فلسطينيو «اليرموك» يشاركون السوريين فرحة «إسقاط الديكتاتورية»

بكاء فرح وسجود في «التضامن»... وعَلم الثورة يرفرف بأرجاء المخيم

مدخل مخيم اليرموك الشمالي من شارع اليرموك الرئيسي (الشرق الأوسط)
مدخل مخيم اليرموك الشمالي من شارع اليرموك الرئيسي (الشرق الأوسط)
TT

فلسطينيو «اليرموك» يشاركون السوريين فرحة «إسقاط الديكتاتورية»

مدخل مخيم اليرموك الشمالي من شارع اليرموك الرئيسي (الشرق الأوسط)
مدخل مخيم اليرموك الشمالي من شارع اليرموك الرئيسي (الشرق الأوسط)

لم يكن لدى اللاجئين الفلسطينيين، الذين شاركوا السوريين فرحة «إسقاط الديكتاتورية»، أملٌ بأن يعود «مخيم اليرموك»، قرب دمشق، رمزاً لـ«حق العودة» و«عاصمة للشتات الفلسطيني»، بعد أن طمس ذلك نظام بشار الأسد المخلوع. لكن انتصار الثورة السورية والإطاحة به أعادا للمخيم هذه الرمزية والخصوصية.

وبينما اختلطت دموع فرحة عودة المهجَّرين مع احتفالات النصر في «حي التضامن» داخل المخيم، بدا الاطمئنان في شماله واضحاً لدى مؤيدي النظام المخلوع بخروجهم إلى الشوارع، وعودة الحياة الطبيعية إليه، بعدما لمسوا من فصائل المعارضة المسلَّحة حرصها على عدم التعرض لهم أو إيذائهم.

ارتياح ومباركة

في اليوم الخامس من سقوط حكم الأسد، قامت «الشرق الأوسط» بجولة شملت أغلب مناطق المخيم، الواقع على بُعد أكثر من سبعة كيلومترات جنوب دمشق.

حاجز بركة الذي كان على مدخل حيي التضامن ودف الشوك وكان يوصف بحاجز الرعب (الشرق الأوسط)

ويبدو التغيّر واضحاً على مدخل المخيم الشمالي، إذ إن أول ما يلفت الانتباه هو إضافة عبارة «مخيم اليرموك» على القوس الإسمنتي المثبت في بداية شارع اليرموك الرئيسي، بعدما كان مكتوباً عليه عبارة «شارع اليرموك» فقط. وقد كُتبت العبارة بين عَلمي الثورة السورية وفلسطين.

كما اختفت، في بداية شوارع اليرموك الرئيسي، وفلسطين والـ30، التي تشكل المدخل الشمالي للمخيم، حواجز الرعب التي وضعها النظام، وكذلك عناصره وصوره وأعلامه، وسط ازدياد في حركة المارّة والسيارات.

شارع الجلاء في شمال حي التضامن باليرموك وتبدو الحياة فيه طبيعية (الشرق الأوسط)

والملاحَظ، خلال الجولة، إغلاق الفصائل الفلسطينية التي اصطفّت مع نظام الأسد وقاتلت معه ضد شعبه، مكاتبها واختفاء عناصرها، في حين توضح عدة مصادر أهلية، لـ«الشرق الأوسط»، أنهم هربوا منذ ليلة سقوط النظام.

المصادر الأهلية، التي تؤكد أن الوضع حالياً «أفضلُ بكثير» مما كان عليه خلال «حُكم الطاغية»، تطالب حكومة الحكم الجديد بالإسراع بإعادة الخدمات الأساسية للمخيم، وإعادة إعماره، لكي يكون كما كان منطقة حيوية على جميع الصُّعد.

شارع نسرين في شمال حي التضامن باليرموك وتبدو الحياة فيه طبيعية (الشرق الأوسط)

ومع قلة انتشار مقاتلي فصائل المعارضة في شوارع المخيم، تؤكد المصادر الأهلية أن الأولوية حالياً لـ«بسط الأمن والأمان في المخيم لقطع الطريق على ضعاف النفوس».

