خطة استقدام إسرائيل عمالاً أجانب تهدد الاقتصاد الفلسطيني

عمال فلسطينيون ينتظرون الانتقال من الجانب الفلسطيني من معبر إيريز شمال غزة  إلى الجانب الإسرائيلي بين إسرائيل وقطاع غزة بعد فتح المعبر سبتمبر الماضي (أ.ف.ب)
عمال فلسطينيون ينتظرون الانتقال من الجانب الفلسطيني من معبر إيريز شمال غزة إلى الجانب الإسرائيلي بين إسرائيل وقطاع غزة بعد فتح المعبر سبتمبر الماضي (أ.ف.ب)
TT

خطة استقدام إسرائيل عمالاً أجانب تهدد الاقتصاد الفلسطيني

عمال فلسطينيون ينتظرون الانتقال من الجانب الفلسطيني من معبر إيريز شمال غزة  إلى الجانب الإسرائيلي بين إسرائيل وقطاع غزة بعد فتح المعبر سبتمبر الماضي (أ.ف.ب)
عمال فلسطينيون ينتظرون الانتقال من الجانب الفلسطيني من معبر إيريز شمال غزة إلى الجانب الإسرائيلي بين إسرائيل وقطاع غزة بعد فتح المعبر سبتمبر الماضي (أ.ف.ب)

يعاني نصف عمال قطاع غزة الـ9 آلاف، من مصير مجهول بعدما ألغت إسرائيل تصاريح عمال القطاع جميعاً، بعد عملية «طوفان الأقصى»، التي نفذها مقاتلو «حماس» في السابع من الشهر الحالي، وتحوّل هؤلاء العمال الذين كانوا في إسرائيل وقتها، إلى معتقلين في إسرائيل أو مطارَدين في الضفة الغربية.

مروان، الذي ناهز الستين من عمره، اضطر للهرب مع آخرين قبل أيام قليلة عندما داهمت قوات إسرائيلية قاعة «الفينيق» في بيت لحم، خشية اعتقاله، طالباً الحماية في «كنيسة المهد».

وقال مروان لـ«الشرق الأوسط»، إنه منذ اضطر إلى العودة للضفة الغربية، تنقّل هو وزملاء آخرون، في أكثر من مكان بين رام الله وبيت لحم، بناءً على تعليمات المسؤولين الفلسطينيين، ثم طلب منهم الهرب بعد اقتحام إسرائيلي لاعتقالهم.

أضاف: «لا أعرف لماذا يريدون اعتقالنا. لا أعرف لماذا علينا أن نهرب. نحن عمال دخلنا إلى إسرائيل بطريقة قانونية، جميعنا مدنيون».

مسلحون من «كتائب القسام» قرب معبر إيريز 7 أكتوبر (أ.ف.ب)

وعاد مروان مع نحو 100 عامل من رفاقه إلى رام الله ثم بيت لحم، لكن الأغلبية من زملائه اعتُقلوا على يد الجيش الإسرائيلي، وهو مصير يخشاه مروان الذي لا يعرف ما إذا كان سيبقى مطارَداً أم سيصبح معتقلاً، أم أنه سيعود إلى قطاع غزة وربما يموت هناك، لكنه يدرك أنه لا يمكنه العودة للعمل في إسرائيل.

تدخّل عامل آخر يدعى سليم، وقال: «رجعونا على غزة، بنموت هناك أهون من هذا الوضع».

وألغت إسرائيل تصاريح أكثر من 18 ألف عامل من قطاع غزة يعملون في إسرائيل، كان نصفهم في القطاع والنصف الآخر في أماكن عملهم، مع بداية هجوم «حماس».

ومن أصل 9 آلاف عامل كانوا في إسرائيل في السابع من الشهر الحالي، تعتقل إسرائيل اليوم نحو 5 آلاف، ولا يُسمح لمحامين بزيارة أي منهم، ولا يُعرف مكان احتجازهم.

فلسطينيون يعبرون من بيت حانون شمال قطاع غزة للوصول إلى إسرائيل عبر معبر إيريز أبريل 2022 (أ.ف.ب)

وأكد مسؤول إسرائيلي أن العمال محتجزون في مكان أمني، ويجري التحقيق معهم حول احتمال مساعدتهم «حماس» في تنفيذ هجومها الكبير.

