طرق لبنان مُشرعة أمام شاحنات السلاح المهرَّب

عامل الصدفة وحده كشف بعض نماذجها

الشاحنة التي اشتعلت في البترون واكتشف الجيش أنها محملة بالأسلحة (الجيش اللبناني)
الشاحنة التي اشتعلت في البترون واكتشف الجيش أنها محملة بالأسلحة (الجيش اللبناني)
TT

طرق لبنان مُشرعة أمام شاحنات السلاح المهرَّب

الشاحنة التي اشتعلت في البترون واكتشف الجيش أنها محملة بالأسلحة (الجيش اللبناني)
الشاحنة التي اشتعلت في البترون واكتشف الجيش أنها محملة بالأسلحة (الجيش اللبناني)

لا تملك الدولة اللبنانية حتى الآن أجوبة حاسمة حول إدخال أسلحة مهرَّبة عبر مرفأ طرابلس، ولا معطيات كافية عن كيفية تمكن مستوردي هذه الأسلحة من إخراجها من حرم المرفأ من دون ضبطها، أو عجز أجهزة «السكانر» عن اكتشافها، وهو ما طرح السؤال مجدداً عن وضع المرافئ البحرية، كما هو حال الحدود البرية ومعابرها الشرعية وغير الشرعية.

وقد لعبت الصدفة دورها في اكتشاف عمليات إدخال أسلحة، عندما اشتعلت النيران ليل الاثنين الماضي، في شاحنة بمنطقة البترون، في أثناء توجهها من مدينة طرابلس نحو العاصمة بيروت. وخلال التدخل لإطفائها، اكتشفت الأجهزة الأمنية مخبأ سرياً يحتوي على أكثر من 300 مسدس حربي مع خزناتها، وفي اليوم التالي أعلن الجيش في بيان، ضبط شاحنة ثانية محمّلة بـ400 مسدس حربي.

أسلحة تركية توارَى مستوردُها

وأوضح مصدر أمني أن الأسلحة المشار إليها «عبارة عن مسدسات من نوع Retay تركية الصنع ومستورَدة من تركيا أيضاً»، مؤكداً لـ«الشرق الأوسط» أن النائب العام التمييزي القاضي جمال الحجّار «كلّف فرع التحقيق في مخابرات الجيش بإجراء التحقيقات اللازمة، وتحديد أصحاب هذا السلاح، ومعرفة أسباب عدم تمكن أجهزة الأمن في مرفأ طرابلس من ضبطه».

وقال المصدر الأمني إن «هناك 7 شاحنات وصلت إلى مرفأ طرابلس يوم الأحد الماضي، نُقلت على متن باخرة آتية من تركيا ودخلت الأراضي اللبنانية، وأسهم الحريق في الكشف عن هذه الأسلحة»، مشيراً إلى أنه في «التحقيقات الأولية التي خضع لها سائقا الشاحنتين، وهما من التابعية التركية، اعترفا بأن المسدسات تعود إلى الفلسطيني محمد علي حمدان، من سكان مخيم (المية ومية) في جنوب لبنان».

اكتشاف الأسلحة المهرَّبة رفع مستوى الجهوزية الأمنية في مرفأ طرابلس، لكنه أثار قلقاً من احتمال إدخال شحنات مماثلة في أوقات سابقة من دون اكتشافها. وأشار المصدر الأمني إلى أن الجيش «تعقّب الشاحنات الخمس المتبقية، فتبين أنها محمَّلة بزيوت ومواد غذائية وخالية من السلاح»، لافتاً إلى أن «الفلسطيني صاحب السلاح توارى عن الأنظار ويجري تعقبه». وأضاف: «حتى الآن ثبت أن حمدان يستورد هذه الأسلحة للتجارة وبيعها في المخيمات، وليس لتنفيذ أعمال أمنية على الأراضي اللبنانية».

عامل الصدفة في الكشف عن هذه العملية أعاد إلى الأذهان الكشف عن شاحنة السلاح في منطقة الكحالة في جبل لبنان، العائدة لـ«حزب الله»، مما يشير إلى أن هناك الكثير من الأسلحة دخلت لبنان، سواء لجهات حزبية أو لتجار، من دون معرفة مصيرها.

