هوية بصرية جديدة... لسوريا الجديدة «الواحدة الموحدة»

قطيعة مع النظام السابق وسلوكيات التنظيمات المتطرفة وتأكيد مكانة الإسلام

الرئيس أحمد الشرع يلقي كلمة خلال الاحتفال بإعلان الهوية البصرية الجديدة في قصر الشعب الرئاسي بدمشق مساء الخميس (إ.ب.أ)
الرئيس أحمد الشرع يلقي كلمة خلال الاحتفال بإعلان الهوية البصرية الجديدة في قصر الشعب الرئاسي بدمشق مساء الخميس (إ.ب.أ)
TT

هوية بصرية جديدة... لسوريا الجديدة «الواحدة الموحدة»

الرئيس أحمد الشرع يلقي كلمة خلال الاحتفال بإعلان الهوية البصرية الجديدة في قصر الشعب الرئاسي بدمشق مساء الخميس (إ.ب.أ)
الرئيس أحمد الشرع يلقي كلمة خلال الاحتفال بإعلان الهوية البصرية الجديدة في قصر الشعب الرئاسي بدمشق مساء الخميس (إ.ب.أ)

في حدث أرادت منه توجيه رسائل على الصعيدين المحلي والدولي، بالقطيعة مع نظام بشار الأسد وسلوكيات التنظيمات المتطرفة، وأن سوريا تغيَّرت وباتت دولة جديدة مهنية وليست اعتباطية، كما في زمن النظام السابق... أقامت السلطات السورية، مساء الخميس، حفلاً ضخماً أعلنت فيه عن الهوية البصرية الجديدة للبلاد، وذلك بعد نحو 7 أشهر من وصولها إلى الحكم عقب الإطاحة بنظام بشار الأسد.

وجرى الإعلان عن الهوية البصرية الجديدة خلال فعالية تضمنت إقامة مراسم في قصر الشعب في دمشق، شارك فيها الرئيس أحمد الشرع وكبار المسؤولين في الدولة، وبمشاركة شعبية واسعة في ساحات المدن الكبرى.

شاشة عملاقة تنقل الاحتفال بإعلان الهوية البصرية الجديدة خلال تجمع شعبي في ساحة السبع بحرات بدمشق مساء الخميس (إ.ب.أ)

وكان لافتاً اختيار ساحة صرح الجندي المجهول في سفح جبل قاسيون لتكون مكاناً للاحتفال في دمشق؛ حيث تجمّع فيها الآلاف من السكان، في حين كانت طائرات الدرون تُنفذ عرضاً فوق رؤوسهم، إضافة إلى إضاءة أعلى الصرح، بعبارة: «بسم الله الرحمن الرحيم».

وهتف المشاركون في ساحة الصرح: «ارفع راسك فوق أنت سوري حر»، و«واحد واحد واحد الشعب السوري واحد»، ورفعوا الأعلام السورية. بينما لم تشهد مناطق سيطرة «قوات سوريا الديمقراطية (قسد)» أي احتفالات بهذه المناسبة، وفق ما ذكرت لـ«الشرق الأوسط» مصادر محلية في شمال شرقي سوريا.

ويُعدّ طائر العقاب، الذي اتُّخذ رمزاً للجمهورية السورية منذ عام 1945، أي قبل بدء حكم حزب «البعث» الذي استمر لخمسين عاماً، الأساس الذي بُني عليه الشعار الجديد، مع إدخال بعض التعديلات عليه.

وقد أضيفت إلى العقاب 3 نجوم تعلوه، ترمز إلى «تحرّر الشعب»، وفقاً لبيان صادر عن وزارة الإعلام. كما أُضيفت 5 ريشات تتدلّى من ذيله، تمثّل المناطق السورية الخمس: الشمالية، والشرقية، والغربية، والجنوبية، والوسطى.

الرئيس أحمد الشرع وزوجته لطيفة الدروبي يتوسطان كبار المسؤولين خلال الاحتفال بإعلان الهوية البصرية الجديدة في قصر الشعب بدمشق مساء الخميس (إ.ب.أ)

الباحث والمحلل السياسي، رئيس قسم الأبحاث والتحليل في وحدة «برادام غروب»، أنس الكردي، أشار إلى أن الحفل وكلمة الشرع خلال الاحتفال تضمنا عدة رسائل، ملخصها أن «سوريا باتت دولة جديدة، وهناك شعار جديد للبلاد».