مبادرات أهلية

ووسط حركة نشطة للمارة والسيارات في شارع فلسطين، كان الاحتفال بإسقاط حكم الأسد مستمراً، ويجري التعبير عنه بعدة طرق؛ منها تبادل التهاني مع الأشخاص والعائلات الجديدة العائدة إلى منازلها.

وبينما كان عدد من الشباب يمرون من الشارع، وهم يقودون دراجات نارية رافعين عَلم الثورة، كانت سيارات لفصائل المعارضة تجوب الشارع، ويرفع المقاتلون من نوافذها شارات النصر.

قيادي بفصائل المعارضة جالس أمام منزله في حي التضامن وعَلم الثورة مرفوع على شرفته (الشرق الأوسط)

في آخِر شارع فلسطين، يلفت الانتباه مبادرة مجموعة من الأهالي إلى إزالة السواتر الترابية من مداخل الجادات المؤدية إلى حي التضامن، على نفقتهم الخاصة. ويقول أحدهم، لـ«الشرق الأوسط»: «نفتح حارات المخيم على التضامن، ونتمنى من القيادة الجديدة أن تُحرك الآليات التابعة لها. الوضع حالياً أحسن بكثير، ونريد أن يضعوا يدهم معنا؛ لأن يدنا وحدها لا تصفق».

غارات مُمنهجة

الارتياح كان جلياً على أمين سر اتحاد عمال فلسطين-فرع سوريا، مهند شحادة، الذي التقته «الشرق الأوسط» في مكتبه وسط شارع اليرموك، حيث بارك للشعب السوري «إسقاط الديكتاتورية».

يشرح شحادة، في بداية حديثه، أنه خلال الحرب في سوريا جرى تدمير المخيمات الفلسطينية؛ ومن بينها «اليرموك»، بالغارات الجوية بشكل مُمنهج، خلال الأيام العشرة الأخيرة من العملية العسكرية التي شنّها نظام الأسد وحلفائه في مايو (أيار) عام 2018، والتي أفضت إلى سيطرتهم على المخيم، وذلك على الرغم من أن الباصات كانت تنتظر على مداخله لتهجير مقاتلي المعارضة وعوائلهم.

عَلم الثورة مرفوع على منزل في حي التضامن بمخيم اليرموك (الشرق الأوسط)

وبعد سيطرة النظام على المخيم أصدر عدة قرارات بإعادة الأهالي إلى منازلهم دون قيد أو شرط، ولكن لم يعد إلا عدد قليل من العائلات بسبب إجراءاته الأمنية التعجيزية، وعدم إعادة، ولو الحد الأدنى من الخدمات الأساسية، وفقاً لشحادة.

شارع إسكندرون في وسط حي التضامن بمخيم اليرموك وتبدو الحياة فيه طبيعية (الشرق الأوسط)

ويوضح شحادة أن نظام الأسد الذي طالما تبجّح بدعم القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني، واتخذ من ذلك مظلة للتغطية على استبداده وظلمه وجرائمه، قام، بعد سيطرته على المنطقة، بإلغاء صفة «مخيم» عن اليرموك، وأطلق عليه تسمية «منطقة»، كما ألغى «اللجنة المحلية للمخيم» التي كانت قد تأسست عام 1964 لتثبيت خصوصيته بوصفه منطقة إدارية مستقلة، واستبدل بها «دائرة خدمات اليرموك»؛ أي ألحقه بمحافظة دمشق كأي حي من أحياء المدينة.

قرارات وإجراءات نظام الأسد السابقة، وفق أمين سر اتحاد عمال فلسطين-فرع سوريا، التابع لمنظمة التحرير الفلسطينية، «أثارت استياء كبيراً لدى اللاجئين الفلسطينيين؛ لأن إلغاء كلمة (مخيم) مسألة كبيرة، تعني إلغاء المخيم بوصفه رمزاً لـ(حق العودة) وكـ(عاصمة للشتات الفلسطيني)».

