بيروت مربكة من قرار مجلس الأمن بشأن التمديد لـ«اليونيفيل»

فرضه تحت الفصل السابع يفتح أبواب لبنان على المخاطر

TT

بيروت مربكة من قرار مجلس الأمن بشأن التمديد لـ«اليونيفيل»

مركبة تابعة لقوات حفظ السلام (اليونيفيل) بالقرب من صورة لزعيم «حزب الله» اللبناني في قرية العديسة قرب الحدود اللبنانية الإسرائيلية 12 يوليو (رويترز)
مركبة تابعة لقوات حفظ السلام (اليونيفيل) بالقرب من صورة لزعيم «حزب الله» اللبناني في قرية العديسة قرب الحدود اللبنانية الإسرائيلية 12 يوليو (رويترز)

قبل ساعات من صدور قرار مجلس الأمن الدولي الخاص بالتمديد لقوات الأمم المتحدة العاملة في جنوب لبنان (اليونيفيل)، تبدو الدولة اللبنانية مربكة حيال التمسّك الدولي بتوسيع مهام قواتها، ومنحها صلاحيات التحرّك من دون مواكبة من الجيش اللبناني أو التنسيق المسبق معه، لا سيما أن هذه الخطوة تشكّل استفزازاً لـ«حزب الله» المرتاب من دور قوات «اليونيفيل»، ويرى أنها تقوم بدور تجسسي، لمعرفة ما إذا كانت المنازل والأحياء في القرى الحدودية تحتوي على مخازن أسلحة تابعة له.

وتتابع المرجعيات السياسية المساعي التي يبذلها وزير الخارجية عبد الله بو حبيب، في نيويورك، ومحاولات إقناع دول القرار باستمرار التعاون مع الجيش اللبناني. ويؤكد مصدر وزاري لـ«الشرق الأوسط» أن رئيس حكومة تصريف الأعمال «أبقى خطوطه مفتوحة مع وزير الخارجية لمواكبة آخر التطورات، وأعطى تعليمات واضحة برفض أي صيغة لا تتوافق مع الصيغة اللبنانية التي تحفظ أمن واستقرار الجنوب».

ويشير المصدر إلى أن «العودة إلى القرار الذي كان معتمداً قبل عام 2022 يشكّل ضمانة ليس للبنانيين فحسب، بل يوفّر غطاءً أمنياً لقوات (اليونيفيل) ويحدّ من الاحتكاك بينها وبين الأحزاب والمدنيين في منطقة عملها»، معتبراً أن «التلويح بتفويض قوات الطوارئ بمهام واسعة تحت الفصل السابع يأتي من قبيل الضغط على لبنان».

ويذكّر المصدر الوزاري بأن «وحدات اليونيفيل المنتشرة في الجنوب هي قوات حفظ السلام وليست قوات ردع لتفرض إرادتها على اللبنانيين».

رفض التعديل

جنود لبنانيون وآخرون من قوات «يونيفيل» ينتشرون في المنطقة الحدودية بين لبنان وإسرائيل خلال تظاهرة لأبناء المنطقة ضد إسرائيل في يونيو الماضي (إ.ب.أ)

ويتفق الخبراء على أن صدور أي قرار يتعارض مع مصلحة لبنان ستكون له تداعيات سياسية وأمنية وقانونية على اللبنانيين وعلى «اليونيفيل» في الوقت نفسه.

وعدَّ الخبير العسكري والاستراتيجي العميد الدكتور هشام جابر، أن «أي تعديل في مهام القوات الدولية سيشكل استفزازاًَ كبيراً لـ(حزب الله)، وقد يعرض عناصر اليونيفيل للخطر». ودعا في تصريح لـ«الشرق الأوسط» المفاوض اللبناني إلى «رفض هذا التعديل الذي يشكل مطلباً إسرائيلياً بالدرجة الأولى، لأن تفويض قوات الطوارئ بمهام واسعة سيفسّر بمثابة مهام تجسسية تنتهك حرمة المنازل وتخرق خصوصية وحرية الأفراد والجماعات». وشدد جابر على حقّ الدولة اللبنانية في فرض شروطها لكون قوات «اليونيفيل» موجودة على الأراضي اللبنانية، بدل أنى تكون موجودة أيضاً على الحدود داخل الأراضي الفلسطينية المحتلّة، وقلل من أهمية دورها بالحفاظ على أمن لبنان، وقال: «قوات اليونيفيل لم تشكل يوماً ضماناً لأمن لبنان، هم موجودون في الجنوب منذ 45 عاماً، ولم يمنعوا اجتياح إسرائيل للبنان في أعوام 1978 و1982 و1996، ولم يمنعوا وقوع مجزرة قانا التي ارتكبتها إسرائيل داخل مقرّ قوات الطوارئ».