الوزير بارود: ما خفي أعظم

ورأى وزير الداخلية الأسبق زياد بارود أن «ما خفي أعظم مما يُكشف في مجال إدخال السلاح إلى لبنان»، معتبراً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «الطرق المدنية في لبنان باتت مُشرعة أمام شاحنات الأسلحة التي تعبرها وتعرّض حياة المدنيين لخطرٍ كبير، وقد نكون لا سمح الله أمام حدث يشبه انفجار مرفأ بيروت، وإنْ بنسبة خطر أقل».

وقال بارود: «رغم الاستنفار الأمني للأجهزة والجيش اللبناني، فإننا نعيش وضعاً أمنياً صعباً في ظلّ تفشي ظاهرة السلاح غير الشرعي، وانتشار الجزر الأمنية في كلّ لبنان، واحتمال أن تُستخدم في أي وقت لإرباك الوضع الداخلي».

ورغم مضيّ أيام على التحقيق في هذا الحادث، لم تقدّم الدولة رواية رسميّة تبيّن أسباب تخطّي هذه الشاحنات كلّ الإجراءات الأمنية. ولا يُخفي بارود «وجود مشكلة حول إدارة الأمن في لبنان، مرتبطة إلى حدّ كبير بالقرار السياسي الذي يمنع الأجهزة الأمنية من مكافحة هذه الظاهرة». وأضاف: «مقابل التعب والجهد الأمني، هناك جهات تعمل على إفشال هذا الجهد من أجل مصالحها». وذكّر بأن «المشكلة ليست مرتبطة بالأزمة المالية، فهناك متمولون قدّموا أجهزة سكانر هبةً من أجل ضبط عمليات التهريب، لكن جرى تخريبها بشكل متعمّد لتستمر عمليات التهريب، ليس للأسلحة فحسب، بل للبضاعة لعدم دفع الضرائب، لكن من دون أدنى شكّ مسألة تهريب السلاح أكثر خطراً وتهديداً لأمن البلد».


مقالات ذات صلة

«الشرق الأوسط» تنشر الخطوط العريضة لخطة الحكومة اللبنانية لإعادة أموال المودعين

المشرق العربي رئيس الحكومة اللبناني نواف سلام (رويترز)

«الشرق الأوسط» تنشر الخطوط العريضة لخطة الحكومة اللبنانية لإعادة أموال المودعين

اطلعت «الشرق الأوسط» على الخطوط العريضة للخطة المعروفة باسم «مشروع قانون الفجوة المالية» التي ستُوزَّع على الوزراء بعد ظهر الجمعة

ثائر عباس (بيروت)
المشرق العربي النواب اللبنانيون يقفون دقيقة صمت في مستهل الجلسة التشريعية بالبرلمان (الوكالة الوطنية)

البرلمان اللبناني يقرّ قرض إعادة الإعمار بمقاطعة «القوات» و«الكتائب» ومستقلين

لم تحل مقاطعة حزبي «القوات اللبنانية» و«الكتائب اللبنانية» ونواب مستقلين وتغييريين للجلسة التشريعية دون اكتمال نصاب الجلسة بعد انفراط عقدها لمرتين متتاليتين.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي غارات إسرائيلية تواكب جهود دعم الجيش اللبناني وعشية اجتماع «الميكانيزم»

غارات إسرائيلية تواكب جهود دعم الجيش اللبناني وعشية اجتماع «الميكانيزم»

صعّدت إسرائيل، الخميس، عملياتها العسكرية في الجنوب والبقاع عبر سلسلة غارات جوية وتحليق كثيف للطيران المسيّر في الأجواء اللبنانية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
أوروبا جنديان من الجيش اللبناني (رويترز - أرشيفية)

فرنسا: اتفاق على عقد مؤتمر في فبراير لدعم الجيش اللبناني

قال متحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية إن الأطراف السياسية التي اجتمعت في باريس، اليوم (الخميس)، اتفقت جميعها على عقد مؤتمر في فبراير (شباط).

«الشرق الأوسط» (باريس)
المشرق العربي لبنانية ترفع إصبعها بعد اقتراعها بالانتخابات المحلية في بيروت 2025 (إ.ب.أ)

مصير الانتخابات النيابية اللبنانية معلّق على لائحة الانتظار الدولي

يترقب اللبنانيون بفارغ الصبر ما سيؤول إليه اللقاء بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب ورئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو.