وأولى الرسائل، حسب ما قال الكردي في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن سوريا الجديدة هي «دولة مهنية، وليست اعتباطية كما كانت في زمن بشار الأسد، فهي عملت شعاراً بشكل مهني وأطلقته بشكل مهني، والرسالة الثانية أن هناك قطيعة مع النظام السابق».

ولفت الانتباه إلى أن الحفل رافقته معزوفات موسيقية عبر مكبرات الصوت، وحسب الكردي، فإن هذا الأمر يحمل رسالة بقطيعة سوريا الجديدة مع السلفية والأفكار المتطرفة، مشيراً إلى أن من سلوكيات المتطرفين منع الموسيقى في المجتمعات التي يسيطرون عليها.

وفي كلمة خلال مراسم إطلاق الشعار الجديد، قال الشرع: «الهوية التي نطلقها اليوم تعبر عن سوريا التي لا تقبل التجزئة ولا التقسيم، سوريا الواحدة الموحدة، وأن التنوع الثقافي والعرقي عامل إغناء وإثراء، لا فرقة أو تنازع».

محتفلون يلوحون بأعلام سورية قرب نصب الجندي المجهول على جبل قاسيون خلال الاحتفال بإعلان الهوية البصرية الجديدة مساء الخميس (أ.ف.ب)

ووفق الكردي فإن عبارة «سوريا التي لا تقبل التجزئة ولا التقسيم»، هي رسالة «ضد أحلام الانفصال عند البعض»، أما عبارة «التنوع الثقافي والعرقي عامل إغناء وإثراء لا فرقة»، فهي «لطمأنة الأقليات».

وخلال الحفل تمت إضاءة القسم العلوي من صرح الجندي المجهول الذي تم اختياره مسرحاً أساسياً للحدث في دمشق بعبارة «بسم الله الرحمن الرحيم». ووصف الكردي الأمر بـ«المهم» باعتباره «اعترافاً من قبل الدولة بمكانة الإسلام، بوصفها دولة مسلمة»، لافتاً إلى أنه «كانت هناك (في زمن النظام السابق) أمور غير طبيعية، فخطاب أي زعيم عربي على الأقل يبدأ بعبارة (بسم الله الرحمن الرحيم) وبعض الزعماء يبدأون بعبارة (بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على الرسول محمد (ص)، أما سوريا فهذا لم يكن وارداً».

ولفت أيضاً إلى حضور عقيلة الرئيس السوري، لطيفة الدروبي، مراسم الحفل في قصر الشعب، وهو الأمر الذي وضعه الكردي في سياق «تأكيد هوية المجتمع المسلم المحافظة».

سوريون يحتفلون خلال إعلان الهوية البصرية الجديدة في حماة مساء الخميس (رويترز)

غير أن بعض النشطاء عبّروا عن رأي مخالف، عادّين أن تنظيم الحدث على مستوى المحافظات، ووضع شاشات عرض في الساحات العامة، يعكسان سلوكاً يحمل سمات ديكتاتورية وفاشية، ويشبه في أسلوبه ما تقوم به الدول الديكتاتورية والفاشية بتنظيم الاحتفالات والفعاليات.

وقال أحد النشطاء، مفضّلاً عدم كشف اسمه: «هناك أشخاص ما زالوا يعيشون حالة حزن بعد تفجير كنيسة مار إلياس في دمشق، وفي الوقت ذاته يُنظَّم هذا الحفل الكبير، وهو أمر قد يفاقم شعور التباعد بين الناس. كما أن معظم السكان لا يزالون يعانون من الفقر».

وأضاف: «يبدو أن الهدف من الأمر ربما إلهاء الناس عن المشكلات اليومية والمشكلات الكبيرة التي تحصل، والقول لهم إننا نعمل»، مشيراً إلى أن كل الانفتاح الغربي والعربي على سوريا، وتوقيع الكثير من الاتفاقيات مع الدول لم ينتج عنهما حتى الآن شيء يُغير أحوال المواطنين إلى الأفضل.

ورأى المصدر أن المحتوى كان فقيراً، عدا عبارة «بسم الله الرحمن الرحيم» التي أضيء بها القسم العلوي من صرح الجندي المجهول، والشعار لا يحتاج إلى كل هذا الحفل.