إعادة للرمزية

ويذكر شحادة أنه بعد سقوط النظام، جرى التواصل مع قيادات في الفصائل المعارِضة، وطلب إعادة الهوية التاريخية للمخيم بوصفه رمزاً لـ«حق العودة» و«عاصمة للشتات الفلسطيني»، بعد أن طمسها نظام الأسد المخلوع، و«جرت الموافقة على ذلك، وتُرجم الأمر على أرض الواقع، وهو واضح على مدخله».

أمين سر اتحاد عمال فلسطين-فرع سوريا مهند شحادة (الشرق الأوسط)

ويؤكد أنه، ومنذ اليوم الأول لسقوط النظام، تتوافد العائلات العائدة إلى منازلها، سواء من مناطق محيطة بدمشق أم من شمال البلاد، مقدِّراً أعداد العائلات العائدة يومياً، بالعشرات.

تاريخ المخيم

وجرت اللبِنات الأولى لإقامة «مخيم اليرموك» عام 1957، ومع توسع دمشق أصبح جزءاً أساسياً من مكوناتها الجغرافية والديموغرافية، وبات أكبر تجمُّع للاجئين الفلسطينيين في كل من سوريا ولبنان والأردن، ورمزاً لـ«حق العودة»، كما يُعرف بـ«عاصمة الشتات الفلسطيني»؛ لأنه يضم 36 في المائة من اللاجئين الفلسطينيين في سوريا، البالغ عددهم قبل الحرب أكثر من 450 ألف لاجئ.

مخيم اليرموك جنوب دمشق لحقه دمار كبير خلال سنوات الحرب (أ.ف.ب)

وبلغ عدد سكان المخيم، قبل اندلاع الحرب في عام 2011، ما بين 500 و600 ألف نسمة، بينهم أكثر من 160 ألف لاجئ فلسطيني، قاتل غالبيتهم إلى جانب فصائل المعارضة، في حين قتل واعتقل النظام الآلاف منهم، وهجَّر أغلبيتهم واستولى على ممتلكاتهم.

ودمَّر نظام الأسد، خلال سنوات الحرب، أكثر من 60 في المائة من الأبنية والمؤسسات والأسواق والبنى التحتية في المخيم، بعد سيطرة فصائل المعارضة، ومن ثم «داعش» و«هيئة تحرير الشام»، أواخر عام 2012 عليه.

فرحة عارمة

في «حي التضامن»، الواقع في أقصى جنوب شرقي العاصمة، ويشكل المدخل الجنوبي لدمشق، كانت الفرحة عارمة بالإطاحة بحكم الأسد، إذ رصدت «الشرق الأوسط»، على مدار الأيام الأربعة الماضية، استمرار الاحتفالات بالنصر وانتشاراً واسعاً لمقاتلي الفصائل المعارِضة، وعودة كثير من العائلات المهجَّرة في شمال البلاد.

ابتسامة فلسطينية في مخيم اليرموك بعد سقوط الأسد (أ.ف.ب)

يوضح قيادي من فصائل المعارضة، وهو جالس مع مجموعة من زملائه أمام منزله الذي يرفرف على شُرفته عَلم الثورة وسط الحي، أنه من أهالي حي التضامن، وعاد مع عائلته إلى منزله مع الإطاحة بالنظام بعد تهجيرهم إلى شمال البلاد منذ عام 2012.

ويقول القيادي، لـ«الشرق الأوسط»، لقد «أثبتت الأيام أننا لسنا إرهابيين. هم (مؤيدو النظام) عذّبونا كثيراً، ولكننا لن نعاملهم بمثل ما عاملونا، والأهالي مبسوطة بوجودنا، وتثبت أننا أفضل منهم، والأيام المقبلة ستثبت ذلك أكثر».