محمد شقير (بيروت)

اجتماع ممثلين مدنيين وعسكريين من لبنان وإسرائيل في إطار لجنة وقف النار

صورة من مقر قيادة «يونيفيل» في الناقورة جنوب لبنان... عُقد الاجتماع اللبناني الإسرائيلي في هذا المقر وفق ما أوردته السفارة الأميركية في بيروت (رويترز)
صورة من مقر قيادة «يونيفيل» في الناقورة جنوب لبنان... عُقد الاجتماع اللبناني الإسرائيلي في هذا المقر وفق ما أوردته السفارة الأميركية في بيروت (رويترز)
TT

اجتماع ممثلين مدنيين وعسكريين من لبنان وإسرائيل في إطار لجنة وقف النار

صورة من مقر قيادة «يونيفيل» في الناقورة جنوب لبنان... عُقد الاجتماع اللبناني الإسرائيلي في هذا المقر وفق ما أوردته السفارة الأميركية في بيروت (رويترز)
صورة من مقر قيادة «يونيفيل» في الناقورة جنوب لبنان... عُقد الاجتماع اللبناني الإسرائيلي في هذا المقر وفق ما أوردته السفارة الأميركية في بيروت (رويترز)

عقد ممثلون عن لبنان وإسرائيل، الجمعة، اجتماعاً في إطار اللجنة المكلفة بمراقبة تطبيق وقف إطلاق النار الساري منذ عام، وفق ما أفادت السفارة الأميركية في بيروت، في ثاني جولة محادثات يحضرها مدنيون من الطرفين.

وفي أول محادثات مباشرة بين البلدين منذ عقود، انضمّ الشهر الحالي مندوبان مدنيان لبناني وإسرائيلي إلى اجتماعات اللجنة التي تقودها الولايات المتحدة ويشارك فيها ممثلون عن فرنسا وقوة الأمم المتحدة المؤقتة في جنوب لبنان (يونيفيل).

وأوردت السفارة الأميركية، في بيان، أن الاجتماع الذي يعقد في مقر قيادة قوة «يونيفيل» في بلدة الناقورة الحدودية، جاء في سياق «مواصلة الجهود المنسّقة دعماً للاستقرار والتوصّل إلى وقف دائم للأعمال العدائية» بموجب اتفاق وقف إطلاق النار، الذي أنهى قبل عام حرباً بين «حزب الله» وإسرائيل، حسبما أفادت «وكالة الصحافة الفرنسية».

وركّز المشاركون العسكريون، وفق البيان، «على تعزيز التعاون العسكري بين الجانبين من خلال إيجاد سبل لزيادة التنسيق»، في وقت «ركّز المشاركون المدنيون على تهيئة الظروف للعودة الآمنة للسكان إلى منازلهم، ودفع جهود إعادة الإعمار، ومعالجة الأولويات الاقتصادية». وأكّدوا أن «التقدّم السياسي والاقتصادي المستدام ضروري لتعزيز المكاسب الأمنية وترسيخ سلام دائم».

ونقل البيان عن المشاركين تأكيدهم أن «التقدّم في المسارين الأمني والسياسي يظل متكاملاً ويُعد أمراً ضرورياً لضمان الاستقرار والازدهار على المدى الطويل للطرفين».

وضعت السلطات اللبنانية مطلع الشهر الحالي موافقتها على تسمية السفير السابق سيمون كرم كممثل مدني في اجتماعات اللجنة، في سياق «إبعاد شبح حرب ثانية» عن لبنان على ضوء تهديدات إسرائيل ومواصلتها شن غارات تقول إنها تطول أهدافاً تابعة لجماعة «حزب الله». وأكدت السلطات على الطابع التقني للتفاوض مع إسرائيل، بهدف وقف هجماتها وسحب قواتها من مناطق تقدمت إليها خلال الحرب الأخيرة.

وصف «حزب الله» تسمية مدني بأنها «سقطة» تضاف إلى «خطيئة» قرار الحكومة نزع سلاحه، بموجب اتفاق وقف إطلاق النار.

ويواجه لبنان ضغوطاً متصاعدة من الولايات المتحدة وإسرائيل لتسريع نزع سلاح «حزب الله»، بموجب خطة أقرتها الحكومة تطبيقاً لاتفاق وقف إطلاق النار، يفترض أن ينهي الجيش تطبيق المرحلة الأولى منها في المنطقة الحدودية الواقعة جنوب نهر الليطاني بحلول نهاية العام.