وقالت وزارة الإعلام في بيانها إن هذا الشعار الجديد يحمل 5 رسائل من بينها: «الدولة الجديدة... دولة حديثة منبثقة من إرادة شعبها»، بالإضافة إلى «وحدة الأراضي السورية» و«عقد وطني جديد يُحدد العلاقة بين الدولة والشعب».

ومنذ وصوله إلى السلطة، عقب الإطاحة بالرئيس المخلوع بشار الأسد في الثامن من ديسمبر (كانون الأول) 2024، أعلن الشرع سلسلة خطوات لإدارة المرحلة الانتقالية، شملت حلّاً فورياً لمجلس الشعب السابق، ثم توقيع إعلان دستوري، حدّد المرحلة الانتقالية بخمس سنوات، فضلاً عن تشكيل حكومة انتقالية.


مقالات ذات صلة

المشرق العربي صورة عامة للعاصمة دمشق (إ.ب.أ) play-circle

لجنة أممية: المرحلة الانتقالية في سوريا ما زالت «هشَّة»

اعتبر خبراء أمميون، اليوم (الأحد)، أن المرحلة الانتقالية في سوريا ما زالت «هشَّة» بعد عام من إطاحة حكم بشار الأسد.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
المشرق العربي جندي من وزارة الدفاع السورية خلال جولة داخل ما كانت يوماً قاعدة عسكرية إيرانية جنوب حلب (أ.ف.ب)

خفايا الانسحاب الإيراني من سوريا... أفرغوا المراكز وهربوا عبر «حميميم»

أبلغ قائد إيراني مسؤول عن ضباط وجنود سوريين يخدمون تحت إمرته أنه «بعد اليوم لن يكون هناك (حرس ثوري) إيراني في سوريا».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي يلتقي بوزير الخارجية السوري أسعد الشيباني في منتدى الدوحة بالعاصمة القطرية (صفحة وزارة الخارجية المصرية بفيسبوك)

مصر تؤكد رفضها أي اعتداءات إسرائيلية تستهدف الأراضي السورية

أكد وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي رفض مصر القاطع لأي اعتداءات إسرائيلية تستهدف الأراضي السورية.

«الشرق الأوسط» (الدوحة)
تحقيقات وقضايا الجنرال قاسم سليماني يجري مكالمة هاتفية قرب قلعة حلب التاريخية شتاء 2016 (فارس)

4 روايات إيرانية عن انهيار «خيمة المقاومة»

في إيران، أنتج سقوط نظام بشار الأسد أربع روايات متوازية طرحت جميعها أسئلة صريحة عن كلفة المغامرة الإيرانية في سوريا.

عادل السالمي (لندن)

جعجع لعون وسلام: لا للتذرع بحرب أهلية لحلّ «حزب الله»

رئيس «القوات» سمير جعجع متحدثاً في مؤتمر الحزب العام الذي عقد الأحد (القوات)
رئيس «القوات» سمير جعجع متحدثاً في مؤتمر الحزب العام الذي عقد الأحد (القوات)
TT

جعجع لعون وسلام: لا للتذرع بحرب أهلية لحلّ «حزب الله»

رئيس «القوات» سمير جعجع متحدثاً في مؤتمر الحزب العام الذي عقد الأحد (القوات)
رئيس «القوات» سمير جعجع متحدثاً في مؤتمر الحزب العام الذي عقد الأحد (القوات)

وجّه رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع رسالة مفتوحة إلى رئيسي الجمهورية جوزيف عون والحكومة نواف سلام، معتبراً أنه ليس هناك من سبب للتأخير بحلّ الأجنحة العسكريّة لـ«حزب الله»، كما أن «التذرّع بحرب أهليّة مزعومة ليس في مكانه». كما شن جعجع هجوماً على رئيس البرلمان نبيه بري حول رفضه تعديل قانون الانتخابات النيابية.

«حزب الله» صلب المشكلة

وخاطب جعجع، خلال ترؤسه المؤتمر العام الأول للحزب بعنوان «قوات نحو المستقبل»، الرئيسين عون وسلام قائلاً إن «البحث في (جنس الملائكة) والطروحات النظريّة وتحديد المسؤوليّات الاستراتيجيّة، وإعادة النظر بمفاهيم السيادة والاستقلال والوطنيّة؛ كلّها لا تؤدّي لنتيجة فيما أصبح واضحاً أنّ التنظيم العسكري والأمني لـ(حزب الله) هو في صلب المشكلة الكبرى التي نعيشها. والجميع مجمع على أنّ حلّه هو المقدّمة الإجباريّة لانفراج الوضع الماليّ».