إضافة إلى ذلك، تخشى إسرائيل أن يحاول العمال، إذا تُركوا في الضفة الغربية، الانتقام لما يحدث لعائلاتهم في غزة، وتنتظر نهاية الحرب حتى تقرر مصيرهم.

وقال بيان لوحدة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق الفلسطينية، إن مسألة بقائهم في المنشأة الإسرائيلية أو نقلهم إلى مكان آخر، سيتم النظر فيها وفقاً لتطورات الموقف.

ارتفاع البطالة

وقفُ عمال غزة عن العمل بشكل نهائي، في إسرائيل، يهدد بارتفاع البطالة العالية هناك. وقبل الحرب، وصلت نسبة البطالة في غزة إلى نحو 50 في المائة، وهو رقم سيرتفع كثيراً بعد الحرب.

وكان العمال الفلسطينيون يُدخلون إلى القطاع نحو 90 مليون شيقل شهرياً، في ظل وضع اقتصادي صعب ومتردٍ هناك، وهو رقم ساعد في إنعاش الوضع الاقتصادي إلى حد ما.

لكن المسألة قد لا تقتصر على العمال الغزيين، وربما تضر بشكل واسع بالعمالة الفلسطينية كلها في إسرائيل.

فلسطينيون يقضون ليلتهم داخل غرفة المسح الضوئي في معبر إيريز بانتظار دخول إسرائيل سبتمبر الماضي (رويترز)

وبحسب وزير العمل الفلسطيني، نصري أبو جيش، فإن «160 ألف فلسطيني يعملون في إسرائيل عاطلون عن العمل (اليوم)».

وستوجه إسرائيل ضربة مهمة للاقتصاد في الضفة الغربية، إذا أوقفتهم جميعاً عن العمل على غرار الغزيين. ولا يوجد قرار بذلك حتى الآن، لكن وزير الاقتصاد الإسرائيلي، نير بركات، اقترح بشكل عاجل المصادقة على خطوة لجلب 160 ألف عامل أجنبي ليحلوا محل العمال الفلسطينيين، معظمهم من الهند. وقال بركات: «في ظل حالة الطوارئ مطلوب منا زيادة حصة العمالة الأجنبية في إسرائيل بشكل عاجل».

وفي مايو (أيار) الماضي، وقّعت إسرائيل مع الحكومة الهندية اتفاقية لاستقدام 10 آلاف عامل هندي إليها.

ويسعى بركات لجلب 80 ألف عامل لقطاع البناء، ونحو 15 ألفاً لقطاع الزراعة ونحو 22 ألف عامل للقطاع الصناعي، ونحو 24 ألفاً للعمل في المطاعم.

وحاولت إسرائيل، مراراً، استبدال العمال الفلسطينيين، لكن حسابات سياسية وأخرى اقتصادية منعت خطوة مثل هذه.

وتراهن إسرائيل على أن الازدهار الاقتصادي ينعكس إيجاباً على الوضع الأمني، ولذلك انفتحت أكثر على تسهيلات للعمال الفلسطينيين في الشهور القليلة الماضية، ورفعت عدد العمال من غزة من 5 آلاف إلى 18 ألفاً، لكن عملية «حماس» قلبت كل الحسابات.

ويعتمد الفلسطينيون، إلى حد كبير، في اقتصادهم على العمالة في إسرائيل. وتشكل فاتورة أجور العمال في إسرائيل الفاتورة الكبرى في الأراضي الفلسطينية، وهي أكبر من فاتورة موظفي السلطة.

وتقدر سلطة النقد الفلسطينية أجور العمال الفلسطينيين، ممن يعملون بتصاريح عمل رسمية داخل المستوطنات والخط الأخضر، بـ800 مليون شيقل (230 مليون دولار) شهرياً، بينما يقدر متوسط أجورهم السنوية (مجموع العمال)، بنحو 9 مليارات شيقل (2.5 مليار دولار) سنوياً. يذكر أن الأرقام المشار إليها، لا تشمل جميع غير الرسميين، الذين يدخلون إسرائيل دون تصاريح، عبر التهريب، ويقدر عددهم بالآلاف.

أما فاتورة رواتب موظفي السلطة الشهرية، فتبلغ نحو 560 مليون شيقل نحو (160 مليون دولار).