مع التعمق في جنوب الحي؛ حيث كانت تسيطر فصائل المعارضة، كانت مظاهر الفرح تتبدى أكثر، إذ رصدت «الشرق الأوسط» عودة كثير من العائلات المهجَّرة إلى الحي.

وبينما كانت أفراد إحدى العائلات العائدة ينزلون من سرفيس صغير (يتسع لـ12 راكباً) وهم يبكون فرحاً، وبعضهم يسجد على الأرض، ويعانقون مُستقبِليهم، والنساء يطلقن الزغاريد، لم تستطع إحدى النساء التحدث؛ من شدة البكاء، واكتفت بالقول، لـ«الشرق الأوسط»: «ولينصرن الله من ينصره وقد نصرنا».

دمار واسع لحق مخيم اليرموك جنوب دمشق خلال سنوات الحرب (أ.ف.ب)

في المقابل، وبعد أن لزم مؤيدو النظام في شمال الحي منازلهم ليومين بعد سقوط النظام؛ لاعتقادهم أن مقاتلي المعارضة سينتقمون منهم، خرجوا بشكل مكثف إلى شوارع نسرين والجلاء وإسكندرون وبركة، بعدما تأكدوا أن مقاتلي المعارضة الذين انتشروا في الحي حريصون على عدم التعرض لهم، وعدم ممارسة العنف والتنكيل والقتل والتهجير بحقِّهم، علماً بأن مسلحي ميليشيا «الدفاع الوطني»، المؤيدة للنظام، ارتكبوا أبشع الجرائم وشتى أنواع العنف والتنكيل بحق المعارضين في بداية الثورة.


مقالات ذات صلة

الغرب يحذّر سوريا من تعيين «مقاتلين أجانب» في الجيش

المشرق العربي مقاتلون من «هيئة تحرير الشام» في دمشق (رويترز)

الغرب يحذّر سوريا من تعيين «مقاتلين أجانب» في الجيش

حذّر مبعوثون أميركيون وفرنسيون وألمان الحكام الجدد في سوريا من أن تعيينهم لـ«مقاتلين أجانب» في مناصب عسكرية عليا يمثّل مصدر قلق أمني ويسيء لصورتهم.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي سيارة جيب إسرائيلية الجمعة في المنطقة العازلة على الحدود بين إسرائيل وسوريا بالقرب من قرية مجدل شمس الدرزية في مرتفعات الجولان التي ضمتها إسرائيل (إ.ب.أ)

إسرائيل تريد الاحتفاظ بمجالي «سيطرة» و«نفوذ» في عمق سوريا

تخطط إسرائيل للاحتفاظ بمجالي «سيطرة» (احتلال) و«نفوذ» (استخباراتي) في الأراضي السورية للتعامل مع الواقع الجديد الذي نشأ عقب سقوط نظام بشار الأسد.

كفاح زبون (رام الله)
المشرق العربي أحمد الشرع مستقبلاً أنطونيو تاياني في دمشق (سانا)

وزير الخارجية الإيطالي: الشرع أعرب عن استعداده «لمنع الهجرة غير الشرعية»

أعلن وزير الخارجية الإيطالي، الجمعة، أن قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع الذي التقاه في وقت سابق في دمشق، أعرب عن استعداده «لمنع الهجرة غير الشرعية».

«الشرق الأوسط» (بيروت)
آسيا وزير الخارجية التركي هاكان فيدان في إسطنبول (رويترز)

تركيا تستبعد أي دور لفرنسا في ملف الأكراد بشمال شرقي سوريا

استبعد وزير الخارجية التركي هاكان فيدان أي دور للقوات الفرنسية في سوريا عادّاً أن الولايات المتحدة هي المحاور الوحيد لبلاده.