فأي تغيير يطرأ على مهمّة قوات حفظ السلام يعدّ تحدياً للمجتمع الدولي واختباراً لقدرته على التنفيذ في ظلّ رفض «حزب الله» لهكذا قرار، ولا يخفي العميد جابر أنه «إذا توسعت مهام قوات الأمم المتحدة ودخلت القرى سيقف (حزب الله) في الظلّ، ويترك للناس حرية المواجهة على الأرض» (في استعادة لحادث الاصطدام مع دورية تابعة للكتيبة الآيرلندية الذي أدى إلى مقتل أحد جنودها وإصابة ثلاثة آخرين بجروح خطيرة). ورأى أنه «إذا كان لا بد من التعديل، فعلى الدولة اللبنانية أن تطلب إضافة فقرة في البيان، يعلن عدم مسؤوليتها عن أي إشكال يقع مع عناصر اليونيفيل والأهالي».

التوجه الدولي

اعتراض لبنان على القرار المنتظر صدوره عن مجلس الأمن، لا يغيّر في التوجّه الدولي وفق تقدير الدكتور أنطوان صفير، أستاذ القانوني الدولي في الجامعة الأميركية في بيروت، إذ عدَّ أنه «حتى لو رفض لبنان القرار لا يستطيع إيقاف مفاعليه، لأنه هذا القرار مرتبط بالأمن والسلام العالميين».

وأوضح صفير في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «صدور القرار تحت الفصل السابع، يعني أن المجتمع الدولي شرّع لبنان على كلّ المخاطر، ووضعه أمام عواقب وخيمة»، داعياً الحكومة اللبنانية إلى «تسريع وتيرة اتصالاتها مع الدول الصديقة والمؤثرة مثل المملكة العربية السعودية وفرنسا وبريطانيا لاحتواء الموقف». وعمّا إذا كان بإمكان لبنان سحب طلب التمديد لقوات اليونيفيل، لفت صفير إلى أنه «حتى لو طلب لبنان إنهاء مهامها ومغادرتها، فهذا لا يعني أن الأمم المتحدة ستستجيب لذلك».

ويبدو أن الإجراءات الأممية الاحترازية بدأت قبل أشهر، لتشمل مؤسسات لبنانية حساسة، وكشف صفير أن «المنظمة العالمية للطيران المدني أرسلت قبل أسابيع وفداً إلى بيروت، أجرى كشفاً على مطار رفيق الحريري الدولي». وتخوّف من «صدور توصية تفيد بأن مطار بيروت لا يحوز على مقومات السلامة العامة للطيران، وأن يؤدي ذلك إلى امتناع شركات طيران عالمية عن اعتماد مطار بيروت في المرحلة المقبلة». ورأى أن «كل هذه المستجدات تدلّ على أن النظرة الدولية حيال لبنان اختلفت عنها في المرحلة السابقة».


مقالات ذات صلة

سلام: نشر السلطة في كل لبنان... وعدم إقصاء أحد

المشرق العربي 
رئيس الجمهورية اللبناني مجتمعاً مع رئيس البرلمان ورئيس الحكومة المكلف أمس (رويترز)

سلام: نشر السلطة في كل لبنان... وعدم إقصاء أحد

تكثفت الاتصالات في لبنان لمعالجة تداعيات تكليف نواف سلام تشكيل الحكومة الجديدة وسط معارضة «حزب الله» وحركة «أمل» التي يرأسها رئيس البرلمان نبيه بري لهذا.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي رئيس الوزراء اللبناني المكلف نواف سلام يلوح بيده لدى وصوله للقاء الرئيس اللبناني جوزيف عون (إ.ب.أ) play-circle 01:44

ما مشكلة «الثنائي الشيعي» مع رئيس الحكومة المكلف نواف سلام؟

يستغرب كثيرون معارضة «الثنائي الشيعي (حزب الله) و(حركة أمل)» الشديدة تكليف القاضي نواف سلام تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة.