مقالات ذات صلة

نتنياهو يجيز للمفاوضين استكمال محادثات وقف إطلاق النار في غزة

المشرق العربي رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو (د.ب.أ)

نتنياهو يجيز للمفاوضين استكمال محادثات وقف إطلاق النار في غزة

أجاز رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو للمفاوضين مواصلة المباحثات في الدوحة للتوصل إلى وقف لإطلاق النار في قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي فلسطينية تبكي خارج مستشفى شهداء الأقصى بدير البلح الخميس (إ.ب.أ)

عشرات القتلى بغارات إسرائيلية على غزة

أدت غارات جوية إسرائيلية إلى قتل ما لا يقل عن 37 فلسطينياً في أنحاء قطاع غزة الخميس من بينهم 11 بمخيم يؤوي عائلات نازحة.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي متظاهرون أقارب رهائن يقطعون طريقاً  في تل أبيب (رويترز)

«الجهاد» تعلن إنقاذ أسير إسرائيلي حاول الانتحار

قال أبو حمزة، المتحدث باسم «سرايا القدس» في قطاع غزة، في مقطع مصور نُشر على تطبيق «تلغرام»، إن أسيراً إسرائيلياً لدى الحركة حاول الانتحار.

«الشرق الأوسط» (غزة)
شؤون إقليمية جنود إسرائيليون يجلسون في مركبة عسكرية على طريق يؤدي إلى قطاع غزة (رويترز)

إسرائيل تدرس بديل «حماس» في «اليوم التالي»

في الوقت الذي بدأت فيه إسرائيل بمناقشة قضية «اليوم التالي» للحرب على قطاع غزة ومستقبل حكم «حماس»، تتواصل العمليات العسكرية في مختلف أنحاء القطاع.

«الشرق الأوسط» (غزة)
شؤون إقليمية بطارية من نظام «القبة الحديدية» الإسرائيلي في محيط غزة (أرشيفية - أ.ف.ب)

 إسرائيل تعلن اعتراض صاروخ أطلق من غزة وسقوط آخر في «منطقة مفتوحة»

أعلن الجيش الإسرائيلي، صباح اليوم (الأربعاء)، عن إطلاق صاروخين من قطاع غزة باتجاه جنوب إسرائيل بعد منتصف الليل.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

التلفزيون السوري: غارة إسرائيلية تستهدف منشآت عسكرية في حلب

قصف إسرائيلي سابق على ضواحي دمشق (أرشيفية - رويترز)
قصف إسرائيلي سابق على ضواحي دمشق (أرشيفية - رويترز)
TT

التلفزيون السوري: غارة إسرائيلية تستهدف منشآت عسكرية في حلب

قصف إسرائيلي سابق على ضواحي دمشق (أرشيفية - رويترز)
قصف إسرائيلي سابق على ضواحي دمشق (أرشيفية - رويترز)

أفاد التلفزيون السوري بأن غارة إسرائيلية استهدفت منشآت عسكرية في بلدة السفيرة بمحافظة حلب، اليوم (الخميس).

بدوره، أعلن «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أن غارات إسرائيلية استهدفت مواقع تابعة للجيش السوري جنوب مدينة حلب.

وأفاد «المرصد» عن دويّ «ما لا يقلّ عن سبعة انفجارات ضخمة ناتجة عن استهداف الطيران الإسرائيلي لمعامل الدفاع في منطقة السفيرة جنوب حلب والبحوث العلمية»، وهي مواقع تابعة للجيش السوري أخليت منذ سقوط نظام بشار الأسد.

وتستهدف إسرائيل مواقع عسكرية سورية بصورة متزايدة منذ سقوط نظام الأسد الشهر الماضي.

وفي وقت سابق اليوم، قال الجيش الإسرائيلي إن قواته الخاصة داهمت موقعاً تحت الأرض لصناعة الصواريخ في سوريا في سبتمبر (أيلول)، وإن المصنع كان مخصصاً لإنتاج مئات الصواريخ الدقيقة لتستخدمها جماعة «حزب الله» اللبنانية المدعومة من إيران ضد إسرائيل، وفق ما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

وأوضح الجيش الذي نادراً ما يعلّق على تحركاته في سوريا، أن العملية جرت في الثامن من سبتمبر، وشارك فيها أكثر من 100 جندي من وحدات الكوماندوز، قاموا بتفكيك المنشأة الواقعة في منطقة مصياف على مقربة من شاطئ البحر المتوسط في محافظة حماة.

ولم يذكر الجيش حصيلة للعملية، بينما كان «المرصد السوري لحقوق الإنسان» تحدث في حينه عن مقتل 27 شخصاً.