«الشرق الأوسط» تنشر الخطوط العريضة لخطة الحكومة اللبنانية لإعادة أموال المودعين

رئيس الحكومة اللبناني نواف سلام (رويترز)
رئيس الحكومة اللبناني نواف سلام (رويترز)
TT

«الشرق الأوسط» تنشر الخطوط العريضة لخطة الحكومة اللبنانية لإعادة أموال المودعين

رئيس الحكومة اللبناني نواف سلام (رويترز)
رئيس الحكومة اللبناني نواف سلام (رويترز)

يسعى رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام إلى إقرار مشروع قانون يضع آلية للتعامل مع الودائع المصرفية العالقة منذ عام 2019، المعروف بقانون «الفجوة المالية»، تقوم على صرف الودائع التي تقل قيمتها عن 100 ألف دولار، بالكامل، مقسطة على أربع سنوات، أما المبالغ التي تتخطى هذا الرقم، فسيتم صرفها على شكل سندات دين مالية مؤجلة إلى 15 عاماً، وتلتزم الحكومة خلال هذه الفترة بصرف 2 في المائة منها سنوياً نقداً، حسبما قال مصدر حكومي بارز لـ«الشرق الأوسط».

وأكدت مصادر حكومية لبنانية أن سلام يأمل بإقرار المشروع الأسبوع المقبل قبل دخول البلاد في عطلة نهاية العام، بعدما تم تأمين التوافق السياسي بالخطوط العريضة عليها، وتذليل بعض الاعتراضات من داخل «البيت الحكومي»؛ ليتمكن فريق عمل الدولة من الدفاع عن هذه الخطة في مجلس النواب كما في مواجهة المعترضين من المصرفيين وبعض أصحاب الودائع. ورغم أن الخطة «ليست مثالية» من وجهة نظر سلام وغيره من المسؤولين، فإنها تعدّ «أفضل الممكن»، خصوصاً أن سلام يرى - حسبما نقلت المصادر عنه - أن كل يوم تأخير يفاقم الأزمة أكثر. وأن هذا القانون لو صدر مع بدايات الأزمة في عام 2019 لكانت الأمور أفضل بكثير من اليوم.

واطلعت «الشرق الأوسط» على الخطة المعروفة باسم «مشروع قانون الفجوة المالية» التي وُزّعت على الوزراء بعد ظهر الجمعة. وأنجزت الحكومة مشروع القانون الذي يفترض أن يحدد نسب الخسائر الناتجة من الأزمة وتوزيعها بين الدولة اللبنانية، والمصرف المركزي، والمصارف التجارية، والمودعين، ويتوقع أن يقرّ مشروع القانون تمهيداً لإحالته إلى البرلمان لدراسته وإقراره، كجزء أساسي من الإصلاحات المالية المطلوبة من «صندوق النقد الدولي».

ويؤكد المصدر أنه «كل يوم يتم تأخير إقرار القانون ستتآكل الودائع أكثر»، متعهداً بـ«محاسبة المسؤولين عن منع اللبنانيين من سحب ودائعهم وإغرائهم برفع الفوائد في مقابل تحويلهم لأموالهم الشخصية». وأوضح أنّ «هذا الملف لم يعد يحتمل التأجيل؛ لأننا كلما أرجأنا القرار، نكون عملياً نفاقم حجم الفجوة بدل أن نحدّ منها».

تلازم السلاح والإصلاحات المالية

وتمضي الحكومة بالإصلاحات المالية إلى جانب تطبيق حصرية السلاح، ويقول المصدر إن «السلاح والإصلاحات يرتبطان ببعضهما بعضاً»، مضيفاً: «اتخذنا قرارنا بحصر السلاح، ومستعدون لتوفير الإنماء والأمن، وهذا ما ستقدمه الدولة اللبنانية». ويتابع: «لا يمكن انتظار السياسة الإقليمية وتطوراتها لحل مشكلاتنا الداخلية، الأساس هو تطبيق الدستور و(الطائف)، ونحن رؤيتنا واضحة، لا بد من معرفة رؤية (حزب الله) لمرحلة ما بعد السلاح وكيفية الدخول في مشروع الدولة والبناء».

