جاء فيه: «هاجم جنود الخلافة دورية للحكومة السورية المرتدة على طريق معرة النعمان أمس (الأحد) بالأسلحة الرشاشة»، مضيفاً: «عاد المجاهدون إلى مواقعهم سالمين»، وفق ما نقلته «وكالة الصحافة الفرنسية».

وكانت وزارة الداخلية السورية كشفت في بيان عن «استشهاد أربعة من عناصر إدارة أمن الطرق في وزارة الداخلية»، وإصابة عنصر خامس «إثر استهداف تعرّضت له إحدى الدوريات أثناء تنفيذ مهامها»، من دون أن تحدد هوية المهاجمين.