«الشرق الأوسط» (إسطنبول)
المشرق العربي رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي (د.ب.أ)

ميقاتي إلى دمشق لتدشين العلاقة الرسمية مع القيادة الجديدة

يتوجّه رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي إلى دمشق، السبت، للقاء قائد الإدارة الجديدة في سوريا أحمد الشرع.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

غموض مصير «الأونروا» يشعل الجدل بين الأمم المتحدة وإسرائيل

موظف تابع لمنظمة «أونروا» في أثناء توزيع ملابس شتوية في خان يونس (أونروا)
موظف تابع لمنظمة «أونروا» في أثناء توزيع ملابس شتوية في خان يونس (أونروا)
TT

غموض مصير «الأونروا» يشعل الجدل بين الأمم المتحدة وإسرائيل

موظف تابع لمنظمة «أونروا» في أثناء توزيع ملابس شتوية في خان يونس (أونروا)
موظف تابع لمنظمة «أونروا» في أثناء توزيع ملابس شتوية في خان يونس (أونروا)

تتجادل الأمم المتحدة وإسرائيل حول من سيملأ الفراغ إذا توقفت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) عن العمل في قطاع غزة والضفة الغربية في وقت لاحق من هذا الشهر حين يُطبق قانون إسرائيلي.

وما زالت الأونروا تعمل في الأراضي الفلسطينية، لكن المستقبل مجهول أمام الوكالة التي يبلغ عمرها نحو 75 عاماً حين يدخل القانون الذي يحظر عملها في الأراضي الإسرائيلية واتصالها بالسلطات الإسرائيلية حيز التنفيذ.

كان الكنيست الإسرائيلي قد أقر القانون في أكتوبر (تشرين الأول) 2024 الشهر الماضي على أن يدخل حيز التنفيذ نهاية يناير (كانون الثاني).

ومنذ إقرار القانون، تتبادل الأمم المتحدة وإسرائيل الرسائل. وبعد فترة وجيزة، أبلغت الأمم المتحدة إسرائيل أنه ليس من مسؤولية المنظمة الدولية طرح بديل للأونروا في الأراضي الفلسطينية، غزة والضفة الغربية بما في ذلك القدس الشرقية.

وفي رسالة إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي في وقت متأخر من يوم الخميس، قال الأمين العام أنطونيو غوتيريش إنه إذا أُجبرت «الأونروا» على التوقف عن العمل، فسيتعين على إسرائيل «ضمان توفير مجموعة الخدمات والمساعدات التي كانت تقدمها الأونروا» بما يتوافق مع التزاماتها بموجب القانون الدولي.

وكتب غوتيريش أن وكالات الأمم المتحدة الأخرى مستعدة لمواصلة تقديم الخدمات والمساعدة للفلسطينيين بقدر ما تستطيع، لكن هذا «لا ينبغي النظر إليه على أنه إعفاء لإسرائيل من التزاماتها».

وتعدّ الأمم المتحدة غزة والضفة الغربية بما في ذلك القدس الشرقية، أراضي تحتلها إسرائيل. ويلزم القانون الدولي القوة المحتلة بالموافقة على برامج الإغاثة وتسهيلها وضمان توفير الغذاء والرعاية الطبية ومعايير النظافة والصحة العامة.

وفي رسالة إلى المنظمة الدولية في 18 ديسمبر (كانون الأول)، قال سفير إسرائيل في الأمم المتحدة داني دانون إن التشريع الجديد «لا يقوض بأي حال التزام إسرائيل الراسخ بالقانون الدولي». ورفض أيضاً مطالبة الأمم المتحدة بأن تتحمل إسرائيل مسؤولية سد أي فراغ قد تتركه «الأونروا».

وكتب يقول إن إسرائيل لا تمارس سيطرة فعلية على غزة ومن ثم فهي ليست قوة احتلال، وإن قانون الاحتلال العسكري لا ينطبق أيضاً. وقال إنه «لا يتعين إغفال» مسؤولية السلطة الفلسطينية عن الشؤون المدنية في الضفة الغربية.