وتنظر الحكومة إلى «قانون الفجوة المالية»، على أنه «المدخل الأساسي للحفاظ على ودائع الناس»، وتشدد على وجوب «إنجازه سريعاً مع توفير أفضل الظروف لإعادة أموال الودائع». ويقول المصدر: «هناك جزء من المودعين الكبار يجب أن يتحملوا مسؤولية لأنهم لم يكونوا بريئين عن الكثير من التجاوزات والمخالفات»، أما المبدأ الحكومي الثالث، فهو «مسؤولية الدولة التي ستتحملها».

آلية صرف الودائع

وتقوم المقاربة على مجموعة مبادئ أساسية، «سواء اتفقنا عليها من أول مرة أو احتاج النقاش إلى وقت أطول، فهي تبقى الأساس في التطبيق، ونعمل ضمن الإمكانات المتوافرة»، حسبما يقول، مضيفاً: «هذه المبادئ ليست شعارات، بل قواعد تنفيذية، وأي حل لا ينطلق منها لا يمكن أن يكون عادلاً أو قابلاً للاستمرار». ويوضح أنّ «إعادة الودائع دفعة واحدة غير ممكنة بسبب حجم الفجوة».

ويشرح المصدر الخطة، قائلاً إنه جرى تقسيم الودائع وفق تصنيفين، الأول تحت الـ100 ألف دولار، والآخر هو المبلغ الأعلى من هذا السقف، مشيراً إلى أن صرف الودائع سيتم بالتقسيط على أربع سنوات؛ وذلك انطلاقاً من أنّ «صغار المودعين هم فعلياً الناس الذين تضرروا أكثر من غيرهم»، وأنهم «ليسوا أصحاب هندسات مالية، ولا أصحاب فوائد مفرطة، بل أموالهم هي تعب عمر، ولا يجوز المسّ بها».

ويقول: «المعيار هو المودع الواحد، وليس عدد الحسابات». ويشرح: «إذا كان لدى شخص حساب بقيمة 40 ألف دولار في مصرف، وحساب آخر بقيمة 40 ألف دولار في مصرف آخر، فهذان الحسابان يُجمعان ويُحتسبان وديعةً واحدة بقيمة 80 ألف دولار». وأكد أنّ «هذا المبدأ أساسي لمنع التحايل ولتحقيق العدالة بين المودعين».

أشخاص يسيرون أمام مقر مصرف لبنان المركزي في منطقة الحمراء ببيروت (رويترز)

سندات معززة بأصول حقيقية

أما بالنسبة إلى الودائع التي تفوق 100 ألف دولار، فأوضح المصدر أنّ أمر هؤلاء المودعين «يُعالَج عبر سندات معززة بأصول حقيقية». وأضاف: «نحن لا نتحدث عن سندات وهمية، بل عن سندات مسنودة بأصول فعلية تملكها الدولة أو مصرف لبنان، من أراضٍ، ومرافق، ومؤسسات منتجة». وأوضح أنّ «مصرف لبنان يملك أصولاً تُقدّر بعشرات المليارات من الدولارات، من الكازينو إلى الأراضي إلى مؤسسات مختلفة، وهذه تشكّل قاعدة حقيقية لهذه السندات».

وقال إنّ «هذه السندات تكون طويلة الأجل، بين 10 و15 سنة، لكن الخطة تتضمن، خلال هذه الفترة، صرف 2 في المائة من قيمتها نقداً سنوياً». وأوضح بالمثال: «إذا كان لدى مودع سند بقيمة مليوني دولار، يحصل سنوياً على نسبة منها 40 ألف دولار، ومع مرور السنوات ينخفض أصل الدين، وفي نهاية المدة يكون قد استعاد كامل أصل الوديعة». وتكمن أهمية السندات المعززة، في كونها تستند إلى ضمانات بأصول مصرف لبنان وممتلكات الدولة؛ ما يتيح للمودع أن يبيع السندات في السوق المحلية والدولية لمستثمرين آخرين، في حال كان يعتزم استرداد قيمة وديعته فوراً.

