صهر قاسم سليماني... من هو هاشم صفي الدين الذي قتلته إسرائيل؟

ابن خالة زعيم «حزب الله» وشبيهه أُعد لخلافته منذ 1994 بعد دراسته في قم

TT

صهر قاسم سليماني... من هو هاشم صفي الدين الذي قتلته إسرائيل؟

هاشم صفي الدين في صورة أرشيفية مع القيادي في «حزب الله» إبراهيم عقيل الذي قتل بغارة إسرائيلية الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)
هاشم صفي الدين في صورة أرشيفية مع القيادي في «حزب الله» إبراهيم عقيل الذي قتل بغارة إسرائيلية الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)

كان القيادي في «حزب الله» هاشم صفي الدين يتصدر الأسماء المرشحة لخلافة الأمين العام للحزب حسن نصر الله منذ اغتالته إسرائيل نهاية الشهر الماضي، قبل أن ينعاه الحزب، اليوم الأربعاء، ليؤكد تبني إسرائيل اغتياله.

صفي الدين هو ابن خالة نصر الله وصهر قاسم سليماني، القائد السابق لـ«فيلق القدس» في «الحرس الثوري» الإيراني. يشبه ابن خالته في الشكل والجوهر وحتى في لثغة الراء. أُعد لخلافته منذ 1994، وجاء من قم إلى بيروت، ليتولى رئاسة المجلس التنفيذي الذي يعتبر حكومة الحزب. أشرف على عمله القائد الأمني السابق للحزب عماد مغنية.

كان صفي الدين «ظل» نصر الله بامتياز، والرجل الثاني داخل الحزب. وعلى مدى ثلاثة عقود، امسك الرجل بكل الملفات اليومية الحساسة، من إدارة مؤسسات الحزب الى إدارة أمواله واستثماراته في الداخل والخارج، تاركاً الملفات الاستراتيجية بيد نصر الله.

هاشم صفي الدين في صورة تعود إلى عام 2015 (أ.ف.ب)

ويعد صفي الدين، المدرج على قائمة الإرهاب الأميركية منذ عام 2017، من كبار مسؤولى الحزب الذين تربطهم علاقات وثيقة مع الجناح العسكري، إلى جانب علاقاته الوثيقة جداً مع الجناح التنفيذي.

مصاهرة إيرانية

تربطه كذلك بطهران علاقات ممتازة، فهو قضى سنوات في حوزة قم يتعلم فيها، إلى أن استدعاه نصر الله إلى بيروت لتحمل مسؤوليات في الحزب. كما تزوج ابنه رضا في 2020 بزينب سليماني، ابنة العقل المدبر للمشروع الإقليمي لإيران قاسم سليماني الذي اغتالته غارة أميركية في بغداد في العام نفسه.

اسم هاشم صفي الدين طرحته صحيفة إيرانية لخلافة نصر الله قبل 16 عاماً. لكن المطلعين على كواليس الحزب يقولون إن القرار اتخذ قبل ذلك بكثير. فوفقاً لما أكده قيادي سابق بارز في «حزب الله» لـ«الشرق الأوسط» آنذاك، فإن اختيار صفي الدين تم بعد نحو سنتين من تولي نصر الله منصب الأمين العام في 1992، خلفاً لعباس الموسوي الذي اغتالته إسرائيل.

يحدد القيادي السابق توقيت الاختيار بلحظة «استدعاء» صفي الدين من مدينة قم في إيران إلى بيروت على وجه السرعة عام 1994 لتسلم مركزه الذي مكنه السيطرة على كل المفاصل المالية والإدارية والتنظيمية في الحزب.

وما يزيد من حظوظ اختيار صفي الدين لخلافة نصر الله، هو المسار المتشابه إلى حد الغرابة بين الرجلين داخل الحزب. غير أن نصر الله الذي لا يكبر ابن خالته بأكثر من عامين، يبدو أكبر منه بكثير من حيث الشكل، ناهيك من الحضور السياسي والشعبي.

صفي الدين خلال مشاركته في تشييع قيادي في الحزب قتل في إدلب بسوريا (أ.ف.ب)

ولا يوجد الكثير من المعلومات عن صفي الدين، فهذا الرجل ظل لفترة طويلة شبه مجهول في الأوساط السياسية اللبنانية، إلى أن دفعته الإجراءات الأمنية المشددة المحيطة بحسن نصر الله، إلى الظهور محله في مناسبات الحزب، خصوصاً جنازات عناصره وقياداته الذين قتلوا في لبنان أو خلال قتال الحزب في سوريا ضد المعارضة إلى جانب نظام الرئيس بشار الأسد، أو في مناطق انتشاره الأخرى لمساندة البرنامج الإقليمي الإيراني.