وقال دانون: «في القدس، من حق جميع السكان الحصول على الخدمات الحكومية والبلدية بموجب القانون الإسرائيلي»، ويشمل ذلك خدمات الصحة والتعليم. وضمت إسرائيل القدس الشرقية في خطوة غير معترف بها دولياً.

الصحة والتعليم في خطر

لطالما انتقدت إسرائيل «الأونروا». وتقول إن موظفين في «الأونروا» شاركوا في هجوم حركة «حماس» على إسرائيل في السابع من أكتوبر 2023. وقالت الأمم المتحدة إن تسعة من موظفي «الأونروا» ربما شاركوا وتم فصلهم. وتبين أن أحد قادة «حماس» في لبنان قتلته إسرائيل في سبتمبر (أيلول) كان يعمل في «الأونروا».

وقالت الولايات المتحدة إنه يتعين على حليفتها إسرائيل أن تضمن ألا يعيق القانون الجديد توصيل المساعدات وتقديم الخدمات الحيوية، ومنها تلك التي تقدمها «الأونروا»، في غزة التي تعاني من أزمة إنسانية منذ الحرب بين إسرائيل و«حماس».

لكنها أثارت أيضاً تساؤلات حول التخطيط للطوارئ الذي وضعته الأمم المتحدة.

وقال مسؤول أميركي إن مسؤولين من وزارة الخارجية اجتمعوا هذا الأسبوع مع الفريق الانتقالي للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب الذي يتولى منصبه في 20 يناير، وأثاروا مخاوف عن احتمال تفاقم الأزمة في غزة بمجرد تنفيذ القانون الإسرائيلي.

وتقدم «الأونروا» التي أنشأتها الجمعية العامة للأمم المتحدة، المساعدات والخدمات الصحية والتعليمية لملايين الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية ولفلسطينيين في دول عربية مجاورة مثل سوريا ولبنان والأردن.

وقال غوتيريش إنه لا يمكن الاستعاضة عن «الأونروا» في الدور الفريد الذي تضطلع به. ويقول مسؤولون في الأمم المتحدة إن الخدمات الصحية والتعليمية والاجتماعية التي تقدمها «الأونروا» في الأراضي الفلسطينية ستكون الأشد تضرراً من غيرها، لأن الوكالات الأخرى لا تستطيع أن تضاهي قدرتها على تقديم مثل هذه المساعدة.

وجادل دانون بأنه «ليس من المستحيل بالمرة إحلال بديل للأونروا يمتلك خطط إغاثة توفر المساعدات الأساسية الكافية للمدنيين الفلسطينيين». وأشار إلى عملية المساعدة في غزة التي قال إن وكالات أخرى للأمم المتحدة جاهزة لتوفير الدعم اللازم «كما تفعل في أماكن أخرى من العالم».

ومن بين الوكالات الأخرى العاملة في غزة والضفة الغربية منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) وبرنامج الأغذية العالمي، ومنظمة الصحة العالمية، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي. لكن مسؤولين بارزين في الأمم المتحدة ومجلس الأمن يصفون «الأونروا» بأنها العمود الفقري لعمليات المساعدات الإنسانية الحالية في غزة.

وتقول إسرائيل إن 1200 شخص قتلوا، واقتيد نحو 250 رهينة في هجوم السابع من أكتوبر 2023 بقيادة «حماس» على جنوب إسرائيل. وشنت إسرائيل حملتها العسكرية على غزة بعد الهجوم.

وقال مسؤولو صحة فلسطينيون إن الحرب في غزة أسفرت عن مقتل أكثر من 46 ألف شخص حتى الآن، فضلاً عن تحويل مساحات واسعة من القطاع إلى أطلال، ونزوح معظم سكانه البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة مرات متعددة. ويحذر خبراء الأغذية من مجاعة وشيكة.