وضع النزاع المتصاعد في غزّة مسألة استضافة قطر مكتباً سياسياً لحركة «حماس» تحت المجهر، وفق محللين يتساءلون إن كان من شأن ذلك أن يقود إلى إعادة تقييم للعلاقات بين الدولة الخليجية والفصيل الفلسطيني، وفق ما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن محللين.
ويقول الخبير في شؤون الخليج في «كينغز كولدج» أندرياس كريغ إن الحرب بين «حماس» وإسرائيل التي اندلعت منذ 12 يوماً، قد تدفع الدوحة إلى «التراجع» في علاقتها مع الحركة تحت ضغط أميركي.
ويضيف: «أعتقد أن هناك إدراكًا أنه لا بدّ من تقديم شيء ما في ما يتعلق بهذه العلاقة، نظراً إلى ما تطلبه الإدارة الأميركية».
وفي السابع من أكتوبر (تشرين الأول)، اخترق مقاتلو «حماس» السياج الحدودي الشائك، ونفّذوا هجمات على مقرّات عسكرية وبلدات في جنوب الدولة العبرية قرب قطاع غزة، واقتادوا معهم 203 رهائن، وفق الجيش الإسرائيلي. ورداً على الهجوم، تشنّ إسرائيل قصفاً جوياً ومدفعياً متواصلاً على غزة حيث أحصت وزارة الصحة التابعة لـ«حماس» استشهاد أكثر من 4137 شخص غالبيتهم من المدنيين.
في الكواليس، تقود قطر جهوداً دبلوماسية مكثّفة، وقد انخرطت في مفاوضات حول تبادل أسرى بين إسرائيل و«حماس»؛ لأنّ لديها قنوات مفتوحة مع الفصيل الفلسطيني المسلّح، وفق «الوكالة الفرنسية».
وفي وقت هدف إسرائيل المعلن هو القضاء على «حماس»، تسعى الولايات المتحدة، حليفة قطر، إلى الضغط على الحركة، بعد تأكيدها دعمها الكامل لإسرائيل وتقديمها لها مساعدات عسكرية ضخمة.
وفرضت واشنطن (الأربعاء) عقوبات على 10 أعضاء في «حماس» ومقدمي تسهيلات مالية للحركة، موجودين في غزة والسودان وتركيا والجزائر وقطر، وبينهم قيادي رفيع يُدعى محمد أحمد عبد الدايم نصر الله مقيم في قطر.
«قناة تواصل»
ويقول مسؤول قطري شرط عدم الكشف عن اسمه، لوكالة الصحافة الفرنسية، إن المكتب السياسي لـ«حماس» «افتُتح في قطر عام 2012 بالتنسيق مع حكومة الولايات المتحدة، بناءً على طلب أميركي لفتح قناة «تواصل» مع الحركة. ويضيف المسؤول: «استُخدم المكتب السياسي لـ«حماس» بشكل متكرر في جهود الوساطة الرئيسية المنسقة مع إدارات أميركية متعددة لإرساء الاستقرار في غزة وإسرائيل.
لكن خلال زيارته إلى قطر الأسبوع الماضي، حذّر وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الدولة الخليجية من علاقاتها الوثيقة مع «حماس» التي تستضيف مكتباً للحركة ورئيس المكتب السياسي للحركة إسماعيل هنية. وقال بلينكن: «لا يمكن أن تستمر الأمور كالمعتاد مع (حماس)».
إلا أنّ رئيس الوزراء القطري ووزير الخارجية محمد بن عبد الرحمن آل ثاني قال إن مكتب الحركة يُستخدم لغرض «التواصل وإرساء السلام والهدوء في المنطقة». لكن كريغ يرى أنه سيكون على قطر «أن ترسي نوعاً من الانفصال بينها وبين هنية».
ويرى أن الدوحة قد تستمر في استضافة مكتب «حماس»، لكنها تحتاج إلى تحديد «مسافة ما بين قيادة (حماس) وصناع القرار القطريين». ويوضح كريغ أن المكتب السياسي لـ«حماس» في قطر أُنشئ في أعقاب انتفاضات الربيع العربي عام 2011 وسط مخاوف أميركية من احتمال أن تقيم الحركة قواعد في إيران أو لبنان.
ويرى أن من شأن طرد قادة «حماس» من الدوحة أن يخلق وضعاً مماثلاً ستفقد خلاله الدول الغربية «الرقابة والسيطرة عليهم».