لكن المعلومات القليلة التي تتوفر عنه تقول إن صفي الدين من مواليد عام 1964، من بلدة دير قانون النهر في منطقة صور جنوب لبنان، ومن عائلة «لها حضور قوي» بالمعيار الاجتماعي، وهي عائلة قدمت أحد أشهر نواب المنطقة في الستينات والسبعينات وهو محمد صفي الدين، بالإضافة إلى العديد من رجال الدين البارزين.

وسعى صفي الدين، وهو لا يزال في عمر صغير نسبياً إلى الزواج قبل السفر إلى الدراسة الدينية في مدينة قم الإيرانية التي كانت تشهد في تلك الفترة اتساعاً متزايداً في طلابها ونفوذها السياسي والديني بعد الثورة الإيرانية عام 1979 كرديف لمدارس النجف الدينية التي تدهور دورها نسبياً خلال حكم الرئيس العراقي السابق صدام حسين.

وأراد صفي الدين أن يكون زواجه من عائلة متدينة، وأن يصاهر أحد رجال الدين، فكان أن تزوج من ابنة السيد محمد علي الأمين، عضو الهيئة الشرعية في المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى.

هاشم صفي الدين ورعاية عماد مغنية

غادر هاشم صفي الدين إلى قم ملتحقاً بابن خالته نصر الله. ويقول بعض معارف العائلة إن صفي الدين كان أحد ثلاثة كانوا موضع عناية واهتمام عماد مغنية، المسوؤل الأمني البارز لـ«حزب الله»، والذي اغتيل في دمشق في فبراير (شباط) 2008 في ظروف ما زالت غامضة. هؤلاء الثلاثة هم حسن نصر الله، ونبيل قاووق أحد أبرز قادة الحزب، وصفي الدين نفسه، موضحين أن مغنية هو من أرسل هذا الثلاثي إلى قم وسهّل أمورهم هناك.

صفي الدين متحدثاً خلال تشييع عنصرين من الحزب قتلا بتفجيرات أجهزة الاتصالات منتصف الشهر الجاري (أ.ف.ب)

كُتب لهؤلاء الثلاثة أن يكونوا من أبرز قادة «حزب الله» أوائل التسعينات. فأصبح نصر الله أميناً عاماً، وصفي الدين مديراً تنفيذياً للحزب بالمقياس المؤسساتي، وبمثابة رئيس حكومة «حزب الله»، أما قاووق فأصبح قائداً عملياً لمنطقة الجنوب ذات الأهمية الكبيرة لدى قيادة الحزب وموقع قوته العسكرية الكبرى.

إدارة استثمارات الحزب

وإضافة إلى الشؤون اليومية للحزب، يدير المجلس التنفيذي الذي ترأسه صفي الدين أيضاً مجموعة استثمارات هائلة الحجم، تهدف إلى تأمين الاستقلالية المالية للتنظيم وتمويل جسده الهائل الذي لا يخضع لتمويل «الأموال الشرعية» المرصودة أساساً للعمل العسكري.

وفيما يقدر البعض هذا الرقم بمليارات الدولارات، تشكك أوساط مطلعة على أوضاع الحزب في هذا رغم اعترافها بضخامة حجم استثمارات الحزب والتي تنتشر في لبنان والعالم العربي وأفريقيا وأوروبا والولايات المتحدة وأميركا اللاتينية. وكان المجلس التنفيذي يضم تحت إدارته العمل العسكري، قبل أن يتم إنشاء «المجلس الجهادي» وفصل صلاحياته عن المجلس التنفيذي.

صفي الدين خلال جنازة قيادي من الحزب في يونيو الماضي (غيتي)

انبهار بولاية الفقيه

أثرت السنوات التي قضاها هاشم صفي الدين بقم في أفكاره السياسية، فهو مثلاً من الداعمين لفكرة ولاية الفقيه، بالرغم من أن الكثير من شيعة لبنان لا يؤمنون بها. ففي إحدى كتاباته يتطرق صفي الدين من بعيد إلى تجربة رجال الدين الشيعة في قم وأهميتها مقارنة بتجربة النجف، وتأثيرها على الفكر السياسي لدى الشيعة بلبنان، فيقول إن «الساحة الإسلامية الشيعية اللبنانية كان الغالب عليها الانحياز الكبير لمنتجات الفكر الآتي من النجف ولتجربته في كثير من الأحيان بينما غاب عنها إلى حد كبير الخصوصيات القمية إلا في بعض الحالات النادرة، وبشكل مفاجئ وخلافاً للتوقعات المعيشة في عموم الساحة الإسلامية أطل فجر الانتصار للثورة الإيرانية بقيادة الإمام الخميني ليحقق حلماً كبيراً للنهج الإسلامي المتحرر معلناً نجاحاً باهراً وصاعقاً».