وأكد أن «وجود التنظيم مناقض تماماً لاتفاق الطائف وللدستور، وهو مسؤول عن وضعيّة (اللادولة) التي نعيش فيها منذ ما يزيد على ثلاثين عاماً، خصوصاً حرب 2024 والتدهور الاقتصادي والمالي والمعيشي الذي سبقها».

وأضاف جعجع: «مع كلّ هذه الأسباب ورغبة أكثريّة من اللّبنانيين بحلّ كلّ ما هو عسكري وأمني خارج الدولة، لا نجد سبباً للتأخير الحاصل في حلّ الأجنحة العسكريّة والأمنيّة لـ(حزب الله)، خصوصاً بعد قراري مجلس الوزراء في 5 و7 أغسطس (آب) المنصرم». ورأى أنّ «التذرّع بحرب أهليّة (مزعومة) ليس في مكانه، إذ إنّنا لا نتحدّث عن خلاف بين حزبين أو بين مجموعتين مدنيّتين، بل نحن نتحدّث عن قرارات اتّخذتها دولة شرعيّة كاملة المواصفات».

مواجهة المجهول

من جهة ثانية، سأل جعجع في رسالته: «هل يجوز ترك لبنان واللّبنانيين بمواجهة المجهول وما هو أعظم، فقط (كرمى لعيون) بعض المسؤولين الحزبيين المرتبطين أصلاً بالقرار الإيرانيّ، وبأي منطق تخضع الأكثريّة في لبنان لتصرّفات الأقليّة، وتخضع الشرعيّة لتصرّفات (اللّاشرعيّة)؟».

رئيس «القوات» سمير جعجع متحدثاً في مؤتمر الحزب العام الذي عقد الأحد (القوات)

وتحدث جعجع عن دور الجيش اللبناني، قائلاً إنّ «رمي كرة النار هذه في حضن الجيش وحده لا يجوز؛ فمع عمل الجيش، هناك عمل سياسيّ واضح وحاسم تجاه كلّ من يرفض تنفيذ قرارات الحكومة»، مشدداً على أنّ «المطلوب إعلان سياسي واضح جدّاً، ومن ثم تتبعه خطوات سياسيّة وإداريّة واضحة لوضع هذه الأصول الفاجرة عند حدّها».

رسالة إلى بري

كما توجّه جعجع إلى رئيس مجلس النواب نبيه برّي في رسالة حول قانون الانتخابات النيابية المقررة في الربيع المقبل، وقال له: «ما تقوم به في الوقت الحاضر بما يتعلّق بقانون الانتخاب تخطّى كلّ حدود»، لافتاً إلى تجاهله لـ«اقتراح قانون» «معجّل مكرّر» «الموقّع من نوّاب يمثّلون أكثريّة في المجلس النيابي منذ أكثر من سبعة أشهر»، كما لفت إلى «مشروع قانون معجّل أرسلته الحكومة فقمت بإحالته إلى اللّجان النيابيّة المعنيّة، مع توقّعاتنا بأن تحيله إلى مزيد من اللّجان حتّى مرور الوقت وتعطّل الانتخابات النيابيّة».

وأضاف: «دولة الرئيس، تستطيع أن تتذرّع بالنظام الداخلي لمجلس النوّاب ولكنّ هذا لا يخفي نيّتك (المبيّتة) بفعل كلّ ما يلزم، لتعطيل انتخاب المغتربين في أماكن وجودهم في الخارج»، مؤكداً أنّ «المطروح اليوم ليس قوانين برمّتها مع مجموعة كبيرة من التقنيّات، بل المطروح خلاف سياسي حول اقتراع المغتربين في الخارج».

وقال جعجع إنّ «النظام الداخلي وجد لتطبيقه وليس لاستعماله مطيّة للوصول لغايات حزبيّة وتعطيل البرلمان ومحاولة تعطيل الانتخابات النيابيّة».