بولا أسطيح (بيروت)
المشرق العربي رئيس الوزراء اللبناني المكلف نواف سلام يدلي بتصريح عقب اجتماع مع الرئيس اللبناني جوزيف عون في القصر الرئاسي في بعبدا (إ.ب.أ)

عون يقود مساعي لتجنب مقاطعة شيعية للحكومة... وبري: الأمور ليست سلبية للغاية

وصل رئيس الحكومة اللبنانية المكلف نواف سلام إلى بيروت، لبدء المشاورات النيابية لتشكيل حكومةٍ طمأن إلى أنها «ليست للإقصاء».

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي كتلة نواب «حزب الله» بعد لقاء رئيس الجمهورية جوزيف عون (أ.ب)

لبنان... «الثنائي الشيعي» يهدد وسلام يستوعب رد فعله ويطمئنه

توقفت الأوساط السياسية أمام رد فعل «الثنائي الشيعي» على التبدُّل المفاجئ للمزاج النيابي الذي سمّى رئيس «محكمة العدل الدولية» نوّاف سلام رئيساً للحكومة.

محمد شقير (بيروت)
المشرق العربي الرئيس اللبناني العماد جوزيف عون خلال اجتماعه مع رئيس مجلس النواب نبيه بري الاثنين في قصر بعبدا (أ.ف.ب)

«خريطة طريق» فرنسية طموحة جداً للبنان

تواكب باريس عن قرب التطورات الإيجابية التي يشهدها لبنان بدءاً بانتخاب العماد جوزيف عون رئيساً للجمهورية، وتكليف نواف سلام تشكيل حكومة العهد الأولى.

ميشال أبونجم (باريس)

رئيس الوزراء الفلسطيني: لا يمكن القبول بالفصل بين غزة والضفة ولا ترك القطاع لـ«حالة الفراغ»

محمد مصطفى رئيس الوزراء وزير الخارجية والمغتربين الفلسطيني (صفحة رئيس الوزراء عبر «فيسبوك»)
محمد مصطفى رئيس الوزراء وزير الخارجية والمغتربين الفلسطيني (صفحة رئيس الوزراء عبر «فيسبوك»)
TT

رئيس الوزراء الفلسطيني: لا يمكن القبول بالفصل بين غزة والضفة ولا ترك القطاع لـ«حالة الفراغ»

محمد مصطفى رئيس الوزراء وزير الخارجية والمغتربين الفلسطيني (صفحة رئيس الوزراء عبر «فيسبوك»)
محمد مصطفى رئيس الوزراء وزير الخارجية والمغتربين الفلسطيني (صفحة رئيس الوزراء عبر «فيسبوك»)

قال رئيس الوزراء الفلسطيني محمد مصطفى، اليوم الأربعاء، إنه لا يمكن القبول بعملية الفصل بين غزة والضفة الغربية، مشدداً أيضاً على أنه لا يمكن ترك القطاع لـ«حالة الفراغ».

تفقّد الناس دماراً خلفته الغارة الإسرائيلية على مدرسة الفارابي وسط مدينة غزة تؤوي عدداً من النازحين (أ.ف.ب)

وأضاف رئيس الوزراء، في كلمة ألقاها خلال اجتماع التحالف الدولي لدعم حل الدولتين بالعاصمة النرويجية أوسلو، وبثَّها التلفزيون الفلسطيني، أن حكومته مستعدة لتولي المسؤولية في قطاع غزة، بعد وقف إطلاق النار.

أطفال وأهالٍ فلسطينيون يكافحون من أجل الحصول على الغذاء بمركز توزيع في خان يونس بقطاع غزة (أ.ب)

تأتي تصريحات مصطفى وسط ترقب للإعلان عن التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة، في ظل مفاوضات جارية حول التفاصيل النهائية. وقالت شبكة «سي بي إس» الأميركية، أمس، إن إسرائيل و«حماس» وافقتا مبدئياً، في المحادثات الجارية بالدوحة، على مسوَّدة اتفاق لوقف إطلاق النار وتبادل المحتجَزين.