ويرى أن «نظرية ولاية الفقيه من أهم النظريات التي أخرجها الإمام الخميني من الأدلة الشرعية والعقلية لتكون مشروعاً كاملاً يعالج أهم المشكلات التي واجهت الحركات الإسلامية والتي أدت إلى حالة التشرذم».


مقالات ذات صلة

حملة واشنطن على فنزويلا بين الحرب على المخدرات ومساعي إسقاط النظام

تحليل إخباري روبيو يتحدث إلى جانب ترمب في البيت الأبيض يوم 2 ديسمبر 2025 (أ.ب)

حملة واشنطن على فنزويلا بين الحرب على المخدرات ومساعي إسقاط النظام

زادت تصريحات وزير الخارجية، ماركو روبيو، حول تحوّل فنزويلا إلى موطئ قدم لـ«الحرس الثوري» الإيراني و«حزب الله»، من حجم التساؤلات حول دوافع التصعيد.

رنا أبتر (واشنطن)
المشرق العربي بشار الأسد يقود سيارته في الغوطة الشرقية في 2018 (أرشيفية - متداول)

مناصرون لـ«حزب الله» يسخرون من الأسد ويذكّرون بحقبات القتال

سخر مناصرون لـ«حزب الله» في لبنان من تصريحات لونا الشبل، مستشارة الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد، التي وردت في مقاطع فيديو مسربة بثتها «العربية».

«الشرق الأوسط» (بيروت)
خاص جنود من الجيش اللبناني أمام مبنى استُهدف بغارة جوية إسرائيلية في قرية دير كيفا جنوب لبنان الشهر الماضي (أ.ف.ب)

خاص التأخر بإعادة إعمار الجنوب يفجّر الاحتقان ضد الدولة اللبنانية و«حزب الله»

عكست الوقفات والتحركات الاحتجاجية في قرى الحافة الأمامية في جنوب لبنان، احتقاناً شعبياً على خلفية التأخر في دفع التعويضات للمتضررين

حنان حمدان (بيروت)
المشرق العربي رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني خلال لقائه المبعوث الخاص للرئيس الأميركي توماس برّاك في نوفمبر 2025 (أ.ف.ب)

واشنطن محبطة بعد تراجع العراق عن تجميد أصول «حزب الله» و«الحوثي»

حذرت وزارة الخارجية الأميركية، السبت، من أن «حزب الله» اللبناني وجماعة «الحوثي» اليمنية يشكلان «خطراً» على الشرق الأوسط في ظل تصاعد التوترات الإقليمية.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي أمين عام «حزب الله» نعيم قاسم متحدثاً في احتفال «تعظيماً للعلماء الشهداء على طريق القدس وأولي البأس» (الوكالة الوطنية للإعلام)

قاسم: مشاركة مدني في لجنة وقف النار تنازل مجاني لإسرائيل

رفع الأمين العام لـ«حزب الله»، نعيم قاسم، سقف خطابه مؤكداً أنّ المشاركة برئيس مدني في لجنة وقف إطلاق النار تمثل «إجراءً مخالفاً للتصريحات والمواقف الرسمية».

«الشرق الأوسط» (بيروت)

الشرع: لن نصدّر العنف إلى إسرائيل

الشرع: لن نصدّر العنف إلى إسرائيل
TT

الشرع: لن نصدّر العنف إلى إسرائيل

الشرع: لن نصدّر العنف إلى إسرائيل

رفض الرئيس السوري أحمد الشرع، أمس، مطلب إسرائيل بإقامة منطقة منزوعة السلاح جنوب سوريا، معتبراً أن ذلك من شأنه أن يدخل بلاده في «مكان خطر»، ومؤكداً في الوقت ذاته «(أننا) لسنا معنيين بأن نكون دولة تصدّر العنف، بما في ذلك إلى إسرائيل».

وتعهد الشرع، في حوار على هامش مشاركته في منتدى الدوحة، «محاكمة مرتكبي الجرائم في الساحل والسويداء»، في إشارة إلى مواجهات دموية شهدتها مناطق يقطنها دروز وعلويون في وقت سابق من هذا العام.