 نتنياهو: إسرائيل و«حماس» ستبدآن قريباً المرحلة الثانية من وقف إطلاق النار

TT

 نتنياهو: إسرائيل و«حماس» ستبدآن قريباً المرحلة الثانية من وقف إطلاق النار

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والمستشار الألماني فريدريش ميرتس في القدس (د.ب.أ)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والمستشار الألماني فريدريش ميرتس في القدس (د.ب.أ)

صرح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الأحد، في القدس بأنه «من المتوقع قريباً جداً أن تنتقل إسرائيل و(حماس) إلى المرحلة الثانية من وقف إطلاق النار»، بعد أن تعيد «حماس» رفات آخر رهينة محتجز في غزة.

وأدلى نتنياهو بهذه التصريحات خلال مؤتمر صحافي مع المستشار الألماني فريدريش ميرتس الذي يزور إسرائيل حالياً.

وأكد نتنياهو، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، أن المرحلة الثانية من وقف إطلاق النار، والتي تشمل نزع سلاح «حماس» وتجريد قطاع غزة من السلاح ومنع عسكرته، يمكن أن تبدأ في أقرب وقت بنهاية الشهر الحالي. ولا يزال رفات ران جفيلي، ضابط الشرطة البالغ من العمر (24 عاماً) والذي قُتل في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023 في غزة.

وتشمل المرحلة الثانية أيضاً نشر قوة دولية لتأمين غزة، وتشكيل حكومة فلسطينية مؤقتة لإدارة الشؤون اليومية تحت إشراف لجنة دولية برئاسة الرئيس دونالد ترمب.

ستمثل إعادة رفات جفيلي اكتمال المرحلة الأولى من خطة ترمب لوقف إطلاق النار المكونة من 20 نقطة. وتقول «حماس» إنها لم تتمكن من الوصول إلى جميع الرفات لأنها مدفونة تحت الأنقاض التي خلفها الهجوم الإسرائيلي المستمر منذ عامين على غزة. واتهمت إسرائيل الحركة بالمماطلة، وهددت باستئناف العمليات العسكرية أو حجب المساعدات الإنسانية إذا لم تتم إعادة جميع الرفات.

وصرح ميرتس، الأحد، أن ألمانيا تساعد في تنفيذ المرحلة الثانية من خلال إرسال ضباط ودبلوماسيين إلى مركز تنسيق مدني وعسكري بقيادة الولايات المتحدة في جنوب إسرائيل، وإرسال مساعدات إنسانية إلى غزة.

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يتحدث خلال مؤتمر صحافي في القدس (د.ب.أ)

وقال نتنياهو إن «قلة تعتقد أنه يمكن تحقيق المرحلة الأولى من وقف إطلاق النار، وأن المرحلة الثانية لا تقل صعوبة. كما ذكر للمستشار، أن هناك مرحلة ثالثة، وهي نزع «التطرف» عن غزة، وهو أمر كان الناس يعتقدون أيضاً أنه مستحيل. لكن تم ذلك في ألمانيا، وفي اليابان. ويمكن القيام به في غزة أيضاً، ولكن بالطبع يجب تفكيك (حماس)».

وأكد نتنياهو، عقب اجتماعه مع المستشار الألماني فريدريش ميرتس في القدس، أن العلاقات الألمانية الإسرائيلية شهدت «تحولاً تاريخياً» فيما يتعلق بالتعاون في مجال الأسلحة.

وأضاف نتنياهو، في إشارة واضحة إلى شراء ألمانيا لنظام الدفاع الصاروخي «آرو - 3» الإسرائيلي الصنع، أن الدولة العبرية «استطاعت صد أعدائها» منذ تأسيسها، وطورت قدراتها لمساعدة الآخرين.

وأضاف: «ألمانيا لا تعمل فقط للدفاع عن إسرائيل، بل إن إسرائيل، الدولة اليهودية، بعد 80 عاماً من المحرقة، تعمل من أجل الدفاع عن ألمانيا».

وأضاف رئيس الوزراء الإسرائيلي: «وهذا تحول تاريخي يأتي في وقت يشهد اضطرابات وتغييرات دولية كبيرة».

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يصافح المستشار الألماني فريدريش ميرتس خلال مؤتمر صحافي في القدس (د.ب.أ)

وأوضح نتنياهو أن المناقشات مستمرة حول كيفية استمرار هذا التعاون الدفاعي في عالم متغير. وأشار إلى أن الأمر يتعلق أيضاً بالتعاون في المجالات التكنولوجية، قائلاً إن «إسرائيل وألمانيا من أكثر الاقتصادات تقدماً في العالم. ولدينا أشخاص استثنائيون وذوو مواهب فائقة». وأكد أن مجالات التكنولوجيا المتقدمة، والتكنولوجيا العميقة، والذكاء الاصطناعي، والبحوث الكمية ستقوم بـ«تغيير وجه هذا الكوكب ومستقبل البشرية»، ورأى أنه من خلال التعاون، لن يستطيع البلدان تحسين حياة مواطنيهما وحسب «بل كذلك تحسين العالم وجوارنا المباشر، أي الشرق الأوسط».