تقييم المرحلة السابقة

ولا تخلو الخطة من تقييم لأرباح السنوات الماضية. وتوقف المصدر عند مرحلة ما قبل الأزمة، قائلاً: «منذ عام 2016، ومع ما سُمّي الهندسات المالية، جرى إعطاء فوائد غير طبيعية، استفاد منها كبار المودعين وكبار المستثمرين». وأضاف: «هناك من حقق أرباحاً بعشرات ملايين الدولارات، ولا يمكن مساواة هؤلاء بصغار المودعين الذين لم يستفيدوا من أي فوائد استثنائية». وشدد على «أننا لن نمس بالودائع الأصلية، بل تصحيح ما نتج من الهندسات المالية بفعل رفع الفوائد».

ويقول: «من سددوا ديونهم على سعر 1500 ليرة للدولار، فمن هم استحصلوا على القروض وهم من أصحاب الدخل المحدود لقاء شراء شقة أو سيارة فهؤلاء أمورهم طبيعية، أما من يظهر من معاملاتهم الاستحصال على قروض للدخول في مشاريع كبرى واستثمارات ومقاولات فهؤلاء ستتم دراسة ملفاتهم وفق سعر الصرف يوم تسديد الديون المتوجبة عليهم»، ويتابع: «من عمل على تحقيق أرباح بفعل تحويل الأموال من الليرة إلى الدولار، سيتم تغريمهم وتحويل الغرامات لصالح صندوق استرداد أموال للمودعين».

بالنتيجة، شدّد على أنّ «الخسائر لا يمكن أن تُحمَّل للمودعين وحدهم»، موضحاً أنّ «هناك تراتبية واضحة: أولاً المساهمون في المصارف، ثم المصارف نفسها، ثم مصرف لبنان، وبعد ذلك الدولة». وأضاف: «هذا هو المعيار المعتمد عالمياً، ولا يمكن القفز فوقه أو قلبه».

رسلمة المصارف

وقال المصدر: «إننا في الخطة، نعطي فرصة للمصارف لإعادة رسملة نفسها خلال خمس سنوات. أما الدولة، فستتحمل مسؤولياتها في زيادة رساميل المصرف المركزي». إلى أنّ «إعادة هيكلة المصارف أمر لا مفر منه»، موضحاً أنّ «زيادة الرساميل مسؤولية المساهمين أولاً».

وقال: «لا يمكن الاستمرار بنظام مصرفي من دون تحميل من استفاد من الأرباح مسؤولية الخسائر». وأضاف: «هذا ليس استهدافاً للمصارف، بل شرط أساسي لإعادة بناء نظام مصرفي سليم».

ويشدد المصدر على أنّ القرار صعب وسيواجه اعتراضات من قوى مالية وسياسية»، لكنه أكد أنّ «عدم اتخاذ القرار أصعب».

وقال: «إذا لم نفعل ذلك الآن، فلن نفعله لاحقاً، وكل تأخير إضافي يعني خسارة أكبر».


«حماس» تتوقع من محادثات ميامي وضع حد «للخروق» الإسرائيلية

جانب من الدمار في حي الزيتون بمدينة غزة 27 نوفمبر 2025 (أ.ب)
جانب من الدمار في حي الزيتون بمدينة غزة 27 نوفمبر 2025 (أ.ب)
TT

«حماس» تتوقع من محادثات ميامي وضع حد «للخروق» الإسرائيلية

جانب من الدمار في حي الزيتون بمدينة غزة 27 نوفمبر 2025 (أ.ب)
جانب من الدمار في حي الزيتون بمدينة غزة 27 نوفمبر 2025 (أ.ب)

قال قيادي في حركة «حماس»، إن المحادثات المقررة في ميامي، الجمعة، للانتقال إلى المرحلة التالية من وقف إطلاق النار في غزة يجب أن تفضي إلى وقف «خروق» إسرائيل للهدنة.

وقال عضو المكتب السياسي لحركة «حماس» باسم نعيم لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «يتوقع شعبنا من هذه المحادثات أن يتفق الحاضرون على وضع حد للعربدة الإسرائيلية المستمرة ووقف الخروق والانتهاكات كافة، وأن يُلزموا الاحتلال بمقتضيات اتفاق شرم الشيخ».

تستضيف الولايات المتحدة هذه المباحثات في ولاية فلوريدا، حيث من المتوقع أن يلتقي المبعوث الخاص للرئيس الأميركي دونالد ترمب ستيف ويتكوف، مسؤولين كباراً من دول الوساطة قطر ومصر وتركيا؛ لدفع المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار قدماً.