وعشية ذكرى مرور سنة على إسقاط حكم الرئيس السابق بشار الأسد، بثت قناة «العربية/ الحدث» تسجيلات مصوَّرة تجمع الرئيس المخلوع بمستشارته لونا الشبل، التي قُتلت في ظروف غامضة عام 2024. وتتضمن «تسجيلات الأسد» ومستشارته سخرية من الجنود السوريين الذين كانوا يقاتلون في صفوف قواته، وشتائم وجهها الرئيس المخلوع لغوطة دمشق (يلعن أبو الغوطة)، كما تتضمن انتقادات للقائد العسكري سهيل الحسن الملقب بـ«النمر»، ولـ«حزب الله» اللبناني.

واعتبر سوريون أن ما كشفت عنه التسريبات بصوت الأسد يشير إلى أنه سقط مرة ثانية الآن في أعين مناصريه والذين قاتلوا إلى جانبه في سوريا ومن دول الجوار، بعدما سقط في المرة الأولى عسكرياً بدخول فصائل المعارضة دمشق، وإطاحة نظامه قبل سنة من الآن.


احتقان متزايد ضد الدولة و«حزب الله»

الدخان يتصاعد في بلدة المجادل في جنوب لبنان إثر استهدافها بقصف إسرائيلي يوم الخميس (أ.ف.ب)
الدخان يتصاعد في بلدة المجادل في جنوب لبنان إثر استهدافها بقصف إسرائيلي يوم الخميس (أ.ف.ب)
TT

احتقان متزايد ضد الدولة و«حزب الله»

الدخان يتصاعد في بلدة المجادل في جنوب لبنان إثر استهدافها بقصف إسرائيلي يوم الخميس (أ.ف.ب)
الدخان يتصاعد في بلدة المجادل في جنوب لبنان إثر استهدافها بقصف إسرائيلي يوم الخميس (أ.ف.ب)

عكست وقفات وتحركات احتجاجية في قرى الحافة الأمامية في جنوب لبنان، احتقاناً شعبياً ضد الدولة و«حزب الله»، على خلفية التأخر في دفع التعويضات للمتضررين، مما اضطر كثيرين إلى الخروج وبدء حياة جديدة خارج قراهم.

تأتي هذه التحركات بعد مرور أكثر من عامين على بدء الحياة المأساوية التي يعيشها سكان البلدات الحدودية، الذين ما زالوا يعانون تجربة النزوح بعدما خسروا منازلهم وممتلكاتهم، ولم يحصلوا على تعويضات إعادة الإعمار بعد، علماً أن الاستهدافات الإسرائيلية لا تزال شبه يوميّة هناك، والأضرار قابلة للازدياد أكثر مع الوقت.

في هذا الإطار، يقول المحلل السياسي علي الأمين، لـ«الشرق الأوسط»، إن بروز مثل هذه التحركات «أمر طبيعي، لأن هذه القرى شبه متروكة»، ويؤكد «أن هذه الاحتجاجات تأتي في وجه من أدار ظهره للناس، وفي ذهن المحتجين أن مواقفه (أي حزب الله) تسهم في إغلاق الأفق أمام أي إمكانية للمعالجة».


انشغال عربي بمنع تهجير سكان غزة عبر رفح

منظر عام لمخيم للنازحين الفلسطينيين في الجامعة الإسلامية بمدينة غزة (أ.ف.ب)
منظر عام لمخيم للنازحين الفلسطينيين في الجامعة الإسلامية بمدينة غزة (أ.ف.ب)
TT

انشغال عربي بمنع تهجير سكان غزة عبر رفح

منظر عام لمخيم للنازحين الفلسطينيين في الجامعة الإسلامية بمدينة غزة (أ.ف.ب)
منظر عام لمخيم للنازحين الفلسطينيين في الجامعة الإسلامية بمدينة غزة (أ.ف.ب)

مع مواصلة إسرائيل تدمير ما تبقّى في المناطق الخاضعة لسيطرتها داخل قطاع غزة، استباقاً للمرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار ووسط مشهد غير واضح، انشغلت دول عربية وإسلامية بالتصدي المسبق لخطر تهجير الغزيين عبر رفح.

وقال وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، خلال منتدى الدوحة، أمس، إن «معبر رفح لن يكون بوابةً لتهجير الفلسطينيين، بل فقط لإغراق غزة بالمساعدات الإنسانية والطبية».

وكان مكتب منسق أنشطة الحكومة الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية قد أعلن، الأربعاء الماضي، فتح معبر رفح «خلال الأيام المقبلة حصرياً لخروج سكان قطاع غزة إلى مصر بالتنسيق مع القاهرة».

إلى ذلك، شدد وزراء خارجية كل من السعودية ومصر والأردن والإمارات وإندونيسيا وباكستان وتركيا وقطر، مساء الجمعة، على «الرفض التام لأي محاولات لتهجير الشعب الفلسطيني من أرضه».