وكانت ألمانيا فرضت قيوداً على صادرات الأسلحة إلى إسرائيل مؤقتاً بسبب عمليات الجيش الإسرائيلي في الحرب على قطاع غزة، لكنها عادت وتراجعت عن هذا القرار لاحقاً.

وبدوره، قال المستشار ميرتس: «رغم هذا القرار الذي استند إلى حالة بعينها، فإنه لم يتغير شيء قبل ذلك ولا بعده في مواقفنا الأساسية تجاه إسرائيل وأمنها ودعمها، بما في ذلك الدعم العسكري».


العراق يُشيد بجهود التعاون الإقليمي والدولي في مجال مكافحة المخدرات

رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني يلقي كلمة أمام مؤتمر مكافحة المخدرات المنعقد في بغداد الأحد (المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء)
رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني يلقي كلمة أمام مؤتمر مكافحة المخدرات المنعقد في بغداد الأحد (المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء)
TT

العراق يُشيد بجهود التعاون الإقليمي والدولي في مجال مكافحة المخدرات

رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني يلقي كلمة أمام مؤتمر مكافحة المخدرات المنعقد في بغداد الأحد (المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء)
رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني يلقي كلمة أمام مؤتمر مكافحة المخدرات المنعقد في بغداد الأحد (المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء)

انطلقت في العاصمة العراقية بغداد، الأحد، أعمال المؤتمر الثالث لمكافحة المخدرات، بمشاركة 12 دولة عربية وإقليمية ومكتب الأمم المتحدة، إلى جانب الأمين العام لمجلس وزراء الداخلية العرب محمد بن علي كومان.

وأشاد رئيس الوزراء محمد شياع السوداني خلال كلمته في المؤتمر، الذي يستمر يومين، بجهود التعاون الدولي التي أسفرت عن ضبط كميات كبيرة من المواد المخدرة.

وقال السوداني إن حكومته «عملت على تعزيز ورفع مستوى التعاون والتنسيق وتبادل المعلومات والخبرات، وتوقيع مذكرات التفاهم مع مختلف الدول؛ حيث جرى فتح 33 نقطة اتصال مشتركة مع عدد من الدول والمنظمات، وتوقيع 11 مذكرة تفاهم، كما بلغ مجموع الخطابات المرسلة 345 مخاطبة، وأكثر من 1299 معلومة متبادلة مع دول الجوار».

وشدد على ضرورة «مواجهة مخاطر المخدرات التي تُهدد المجتمعات والدول وتسبب الأزمات»، وكذلك على أهمية «التنسيق المشترك والعمل للحد من مخاطر المخدرات، وصولاً إلى تصفيرها، من خلال تطوير وسائل المواجهة في الحرب المستمرة ضد العصابات الإجرامية التي تتاجر وتورط أبناء مجتمعنا بهذا الوباء».

وأشار إلى أن حكومته عملت وفق «الاستراتيجية الوطنية لمكافحة المخدرات للسنوات (2023-2025)، وتعديل قانون مكافحة المخدرات لسنة 2017»، مضيفاً: «كما اتخذنا حزمة إجراءات وقرارات وتوجيهات لمكافحة المخدرات، فضلاً عن تشييد مصحات تأهيل للمدمنين في كل المحافظات، وأنشأنا 15 مصحة قسرية في بغداد والمحافظات لمعالجة المدمنين والمتعاطين، وهي تجارب رائدة على المستويين المحلي والدولي».

وعدّ السوداني أن خطر المخدرات والمؤثرات العقلية «لا يقل عن خطر الجماعات الإرهابية».

مساعي اجتثاث الآفة

وعانى العراق خلال السنوات الأخيرة جراء تفشي ظاهرة المخدرات، بعد أن كان قبل نحو عقدين دولة شبه خالية من هذه الآفة.

