تركي الدخيل

تركي الدخيل

المُصَابُ بِتَركِ الآدَاب!

المُصَابُ بِتَركِ الآدَاب!

استمع إلى المقالة

روى أبو الفرج الأصبهاني، أن الخليفة أبو جعفر المنصور، وكان عالماً، بلغ حِرصه على العلم مرحلة الشغف، عارفاً بالشعر، والأدب، لمّا مات ابنه جعفر الأكبر، وانصرف

«لا أدري»!

«لا أدري»!

استمع إلى المقالة

ينقل الماوردي حادثة طريفة، حصلت له ذات يوم، وهو عالم شهير، وفقيه نحرير، فيقول: «ومما أُنذِرُكَ به مِن حالي؛ أَنني صَنَّفتُ في البُيوع كِتَاباً،

الامتثال لقيمة الأمثال

الامتثال لقيمة الأمثال

استمع إلى المقالة

تُعَبِّر الأمثالُ في كلِّ ثقافة، عن حكمةِ الشعوب، وعراقةِ تاريخها، وعصارةِ تجاربِها، وامتدادِ حضارتها، وهي مرآة تعكس أخلاقيات الأمم، وقيمها، ووعيها، وطرائق

سِحر البيان وهجاء (قمر نجد)!

سِحر البيان وهجاء (قمر نجد)!

استمع إلى المقالة

كان الزبرقان بن بدر (ت 45هـ)، أحد الشعراء المخضرمين، الذين شهدوا الجاهلية والإسلام، ولأنه من سادات تميم، ذهب على رأس وفد قومه، إلى النبي مبايعاً.

الشعر على الشعر: هَل غادر الشّعراء من متردم؟

والحق، أن الشّعر يحمي الحقيقة، ويكرّس لحظة المجد القومي، كما قال الفرزدق «أنا الشاعر الحامي حقيقة قومه»، ولكنه يزيد على الحقيقة ظلالاً تُفَجِّر المعنى، وتجعله حيّاً، فبذلك فاق الشّعرُ النّثر والخطبة

خصومة الصاحب بن عباد للمتنبي كيف انقلبت ثناءً؟!

بعد أكثرَ من ألف عامٍ على رحيلِ شاعرِ الدّنيا أبي الطيب المتنبي (303 - 354هـ)، وبعد مؤامراتٍ كثيرةٍ كان قد حاكها ضدَّه خصومُه لهَدْمِ بُنيانِ أسطورته، ظلّ الرّجلُ أعظمَ شعراء العربية، ولم تزدْه كراهةُ خصومِه له إلا شهرةً، وعظمةً، وسطوعاً، وإعجاباً به متزايداً، حتى صار في تاريخ ثقافتنا العربية مبدِعاً مُغامِراً بشِعره في نحت حياته، ومُقامِراً بحياته من أجل أن يحيا شِعرُه، بل هو قد مثّل وطناً من الشِّعْرِ لطالما تزاحم أحفادُه الشعراءُ على الانتسابِ إليه، فاستحقَّ بذلك صفةَ الشّاعرِ الشّاعرِ، حيث «كان أبو العلاء المعري إذا ذُكر الشعراء، يقول: قالَ أبو نواس كذا، قال البحتري كذا، قال أبو تمام كذا،

السحر الحلال

عندما أعجب النبي - صلى الله عليه وسلم - بمنطق بعض العرب، قال: «إنَّ من البيان لسحراً»، وهذا هو السحرُ الحلال، الذي نطوف بين جوانبِه اليومَ، من بديع الكلامِ ودررِ المختصر من الألفاظ بإيجاز لا يخلُّ بالمعنى، حتى يوشك أن يصلَ للإعجاز. قال أَبُو عبدِ الله، كَاتب الْمهْدي: «خير الْكَلَام مَا قل وَدلَّ وَلم يُمل»، وباتَ اليوم مثلاً شائعاً على أنَّنا لا نعرف نسبتَه، ونحذفُ عادةً منه آخرَ ثلثٍ في الجملة: «ولم يمل». ولا تنسَ - نفعني الله وإياك - أنَّ كُتَّاب العباسيين ووزراءَهم، كانوا من كبار المفكرين، وأهل صنعة الكتابة، والمتقنين للبيان في أوجز عبارة، وأبلغ معنى.

الاتفاق على إنَّ شوقي شاعر الأخلاق

يُقال إنَّ شاعراً لم يتوافرْ شعرُه على الدعوةِ إلى الأخلاق، مثلَ أميرِ الشعراء، أحمد شوقي، قيلَ: إنَّ بيتَه الشهير عن الأخلاقِ، هو ديوانٌ من الشعر، تَتجلَّى فيه حكمةٌ أزليةٌ، قوامُها أنَّ الأخلاقَ هي أساسُ حياةِ الأمم، وسبيلُها إلى العظمةِ والمجد، وأنَّ رقيَّ الأممِ مرتبطٌ بزيادة أخلاقِها، وعلى العكسِ من ذلك، فإنَّ اضمحلالَ الحضاراتِ والأمم، مقترنٌ بتخلّيهَا عن الأخلاق، وفي البيت: وإنَّمَا الأممُ الأخلاقُ ما بقيتْ فإنْ همُ ذهبتْ أخلاقُهم ذهبُوا ويقول: وإِنَّما الأممُ الأخلاقُ ما بقيتْ فإِن تَوَلَّتْ مَضَوْا في إِثرِها قُدمَا فمَا على المرءِ في الأخلاقِ من حَرَجٍ إِذَا رعَى صل

بلوغُ القمّة في علوّ الهِمَّة

قال أحدُ العلماءِ في بداية منهج يعلمه تلاميذه: «اعلموا أن العِلمَ بحاجة إلى قوة الدافع، وقِلّة الصَارِف». وقد حيَّرتني هذه العبارة المختصرة في كلماتها، الشاسعة في معانيها ومداركها، فـ«قوة الدافع»، وهي الشغف، وعلو الهمة، و«قلة الصارف»، وهي التركيز وعدم الالتفات للمشغلات والمُلهيات، أياً كانت، هما عِمادُ كل نجاح، لأي فكرة، سواء أكانت علماً، أو مشروعاً، أو عملاً، أو غير ذلك. وقد استقر في علوم المتقدمين والمتأخرين، ووصايا العلماء للمتعلمين، أنَّ بلوغ الغاية، وتحصيل المراد، ولزوم المقصود، وتحقيق النجاح، لا تكون إلا بمواجهة الأهوال، والصبر على المصائب، والتصدي للمصاعب، ومكابدة المخاطر.

البديع في فن التوقيع

تفاخر العرب على غيرهم من الأمم، وتفاضلوا على بقية الشعوب، بما حوت لغتهم من بيانٍ، قالوا عنه: «البيانُ بَصَرٌ، والعَيُّ عَمَى، كما أن العِلمَ بَصَرٌ، والجَهل عَمَى، والبيانُ من نِتاج العِلم، والعَيُّ مِن نِتاج الجَهل». ولذلك اعتبر أهل البلاغة «شِعرُ الرجلِ، قطعة من كلامه، وظنه قطعة من علمه، واختياره قطعة من عقله». وحثّ علماء اللغة، على الإيجاز، فاعتبر أكثم بن صيفي البلاغة هي الإيجاز، وقال جعفر بن يحيي لكُتَّابه: «إن قدرتم أن تجعلوا كُتُبَكُم توقيعاتٍ فافعلوا»، ونقل أبو هلال العسكري قول عربيٍ يحث على الإيجاز: «ما رأيتُ بليغاً إلا رأيتُ له في المعاني إطالةً، وفي الألفاظ تقصيراً».