وسعياً للتصدي لهذه الظاهرة، يعمل العراق على تعزيز التعاون والتنسيق الإقليمي، وإشراك المجتمع الدولي في حربه على هذه التجارة العابرة للحدود، ويحرص على تبادل المعلومات ومراقبة الحدود ورصد شبكات التهريب.

وأعلنت وزارة الداخلية في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي عن تفكيك 1200 شبكة محلية ودولية للاتجار بالمخدرات، وضبط أكثر من 14 طناً من المواد المخدرة خلال السنوات الثلاث الماضية.

جانب من الحضور في المؤتمر الثالث لمكافحة المخدرات المنعقد في بغداد الأحد (المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء العراقي)

وغالباً ما كانت الحدود الشرقية مع إيران كبرى مناطق تهريب المخدرات بأنواعها إلى البلاد، إلى جانب الحدود الغربية مع سوريا؛ لكن عمليات التهريب تراجعت خلال السنة الأخيرة وبعد الإطاحة بنظام بشار الأسد طبقاً لبعض التصريحات الرسمية.

مجلس وزراء الداخلية العرب

وخلال المؤتمر، أكَّد الأمين العام لمجلس وزراء الداخلية العرب، بن علي كومان، عزم العراق على التعاون لمكافحة المخدرات، مشيداً بالتعاون الدولي من جانب وزارة الداخلية العراقية في هذا الصدد.

وقال خلال كلمته في المؤتمر: «إن انعقاد المؤتمر بنسخته الثالثة بعد نجاح النسختين السابقتين يعكس إرادة راسخة لدى العراق لتعزيز التعاون بين دول المنطقة والعالم في مواجهة آفة المخدرات، التي تمثل تهديداً للأرواح والصحة والتنمية، وتنخر اقتصاديات الدول، بما يصاحبها من فساد للأموال، إضافة إلى ارتباطها بالفساد وتمويل التنظيمات الإرهابية والجريمة المنظمة».

وأضاف أن وزارة الداخلية العراقية أبدت اهتماماً كبيراً بالتصدي لهذه الظاهرة، من بينها تنظيم فعالية مشتركة مع مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، لمناقشة ديناميكيات تهريب المخدرات عبر العراق والشرق الأوسط.

ورأى كومان أن العراق «شكَّل نموذجاً في التعاون الميداني، العربي والدولي؛ حيث فازت مديرية شؤون المخدرات والمؤثرات العقلية بالمركز الأول في المسابقة السنوية للأمانة العامة حول أفضل تعاون عملياتي في مجال مكافحة المخدرات على المستويين العربي والدولي».

وذكر أن الدول العربية «تظهر التزاماً متزايداً بمكافحة هذه الآفة».

وأشار كومان إلى أن العام الحالي «شهد تقدماً مهمّاً في مجال مكافحة المخدرات؛ حيث تم إعداد صياغة جديدة للاستراتيجية العربية لمكافحة الاتجار غير المشروع بالمخدرات والمؤثرات العقلية».

العمل الجماعي

من جهته، شدّد وزير الداخلية العراقي عبد الأمير الشمري في كلمته خلال المؤتمر على أن «مواجهة المخدرات تتطلب عملاً جماعياً»، وقال إن مكافحتها «مسيرة مشتركة تتجاوز الحدود».

وزير الداخلية العراقي عبد الأمير الشمري يلقي كلمة في مؤتمر مكافحة المخدرات ببغداد يوم الأحد (الوكالة الرسمية)

وأضاف: «شبكات المخدرات تتطور بسرعة، وتستفيد من التطور التكنولوجي، والتجمع الدوري ضروري لمكافحتها».

وأكد أن مواجهة المخدرات تتطلب تنسيقاً دولياً، وضبط الحدود وتطوير التشريعات، وقال إن العراق «نجح في بناء منظومة متطورة في مجال مكافحة المخدرات».

وقال الشمري إن نتائج المؤتمرين السابقين لمكافحة الإرهاب «نجحت في وضع الأساس المتين لنموذج جديد في التعاون الأمني لمكافحة المخدرات، وهو نموذج يقوم على الشفافية والمسؤولية المشتركة والرؤية الموحدة لمصالح شعوبنا».

وأضاف أن التجارب الأمنية في المنطقة والعالم أثبتت أن مواجهة آفة المخدرات «ليست مهمة ظرفية، ولا نتيجة حملة مؤقتة، بل هي معركة مستمرة تتطلب متابعة دقيقة، وتقييماً دورياً».